الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحالفات .. أم تخالفات ؟!

عبد الحميد العماري

2009 / 11 / 8
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


أعلن في بغداد في الأيام القليلة الماضية عن التشكيلة الجديدة للأئتلاف الوطني العراقي ، وإثر مباحثات ماراثونية لم تسفر عن شيء إيجابي يذكر، أعلن رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي عن تشكيلة فريقه الجديد للعبة ألأنتخابات البرلمانية المقبلة تحت مسمى (إئتلاف دولة القانون) ، بعيدا عن الكتلة التي أوصلت به الى دفة رئاسة الحكومة، ثم تلا ذلك إعلان عدد من الكتل الأخرى وهي حالة صحية وصحيحة لأية عملية سياسية من المفترض أنها ديمقراطية شكلا ومضمونا ،لكن اللافت للأنتباه بين هذا وذاك كثرة الحديث عن الخلافات (غير المعلنة) بين فريقي السلطة (ألأئتلاف الوطني، دولة القانون) ، ذلك على إعتبار أنهما ينتميان في الغالب الى طائفة واحدة ، وكانا ضمن دائرة واحدة حتى وقت قريب،ولم آت بجديد حين أقول أن لب الخلاف بين الفريقين، يتمحور حول رئاسة الحكومة المقبلة لأربعة أعوام أخرى ،فالمالكي يصر على إعادة ترشيحة لولاية ثانية، بينما يرفض الأئتلاف بقيادة الجعفري هذا المبدأ، وبين هذا الطرح وذاك ضاع الخيط والعصفور، كما يقول المثل العراقي.
أن لمحة بسيطة للتشكيلتين سيجد أنها ضمتا بين ظهرانيهما عدد من الشخصيات الأسلامية بشقيها (الشعي والسني ) والعلمانية والكردية والتركمانية بهدف محاولة إظهار الأمر وكأنه خليط من مكونات الشعب العراقي ، وفي الحقيقة .. لم يطرح أي برنامج أنتخابي من كلا الطرفين وعلى أساسه يتم الأعلان عن ألأئتلاف المزمع خوضه ألأنتخابات ، كما يمليه المنطق والعقل ، هذا إذا أفترضنا جدلا وجود عملية ديمقراطية بالفعل في العراق ، مما يدفع نحو ألأعتقاد السائد من أن كلا الفريقين لم يتفق إلا على العمل ضد ألآخر بأستخدام كافة ألأسلحة المتاحة وغير المتاحة،فضلا عن تعويلهما على الدعم الأيراني ماديا وسياسية ومعنويا ولوجستيا ، تماما كما حصل في الأنتخابات البرلمانية الماضية ، أي بمعنى أنهما سوف يتسابقان على تنفيذ أجندة خارجية بأمتياز، وعملا بالمثل العراقي الشعبي الذي يقول ( وجوه المتوالفه .. وگلوب المتخالفه) ،فأن المصالح الشخصية والحزبية والطائفية هي التي جمعت كل من الفريقين ، وبالتالي فأن من الطبيعي سيكون عقدهما على أبواب الأنفراط في أية لحظة، سيما وأن الجميع لاعلاقة له بالمواطن وهمومه ومعاناته المستمرة منذ مايقرب على السبع سنوات سوى بالشعارات فقط ، والملاحظ أيضا ، أن الأعلان عن التشكيلتين لم يتضمن غير تكرار نفس الأسطوانة المشروخة والمشخوطة والسوده المصخمه والتي لاتصلح حتى للعرض، حول ضرورة تقديم الخدمات، والنهوض بالواقع الصحي والمعاشي ، ومايتبع ذلك التوصيف على طريقة كل شي وكلاشي !!
وببساطة .. أن التصارع على هذا النحو للفوز بالسلطة ينبىء بزج البلد في أتون دوامة العنف وغياب الأمن وبالتالي يشهد البلاد والعباد مسلسل القتل والتهجير لأربعة سنوات أخرى ، وأن فوز أي منهما على غرار أنتخابات مجالس المحافظات الأخيرة ، سوف يثخن جراح الناس ، ويزيد من جوعهم وحرمانهم من أبسط متطلبات العيش في بلد يعد من بين ألأغنى في دول العالم، فلم يستطع أي منهم تجاوز النظرة الطائفية في التعامل مع كل الملفات ، ألأمنية ، ألأقتصادية ، السياسية ، الزراعية ، الصناعية ، بل لم يسلم حتى الملف الرياضي من التدخل سلبيا وطائفيا ، ترى كيف يمكن لهذه القوى أن تتخلى عن هذه المنهجية الفكرية لديها ، والتي مابرحت وهي تؤمن بها قولا وفعلا؟ قطعا .. فاقد الشيء لايعطيه.. هي لاتؤمن بالهوية الوطنية العراقية، رغم أنها تحاول أستخدامها كشعار مرحلي مخصص للأستهلاك المحلي ليس إلا، بدليل أن رموزها لم يتوانوا عن الحديث عبر وسائل ألأعلام يوميا عن ضرورة أن تكون السلطة بيد ألأغلبية ، في أشارة واضحة الى الأغلبية الطائفية ، وهو دليل واضح لايقبل الشك من أنهم لايستطيعون خلع رداء الطائفة لتحقيق مكاسب سياسية نفعية حزبية ضيقة ، لاتتعدى أحزابهم، وبناءا على ألأنباء المتواترة من بغداد .. فأن كلا الفريقين أعد العدة لتسقيط ألآخرفي جميع المجالات ، وهو ماحصل بالفعل في أنتخابات عام 2005 ، ونتذكر جميعنا كيف أن ألأئتلاف العراقي (الموحد) وبدعم لوجستي أيراني أعترفت به ألأوساط السياسية الأيرانية قبل غيرها ، نقول أن ألأئتلاف قاد حملة تسقيط كبيرة وبأموال أيرانية وصلت الى 300 مليون دولار أميركي ، فضلا عن القيام بتزوير ألأنتخابات بواسطة اسقاط الأصوات التي صوتت لقوائم منافسة له، والشيء بالشيء يذكر .. فأن لي أحد ألأقرباء ممن يسكنون في مدينة الصدر ببغداد ولديه ميول ديني ، تحدث في مناسبة جمعتني به بعيد ألأنتخابات الماضية ، أعترف صراحة أنه لوحده فقط أسقط أكثر من 11000 صوت في المركز ألأنتخابي الذي كان يديره هو والمجموعة التي كانت بمعيته !! فيما رد على سؤالي عن السبب أو الدافع وراء ذلك أجاب .. أنه أنتصر للمرجعية وللمذهب لصالح قائمة (الشمعة)!! وهو ما لم يحصل في أي من ديمقراطيات العالم المتحضر أو المتخلف !! ترى أي تراجع للهوية الوطنية العراقية نشهد الآن ؟
ومع ذلك .. مازلت أعتقد أن المواطن العراقي اليوم يختلف عنه في العام 2005 ، ذلك لأنه خبر جيدا مآرب هذه القوى التي شكلت الحكومة وأغلبية البرلمان ،وبحسب الدراسات الأخيرة .. فأن المواطن العراقي صار يمقت هؤلاء الساسة وينفر منهم ، حتى أن بعض العراقيين بدأ يستعد من ألآن للتثقيف نحو أنتخاب قوى ليبرالية بعيدة عن الأدلجة الطائفية والقومية والعرقية ، منطلقين من حقيقية مؤداها أن تجربة حكم قوى ألأسلام السياسي التي كان معولا عليها ، لم تزدهم إلا فقرا وتأخرا وتخلفا وتجهيلا ،مايبعث فينا الأمل بالمستقبل .
للحديث صلة .
كاتب وصحفي عراقي














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرات في إسرائيل تطالب نتنياهو بقبول صفقة تبادل مع حماس |


.. مكتب نتنياهو: سنرسل وفدا للوسطاء لوضع اتفاق مناسب لنا




.. تقارير: السعودية قد تلجأ لتطبيع تدريجي مع إسرائيل بسبب استمر


.. واشنطن تقول إنها تقيم رد حماس على مقترح الهدنة | #أميركا_الي




.. جابر الحرمي: الوسطاء سيكونون طرفا في إيجاد ضمانات لتنفيذ اتف