الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجندي المهزوم

فاضل الخطيب

2009 / 11 / 3
الادب والفن


الجنديّ المهزوم، أو "طلب انسحاب"..!

كان يمكن الاستغناء عن طلب الانسحاب هذا، لأنني بالأساس لم أقدّم يوماً طلب انتساب. ومختصر وجودي في جبهة الخلاص الوطني المعارضة للنظام السوري، هو أنني حضرت مؤتمر الجبهة قبل حوالي سنتين في برلين كضيف، وكلمة التحية التي قدمتها في ذلك المؤتمر ابتدأتها بالشكر لهم على دعوتهم، ولم أشارك بأي نقاشٍ، ونُشرت تلك التحية فيما بعد في عشرات المواقع بعنوان "دمشق تنتقل إلى برلين"، ولم أتخلّى عن أي فكرة وردت فيها، وأستشهد بفقرات قصيرة من تلك الكلمة:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=109969
("في كثير من دول العالم نجد صاحب الثروة يريد أن يلعب دوراً سياسياً ما، معتمداً على ثروته ونفوذه المادي، والسياسي يريد أن يحصل على شيء من الثروة، بناءً على موقعه السياسي. هذه الظاهرة موجودة ولا يمكن تجاهلها، لكنها في سوريا الأسد مشوهّة جداً وهي بوابة الفساد الأولى. آمل أن تكون هذه الظاهرة أقل تشوهاً عند المعارضة الوطنية السورية."..
"أحس أحياناً ـ وآمل أن أكون مخطئاً، أن بدلات وبناطلين وربطات عنق بعض –زعماء- المعارضة غير قادرة على العمل المطلوب, وغير قادرة على إخراج عقلية حافظ الأسد وسلوكه من رأسها".. "إن مسؤولية المعارضة الوطنية أمام الشعب والوطن أكبر من مسؤولية ومهمة استلام السلطة!"..
"على المثقف والسياسي والقائد والثوري والثري ألاّ يكون فوق الناس -أي ما يركب على ظهرنا-"..
"لسنا فقط مسؤولون عن الأعمال التي نقوم بها, بل عن الأعمال التي لا نقوم بها"...).

هذا من جهة، ومن جهة ثانية كانت المفاجأة قبل انتهاء آخر فقرة من أعمال المؤتمر، حيث جاءني في الاستراحة أحد أعضاء قيادة الجبهة والذي كان قد تردد سابقاً عدة مرات إلى بودابست - جاء يطلب موافقتي ترشيحهم لي إلى عضوية الأمانة العامة، ورغم معرفته أنني ضيفٌ ولست عضواً في الجبهة، وما كنت أريد حضور المؤتمر بالأساس. لم يكن أمامي من وقت كافٍ للتفكير السليم، وبعد نصف ساعة وجدت نفسي عضواً منتخباً في قيادة جبهة لم أكن عضواً فيها.
بعد المؤتمر بحوالي ثلاثة أشهر حدث خلافٌ حادٌّ بين قيادة الأخوان المسلمين وبيني على خلفية موضوعٍ كتبته يتعلق بالمرأة وموقف الأديان منها، وعلى أثرها بعثت رسالة إلى أول اجتماع للأمانة العامة والتي لم أحضره، أعلنت فيها تمسكي بقناعاتي ومواقفي التي لم أتخلى عنها وأعربت أيضاً عن رغبتي الواضحة بالاستقالة إذا لم يدعم حرية رأييّ وحقي في طرح وجهة نظري ثلثي أعضاء الأمانة العامة. ورفضت الأمانة العامة الاستقالة، واعتبرت أن ما كتبته أنا يدخل في مجال الرأي الشخصي. وفي اجتماع المجلس الوطني للجبهة في نيسان/إبريل 2009 طرحتُ أمام المجلس استقالتي، لكني لم أتمسك بها بعد مشاورات أقنعتني بخطأ التوقيت، حيث كان خروج الأخوان المسلمين وممثلي الأكراد السابقين من الجبهة، وما أردت أن يُفهم سبب استقالتي أنه يلتقي مع أسباب خروج الآخرين. ومنذ سبعة شهور لم أشارك في أيّ اجتماع أو نشاط، وبقيت من الناحية "الشكلية" عضواً في الأمانة العامة حتى نهاية أكتوبر 2009..
أنا د. فاضل الخطيب، سوري مقيم في المجر، أعلن رسمياً استقالتي وخروجي من قيادة جبهة الخلاص الوطني في سورية ومن كل علاقة تربطني بالجبهة. مع تمنياتي الطيبة للجبهة وأعضائها وأصدقائها في تحقيق أهدافها الوطنية...
...............................................
الجندي المهزوم..

لا يوجد حزنٌ، يوازي
نهاية حلم.
ستارة مخفية تسقط عن مسرح المياه الجارية.
الوداع، نقطة كبيرة في آخر الصفحة، أحياناً طائرٌ
يرجع عشه.
يَسخَر القدر من لعب الشطرنج، أحجاره
تُغرق حروف العِلّةٌ.
دموع بردى تتراقص صدقاً، تتقمصها
دموع أخرى في مطابخ كبار القوم.
وخلاصة تجربتي الحرفية، أن تَخلُصَ من رائحة
البصل ورائحة الدخان.
شيءٌ واحدَ تعرفه، وأشياءٌ
أكثر تجهل.
هذا ليس مكانك، ولا
تعرف تبديل الوجه.
وأنا أردد:
"أن ترجع متأخراً، خيرٌ من ألاّ
ترجع".
وأنا أرجع إلى سِربي، و"الطيور على
أشكالها تَقع".
..........
عند الوداع، قد تَدمع ندماً أذنيك.
قد يندم غيرك أكثر، ليس لغيابك، بل بسبب أخطاء
حسابات الدفتر والبيدر.
قد يُقرع جَرَسٌ في الجبهة يُنذرهم، قد تسمع بسمات
البعض تُوّدعك.
بترددٍ، غير عارف، تسأل نفسك.
وتُردّد من جديد سؤالك.
أنت تغيرت، أم وَضحت تلك الصورة
من حولك؟.
مياهٌ تجري، دائرة مغلقة، ولا
يمكنك أن تخرج من جلدك.
..........
الوداع، دورٌ صعب.
الرياح تتأبط نهاية الجُمَلْ.
عايشتُ حروفاً ترقص طَرَبَاً، لكني لا
أتقن رقص الكلمات.
أعود وحيداً، وأسحب راياتي من فوق كتاب لا
يخلو من بقع غبراء.
أعود لصدق أصدقائي، وفي مكان آخر تبقى
مع بعضها الأصدقاء.
لم أعرف يوماً تمسيح الجوخ، ولا
تقبيل الأضرحة، وأيادي الخلفاء.

لا أنثر مائي الصافية في أرضٍ، مازال
هدفها الأول أن تمتص الماء.
لا ينضج عنب في
دالية تفتقر جذوراً ضاربة
في العمق، وشمساً
ساطعةً وضياء.
..........
شهورٌ مكسوفةٌ لا ضوء فيها، كانت لي،
وكنت لها هَمّاً.
كحِمل المِلح أو أكثر، حملت جدار برلين.
غريبٌ صرت، بل منذ اليوم الأول
كنت غريباً.
خِلتُ نفسي في جسر الوطن المتقطع مسماراً.
وظهر أني صرت طوبة أخرى في ذاك الجدار.
"اكتشفتُ أنا، واكتشف البعض معي"، أنني لا
أُتقن هذا اللحن.
أعترف الآن أمام العالم، بأني
جنديٌ مهزوم.
أعترف بأني تركت الجبهةَ خلفي، وركضت العودة سريعاً.
أعود مطأطئ الرأس خجولاً.
أعود موسوماً، لكني
بنزاهتي أبقى معتزاً.
أعود بين رفاقي نظيفاً، وأحاول
التخلص من عبء الوشم.
أعود لأتابع معارضتي الوطنية بصدقٍ،
وأترك بعض جنود الجبهة تقاتل بالشوكة
والسكين وبالقلم.
..........
ما عدتُ أبحث عن أجوبة، ما
عدتُ أطرح أسئلة.
لملمت حروف كلماتي، لأزرعها
في ألحان قرنفلة.
ألغيت عناوين
بريدي، وأشعلتُ أبخرتي
وشموعي.
زجاجي نظيفٌ كان، ويبقى
شفّافٌ، ووجهي واحدٌ مازال
مكشوفاً،
ولا أُخفي الحكايا في جيوبي.
..........
شيءٌ واحد أعلنه، ولا رجعة عنه:
كَبُرَ مع هذا النقص،
مسرعٌ رغم ذاك التأخر،
غالٍ جداً بين كل ما شاهدته من رخص.
حصوة بصقتها،
كلمة الوداع والخلاص، أجمل وآخر ما
بقي في أناشيدي من جبهة الخلاص...
..........

بودابست، 2 / 11 / 2009، د. فاضل الخطيب.














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي