الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات - ائتلاف السخط والأمل !

رضا الظاهر

2009 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


تأملات
ائتلاف السخط والأمل !
رضا الظاهر

أولئك الشباب الذين قدموا الزهور الى طالبات كلية الرافدين ببغداد احتفالاً ببدء العام الدراسي الجديد جسدوا، بسلوكهم المتحضر وممارستهم الجميلة ودلالات فعلهم الموحية، حميمية مشاعر الشيوعيين تجاه الناس، وتوجههم إليهم، وأساليبهم في التعامل معهم.
ولم يكن هذا سوى مثال واحد من أمثلة راحت تتكاثر لتعكس ظاهرة جديدة في طبيعة ومستوى التواصل مع الناس، سمتها الأولى التفاعل الملموس بين سخط الملايين على الواقع المأساوي، وأملهم بتغيير هذا الواقع.
ونحن نتحدث هنا عن سخط آمل، لا عن سخط ساذج أو متعصب أو منغلق أو متزمت .. لا نتحدث عن السخط من أجل السخط، وإنما السخط من أجل التغيير.
وفي تاريخ حركتنا وفي تراثنا صفحات من السخط لا تحصى، تمتد من سخط سومر حتى سخط بغداد اليوم. وكان معلمنا ماركس مثالاً للساخط على الثقافة السائدة وعواقبها المادية والروحية، وظل هذا المثال حتى آخر لحظات حياته. وكان، في الوقت نفسه، مثالاً للأمل بعالم جديد. وهذه الآصرة الحميمة والوثيقة بين السخط والأمل هي التي منحت ذلك المفكر والمكافح العظيم طاقته الثورية ونموذجه الملهم، وهي، ذاتها، التي تحرضنا على التمرد والانتفاض على الثقافة السائدة، والتطلع الى تأسيس ثقافة جديدة.
أما استثمار السخط فتتنوع أساليبه ولحظاته. غير أنه مهما تباينت هذه الأساليب واللحظات فانها لابد أن ترتبط بالواقع حتى تستطيع أن تؤدي الى قطف الثمار، وإلا فانها تبقى تجريداً عاجزاً عن ملامسة الواقع، وتحريك التاريخ، وتغيير الحقائق على الأرض. ومن هنا لابد للمكافحين من أن يكونوا أبعد عن الأوهام وأقرب الى الأحلام. ولكن أية أحلام نعني ؟ بالطبع تلك التي يمكن أن تتحقق عبر التجسيد الحقيقي لآصرة السخط والأمل، واستثمار الفرص التي يوفرها الواقع المأساوي الذي يشهد تعاظم سخط الملايين وهم يعانون: من المحاصصات المقيتة، وصراع الامتيازات، وممارسة "التسييس" وتحويله الى أسلوب في التحليل واتخاذ المواقف، وتهميش وإقصاء "الآخرين"، وتغييب إرادة الناس، وتفاقم "معركة التنافس" تحت قبة البرلمان، وآخر أمثلتها الموقف من إقرار قانون الانتخابات.
وبموازاة هذه المعاناة تتجلى على الصعيد الأمني فواجع التفجيرات الدامية، وتكرار الأخطاء والاختراقات الأمنية، وممارسة "التسييس"، هنا أيضاً، والمزيد من فقدان الناس الثقة بالحكومة واحساسهم باليأس من امكانية حل أزمة البلاد.
وبموازاتها، أيضاً، تتعاظم معاناة جيوش الفقراء والعاطلين عن العمل والأرامل واليتامى والمعوقين وعوائل الشهداء والمفصولين السياسيين والمتقاعدين، بينما يتفشى الفساد المالي والاداري وتغيب الخدمات.
وفي ظل هذه المآسي يستهان بالنساء، النصف الأعظم، وحقوقهن، وتسود ثقافة التخلف وغسيل الأدمغة والخنوع ... مما يجسد خراب الروح العراقية.
كيف، إذن، يريدون من الملايين أن ينهضوا من إحباطهم ؟ كيف لا يعزف الملايين عن الادلاء بأصواتهم مادامت نخبة "المقررين" تمضي فاقدة المصداقية بعد أن انفضحت الوعود الزائفة ؟
أمامنا، إذن، فرص للسخط وأخرى للأمل. ونحن من يؤسس ائتلاف السخط والأمل .. ونحن من يطلق النداء: حانت ساعة العمل !
ولكن الملايين بحاجة الى مثال، كلما اقتربوا منه اكتشفوا أنه يسير أمامهم فيمضون إليه بهدي من الأفكار النيّرة، والخطى الملموسة، والرغبات الصادقة، والمطامح المشروعة، والقدرة على اقتحام السماء. فبدون مثال يصعب أن نجتذب المظلومين والمحرومين. لا يكفي أن نشخص الظلم والحرمان بخطابات وشعارات عمومية، فهذا لن يكون أكثر من هواء في شبك.
نبدأ من واقع حميم، من أشياء صغيرة ملموسة، لتلتقي هذه الأشياء فتكبر عبر التراكم، وتتحول الى مسار فاعل ومثمر.
وفي هذا المسار ينبغي أن لا تدفعنا حقيقة أننا أقلية واعية وحالمة وساعية الى الحقيقة وحاملة مشاعل ... الى الاستهانة بقضية المقاعد البرلمانية، على أساس أن هذه المقاعد ليست غايتنا. النتائج تهمنا، بالطبع، لا لأننا نسعى الى "الكراسي"، وإنما لأنها توفر لنا فرصاً أعظم وآفاقاً أرحب للدفاع عن حقوق الناس وآمالهم.
غير أننا، ونحن ندرك هذه الحقيقة، ينبغي أن لا نسمح لقضية المقاعد بتكبيلنا بأغلالها .. لن نكون أسراها، ولكننا لن نستهين بها تحت ذريعة أننا لا نريد الأسر. سنمضي أولاً نحو الناس، ونمضي، ثانياً، وبموازاة ذلك لا خلفه، نحو مقاعد نستحقها، لكنها لن تأتي الينا إلا عبر ثقة الناس بنا عندما نقدم أمامهم المثال الذي يضيء، من بين حقائق أخرى، مصداقيتنا في الدفاع عن حقوق الملايين من الكادحين.
* * *
ينبغي أن نكون في قلب الصراع، نحمل أسلحتنا السلمية، ومعرفتنا المجربة بكيفية استخدام هذه الأسلحة، وتحقيق انتصارات في المعركة التي نخوضها غير هيّابين من خصوم أو هزائم .. الهزائم لن تدفعنا الى الجزع واليأس والشلل، فسنتعلم من دروسها حتى نرتقي بالمسير.

أما الناس الذين نمضي اليهم فهم سياجنا، هم حماتنا، بهم نلوذ وإليهم نلجأ، ونصغي الى نداءاتهم وأصواتهم العادلة.
نحن طارقي الأبواب، جوّابي الشوارع، السائرين مع الناس، ووسطهم، وفي طليعتهم، في تيار الكفاح الحقيقي .. في ائتلاف السخط والأمل الذي نمضي به وعبره الى غاياتنا الساميات.



طريق الشعب - 3/11/ 2009













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغدة تقلد المشاهير ?? وتكشف عن أجمل صفة بالشب الأردني ????


.. نجمات هوليوود يتألقن في كان • فرانس 24 / FRANCE 24




.. القوات الروسية تسيطر على بلدات في خاركيف وزابوريجيا وتصد هجو


.. صدمة في الجزائر.. العثور على شخص اختفى قبل 30 عاما | #منصات




.. على مدار 78 عاما.. تواريخ القمم العربية وأبرز القرارت الناتج