الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومة الجديدة وتصوراتها الحمقاء

مالوم ابو رغيف

2004 / 6 / 7
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تشكيلة الحكومة العراقية الجديدة بما فيها اختيار رئيس الجمهورية قد تم وفق تصور يقوم على ان استباعد البعث وحل الجيش والشرطة له دورا كبيرا في الاعمال الارهابية الاخذه بالازدياد كلما اقتربنا من يوم تسلم العراقيين شؤون بلدهم .هذا التصور لا يقوم على مكافحة الجريمة ولا على محاربتها بل محاولة شراء افرادها ومحاولة التأثير عليهم من خلال ترغيبهم في الاشتراك في عملية البناء المعقدة والصعبة والمبنية على عدة عوامل متناقضة وغير منسجمة مثل ماهي تركيبة المجتمع العراقي بعد عقود طويلة من الزمن في ظل نظام همجي لم يراعي لا الله ولا الشيطان في تعامله من الناس .
يعتقد من اشرف على هذه التشكيلة الوزارية ان حزب البعث قوة كبيرة لا يمكن اهملها اواغفالها في اي عملية سياسية او اقتصادية ليس لان هذا الحزب يتكون من عدد هائل من الافراد بل لانه يمتلك خبرات وطاقات وطنية وعلمية لا يمكن التخلي عنها او اهمالها حسب اعتقادهم الخائب هذا .
كما يقوم هذا الاعتقاد على ان من شارك بالمجازر ضد الشعب العراقي هم اقلية من اشخاص متنفذين جلهم من اقرباء صدام حسين ومن اعوانه المقربين وسيُقدم قسم منهم الى المحاكمة لينالوا جزائهم في محاولة لنيل رضا من شمله الارهاب والتعذيب البعثي الهمجي تسبقها او تعقبها عملية مصالحة شاملة مع بعث العراق الذي سيقدم الى الجمهور في حلة جديدة من الافكار ومن الاراء هدفها نسيان الماضي وبناء مقدمات المستقبل على قاعدة من العفن والتسوس الفكري كانت سبب في جرنا الى كل المأسي والمصائب التي واجهتنا .
قد ساهم بصياغة هذا التصور وتقديمة بشكله النهائية ،دوائر عربية قومية واسلامية طائفية ، ومصالح امريكية واوربية استخباراتية ،وسياسيون عراقيون قد ارتبطوا بحزب البعث وتبنوا افكاره ومعتقادته القومية والمنهجية في جميع مراحل حياتهم وان اصبحوا من خصومه في وقت ما .
ويؤسس هذا التصور لسابقة جديدة في المجتمع العراقي الذي وان كان توقف عن اللحاق بعصر التحضر والمدنية الا انه قد اجتاز مرحلة بناء الدولة على اسس عشائرية ،فاختيار الرئيس الذي لم تشغله السياسة يوما ولم يُعرف له موقف معلن في مناهظة النظام تم على اساس ان العشيرة ستحمي الدولة وان احترام الناس والدول المجاورة للعشيرة وما تملكه هذه من تأثير داخل المجتمع العراقي ومن امتددات خارج العراق سيكون سببا لاحترام الدولة وحفظ امنها واستقرارها في هذه المرحلة .منطق يندر وجوده واتباعه اذا كانت النية هي حقا بناء دولة عصرية تقوم على احترام حقوق الانسان وعلى اسس ديمقراطية يتساوى مواطنوها في الحقوق والواجبات .
على ضوء ذلك جائت تصريحات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لتؤكد العزم على الغاء قانون اجتثاث البعث بعد ان تم امتصاص نقمة الناس في فورتها الاؤلى واحتواء غضبها وثم تخوفيها بعمليات ارهابية متواصلة لا زالت تحصد من ارواح الناس اعداد كبيرة في كل يوم .استقبل العرب والمسلمون هذه التصريحات بعين الرضا والتأييد الكامليين وفجأة ومن دون مقدمات وبين ليلة وضحاها تغيرت وسائل الاعلام العروبي والاسلامي لتصب في خدمة هذه التوجهات الجديدة وغابت لهجة العداء في اعلام فضائيات الدجل العربي بعد ان تأكد لها ان العراق سيبقى كما كان ومن دون تغير ضمن حدوده الطائفية المرسومة في دين اسلامي رسمي متمثل بشخص الرئيس الذي على ما يبدو لا يوافق ان يكون منصبه فخريا ،رمزيا والا وحسب تعبيرة لما وافق ان يكون رئيسا وهذه اول محاولة للتحايل على القانون
.لكن هل تستطيع الحكومة الجديدة ان تمضي في تنفيذ مشروعها وفق تصوراتها الجديدة المستفيدة من العشيرة و من ازلام البعث المندحر .؟وهل تستطيع هذه الحكومة فعلا ان تلبي ما عاهدت الشعب على انجازه في تحويل العراق الى واحة للديمقراطية والحرية في وسط بيابي العربان والاسلاميين الخالية الا من عذابات الانسان .؟
طبعا نحن لسنا من البساطة لنصدق الاطروحات الجديدة التي تقول بالاستفادة من الخبرات البعثية في بناء دولة عصرية ،فحتى الاغبياء لا يصدقون ذلك .فالخراب والدمار الذي خلفه النظام سواء على المستوى المادي او التنظيمي او الاجتماعي لا ينبئ عن مهارة اوشطارة او خبرة قد ميزت رجال البعث عن سواهم من الحثالات ،سوى انهم اجادوا فن السرقة والتزوير ناهيك عن الاجرام والقتل .كما ان العراق في عهد حزب البعث لم يكن دولة بالمعنى القانوني للكلمة رغم وجود الجيش وجهاز الشرطة الذي كُرس لحماية النظام فقط وليس حماية المواطنيين ،فالمجتمع قد تم تقسيمه الى مجاميع بشرية تسمى بالعشائر شيخها مسؤول مباشرة امام قيادة البعث عن ما يفعله افراد عشيرته حتى افراد المجتمع الذين لا ينتمون الا العشائر وجب عليهم الالتحاق بعشيرة ما او تاسيس واحدة واختيار شخصا ليترأسها .
كما لعبت البطاقة التموينية التي هي الاداء الوحيد التي كانت ما يسمى اعتباطا بالدولة تؤديه الى افرادها ، دورا كبيرا في الخنوع والخضوع للاجهزة البعثية صاحبت الخبرة حسب ما يحلوا لبعض السياسيين الجدد ان يسموها وكذلك في بث روح التقاعس عن العمل ان وجد.لقد تحول العراق في زمن خبراء البعث الى اشبه ما يكون بمسلسل حارة كلمن ايدو الو لغوار الطوشي .
الوزارات العراقية هي الاخرى لم تكن مستقلة بشانها ولم تسير امورها وفق بحوث او دراسات علمية بل اوامر ارتجالية من القيادة العليا لحزب البعث ،ويكفي ان نعرف ان يكون نصف امي وزيرا للصناعات العسكرية او ان تمنح شهادة الدكتوراه الى عدي او قصي او عبد حمود.
ما يلفت النظر حقا ان يكثر حاملي شهادة الدكتوراه في زمن الهمج البعثيين بحيث شملت الخبازيين والحلاقين وتكاد تقتصر على مدن بعينها فما رأينا عاني او راوي الا وكان دكتورا .
ولو افترضنا وجود الخبرة عند بعض البعثيين افلا يتطلب اعادة توظيفهم والاستفادة من خبراتهم فترة لغسل ادمغتهم المحشوة على احتقار المادون والاطاعة العمياء للاشخاص دون اعطاء اي اعتبار للقانون بل التحايل عليه وتطويعه لخدمة مصالحهم .؟ هل يمكن الاعتماد على بناء دولة ديمقراطية تختلف عن بقية الدول المحيطة ليس بطريقة الانتاج بل بالقوانين الانسانية وعقلية وفكر من ينفذ هذا القانون ،على ازلام نظام ليسه له من الكلمة الا اللفظ .؟
التصور المبني على شراء البعثيين او الحد من خطرهم على الدولة هو بحد ذاته تصور احمق ،فهو يعني استجابة لضغوط الارهاب البعثي والتخلي عن قوة العمل ولارداة والكف عن عملية تنظيف العراق من الافكار العنصرية والشوفينية والطائفية واشراك من يؤمن بها بالتاسيس لعهد جديد.
كما ان هذا التصور الاخطل سوف يزيد من دوامة العنف ،فاي نجاح للارهابيين يعني ايضا المضي في مخططهم حتى النهاية ومحاولة الحصول على الكثير من التنازلات وكذلك ازاحة المعارضين لنهج اعادة البعث عن المسرح السياسي بواسطة التصفية الجسدية او التسقيط والتشوبه السياسي وسيدفع بالمتظررين من اجرام البعث على اخذ حقهم بايديهم ولهم الحق في ذلك ما دامت اوليات الدولة تقوم على اساس إنصاف الجلاديين وليس إنصاف الضحايا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد انتخابات -تاريخية-.. لا أغلبية مطلقة في البرلمان الفرنسي


.. احتفالات بالانتصار.. -الجبهة الشعبية الجديدة- تتصدر التشريعي




.. -سأقدم استقالتي-.. كلمة رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال ب


.. سمكة قرش ضخمة تسبح قرب مرتادي شاطىء في تكساس




.. بايدن.. مصيبة أميركا العظمى! والدولة العميقة تتحرك! | #التا