الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيقاع خريفي

علم الدين بدرية

2009 / 11 / 8
الادب والفن



جَفَّ الْمَدادُ بِقَلَمي ، وَتَعَرْبَشَتْ كَلِمَاتِي أَلْوَاحَ الصبّارِ في حَديقَتِي ، امتَدّتْ أَشْوَاكٌ وأسلاكٌ ، قَيّدَتْ مِعْصَميّ ، رَعَتْ حُقُولِي ضَبْيَةٌ جَليليّةٌ سَمْرَاءُ ، تَعَمّدَتْ فِي مَعَابِدي إلهة فِرْعُونِيَّة يَتَعَبَّدُهَا أَمْحُوتِبْ ، يَكْتُبُ حُرُوفَهَا صَلاةً للشَّمْسِ ..
تَطُلُ مِنْ سَمَاءٍ مُكَدَّسَةٍ بِالغُيُومِ الْخَريْفِيَّةِ ، تَعْزِفُ عَلَىَ أَوْتَارِ قِيْثَارَةٍ أَثِيْريِّةٍ .. يُغَازِلُهَا كُلُّ الْبَشَرِ .. وَتُرْسِلُ سِهَامَهَا تُصِيْبُ جُرُوحًا لا تَنْدَملُ فِي كُهُوفِ الذَّاتِ الْمُتَعَريَّةِ فَوْقَ صَوَاري السُّفُنِ الْقَديْمَةِ فِي الْمَرَافِئ .. تَشْعِلُ وَتَشْتَعِلُ .. وَتَرْمِي الضَّحِيَّةَ تِلْوَ الضَّحِيَّةِ عَلَىَ أَعْتَابِ هَيَاكِل الرَّبِ آمُون ..
فِي مَسَالِكِ التَّوْحِيْدِ تَقَشَّفَتْ تَصَوَّفَتْ فِي أَحْضَانِ نَاسِكٍ مِنْ هِضَابِ التِّبِت الْبَعِيْدَةِ ، تَقَمَّصَتْهُ/تَقَمَّصَهَا فِي كُلِّ الأَبْعَادِ الْكَوْنِيِّةِ ..أَدْرَكَ أَنَ رِحْلَةَ بَحْثِهِ عَنِ الذِّاتِ تَنْتَهِي بِرُوْحٍ تَجَزَّأَتْ نِصْفَيْن مُنْذُ فَجْرِ الْوُجُوْدِ ، انْقَسَمَتْ ، تَبَعْثَرَتْ ، تَاهَتْ فِي صَوَامِع التَّقَشُّفِ الأَبَدِيِّةِ ..رَحَلَتْ فِي مَرَاكِب الشَّوْقِ ، أَبْحَرَتْ عَلَىَ أَمْوَاجِ مُحِيْطٍ عَمِيْقٍ بَيْنَ الشَّكِ وَالْيَقِيْن .. وَعِنْدَمَا الْتَقَيَا صُدْفَةً عَلَىَ قَارِعَةِ الطَّرِيْقِ ، فِي مِشْوَارِ بَحْثِهمَا عَنِ الْمَعْرِفَةِ الطَّويْلِ ، نَسِيَا الْهَدَفَ وَعَبَدَا الطَّرِيْق ..
فَرَحُ النِّرْفَانَا أَسْكَرْهُمَا بِخَمْرَةٍ مُعَتَّقَةٍ ..رَحِيْقُ اللوتُس دَغْدَغَ عُذُوبَةَ اللذَّةِ الْجَسَديَّةِ تَمَرَّغَا فِي الطِّيْن .. احْتَسَيَا شَهْدًا مَمْهُولاً... بِعَرَقِ الشَّهْوَةِ وَشَبقِ الْجِمَاعِ فَوْقَ غَيْمَةٍ شَارِدَةٍ فِي مَدَارِج الرِّيَاحِ الشَّمَاليَّةِ .. وَعِنْدَمَا اسْتَفَاقَ الْحِصَانُ الْجَامِحُ مُنْذُ فَجْرِ الْبُزُوغِ مِنْ عَدْوِهِ وَرَاءَ الشَّمسِ الأَزَليِّةِ .. اكْتَشَفَ الآف الشُّمُوسِ الْمَنْسُوخَةِ التي انْعَكَسَتْ فِي الْمَرَايَا ... التي تَكَسَّرَتْ فِي هُبُوطِهَا وَتَجَزْأَت .. ذَرَّاتٍ هُيُوليِّةٍ تَبْحَثُ عَن أَنْصَافِهَا الضَّائِعَةِ فِي هَوْلِ اتْسَاعِ الْكَوْن ..!!
عَادَتْ ذَاكِرَتي تَبْحَثُ عَنْ مَكَانٍ مَنْسِيٍّ فِي مُنْعَطَفَاتِ تَارِيْخٍ مُشَوْهٍ حَزيْن .. وَعَنْ سُكُوْنٍ يَسْكُنُ صَمْتَ عَيْنِيْكِ بَعْثَرَتْهُ عَواصِفُ الْخَريْفِ وَريَاحُ الصَّبَا ...
الرُّبْعُ الْخَالِي يَضِيْقُ بِأَحْلامِنَا .. يَوْمَ كَانَ لِقَاؤنَا كَانَ عِشْقُكِ تَمْرًا تَمَرَّدَ عَلَى قَامَاتِ النَّخِيْلِ التي تُعَانِقُ السَّحَابَ ، كَانَ عُمْرُنَا فَرَاشَاتٍ انْعَتَقَتْ مِنْ وَهْمِ الْجَاذِبِيَّةِ الْمُلَطَّخَةِ بِنَشْوَى الْهَذَيَان ..
غَدًا تُشْرِقُ شَمْسٌ حَزِيْنَةٌ وَيَفُوْحُ عِطْرُ الْيَاسَمِيْن وَتَبْكِي عَلَىَ ظِلالِنَا أَمْوَاجُ الْحَنِيْن ، أَنَامِلُكِ هَجَعَتْ عَلَىَ الرِّمَالِ أَوْقَدَتْ بِيْنَ الأَطْلالِ بَقَايَا أَطْيَافٍ تُدَغْدِغُ الْخَيَالَ وَتَرْسُمُ لِلمُسْتَقْبَلِ انْعِكَاسًا فَوْقَ جَلِيْدِ الْمُحِيْطِ ..!! إنِّي نَسَيْتُ الْحَيَاةَ بَعْدُكِ والزَّمَان ..أَوْقَدْتُ مِشْكَاةً عَلَىَ جَبِيْنِ اللَيْلِ وَشَمْعَةً عَلَىَ قَارِعَةِ الأَشْجَان وَتَأَمَّلْتُ أَنْفَاسًا سَكْرَى تَرَنَّحَتْ وَنَظَرَاتٍ شَارِدَةٍ هَاجَرَتْ عَلَىَ إيقَاعِ نَغَمَاتِ الْغُرُوبِ الصَّامِتَةِ فِي رِحْلَةِ وِدَاعٍ رِهِيْب ..
عَاشِقٌ أَنَا عَصَفَتْ بِهِ رِيَاحُ الشَّجَنِ ... الرَّحِيْلُ آمَالٌ تَهَاوَتْ عَلَىَ صُخُوْرِ الْمُحَال ..
غَدًا سَيَذْوِي النَّخِيْلُ وَتَنْمُوُ الأَزْهَارُ ذَابِلَةً فَوْقَ أَرْصَفَةِ الْخَريْفِ الصَّفْرَاء وَيَسْكُبُ الْقَمَرُ ضُوْءَ التَّشَرَّدِ مِنْ جَديْد وَيَهْمُسُ كُلَّمَا جَاءَ المَسَاءُ .. إنْهَا ذِكْرَى احْتِضَار وَتَعْتَعَاتُ وِلادَةٍ فِي لَوْحِ الْقَدَرْ !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب


.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في


.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد




.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين