الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحمد بوكماخ..وبعده لا أحد.. !!

محمد المراكشي

2009 / 11 / 3
كتابات ساخرة


إني أرتجف و كأني أدخل المدرسة لأول مرة..لازالت عالقة بدواخلي تلك اللحظة و أحاسيسها ،فكلما مررت أمام أول مدرسة و أول كتاب درست فيه إلا و انتابني نفس الشعور .. مزيج من الرهبة و الحب و الخوف و الرغبة في الصراخ بكاء على والدتي التي تركتني بيد جزار قراءة .. لا لا ليست عقدة ، هي مجرد أحاسيس !!
سبب ارتجافي اليوم بعد كل هذ العمر أني أتصفح الآن الآن كتاب تعلم القراءة الذي درست فيه لأول مرة و أنا ابن الرابعة من عمري : "إقرأ". لا أعرف لماذا اليوم بالذات ذهبت إلى المكتبي الموجود بالحي و هو مكتبي متواضع قادر على استيعاب أن أطلب منه ذاك الكتاب ، بدلا من الذهاب عند مكتبيين آخرين من ذوي الحضارة الزائفة المتملقة لأنواع البورتابل والجرائد الميتة..
ربما السبب حنين إلى ماض أراه بعيدا , أو ربما رغبة في البكاء على ما نقرأه اليوم و ندرسه لأبنائنا الذين يصعدون "سطولا " أمام أعيننا و لانستطيع فعل شيء لإنتشالهم من جنون و جهنمية آلة التدمير التعليمية الاستعاجالية و الاستبطائية معا..
ربما لأني أردت استرجاع الذكريات السعيدة التي كنت أحكيها لوالدتي الراحلة كلما عدت من الكتاب قادرا على قراءة نص طويل وتصريف فعل مهموز..أو لربما لأسترجع رائحة الحلوى العتيقة الخالية من جيوش التسوس التي يمنحني إياها والدي في دكانه حين أقرأ له حكاية الفأر الخياط.. أو قد تكون جدتي الحاكية البارعة هي نوستالجيتي اليوم و أنا أستمع لرنات صوتها و هي تحكي لي حكاية سبع طيور بعد أن اقرأ لها سورة قرآنية جديدة، بالطبع فإني إلى يوم وفاتها و أنا أتهرب من استظهار سورة "الكافرون" التي أتوه و لازلت بين متاهات تعبيراتها. !!
لن أنس أبدا أني و قبل أن أدخل المدرسة في عامي الأول قرأت نصا أكبر من جسدي الصغير النحيل أمام والدي و جدتي ، و فرحوا بذلك كثيرا و كانت هديتهم ودون اتفاق مسبق قصصا جميلة ملونة ، استغربوا كثيرا حين وجدوا أن فكرتهم كانت متماثلة.
لكن "إقرا" لا تعني الفرح فقط بل كثيرا من الألم كذلك ، مع جزاري القراءة كما أسميهم ، و هو الأمر الذي يجعلني أتساءل إن كانت الفلقة و التعلاق و العصا و الوخز سياسة دولة في التعليم آنذاك.. نعم شكل لي ذلك ألما لا زالت ندوبه في نفسي رغم التماسي المعذرة في الغالب لهؤلاء الذين آلموني ، فهم علموني..
ذاك الكتاب كذلك كان يعني لي الفزع حين كنت أحلم بالعفريت المصور في أحد نصوصه أو الشيطان أو الشرير الذي يكون وجهه أحمر و له قرون و كثيرا ما يزيد في الحلم ليضيف إضافات مقرفة ليمتزج كل ذلك بصور سيدنا علي الذي يحارب "الجنون" و وسيفة المزدوج و آدم مع حواء يأكلان من الشجرة و هي الصور التي كانت تؤثت جدران بيتنا الأبيض و الأخضر !!
لكن الحلم الجميل كان الأهم من كل هذه الأمور ، فأنا حين أشاهد الصور المصاحبة لنصوص "إقرأ" فإني كنت أحلم بذلك الواقع الجميل العصري الذي يلبس فيه الأطفال الشورت الستيني و التيشورت السبعيني و يأخذ أخته أو صديقه بيده في المدرسة أو في الطريق إليها ، و كنت أحلم بتلك المنازل الجميلة و أقارنها مع منزلنا و"أغكمي" الموجود فيه، كما أقارن والدتي الجميلة اللابسة خمارها و جلبابها أو إزارها مع أم رفيق و لطيفة العصرية..أقارن والدي بجلبابه و رزته مع والد أسامة في البيت الجديد ..
هنا أتوقف ! فإني لا اريد أن أقارن بين معلمي – و لن أصفه – و المعلم الوسيم الضاحك الأنيق في الكتاب...
دعوني أتصفح الكتاب و أتصفح الصور الجميلة القديمة وأشم رائحة الورق و الحزن على واقع التعليم و القراءة في بلادنا..
لا ينقص سوى الذين راحوا كي يعود المكان إلى مكانه...
رحم الله معلمنا أحمد بوكماخ..وبعده لا أحد.. !!












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اللهم ارحمه ولا ترحم بعده أحدا
عبد الله بوفيم ( 2009 / 11 / 4 - 19:28 )
لقد كان معلمنا بحق عبقريا وفدا وذا رسالة شاملة ينير بها عقولنا ويوجهنا للبلوغ إليها, ووضع برامج ومقررات عجزت وما تزال اللجان المتعددة عن وضع نظير لها
اللهم ارحم جميع من علمنا وبارك اللهم في أعمار الأحياء منهم. رغم أن عنوان تعليقي متجاوز لكنه المجاز فقط هو السبب في صياغته
بوركت أيها المراكشي فقد ذكرتني بمعلمنا الشيخ الوقور, لم أعلم هل ما يزال الرجل حيا يرزق أوأن الله عز وجل اخد روحه الطيبة إلى جنانه. اللهم جازه عنا خير الجزاء فقد علمنا ووفى التعليم حقه
كما ذكرتني بمراكش الحمراء ايام الجامعة, فقد قضينا فيها سنوات جميلة وأيام رائعة مع شباب هم اليوم ولله الحمد في شتى أنحاء العالم


2 - رحمة الله على المعلم الكبير احمد بوكماخ
الدكتور الاخضر عزي ( 2011 / 1 / 22 - 19:07 )
بسم الله الرحمن الرحيم
اول كتاب تصفحته في بداية حياتي الدراسية بعد القران الكريم وتلك الكتب الموروثة عن المدرسة الفرنسية، كان كتاب العلامة المغاربي احمد بوكماخ، وكانت انشودة يا اخوتي جاء المطر هي التي علقت كثيرا بذهني الى حد الساعة. فما اروع العقلانية التاليفية لاهلنا في المملكة المغربية وفي سائر ربوع المغرب العربي الكبير، واعتقد وبدون مجاملة- والرجل في رحاب الله الواسعة- ان هذا المؤلف جدير بان تمنحه منظمة اليونيسكو والاليسكو جائزة الوسام التربوي من الفئة الرفيعة، ولا يمكن لاي كان نكران ما لسلسلة اقرا من دور ريادي في التهذيب والتكوينن وكان معلمنا للغة العربية الراحل ثامر عيسى خلال سنة1964-1963 يحثنا وبتشويق لا مثيل له على اقتناء هذا الكتاب في مدينة المسيلة الجزائريةن كما حثنا بعده استاذنا ومعلمنا للغة العربية بمدرسة دشوشة بحي الشواف بالمسيلة على ضرورة قراءة السلسة لما لها من طابع تكويني، واستاذنا هذا هو الشيخ ابو القاسم الكرية من تونس الخضراء وتحديدا من توزر، وكان من فطاحلة النحو والصرف والبلاغة؛ كونه زيتونيا تكوينا ومنهجا، وقد شاهدت هذه السلسلة من كتاب اقرا لاخر مرة بمدينة بوسعادة .


3 - بوكماخ معلمة تربوية لن تتكرر
سعيد السفياني ( 2012 / 5 / 31 - 09:51 )
الاستاذ احمد بوكماخ معلمة تربوية شامخة واستاذ الاجيال ،تعرض خلال حياته للتهميش ،لا يعقل ان لا يتم اطلاق اسمه على مدرسة او ثانوية تكريما له
انه في قلوبنا وعقولنا لن ننساه نحن الذين درسوا في اقرا والفصحى
وكنا نحن في العائلة نتناوب على استعمال -تلاوة اقرا-كل موسم دراسي وتخرج منا الاطباء والقضاة والمهندسون،اما مقررات اليوم ففهي كازبال حاشاكم
تساعد في تفريخ جيل سطل ومكلخ
رحم الله الفقيد بوكماخ واسكنه فسيح جنانه


4 - بوكماخ معلمة تربوية لن تتكرر
سعيد السفياني ( 2012 / 5 / 31 - 09:53 )
الاستاذ احمد بوكماخ معلمة تربوية شامخة واستاذ الاجيال ،تعرض خلال حياته للتهميش ،لا يعقل ان لا يتم اطلاق اسمه على مدرسة او ثانوية تكريما له
انه في قلوبنا وعقولنا لن ننساه نحن الذين درسوا في اقرا والفصحى
وكنا نحن في العائلة نتناوب على استعمال -تلاوة اقرا-كل موسم دراسي وتخرج منا الاطباء والقضاة والمهندسون،اما مقررات اليوم ففهي كازبال حاشاكم
تساعد في تفريخ جيل سطل ومكلخ
رحم الله الفقيد بوكماخ واسكنه فسيح جنانه

اخر الافلام

.. منصة بحرينية عالمية لتعليم تلاوة القرآن الكريم واللغة العربي


.. -الفن ضربة حظ-... هذا ما قاله الفنان علي جاسم عن -المشاهدات




.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة


.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها




.. الممثلة ستورمي دانييلز تدعو إلى تحويل ترمب لـ-كيس ملاكمة-