الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تباريح الشوق

بديع الآلوسي

2009 / 11 / 2
الادب والفن


الشمس الهاجعة تغفو معانقة ً تلال النرجس / ورود الزينه كانت نائمة ً بخدر تحت ظلال الزيتونة الهرمه /القديسه الغارقة بالورع تذكرت ان كلبها لم يأكل اليوم أيضآ / نسائم الحزن تحف المكان بفاجعه الاسى والموت / خاطبت كلبها بوداعه حزينه مذكره اياه بالقول : الزمن يمر ، نريد ذلك أم لانريد , ها نحن في اليوم الثالث على رحيل ( ذات القلب الذهبي )/ عبر الكلب عن انزعاجه بالنباح / بادرت بالقول :أطمأن سينتهي أضرابنا عن الطعام غدا ً/ بقيت تنظر الى التلال التي بدت حزينه رغم الاصيل الذي يتسربلها / مرق من امام شباك دارها شبح طفلة ارادت الحديث معها / لكن مزاج القديسه لم يكن متحفزا ً للثرثره وخاصةً في يوم كهذا / رغم كل ذلك ظلت تتعاطف مع كلبها الذي عضه الجوع وطبعت روحه بالعداء / كاد أن يعضها / انحرفت عنه صارخةً: ألا تعلم كم احب صديقتي ؟ / ....
بروده وغروب الشمس دفعها ان تقرر الذهاب الى المقبرة / لتاخذ عصا التوكأ وتترك كل شيء / مرددهً :عليُ ان ابوح لها بالسر/ راحت تطوي الارض بعجاله أول ألأمر ...
. طوال الطريق وهي تتعثر بالأحجار والافكارالمتعكرة / هل يمكن ان ننسى اصدقاءنا لأنهم ماتوا ؟ / قالت لكلبها : انت لا تعلم أني و( ذات القلب الذهبي) اخترنا طريق الخلاص والتقوى سويهً / كانت بصعوبه تجمع افكارها / تذكرت امها التي هددتها يوما بعدم اعطائها حقها في الميراث ان لم تتزوج وتنجب كباقي خلق الله /آه يا أمي اني على قناعه كامله ان الله الذي في الاعالي اختار لي الطريق ألأمثل / اخذت قسطآ من الراحه لتتنفس الصعداء / مرق امام عينيها صوره اخيها الذي ابتلعته حروب السنين العشره / فجأة ً اخذتها العبرات / ربي انت أعلم كم كان أنسانآ شفافا ً / لماذا اذن كان الموت حظه في مقتبل العمر / هذة المرة الاؤلى التي تعترض القديسه على قضاء الله /الطريق مملل حتى مقبره(الأرمن ) / أنصرفت القديسه بجمع الورود التي تناثرت على محاذات الطريق / الكلب الجائع لم يرفع رأسه من أرض / بدى التعب عليها لكنها اثرت ألمواصله / كانت غارقه في تساؤلات كثيرة منها: ما الذي يدفعني ان اقوم بهذة الرحلة ؟ , اليس افضل لو اجلت كل ذلك الى الغد؟ /هدوء موحش يقرض المكان/ راحت تهمهم بصوت خفيض ما ستنوي قوله لصديقتها / حين أصل القبر عليَ أن لا أنسىأن أقول لها : أني شملت بالرعاية كل ورودها النادرة / ستفرح حتما لأني لم أهمل أعز شيء لديها / / منذ ثلاث ايام والقديسة لم يبارحها التساؤل التالي : هل ألأيام الاولى موحشة في القبر ؟ / لتخاطب كلبها بنبرة التردد : الموتى الأنقياء يتكلمون , ستصلني كلماتها حتما ً / راحت تجمع الورود البيضاء التي انتشرت على حافات الطريق / كان يبدوا ان كلبها اكثر نشاطا منها / كانت تجر خطواتها بتثاقل واضح / مشاعرها تزداد اضطرابا كلما اقتربت من القبر / بصوت واهن قالت : اكلني الحزن يا صاحبتي وطعنني الخوف بالارق , فراقك ترك فراغا اكثر مما تتوقعي , / بدا النسيم اكثر علالةً ولون السماء غطيً بشفق دامي / دخلت المقبرة الجرداء , كانت القبور كالحة متناثرة / اختلط دماء الأطهار والاشرار ها هنا / تسللت برويه الى هدفها / لتعاود امها استفزازها , حتما يا أمي ستقولين : سوف لن تجدي من يزور قبرك / لا تحزني يا امي : أن (( الأب ذو العينين البلوريتين)) سوف لم ينسَ الحساء الذي افعله له , تقولين ينسى؟, اذن اعلمي انه لم ينسى الليالي الشتائية ونحن نثرثر سويآ امام الموقد . .
الليل بدأ ياكل أطراف النهار / آه كم انا غبيه , كيف نسيت ان اجلب معي الانجيل لأقرأ لك بعض المقاطع التي تحبينها / لتستدرك القول : لاتهتمي يا عزيزتي ساقرأ لك بصوتي ماتحبين / رسمت بالورد الأبيض شكل الصليب على القبر / رددت صلاتها بخشوع / ورمت رأسها المثقل بالمواجع والأكتآب على دكة أ لضريح / أحست بان رأسها ألمَ به الخد ر , وان سائلآ له رائحة الدم بدأ يسيل من انفها / لم تعر لكل ذلك اهتماما ً , لم تفتح عينيها / وأجهشت ببكاء فيه تباريح الشوق / حاولت ان تركز , رات أولآ نقطة بيضاء متحولة الى ضوء ينبعث من القبر أشبه بالحلم الغامض المعالم / لترى طريقا ً وعرا ً ودربا ً عثرا ً / ليتلاشى الزمن وينفرط / لتغرق في طنين الذكرى / لتدخل مرحلة الهذيان اللذيذ / غمرها شعور شفاف انها التحمت بصديقتها بصورة أكثر حميمية / لتفتح عيناها لترى النجوم قد غطت قبة السماء / لتأخذها الدهشه : آه ربي , لماذا الزمن ينفرط حين نكون مع الأحبه ؟ / حين عادت الى كامل وعيها , أخذها الهلع متسائلة: يا للهول كيف ساعود الى البيت ؟ / وحين عادت نفسها الى قرار الطمأنينه , تساءلت : ولماذا العودة الى البيت ؟, سأقضي الليل ها هنا , اثرثر معكِ ( يا ذات القلب الذهبي ) عن أمور كثيرة كنت أخاف البوح بها حين كنا سعداء معا ً.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال