الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلينتون، صمتت دهرا ونطقت عهرا

وليد ياسين

2009 / 11 / 1
مقابلات و حوارات


لم أكن يوماً ممن يصدقون أو حتى يشككون بأن السياسة الأميركية الدافئة إزاء إسرائيل وموبقاتها بحق الفلسطينيين ستتغير، أو أن رئيسا أميركيا بمقدوره مواجهة إسرائيل ووقف توسعها الاستيطاني وجرائمها الموثقة حتى بتقارير دولية. ولم أصدق أن باراك حسين أوباما، رغم اسمه وأصله الإسلامي، كما يزعمون، يمكن أن يكون مارتن لوثر كنج الجديد، فيرفض الظلم والاضطهاد، ويجابه الشر وزعامته. ولم أصدق أن السيدة كلينتون، ذات الميول الصهيونية الواضحة، والتي فاقت رايس واولبرايت في احتضانها لإسرائيل يمكنها أن تختلف عن أي زعيم أميركي يجلس في البيت "الأسود" الأميركي.
كنت وما زلت على رأيي القائل بأن أميركا، وإن باتت أكبر وأقوى دولة في العالم بعد خيانة غورباتشوف للاشتراكية وتمزيقه للاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية، ليست إلا ولاية، بل مقاطعة صغيرة في دولة إسرائيل العظمى، أو لنقل صراحة دولة اليهود العظمى، الذين يحكمون العالم ويفرضون رأيهم ومواقفهم عليه ممتطين عقدة الكارثة التي يجيد اليهود استغلالها أيما استغلال للتغطية على ما ارتكبته حكومة إسرائيل من جرائم بحق الشعب الفلسطيني، منذ النكبة وحتى اليوم.
لم استبشر خيرا عندما انتخب السيد أوباما، كأول أسود جاء من شعب تعرض إلى الظلم والتعذيب وأحترق بنيران "الكلوكوس كلان" الأمريكي، لرئاسة الولايات المتحدة، لأنه حتى لو أراد أوباما التغيير فان القبضة اليهودية، المسيطرة على الاقتصاد الأميركي والتي لولاها ما وصل إلى البيت الأبيض (عفوا الأسود) ستتصدى له وتعيده إلى حجمه الطبيعي. ولم أتوقع أن يمضي أوباما بعيدا في موقفه من أزمة الشرق الأوسط، والقضية الفلسطينية تحديدا، حتى في غمار التصريحات والشائعات التي روجت إلى نيته حل القضية ومنح الفلسطينيين حقهم بالاستقلال وإقامة دولتهم على قطعتي أرض متباعدتان، (الضفة والقطاع) بعد أن سلبتهم إسرائيل الجزء الأعظم من فلسطين التاريخية. ولم استبشر أي أمل بتعيين السيد جورج ميتشل مبعوثا خاصا إلى الشرق الأوسط، حتى وان كان صاحب اليد الطولى في حل الأزمة الايرلندية. فميتشل هذا ما زال، كما يبدو، يعتقد أنه يدير شركة وولت ديزني، ويحرك الدمى فيها كما يريد!
حين انتخب براك أوباما لرئاسة البيت الأسود قيل انه دخل في أزمة مع حكومة نتنياهو شديدة التطرف في إسرائيل، لموقفه الرافض لتوسيع الاستيطان والبناء الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة. وأيقنا أن هذا التصريح أو الشائعة سرعان ما ستنجلي حقيقتها مع أول هبة ريح، لأنها إن كانت قد صدرت عن أوباما حقا، فهي ليست إلا ضريبة كلامية دفعها لبعض حكام العرب والفلسطينيين الذين يسمون بالمعتدلين. المعتدلون الذين رفضوا حتى حضور قمة عربية جاءت لتصرخ ضد جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة، المعتدلون الذين يمنعون حتى دخول الدواء والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر، المعتدلون الذين يطيب لهم الحج إلى البيت الأسود الأميركي على تحرير ثالث الحرمين والحج إليه.
هذا الأسبوع جاءت السيدة هيلاري كلينتون إلى الشرق الأوسط، وبعد احتضانها بدفء لنتنياهو وبراك وليبرمان، صاحب ملفات المافيا الطويلة، ذهبت إلى عباس، أحد المعتدلين الذين أنعمت بهم أميركا على إسرائيل، واحتضنته ببرود، ثم عادت إلى احتضان نتنياهو لتعلن في ختام جولتها أن الفلسطينيين هم جوهر المشكلة التي تواجه حل الصراع في الشرق الأوسط! زاعمة أن وقف الاستيطان الإسرائيلي هو شرط جديد يطرحه الفلسطينيون لعرقلة تقدم المباحثات، متبنية بذلك مزاعم حكام إسرائيل الذين وكما قال المثل الشعبي "يقتلون القتيل ويسيرون في جنازته"، ومتجاهلة حتى خطة سابقة لموفدها، وموفد زوجها الرئيس بيل كلينتون في حينه، إلى الشرق الأوسط، حيث دعا في تقرير له صدر عام 2001 إسرائيل إلى تجميد بناء المستوطنات في إطار خطة لوقف "العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
وبالطبع احتفل الإسرائيليون لهذا التصريح الرهيب من قبل السيدة كلينتون، التي تريد وكما هو واضح إثبات نفسها على الحلبة السياسية منذ قررت النزول إليها في تحد لزوجها بيل كلينتون، منذ فضيحته مع مونيكا ليفينسكي والنطفة التي خلفها على فستانها، والسيجار!
لقد أنكرت السيدة كلينتون كل ما أشيع عن موقف أوباما الرافض للاستيطان وقالت إن "تجميد البناء في المستوطنات لم يكن أبداً شرطا مسبقا لاستئناف المفاوضات". وبرأيها "نعم جرى الحديث عن تخفيف البناء ولكن ليس كشرط (للمفاوضات)". وطبعا تقافز الإسرائيليون فرحا على هذا التصريح وقال أحدهم إن "إدارة أوباما قطعت شوطا في مسألة المفاوضات (بين الإسرائيليين والفلسطينيين) وباتت تفهم الآن أن المشكلة الكبرى تكمن بالفلسطينيين"!!
وأضاف هذا المسئول الإسرائيلي الذي وصفته وسائل إعلام إسرائيلية بمصدر موثوق كان على إطلاع قريب بفحوى المحادثات التي أجرتها كلينتون مع نتنياهو، براك وليبرمان، أضاف أن "الفلسطينيين يفخخون أنفسهم بمطلب التجميد الكامل للاستيطان، لأن الأمريكيين يؤمنون بأن هذا التجميد ليس شرطا لبدء المفاوضات"!!
مثلنا الشعبي يقول "صمت دهرا ونطق كفراً" ونحن نقول: "صمتت كلينتون دهرا ونطقت عهراً" ومن يصدق كلينتون، ومن يصدق أوباما، ومن يصدق أن أميركا يمكن في يوم أن تضغط على إسرائيل لتجميد الاستيطان ووقف موبقاتها بحق الفلسطينيين، إنما يكذب على نفسه أولا، ويكذب على الشعوب العربية، ويكذب التاريخ الأسود للإدارات الأميركية كلها في تعاملها الوقح مع الشعوب العربية واحتضانها الأبدي لإسرائيل. وعلى حكام الاعتدال العرب أن يبحثوا الآن عن خرقة أخرى لتغطية عوراتهم التي كشفتها كلينتون بتصريحها الأخير، علهم يجدون ما يخفون تحته عجزهم وتخاذلهم الذي ما تجرؤوا على الخروج عليه حين قررت إسرائيل انتزاع نصف الحرم الإبراهيمي من المسلمين في خليل الرحمن وتسليمه للمستوطنين، ولا اهتزت لهم قصبة، كقول مظفر النواب، لا حين منع الاحتلال رفع الآذان في الحرم الإبراهيمي ولا حين أغلق الاحتلال ثالث الحرمين، المسجد الأقصى المبارك في وجوه المسلمين، وتسبب بمنع رفع الآذان فيه ليوم كامل.
كلنا نذكر القصيدة الشهيرة التي غناها الشيخ إمام رحمه الله لنيكسون زعيم فضائح ووترغيت حين زار الشرق الأوسط.. " شرفت يا نيكسون بابا/ يا بتاع الوتر جيت/عملوا لك قيمة وسيما/سلاطين الفول والزيت/فرشوا لك أوسع سكة/من راس التين على مكة/وهناك تنفذ على عكا/ويقولوا عليك حجيت".. فأي أغنية سيكتب احمد فواد نجم لكلينتون وميتشل وأوباما وسلاطين الفول والزيت الذين لا يتجرؤون على موبقات إسرائيل وأميركا، ويدوسون شعوبهم حتى إذا رفعت رؤوسها صارخة ضد تدنيس الحرم القدسي.؟!!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ