الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفاوضات.. الموعودة دون وعد والمأمولة دون أمل

ماجد الشيخ

2009 / 11 / 4
القضية الفلسطينية


هل بات تكريس الأمر الواقع هو الأجدى للأطراف المعنية كافة، أو لبعضها؟ كالولايات المتحدة التي جربت وفشلت في خلق واقع جديد، بل عادت تجرجر أذيال الخيبة من "معركة الاستيطان" التي خسرتها على مذبح العناد والصلف الإسرائيلي. بينما تستمر حكومة نتانياهو في تكريس وقائعها الاحتلالية للضفة الغربية والقدس، بل وتصعّد من ممارساتها العدوانية فيها، دون خشية من ضغوط أميركية – أوروبية أصبحت من الماضي، على ما يبدو، خاصة وأن تقرير غولدستون، وبعد التصويت عليه في مجلس حقوق الإنسان، لم يعد يشكل أداة ضغط على ما راهن ويراهن البعض، بل إن توافقا في شأنه، قد يصبح كاملا بين الأطراف المعنية بالتصويت عليه في مجلس الأمن الدولي. أما الفلسطينيون فهم بين حجري الرحى لا يستطيعون حراكا، إلاّ في المساحات المحددة لهم وفق أوسلو، والتفاهمات التي أعقبته، وكرست أمرا واقعا متجددا، وهي مساحات لم تمنع استيطانا ولم تستطع إيقاف تمدده، فضلا عن عدم استطاعتها تجميده؛ حتى عند نقاط كانت تؤيدها الإدارة الأميركية في بداية "معركتها" مع حكومة نتانياهو. فيما البناء الاستيطاني يتمدد في كل الاتجاهات، مكرسا واقعا إحتلاليا جديدا، يراد المصادقة عليه كحل قائم ومتوافر بشروطه على الأرض، كل محاولات العملية السياسية التفاوضية الجارية فصولا تؤكد على استمراره وتواصله كحل دائم. فأين هي جهود ميتشل غير المثمرة، وهي التي اتضح أنها لم تكن أكثر من مجرد سياسات ومحاولات شراكة عبثية، تعقبها الآن جهود كلينتون الاستفزازية، التي وضعت عقبات مضاعفة أمام البدء بمفاوضات في ظل تواصل وتمدد عمليات الاستيطان.


لهذا ما كان باستطاعة مباحثات واشنطن التي رعاها ميتشل في عقر دار الإدارة، أن تغير من الواقع شيئا، فالوفد الإسرائيلي لم يعط سوى "موافقة مبدئية" على وقف الاستيطان، إنما غير كامل ويتضمن استثناءات في القدس الشرقية. وفي ما يتعلق بما يسمى "النمو الطبيعي"، وهو ما رفضه الجانب الفلسطيني الذي يصر على تجميد كامل طبقا لالتزامات "خريطة الطريق" وقبل استئناف المفاوضات، وهذا هو فحوى لقاءات ميتشل الأخيرة في المنطقة، فماذا تغيّر على طاولة المباحثات وتبادل الآراء وتحديد المواقف؟

عمليا ها هنا لم يتغير شئ، ولكن التغير الجاري هو على الأرض، تكريسا لواقع بات الإسرائيليون، وربما الأميركيون من خلفهم، "يستصعبون" تغييره، أو العمل باتجاه إحداث تغيير، ولو شكليا فيه. وهم لهذا يحاولون إقناع الفلسطينيين بالقبول بما تصرّ عليه حكومة نتانياهو، وترفض التخلي عن "الأمر الواقع" الذي تحدثه يوميا وباتجاهات قصدية ومتعمدة، لتكريس واقع الاستشراء والتمدد الاستيطاني في الضفة الغربية، كما في القدس الشرقية، حيث أكدت أوساط أمنية إسرائيلية لصحيفة هآرتس (23/10) أن النشاط الاستيطاني بدأ يتسارع في الآونة الأخيرة بوتيرة عالية، وأن البناء بدأ يشهد في الأشهر الأخيرة نشاطا مكثفا في مستوطنات وبؤر عشوائية غير قانونية، وينفذه المستوطنون استباقا لإمكان إعلان الحكومة الإسرائيلية تعليقا – ولو مؤقتا ولأشهر عدة – البناء في المستوطنات، حيث أكدت المصادر للصحيفة أن البناء يتواصل في وحدات سكنية، غير تلك التي أعلنت إسرائيل أنها ستواصل بناءها (2500 وحدة) وعدا الشقق الـ 450 التي أعلنت أنها ستقيمها قبل أي تعليق للبناء، ما يعني أن المستوطنين يريدون فرض أقصى ما يمكن من "الأمر الواقع الاستيطاني" على الأرض، قبل أي اتفاق أو قبل استئناف المفاوضات المقررة وفقا لجدول أعمال أميركي غائم وغير محدد.

باختصار. هناك ما تبحث عنه واشنطن كذريعة تسوغ استئناف المفاوضات، وجر الطرف الفلسطيني إلى مصيدة جديدة، أو إيقاعه في فخ جديد عنوانه تجاوز ما كان وما يكون – وربما ما سيكون – على صعيد الاستيطان، أو حتى قضايا المفاوضات الخمس الأخرى، التي أصبح بعضها أمرا واقعا، جراء الجمود والمراوحة التفاوضية، بعد أن استطاعت حكومة نتانياهو وعبر مواقفها المتصلبة وقف "معركة الاستيطان" الأميركية التي قادها ميتشل ميدانيا، وها هو يسلم الراية من جديد لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، التي يبدو أنها بدأت بتهيئة مسرح اللقاءات الثنائية والثلاثية لجولة أو جولات تفاوضية لم تنضج ظروفها بعد، في وقت أمسى واضحا فيه أن لا وجود لخطة أميركية (خطة أوباما) جرى الحديث عنها في وقت سابق، قبل خوض واشنطن "معركة الاستيطان" وفشلها فيها، لتعلن الآن أن لا خطة لديها، وكل ما هنالك محادثات مكثفة بين الإسرائيليين والفلسطينيين للبدء بالمفاوضات، مجرد البدء بها، دون تصورات مسبقة لا لمرجعياتها ولا لسقوفها المبدئية أو الزمنية، وهل هي لهدف إيجاد الأرضية المناسبة لتسوية مؤقتة، أم لتسوية دائمة، حيث الشروط الإسرائيلية – ومن خلفها الأميركية – ما برحت تمنع الوصول إلى فهم مشترك لطبيعة المفاوضات أو التسوية المقبلة، الموعودة دون وعد، والمأمولة دون أمل؟.

هكذا.. تمضي الأمور دون أفق، فلا ميتشل ولا كلينتون، ولا اللقاء المزمع انعقاده ربما بين نتانياهو وأوباما في واشنطن على هامش المؤتمر العام لاتحاد الجاليات اليهودية في أميركا الشمالية بعد أيام، يمكن أن يساهم في ردم الفجوات القائمة بين إسرائيل والفلسطينيين، أو بين واشنطن والفلسطينيين الذين لا يجدون مفرا من البحث عن المدخل المناسب لاستئناف المفاوضات دون جدوى، ولعل تململ السلطة وما قيل عن تهديد الرئيس محمود عباس بالاستقالة، وعدم الترشح للانتخابات؛ ما يفيد بوجود مصاعب جمة، بدأت تكتنف العلاقات الفلسطينية – الأميركية تباعدا ويأسا، وبعد أن بلغت التدخلات الأميركية في الشأن الداخلي الفلسطيني، حد تهديد ميتشل السلطة والرئيس عباس فرض عقوبات اقتصادية عليها في حال توقيعها الورقة المصرية لـ "المصالحة"، فما يمكن أن يفعله العرب، أو وزراء خارجيتهم إزاء معضلة أخرى، تضاف اليوم إلى المعضلات القائمة، أمام مسيرة مفاوضات التسوية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ