الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أشتات /2

محمد علي الشبيبي

2009 / 11 / 7
الادب والفن



هذه الرباعيات نظمها والدي في ظل حكم البعث الثاني وحتى نهاية عام 1988، حيث عاش بعدها محتجباً في البيت لا يزوره من الأصدقاء والمعارف إلا صديق واحد (الراحل مهدي جاسم الگرعاوي طيب الله ثراه). وفي انتفاضة الشعب في 2 آذار 1991، حيث أشتد القصف على كربلاء وسقط المئات من الشهداء والجرحى، اضطرت العوائل إلى النزوح من بيوتها واللجوء إلى القرى المجاورة هرباً من القصف العشوائي للقوات الصدامية. حينها طلب الوالد بإصرار من الوالدة (طيب الله ثراها) وشقيقتي أم زينب وأطفالها (دون الخمس سنوات) مغادرة المدينة وتركه وحيداً في البيت حفاظاً على حياتهم!. حينها كان قد شارف على بلوغ الثمانين عاماً، وقد أنهكه المرض وأنهكته قسوة الحياة، وهو يرى العراق وقد تحكم بمقدراته منذ عقود أوغاد وقتلة، بينما الوطنيون الشرفاء احتجزوا في السجون وتتم تصفيتهم بالتعذيب أو مغتربين وموزعين في أصقاع العالم. أخبر عائلته أنه لا يبالي أن يعيش أو يموت بعد كل هذه الحياة القاسية حياة يتحكم بها أشرار، المهم أن تنزحوا حفاظا على حياتكم وحياة الأطفال فهي الأهم! وبعد فشل الانتفاضة وما تبعها من اعتقالات وحصار وترهيب لسكان المدينة، أنعكس ذلك الفشل بشدة على حالته الصحية، وازدادت تدهورا حتى أصبح عاجزا عن مواصلة القراءة والكتابة وساءت ذاكرته، إلى أن فارق الحياة في 26 حزيران 1997.
والرباعيات هي خلاصة مركزة لتجاربه ولما جرى عليه وعلى العراق وشعبه من مصائب بسبب طبيعة النظام الدكتاتوري الصدامي والأنظمة التي سبقته. ففيها شكوى من قسوة الحياة ومن طبيعة الصراع على مدى الزمن. وفيها الألم بسبب جسامة التضحيات (ناطح صخرة) دون أي تقدم، وكأن شعبنا يراوح في مكانه لا بل تراجعنا لعقود من التخلف. ورباعياته في السنوات الأخيرة قبل أن يوقفه المرض عن النظم، تتحدث عن اعتزازه بكرامته وصمود وإصراره وتحديه، كما في الرباعيات (دعنا، كرامتي، أنا أقوى وحرب الدهر).
بالتأكيد كان الوالد حذرا في تدوين أشعاره خوفاً من المداهمات أو وقوعها بيد الأحفاد وهم لا يقدرون خطورة وقوعها بأيدي الأجهزة الأمنية. فكانت والدتي وهي الأمية تراقب كتاباته وتحفظ مخطوطاته بعيدا عن الأعين، ولولا مراقبتها وإخفائها للمخطوطات لتتسلمها من بعدها شقيقتي أم زينب وتحافظ عليها بكل أمانة، لما وصلتني بعد سقوط الطاغية.
من ضمن هذه الرباعيات شعر شعبي –أبوذية- وأعتقد أن بعض شعره الشعبي من –الأبوذية- مفقود أو ربما موجود في بعض مخطوطاته التي لم تصلني. وتعودنا في البيت نسمع صوته الشجي ينشد أبوذيته وهي تحكي حبه ووفاءه لزوجته وأبنائه وللقيم التي آمن بها وأخلص لها، أو عتابه للزمن لما أصابه وأصاب العائلة، أو فيها من العتاب العائلي مصحوبا بمرارة الأب المضحي الصبور.

ألناشر
محمد علي الشبيبي
السويد 2009-11-07

رُ باعيـات
للراحل علي محمد الشبيبي

الحياة سراب
يا صديقي قل لي هدى وصوابا ........... أنا ضـام وما وجدت شـرابا
ما وجدت الحياة إلا سـرابـا ........... وعنــاءً وذلــةً وعـذابـا
01/08/1969

* * * *

بغي وحرب
أهي هذي الحياة بغي وحرب ........... ومريـض ماله قـط طـب
وجواد يجري إلى حيث يكبو ........... وفؤاد كجمـرة سوف يخبو
02/08/1969
* * * *

تـرشفت كأسي إذا ما بها ........... شـرابي أمر من العلقم
وقلت لنفسي أهذي الحياة ........... فقالت غرورا اجل وأقدم
07/08/1969
* * * *


ناطح صخرة
كم جهدنا من أجل رأي وفكرة ........... وعملنا من أجل تحصيل خبره
وعثرنا في دربنا ألف عثـرة ........... ثم عدنا كمن يناطـح صخره
23/08/1969
* * * *

هزأة
ويك قلبي تخـل عن .......... حبك العيش والحياه
إنها هــزوءةً وان .......... صدرت عن فم ألآله
16/11/1969
* * * *

أجلت بهذا الوجود النـظـر ........... وطالعت شتى وجوه البشر
فأيقنت في أن هذا الوجـود ........... كبحـر يعـج بخير وشـر
15/10/1972
* * * *
لِمَ ابكي؟
قرب دائرة الكهرباء –علوي- من النجف استوطن كربلاء أقف للسلام عليه فيروح يحدثني عن ذكرياته عن الطفولة والشباب، والكدح والنصب، والتقاليد التي دفنت بحسرة وألم، ثم يرثي نفسه إذ قرب الأجل، حيث كثرت علله وتقدمت به السن وحين ودعته وتابعت سيري عائدا خطرت لي هذه الرباعية.

لم أبـكي على الحياة وأني ........... شبت يا نفس من هموم الحياة
ولماذا أخشى الممات وأهلي ........... قبلنا قد سُقوا كؤوس الممات
الأربعاء 30/06/1982
* * * *
يا مرحبا
عللي عليّ تكاثرت........... ولربما تقضي عليا
يا مرحبـا بمنيتي ........... و إنها جاءت أليا
03/08/1982
* * * *

ما سوف نصير
لستُ بالغرّ فامضي في متاهات الغرور ...... يا نقاطـاً فرقت بين سرور وشرورِ
كلنا نحيـا عـلى ارض تــــدور ...... فلماذا لـم نكن نعلم ما سوف نصير
الجمعة 19/11/1982
* * * *

عبئ ثقيل
آه من ليل يطولُ ........... انه عبئ ثقيــلُ
فمتى يبزغ فجـر ........... فيُرى فيه السبيل
الجمعة 19/11/1982
* * * *

الدمع والميت
هبني أمـوت ومالي ........... من يذكـرني ويبكي
هل ينفع الميت دمع ........... كلا ومن دون شـك
السبت 27/03/1984
* * * *
بلبــل
بلبـل حـط على شـرفتنا ........... وغدا يشـدو بلحن مطـرب
قلت: يا بلبـل هـذي أيكتي ........... قال:أخشى منك أن تغدر بي
الأحد 06/11/1984
* * * *

لا تمــروا
مروا على أي قبر ........... ولا تمروا عليّـا
أتذكروني و انتم ........... جفوتموني حيـا
09/04/1985
* * * *

صراحة؟
كم يثير الضحك مني عمـل ........... طائش سميته ويحي صراحة
وجنيت الشـوك في أعقابه ........... وتحملت مع الصبر جراحه
الجمعة 09/08/1985
* * * *

دعــنا
أطلت مُكثا يا دجى فارتحل ........... دعنا نرى النهار يا كافرُ
جرّعتني المرّ ولا ذنب لي ........... إلا لأني رجـل صـابرُ
الثلاثاء 25/02/1986
* * * *
أصـــغِ
أصغ لي صاح واستمع ما أقول ........... كلُ زهـر سيعتريه ذُبـــولُ
كل قـد يميـس دّلا وزهــوا ........... هـو للـدود و التـراب يؤول
الخميس 08/10/1987
* * * *

كــرامتي
ما كنت بالخانـع يـوما إلى ........... من يُقسِرُ الناس على طاعته
كرامتي أفضـل من عيشتي ........... لـذاك لم ارجُ نـدى راحَتهِ
09/05/1987
* * * *

مع الأحــلام
قد أرى حلما جميـلا ........... أو أرى أسـوأ حلم
أنا في اليقظة أنسى ........... كيف لا أنسى بنومي
الاثنين 10/08/1988
* * * *

أنا أقــوى
أنا أقوى يا دهـر منك لأني ........... لست أخش ما قد لقيت وألقى
قد تجرعت مُرّ صبري مرارا ........... حين هاجمتني بعنف لأشقى
الثلاثاء 19/11/1988
* * * *

حرب الدهر
حاربتني يا دهر حتى لقد ........... أبعـدت عني كل أحبابي
فلم أقل رفقا وما هـالني ........... إن استبدتْ بي أوصابي
الأربعاء 18/12/1988
* * * *
خطى الأيام
أرى الأيام تسرع في خطاها ........... وعمري بين كفيها أسيـر
سترميني متى شاءت بلحد........... ويطويني مع الظلم الحفيـر
* * * *




شعر شعبي- ابوذية-


عتاب إلى ابني كفاح:
جثيرة دروب خايب فِتنا بيهَ
ولگينه من هواكم فِتنه بيه
ما هو الدهر آذه وفَتْ نبيه (نبيه: أسم والدتي/ الناشر)
رباكم عم عَليهه وعم عليَ
* * *



إلى أبني همام*
اصابيع الـدهر يبني لـوني
آون ولا احـد يصغي لـوني
يبـو عمار آنه اقبل لَـوني
اصيرن فدوه لك عن كل اذية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*- اشتد على ولدي همام مرض ارتفاع الضغط ولم تجد مراجعات الأطباء شيئا فشكا إلي متألما كيف يحس بالموت يدنو منه وهو بعد لم يرتشف من لذة الحياة شيئا.
* * *

ليـــل!
مَتَى ينزاح ليـل الهم ويخلص
شبت وابتعد من يشفق ويخلص
عاجـز گال فليـرحل ويخلص
اجل. عنـد البشر هذي سجية
12/11/1985
* * *

أنا والزمان
الزمان شـلون عذبنه وهدنه
شـدْ لَجـتافنه ايدينه وهدنه
ورفض ما يقبل مفاهم وهدنه
ورضينه لـو يعجـل بالمنيه
* * *
تضحية
انا المـا دَوَرت ونسـه ومَلهَه
سعيت وضيعت روحي واملهه
كلبي رفض هـالدنيه وملهه
وثباتي على العهد دين وسجيه
الاثنين 08/11/1988
* * *











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان محمد الجراح: هدفي من أغنية الأكلات الحلبية هو توثيق ه


.. الفنان محمد الجراح يرد على منتقديه بسبب اتجاهه للغناء بعد دو




.. بأغنية -بلوك-.. دخول مفرح للفنان محمد الجراح في فقرة صباح ال


.. الفنان محمد الجراح: قمت بالكثير من الأدوار القوية لكنها لم ت




.. نقيب المهن التمثيلية يكشف حقيقة شائعة وفاة الفنان حمدى حافظ