الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دثار الغياب

ازهار علي حسين

2009 / 11 / 7
الادب والفن




قبل لحظات فقط كان عليها أن تكون أيضا تحته، هذا النائم بجوارها بهمود يحاكي همود الأموات، وقبل لحظات أيضا كان عليها أن تجانب الذاكرة وتسير بمحاذاتها أو الى جوارها، عسى أن يحتفل جسدها ببركة لذته..
كانت تحاول الغرق والدمار، تحاول اللعنة تحت زوجها مثل كل مرة خائبة. جسدها الفائر بوهج شبابه ورغم مرورالسنوات على انفلاته من رصيد البكارة المخذول، ماكان ليختار التمادي في انسيابه تواصلا مع لذة ذلك الرجل الملتف على مملكتها بهيمنة مقفلة. وفي كل مرة كان جسدها يذبل في متمردا على رغبته فيتقيها بدموع خرساء، يعارك حرمانه الطويل بوجع أعزل تحت الجسد المخدر بلذته وبداوته، معاندا الانفتاح إليه بغصة غريب تشمم رائحة الخطر.
وأخيرا تنسحب من تحته وحيدة، تتكور تحت غطاء لا يجمعهما معا في محاولة هرب يائسة من قدر متواتر يغلها إليه، ماضغة سنين عمرها المصهورة في أتون أب تثقل رأسه وكاهله كثرة صبايا الدار، وجحيم زوج يشل أيامها بتحريم أي فعل لها دون الرجوع إليه خضوعا..
وهناك تحت غطاء الفقد، ومن بصيص نور المنطقة المحصورة بين سهو الرجلين والشهقة المبتورة بين ذاكرتين، كانت ذاكرتها الخجولة ترتعش لجوجة تخضب هدوء سكونها...
تلك اللمسات المناجية بفيض الرغبة على سياج مغلف بالعتمة ما بين السطحين، القبل الصغيرة وبراءة سرقتها في دفء العناقات المناغية لأحضان ليالي الصيف، الخفقات اللذيذة وجريمة تسللها من عمق الرهبة حين ينام الأهل والإخوة، لتهرع هناك حيث تلتقيه على السطح ملتاع اليقظة، مشتاق الأحضان..
هكذا تجلدها سياط الرغبة كل مرة تحت وجع الذكريات، هكذا يختنق جسدها بالشهوة وحيدا تحت ثقل الدثار، متيقنة من وجود يد للشتاء في إضرام تلك النيران، لبثت للحظات تذوب تحت قسوة السعير، نظرت الى الجسد الهامد بجانبها، أشاحت بوجهها عنه صوب الجدار المعتد بعتمتة، حركة، نأمة صغيرة قد توقظه، هكذا فكرت بخوف رغم يقينها بثقل النوم عليه، خوف سرعان ما صفعته يد براكينها المجنونة تنكيلا..
كانت يدها تثير قشعريرة اللذة في بدنها وهي تتحسس سخونته الدافقة وتترامى على أصقاع خرائطه المدفونة، بينما ألمٌ يخزّ براءتها ويخنق لذتها، شيء من وجع دفين داكن يتعمد فؤادها كلما تمادت في لجة الخيالات، مخدشا إنفرادها، موجعا ضميرها بخطيئة تقفز إنوثتها المجروحة أخيرا، بعيدا عن التورط في التفكير بها، هربا بفؤادها المتخم بالحرمان..
هكذا وفي إغماضة جفن رمت خارج حدودها كراكيب الخوف المعبأ من واحة الفرائض والنواهي التي لطالما اوحشتها رعبا وخجلا من ملامح الأنوثة والشهوة على جسدها، لتسلّم نفسها طائعة لهدير الذكريات أخيرا، لعري الضوء المسفوح بين يديهما، لعناق نفَس وشفتين، يرحل بها على بساط الأحلام، أحست بيده من على ابعد نقطة في السطح تلمسها، ترسمها، تشكلها، وتخلقها بفتات ماتسربه أناملها المتكهربة بوحي ذكراه، كانت تذوب بين أحضانه المختنقة باضطراب أنفاسها، تتوحش على جسدها بلعنة لذته المنسكبة الى كأس جنونها، تتأجج بثوراته المرعبة شراسة، لتتفتق الى ثناياها المخبوءة هلعا يستغيث بأصابعها الموبوءة بشفتيه ونيران لسانه اللاهبة، وتقع أخيرا من عليائها مرتعشة تحت طي الدثار الثقيل، تغرق وحيدة في بركة عرقها، تلسعها برودة الدموع ..



• القصة الفائزة بالمركز الاول في مسابقة قناة الديار الفضائية











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم زهايمر يعود لدور العرض بعد 14 سنة.. ما القصة؟


.. سكرين شوت | خلاف على استخدام الكمبيوتر في صناعة الموسيقى.. ت




.. سكرين شوت | نزاع الأغاني التراثية والـAI.. من المصنفات الفني


.. تعمير - هل يمكن تحويل المنزل العادي إلى منزل ذكي؟ .. المعمار




.. تعمير - المعماري محمد كامل: يجب انتشار ثقافة البيوت المستدام