الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية نجمة النواني - 21 - والأخير

غريب عسقلاني

2009 / 11 / 8
الادب والفن


- 21 -
الإحصاء في زمن الاحتلال.
رُقمت البيوت والشوارع, وأعلن عن صرف بطلقات الهوية للذكور والإناث من سن ست عشرة سنة.. وفي مركز الإدارة المدنية, كما أطلقوا عليه..تكتكت المجندة على الآلة الطابعة البيانات تتأكد من العربية والعبرية:
- صدقي خليل اليافاوي.
- نعم.
- خليل.. ولد؟
- ولد.
- قمر.. بنت؟
- بنت.
- كوثر..مدام؟
- الزوجة.
ناولته الاستمارة, ووجهته إلى حجرة التصوير المغلقة, حيث سحبته مجندة ثانية للداخل:
- أُقعد.
جلس وجحظ في المجندة الواقفة خلف الكاميرا.. هي بلحمها ودمها.. غمازة ذقنها والشامة الباهتة عند زاوية فمها.. شعرها الذهبي تحت البريه العسكري.. بعض الامتلاء والترهل وغضون الرقبة, وتهدل حول العينين:
- ارفع رأسكَ لفوق.
ضربه فلاش الكاميرا, وعندما غادر الحجرة جذبته من كتفه, وأعادت عليه قراءة البيانات المسجلة في الاستمارة.. ارتعش فمها:
- الهوية بعد أسبوع.. مع السلامة.
وفي الليل جاءت معهم, فتشوا البيت والمصنع, بندقيتها معلقة على كتفها, ولم تكن تعتمر البريه العسكرى, فردت شعرها على ظهرها, جاءت بكامل زينتها.. عطرها ينتشر في المكان, سألت:
- أين النواتي؟
تدخلت كوثر:
- النواتي في مصر.
- أسكتي يا كوثر.
عشيقة الأورفلي تعود, ماذا تريد, كزت على أسنانها:
- أين زهرة يا شوشانا
راطنت اليهودية الجنود, وغادروا المكان, نظرت إلى الرجل وزوجته, ارتعشت زاوية فمها, ورقصت شامة باهتة على جلد ترهل..
***
سُمح للناس بدخول البلاد, وسُمح لأهل البلاد بزيارة أهاليهم في الضفة والقطاع, زوار العجمي أكدوا أن شرفة زهرة ما زالت معلقة في الهواء تتكئ على بقايا جدار لم يسقط, وعرفوا من خادم جامع حسن بيك, أن العجوز النواتية فارقت الدنيا عشية الحرب, وأنها أوصت بدفن أشيائها معها, أما زهرة فلا أحد صادفها أو وقع على أخبارها, وأقصى ما صرح به أحدهم " زهرة بخير, لا تخافوا عليها, والحيطان لها آذان" وعندما علموا بخروج النواتي إلى مصر, ذرفوا دمعا غزيراً, وتوقفوا عن الكلام.
وفي يوم صحت غزة على انفجار عنيف, وتناقل الناس أخبار نسف القطار المتجه إلى سيناء, وفي يوم آخر تحدثوا عن دورية إسرائيلية وقعت في كمين على الخط الشرقي, وفي ما تلا من أيام أصبحت الاشتباكات حلة يومية غير مفاجئة, وتناقل الناس حكايات عن مجموعات تشكلت, ومجموعات عبرت الحدود وعن الأسلحة والذخائر والزوارق..
وعاد أبو خليل إلى عاداته في المصنع, يترك الباب المواجه للبحر موارباً بعد أن صودر الشاطئ ليلاً.. وفي يوم همس في أذن حمدان:
- جهز الشختورة وتفقد موتورها.
***
مع الصبح ناولته البدوية طاسة الحليب ومضت, وفي الليل راقب البحر وبقايا المركب التركية الجانحة, كان البحر نكس ما تبقى من صواريها, وجذب جسدها للقاع, وعندما تلألأت نجمة يعرفها دق قلبه, وتركَ الباب مواربا وعبر الرجلان.. تعانقا طويلاً, رجل, وشاب في السابعة عشر, ذقنه ملساء, وزغب خفيف لشارب آت, قال أبو خليل:
- طالت الغيبة يا رجل.
رد العراقي:
- من يصل إلى بدرية يطول به المقام ويعود مع رجا. وأشار إلى الشاب, وأطلت كوثر, سلَّمت على العراقي, وأرتمى الشاب على صدرها, طفل ينهنه, يدفن وجهه في وجهها:
- خالتي كوثر..
جفلت وتراجعت, رجل يحتويها ويبكي, سحب خاتمه وقدمه لها, شهقت وارتمت عليه وهبطا إلى الأرض, لثمته من كل وجهه, لثمت كفه, وأعادت الخاتم إلى أصبعه, لهثت
- رجا,ابن رجا
وتحدث الشاب عن أمه التي أهدته الخاتم يوم قرر العبور إلى بدرية, حيث التقى بالعراقي, إلي عبر به إلى غزة, لثم كف كوثر والتفت إلى العراقي:
- هل أدركت الحكاية يا سيدي الضابط؟
وهمس لعمته كوثر:
- سأعود فقد خطبت قمر ابنة عمتي بدرية.
وفي الليل لاحت نجمة النواتي, طاشت الشختورة تحمل رجلين يسترشدان بمنارة على بحر عسقلان..
شخصت كوثر إلى صدر البحر.. حلَّت ضفائرها.. لسعتها برودة الليل, لم تعصر صدرها.. لم تكترث لشعرات بيضاء في الضفيرة, وتذكرت صُرّة تركها صاحب الشختورة وضفيرة تسللت إليها ثلاث شعرات بيضاء..
ومع الفجر كانت أم حسن في بيت خميس حيث اشتد الطلق على سناء..ٌقالت:
- أذا جاء ولد نسميه رجا, وإذا شرفت بنت نسميها قمر
فغمت سناء طرف اللحاف, تفصد العرق من جسدها, غمر وجهها, استنجدت بخميس وسألت:
- هل رجع حسام من الأحراش؟؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل


.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا