الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبيعة الدياليكتيكية للحياة والحياة الإنسانية

حسين عجمية

2009 / 11 / 4
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


ينفتح العقل الإنساني على الكون يراقب التغيرات الجارية في نظامه العام ويختزن في وعيه نظام المتغيرات خلال الزمان الخاص بحياته ويلاحظ التغيرات الحيوية والاجتماعية وكل ما هو صادر عن طبيعة المجال ، وجميع الدلائل الدالة على وجود علاقة مرتبطة بمصيره الحيوي، فيتعمق أكثر بالتاريخ الكوني والتاريخ العضوي والبحث الجيولوجي وما يراه من علم ذو علاقة بمصيره وينفتح وعيه على نظام الوجود المعرفي بكل أبعاده.
فالإنسان بقدرته العقلية هو الطاقة القادرة على عكس بناء التشكّل الكوني كوعي مفهوم بماهيته الحقيقية ، لأنه يدرس المكونات الدالة على وجود الأشياء والأحياء ومتغيراتها في نظام الوجود ويمتلك صورة أولية مكثفة عن طبيعة المتغيرات وجميع القوى المرتبطة بوجودها في مجال النشوء الحي لتظهر الدلائل المركّزة عن التغيرات المتعاقبة في نظام الوجود مترابطة بشكل فاعل في نظامها الشامل ، وطبيعة الآثار الضارة والمؤثرة على هذا الوجود، عندها تتعمق الغاية الارتقائية كوعي في حياة البشر،بما تنسجم مع المتغيرات الكونية والمتغيرات الجارية في نظام الوعي الإنساني، وبالتالي القدرة على معرفة الأهمية الكامنة للأفكار والأبحاث الجارية لتأمين بعد إنساني ضمن مسار كوني.
ومع تحديد النهج المتناسق وكيفية عرض المعلومات والمفاهيم والتحليلات يمكن رفد البعد العقلي بطاقة خلق الأفكار من خلال تدرج المعارف وتعميق التكوين البنيوي للعقل الواعي بما يتوافق مع التوجهات الأساسية للبعد الكوني .
فالبداية الحية والبداية البشرية بكل ما فيها من تداخلات وتغيرات جارية على مسار بنيتها العامة والمفاهيم المرتبطة بضرورة المتابعة لتعميق التواصل العقلي وإدراك أهمية السلامة العضوية وغير العضوية من الأخطار الطارئة والأخطار الناتجة عن أخطاء التوجّه البشري والأفعال المؤثرة على بنية الوجود الحي ، لأنّ الأهمية البالغة الدقة لمعرفة العناصر الحيوية في المجال الأرضي المكون من غلاف جوي ومياه وغابات وأحياء حية يعطي المجال الأوسع للتدقيق في مجريات الفعل والتصرف الإنساني وإعادة تكوين وعي كوني منسجم ومتوافق مع نظام الحياة العامة ليكون قادراً على تأمين السلامة العضوية والعقلية لنظام النشوء الحي.
إن استمرار الأخطاء البشرية في التعامل مع الوسط البيئي ناتج بالضرورة عن ضعف الوعي تجاه الأهمية القصوى للنظام الطبيعي، ومدى فاعليته في تكوين الحياة الإنسانية السليمة والعقل المرتبط بالتوجهات الإنسانية لجميع البشر ، ومهما تنوعت بنية المعارف والمفاهيم والعقائد البشرية وطريقة تفاعلها مع الطبيعة الاجتماعية ، تظل الحياة الإنسانية بعيدة عن تحقيق سلامتها وتواصلها الدائم بدون نظام طبيعي متوافق مع حياة البشر واستمرار الحضارة الحديثة في التطور المتوافق مع السلامة الإنسانية.
فالعلاقة هي الشكل المكتمل والمكمل لنظام الوجود العام والوجود الحي بشكل خاص، فالبنية العلاقاتية لمجمل المكونات والأحياء فيما بينها تؤمن التفاعل والتكامل الحيوي، فالتداخل بين الأحياء والطبيعة مستمر في التفاعل الدائم لأن القانون التواجدي للأحياء يعطيها القدرة على التواصل المنسجم مع بنية الكون الكلية ، فالكينونة الحياتية للأحياء قادرة على الاستمرار ضمن أجواء بالغة الصعوبة وتمتلك قدرة على التكيف مع المتغيرات البيئية والحيوية في نظام الوجود ضمن مجال النشوء الحي، فالعمق المرتبط بفهم الطبيعة التطورية لنظام الأحياء يعطينا بعداً عقلياً لتوسيع علاقات التبادل الحيوي وتأمين المنافع المشتركة والحفاظ على الوجود الحي ضمن أجواء تتناسب مع الضرورات الحياتية للأحياء ، لأنّ التفاعل كلي وشامل. فالإنسان هو الكائن الوحيد القادر على إدراك معنى الحياة ومغزاها وضرورة بقائها لتأمين التتابع النشيط ضمن مسار التاريخ الطبيعي والحيوي ، ويمكن أن يتدخل العقل البشري بما يمتلك من طاقات هائلة وكامنة لإحداث بنية حياتية فاعلة في نظام الحياة من خلال الإدراك الكلي للبعد الهام لضرورة تواجد الأحياء في النظام الأرضي ، ويمكن التوصل إلى نقطة أساسية في كشف لغز الحياة وكيفية تواصلها مع نظام الوجود الكلي، فالبحث الدقيق والعميق حول كيفية ظهور الحياة وانبثاقها والتغيرات الجارية على بنيتها العامة ، يمكن أن يؤدي إلى تجاوز المصاعب والعراقيل القائمة أمام التفاعل الحيوي، وبالتالي الوصول إلى نقطة أكثر جوهرية لفهم الأساس والبعد التفاعلي في الحياة البشرية وكيفية إزالة كافة المعوقات المؤثرة على حياة الإنسان وتنظيم أو توجيه الأبعاد الجوهرية للبشر، بما يتوافق مع الاستمرار التفاعلي بشكلٍ وثيق وعميق المدلول وتأمين الإمكانية القادرة على إلغاء جميع المظاهر السلبية والقاهرة أمام التوجهات المستقبلية للإنسانية.
ومن خلال تزايد المؤثرات السلبية وتكاثر الملوثات الطبيعية والمفتعلة ، يتزايد التخريب وإفساد النظام الحي، لآن النشاط الإنساني والتقدم الصناعي والتقني يخفي الإدراك الواضح لماهية فعله وتأثيره على النظام البيئي العام والكائنات الحية المتواجدة في المجال الأرضي. فالطبيعة الحية وغير الحية تتأثر باستمرار من التلوث الناجم عن الإهمال ويتضرر البناء التكويني للنظام الحي ، فتنشأ الأزمات الطبيعية والكوارث ويتزايد خطر الفيضانات والزلازل والغمر الكثيف لمساحات هائلة في مناطق متعددة من العالم ، وتتزايد الحرائق والحرارة والزحف الصحراوي ويتقلب المناخ بصورة غير مألوفة من قبل ، مما يؤدي إلى تغيرات بنيوية غي الطبيعة والمجاري المائية. فالحقائق تنكشف أكثر فأكثر حول خطورة إهمال النظام الطبيعي ، وتجاهل طاقته على استيعاب المخلفات الناتجة عن النشاط الإنساني ، والأعمال الضخمة الجارية لتأمين الحاجات المتنامية للوجود البشري، فالكوكب الأزرق يصرخ احتجاجاً على الأعمال غير المبرمجة لتأمين السلامة الحيوية لمجال النشوء الحي لأن طاقته التعويضية غير قادرة على تأمين الحد اللازم والضروري لتأمين السلامة البيئية لنشاط الحياء السليم ، ومع الإفساد المتكرر لحياة الأحياء والأنظمة التابعة لها في اليابسة والبحار والغلاف الجوي، يتعمق الخطر على الوجود ويجعل الحياة أمام مفترق رهيب قد يكلف الإنسانية غالياً. فالغموض الظاهر والمحيط بكيفية ظهور الحياة وتطورها وجميع العمليات التركيبية الداخلة في نظام الحياة، يعطي الانطباع بأن الحياة حالة متميزة وفريدة في الكون ، لأن الحيوية والقدرة التفاعلية والارتقائية لنظام الأحياء لغز لم تزل معالمه غامضة ، فالعقل البشري لم يتوصل بعد إلى ماهية نشوء الحياة وكيفية ظهورها في المجال الأرضي ، ولم يخرج عن إطار التخمينات والتقديرات غير القطعية ، فالغرابة والفرادة في نظام الحياة يضع العقل البشري أمام مسؤوليته للحفاظ على الحياة وظروفها العامة ، بما يؤمن سلامتها في المستقبل ، لأن الخطأ في هذا المجال يعتبر خرقاً خطيراً على نظام الوجود الحي ، لأنه يمكن أن يقوض أساس الحياة ، ويحرف مكوناتها ومعظم مجرياتها العامة نحو الهلاك وقد تختلف الأنظمة الحية بما يؤدي لظهور أحياء غير متوافقة مع نظام الحياة القائمة ، مما يعطي الانطباع بأن أي تبديل أو تغيير في نظام الحياة والأحياء قد يؤدي إلى ضياع الوجود وتغيير بنيته العامة ، وبالتالي العدمية في إمكانية الرجوع إلى الحالة الراهنة بالمطلق،فالفرادة النوعية والمعجزة الحياتية لظهور الأحياء وتطورها وعدم القدرة على معرفة كنه غايتها، ترفع جاهزية العقل البشري وبالأخص العقول الفاعلة في نظام الحياة والطاقات العلمية الجبارة للعقل الراهن للالتزام بالدقة والانتباه تجاه أي تصرف أو فعل يسيء إلى نظام الحياة ليحرفها عن مضمونها الأساسي.
فالحياة هي طاقة الخلق المجهول وقبل أن نعرف كيفية تكونها وتطورها والعوامل الفاعلة في تنويع بيئتها العامة والضرورة الملحة لتفاعل أنظمتها المختلفة تجعل الوجود الواعي للبشر يعمل للحفاظ عليها من جميع الأخطار الناتجة عن تطور العقل البشري ذاته. فالحياة متنوعة التداخل تندرج ضمن اختصاص علم الحياة لأنه العلم المعبر عن جميع المقاصد الأساسية للحياة ومواضيعها وكافة أشكالها وجميع العلوم المرتبطة بعلم الحياة كالعلوم الزراعية والعلوم الطبيعية.
إن مقولات علم الحياة بتنوع محتواها الضمني وفاعلية دراستها لمجمل النشاطات الحيوية وجميع النظم الحية ضمن مسار تاريخي يوضح صيغ وأشكال الحياة المتتابعة ويرفد الوعي البشري بمفاهيم عميقة عن طبيعة الأحياء وأشكالها وبنيتها والتداخلات المتواجدة في وجودها ويدرس جميع مكوناتها الأساسية وطريقة تفاعلها مع الوسط الطبيعي ، والخصائص البنيوية للأحياء وعلاقتها بالمؤثرات الخارجية وطبيعة انفصال الحياة عن الجمود، والمجال الحيوي لنشوء الأحياء وبالتالي تندرج طاقة الأحياء كنشاط حيوي ضمن المجال المتوافق مع وجودها وتعميق البنية التكوينية للوجود، وتجعله أكثر نوعية وتنوع بما يعمق قدرة الوعي البشري ويجعله قادراً على متابعة التغيرات الجارية في نظام الوجود، من خلال تنوع البحوث المرتبطة بماهية الحياة ونوعيتها والقدرة على رسم ملامح جديدة للحياة ، من خلال الترابط بين الهندسة الوراثية وعلم الأجنة والعلوم التكنولوجية الحديثة والمتطورة، فيتعزز الوعي البشري بمجموعة من المعطيات الجديدة والمرتبطة بالتغيرات الجارية في نظام العلوم المختلفة .
ومن المؤكد بأن الإنسان سيكون قادراً على إعطاء البحوث العلمية وجميع التجارب الجارية على نظام الأحياء بعداً يتوافق مع التوجهات الأساسية للوجود وأن تترافق البحوث الجارية مع الأبعاد الإنسانية ، لأن النتائج غير المرغوب بها والمؤثرة على بنية الوجود الحي سوف يتجاهلها العلم من تلقاء ذاته دون إرغام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو