الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغنية النقطة تحت باء بغداد ..

عبد العظيم فنجان

2009 / 11 / 6
الادب والفن



ترانيمـُكِ يحفظـُها رعاة الصباح ، الذين يصنعون النايات من قصب صوتكِ :
أنتِ التي ، من أجل مروركِ ، يخرُّ المطرُ صعقا ، وترتدي الجداولُ هواجسَ زوارق الأطفال ، فيما الفرحُ يتصاعدُ ، كالبخار من مظلة حاجبيكِ ، نجلسُ عرايا تحتها ، متلاصقين على رصيف الهوى ، ثالثنا الشيطانُ : ينسجُ من وساوسنا قميصَ المغفرة .

أكتبُ اسمكِ على سياج الشـِعر ،
وأرسمكِ نهرا يفيضُ منه الفجرُ الى البحيرات ،
ثم
أغوص عميقا
لأجمع البلور المزروع في قيعانكِ .

كنتُ أطوفُ معكِ الشوارع ، مصفـّرا بلحن حزين ، نعبرُ من خلاله الأزقة الى الساحات ، ثم ننحدر الى المقاهي : تدخلين السينما ، وأنتظركِ ، فنحن مفلسان ، غير أني ، من افق شفتيكِ ، إذ تسردين ما يجري على شاشة روحكِ ، تنطلقُ سحابة الانفجارات والحرائق ، مربوطة الى الارض بخيطٍ من الدم :

ـ كان فيلما رديئا ..

ثم تنحنين ، فجأة ، فأنحني معكِ : نرفعُ ريشة مكسورة سقطتْ من هديل المآذن ، أو ننظف جسد ترنيمة نسفتها عبوّة ناسفة في حنجرة كنيسة : نلفها بخصلةٍ من شعركِ الأسود الطويل ،
نـُطلقها
كما حمامة ونضحكُ ، مثل طفلين يكتشفان الطيران لأول مرة ، غير أنكِ تقطعين ذلك كله ، وتجلسين ، مقرفصة ، في الظلام :

ـ ليتني لم أدخل السينما . كان فيلما مرعبا :
رأيتهم يفركون قميص السماء ،
فتسقط زرقتها ، قطعة بعد قطعة .
آه ،
هناك كائنات من تبن تعفلطُ اللحظة بالتراب .
هناك أطفال يدفعون الهواء ، لأنه كسيح
هناك اشجار يتدلى من أغصانها العواء ،
وهناك ..

تتوقفين .

تبتسمين بأجفانكِ ، وقد شعرتِ بي حزينا :
ـ أما زلتَ تكتب رسائل العشـّاق في الأزقة ؟!

أيتها المنتخبة ، من بين الصبايا ، كي تصيرَ اماً ، أيتها المختارة ، من بين الامهات ، كي تعود صبية ، يا من تمد رأسها ، من نافذة الهيام ، كلما عدتُ من سفرٍ طويل ، لتسألني :
ـ أما زلتَ تسكر ، يا حبيبي ؟!

تمازحيني .

تضربيني برقة كتفيكِ ، فينكسر العمود الفقري لطيف كآبتي :
ـ أما زلتَ تعشق القمر ؟!

لكنكِ تواريتِ خلسة ، ولم أعد اعرف أينكِ :
في أية مشرحة ؟!

هل أنتِ موجودة على الأرض ،
أم
تبتكرين الطيران ، فوق ، لأجنحة الملائكة ؟!

كما أن شناشيلكِ شاحبة جدا .
شناشيلكِ تلك .
تلك التي كلما وصلتُ عاريا ألقت عليّ قميصها ،
فأرتدُ شاعرا :
أعيشُ داخله من دون بدني .

ها أني أطوفُ المرايا
بحثا عن وجهكِ المرسوم بريشة الف ليلة وليلة :
لا أثر ، وليس سوى التجاعيد محفورة ، كالخنادق .

هل
هذا هو نصيبكِ من الصعود الى ذروة الألم ،
أم
هي حصتكِ من بناء عمارة الحضارة ؟!

أيتها المولودة تحت القصف ، ومن معاينة الأقاصي ،
والتي كلما تهتُ في العاصفةِ مدَّ برقُ جنونكِ ، نحو متاهتي ، خيطا من السـِحر أسحبه معجزة بعد اخرى ،
فيـُمطرني ثملا ، أرودُ حاناتكِ بصحبة الصعاليك والفلاسفة :
أسمعُ حكمة من أفواه مجانينكِ ،
أو
أتسلقه لأكتبكِ على سياج الشعر ،
أو
أرسمكِ نهرا يشق طريقه نحو لا تناهيكِ في الخرائط ،
الى أن تصيرين جنة ، تفيض غاباتها من خواطر الشجر ، فأعود طفلا اركضُ في الجهات ، لأجمع الرعاة الذين كانوا ، عبر القرون ، يعزفون اغنية النقطة تحت باء بغداد ، تحت نوافذ مدن العالم .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤالسرق منه علامة الأستفهام
مراد سليمان علو ( 2021 / 12 / 23 - 11:24 )
لماذا لا أرى ثلاثة وثلاثون تعليقا على هذه القصيدة كي تعود للساء زرقتها بعد أن فركها الشاعر..

اخر الافلام

.. القبض على الفنان عباس أبو الحسن بعد اصطدام سيارته بسيدتين في


.. تأييد حكم حبس المتسبب في مصرع الفنان أشرف عبد الغفور 3 سنوات




.. عاجل .. إخلاء سبيل الفنان عباس أبو الحسن بكفالة 10 آلاف جنيه


.. أول ظهور للفنان عباس أبو الحسن بـ-العكاز- بعد حـــ ادث اصـــ




.. القبض على الفنان عباس أبو الحسن بسبب دهس سيدتين