الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فصول من حياة د. مصطفى محمود أحد رموز التنوير فى العصر الحديث

رشا زكى

2009 / 11 / 7
سيرة ذاتية


رحل عن عالمنا منذ بضعة أيام الطبيب والمفكر والفيلسوف والعالم الجليل د.مصطفى محمود بعد رحلة طويلة قضاها فى البحث عن الله وإثبات وجوده بالأدلة المادية فى الكون والمخلوقات.
ترجع بداية رحلته فى التأمل والبحث عن الله عندما كان طالبا بكلية الطب ، فكان يقف أمام أجساد الموتى متأملا، طارحًا التساؤلات حول سر الحياة والموت وما بعدهما حتى أطلق عليه زملاءه " المشرحجي"، إلى أن حدثت واقعة ( آيات طرد الحشرات ) تلك الورقة التى تحتوى على آيات قرآنية والتى أوصى شيخ المسجد الذى كان يصلى فيه الطالب مصطفى محمود آنذاك المصلين بتعليقها فى المنازل لطرد الحشرات والنمل من البيوت ، مصطفى محمود كغيره من المصلين - الذين يثقون فى شيوخ المساجد و يعتبرونهم من أولى الأمر المفترض فيهم العلم والمرجع والواجب طاعتهم مثولا لأمر الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ..... ) سورة النساء ( جزء من الآية 59 ) - عمل بنصيحة شيخ المسجد وقام بتعليق " ورقة آيات طرد الحشرات "فى أحد جدران منزله ، أملا فى التخلص من الحشرات ، فإذا بالحشرات تكثر فى المنزل ، بل الأكثر من ذلك أن إتخذ النمل تلك الورقة عشا يأوى إليه . كانت تلك الواقعة بمثابة النواة التى نتجت عنها زعزعة إيمانه وإرتباكه الفكرى . والثابت أنه في فترة شكه لم يلحد كما يعتقد البعض، ولم ينقطع عن أداء الصلاة ، فهو لم ينفِ وجود الله بشكل مطلق؛ ولكنه كان عاجزا عن إدراكه، كان عاجزا عن التعرف على التصور الصحيح لله.
وهنا أتسائل ...كيف يترك هذا الشيخ ليفتى بما يشاء ، بل يصل الأمر به إلى التعدى على الدين ذاته ، وإتخاذ آيات القرآن الكريم " حجابا " للوقاية من الحشرات والأمراض ، كالأحجبة التى يصنعها الدجالون لإبتزاز أموال الجهلاء ، وإيهامهم بأنها تقى من الأمراض وتبعد الشرور. أين الرقابة على شيوخ المساجد ؟ ومن المسؤول عن الإفتاءات المضللة ؟
أرجع مرة أخرى للعوامل التى شكلت فكرو وجدان عالمنا الجليل ، ففى نفس الوقت من ستينيات القرن المنصرم كان التيار المادي قد إزداد بقوة وبدأت الفلسفة الوجودية فى الظهور ، لم يكن (مصطفى محمود) بعيدا عن ذلك التيار ، وفى ذلك قال : "تطلب الأمر ثلاثين سنة من الغرق في الكتب ، وآلاف الليالي من الخلوة والتأمل مع النفس، وتقليب الفكر على كل وجه لأقطع الطرق الشائكة، من الله والإنسان إلى لغز الحياة والموت، إلى ما أكتب على درب اليقين" . ثلاثون عاما من المعاناة والشك والنفي والإثبات، ثلاثون عاما قضاها عالمنا فى البحث عن الله وإثبات وجوده ، إلى أن خرج لنا بكتابه الشهير " رحلتى من الشك إلى الإيمان " الذى أثار الجدل وهو أحد أهم كتبه على الإطلاق التى أثبت فيها وجود الله تعالى.
وكعادة حكوماتنا العربية فى التعامل مع العلماء ، تعرض عالمنا لأزمات فكرية كثيرة كان أولها عندما قدم للمحاكمة بسبب كتابه" الله والإنسان" وطلب الرئيس عبد الناصر بنفسه تقديمه للمحاكمة بناء على طلب الأزهر باعتبار أن الكتاب يدعوا للكفر..إلا أن المحكمة اكتفت بمصادرة الكتاب ، إلى أن أنصفه الرئيس السادات وأمر بطبع الكتاب مرة أخرى .
كذلك الأزمة الشهيرة التى تعرض لها وهى أزمة " كتاب الشفاعة "، عندما قال إن الشفاعة الحقيقية غير التي يروج لها علماء الحديث ، المؤسف أن الرجل لم ينكر الشفاعة أصلا ، بل ان رأيه يتلخص في أن الشفاعة مقيدة. والأكثر إثارة للدهشة أنه اعتمد على آراء علماء كبار على رأسهم الإمام " محمد عبده " ، لكنهم حمّلوه الخطيئة وحده.
كما تعرض أيضا لكثير من المضايقات والتضييقات من جانب الأزهر التى تتمثل فى الحذف غير المبرر لبعض الفقرات من برنامجه التليفزيونى الشهير" العلم والإيمان " الذى كان يعرض فى الثمانينات فى التليفزيون المصرى ، ذلك البرنامج التنويرى الذى كان يمزج فيه مصطفى محمود بين العلم والدين والذى كان ينتظره الملايين مساء كل إثنين . وبعد حوالى 400 حلقة من البرنامج تم إيقافه بناء على قرار صدر من الرئاسة المصرية إلى وزير الإعلام بضغوط صهيونية.
تعرض كذلك لأزمات صحية كثيرة ، كان أشدها على الإطلاق عندما هاجم " الزهايمر "عقل المفكر الكبير والعالم الكبيرعام 2004 ، وظل يلازمه حتى وفاته صباح السبت الماضى. وكأن الله تعالى أراد لعقله المجهد لأكثرمن ثمانين عاما قسطا من الراحة بعد سنوات كثيرة قضاها فى الفكر والتأمل ، وحتى يستطيع نسيان ما تعرض له من أزمات وجحود .
الحديث عن عالم جليل مثل الدكتور مصطفى محمود لن تسعه مقالة واحدة ، فتلك كلمات قليلة جدا لن توفى عالمنا حقه من التقدير والإعزاز والإحترام الذى تركه فى قلوب الملايين من العرب والمسلمين.
وأخيرا أتمنى من المسؤولين إعادة عرض حلقات " العلم والإيمان " لما لها من قيمة علمية ودينية كبيرة.
[email protected]












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الظلاميون
تفيدة ( 2009 / 11 / 7 - 07:07 )
أنت يا سيدتي من أنصار الظلاميين. مصطفى محمود نفسه كان يعلم تماماً أن ما يقصه في برنامجه السعودي -العلم والإيمان- إنما هو كذب وتضليل للعالمين وإلاّ فمن أين أتته هذه الأموال وهو لم يمارس مهنته ؟ من أين المال ؟ أجيبي أيتها السيدة !؟


2 - فصول
محمد الخليفة ( 2009 / 11 / 8 - 09:17 )
لا أعتقد بأن هذا المهذار والذي تعامل مع الدين معاملة التجار وخلق منكم دراويشاً بعد أن بعتوا عقولكم بهذي ليس له أساس من منطق سوى منطق الفشار- يستحق منك هذا المقال وعزاءك بأنك لم تفتقديه فقد خلفه زغلول النجار ليقضي على البقية الباقية من عقولكم

اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة