الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزة رشاد.... شاعرة رومانسية.. ، بعيدا عن الإيديولوجيات الصارخة

ادريس الواغيش

2009 / 11 / 8
الادب والفن


يتميز شعر عزة رشاد بحس رومانسي واجتماعي ، وبلغته الهادئة الجميلة. فهي دقيقة في صياغتها للمعاني والصور الشعرية المعبرة ، لا تكلف نفسها في البحث عن المفردات. لذلك تبقى لغتها تلقائية. اختارت الشعر كأداة للتعبير، وليس للتغيير بالمعنى السياسي الصدامي المتعارف عليه. من يتجول بين حدائقها الشعرية ، يلمس عمق رهافة حسها الإنساني والقومي ، ومصداقيتها المتزنة ، بعيدة عن النبرة الصارخة. بمعنى آخر ، تتجنب الخوض في الشعر السياسي الصادم ، دون أن تبتعد عن القضايا الكبرى للأمة ، كالقدس ومعاناة الشعب الفلسطيني والعربي عامة ، مع القهر والاحتلال والفقر. متجددة في أشعارها ، متنوعة ومنوعة فيها. بحيث يصعب تأطير تجربتها الشعرية ، لتنوع شعرها وغناه من قصيدة لأخرى ، لتبقى بذلك خارج النمطية. هي بكل بساطة ، كائن شعري يشهد على شعريتها ، كل ما نقرأ لها من قصائد. كل قصيدة تدعوك للتأمل في حياة منفتحة على الأمل والتأمل ، والحل الذي يبدد على الأقل قتامة الواقع العربي المترهل وضبابيته. كل قصائدها شاهدة على مكر هذا العالم ، وخذلانه للإنسان العربي المقهور. قد تكون قصائدها مغرقة في البساطة ، كما يقول عنها البعض ، لكنها في نفس الوقت موغلة في الحقيقة وعمق المعاني. عزة رشاد جمعت في شعرها بين كل المدارس والاتجاهات الشعرية ، من الكلاسيكية إلى الإحداثية ، بل يمكننا القول أنها تمثل مدرسة لوحدها ، بتفردها في هذا الحب وعشقها للقصيدة العمودية ، في زمن القصيدة النثرية بامتياز. ما تكتبه أكبر من الشعر الذي يتداوله الكثيرون . إنها تغوص في الذات والوجدان الإنساني ، بحلاوة ألفاظها وخفة أوتارها وأوزانها، بعيدا عن النبرة الصارخة أو التجريب بشكله التخريبي. شعرها بلسم للقلق واضطراب الحواس. وهذا راجع ربما لحالتها النفسية أو وضعها الاجتماعي المريح. ولو كانت غير ذلك ، قد كنا قرأنا لها شيئا مختلفا. مع ذلك يبقى شعرها مختلفا لما نقرأه لشعراء وشاعرات النيل ، بكل ثقلهم الأدبي ، ضمن خارطة الشعر العربي. مع أنها لم تأخذ حقها من الشهرة كغيرها من شاعرات أرض الكنانة ، رغم تجربتها المتميزة ونضج قصائدها . فلغتها الشعرية تنصاع بسهولة ، فتأتي ألفاظها سهلة وواضحة المعالم والصور. لا تسرف في التلوينات اللفظية ، تستخدم أقل الكلمات للتعبير عن أعمق المعاني. وهنا تكمن صنعتها الشعرية وتمكنها منها، وهذه ميزة في الشعر لا يمتلكها كل الشعراء والشاعرات. فهي حريصة دائما على الزج بين القديم في القصيدة والحديث فيها كي تقنع القارئ بما تقدمه من وجبات شعرية مغذية للروح والفكر. كما أن حرصها يكون شديدا على مطابقة الصور للفكر في القصيدة. وهذه إشكالية لدى الكثيرين ، أغلبهم يغرق في التبسيط على حساب المعنى أو يسرف في الإبحار في عالم غرائبي كله غموض. عزة رشاد مسالمة في (تذويب) الذات إلى أبعد الحدود ، لذلك شعرها يخرج من ثنايا القصيدة ، صافيا معتقا بعيدا عن الصناعة والتكليف. قصائدها احتفاء بالشعر أولا وأخيرا ، لا أثر فيه للتأثر بأية مدرسة ، فقط مدرسة عزة رشاد المنسجمة مع ذاتها في سكناتها وانفعالاتها ، المتآلفة مع لغتها. فالشاعرة لا تذهب بعيدا في المفاهيم الفلسفية أو التسلية بالمعنى. ومن خلال تتبع نصوصها ، يتبين أن الإستراتيجية الشعرية واضحة لا لبس فيها، رغم بعض الندوب الواضحة في بعض القصائد المرهونة للحزن والاستغاثة (حينما يتعلق الأمر بالقدس مثلا). مع ذلك تبقى لغتها مسالمة ، بعيدة الصدامية ولغة الدم والعويل ، منفتحة على الحياة، لا إيديولوجية فيها. وهذا يبرز في أكثر من قصيدة......ربما إقامتها الطويلة نسبيا في السعودية لظروف عائلية ، أعطاها تلك المسحة الروحية والرومانسية على شعرها ، وشكل شخصيتها ، وهويتها الشعرية ، وألزم الجانب الروحي على الحضور الملفت في قصائدها ، التي تبقى بوحا ونظرة متأملة ومتألمة بشكل مفتوح على العالم والإنسان والأشياء ، أو لنقل على الحياة بطولها وعرضها. وهذا هو الدافع ربما وراء سعيها لتحقيق (المطلق) في الحب والوفاء ، بعيدا عن تجييش الدلالات. شعريتها بعيدة عن عنف الإيديولوجيات. لا تفارق (البسمة) قصيدتها حتى وأنت أمام مواضيع تستلزم (البكاء ) ، كاغتصاب القدس ومعاناة الشعب الفلسطيني أو الوضع العربي المتأزم بشكل عام. ما يميز (حبيبة الشعر) حصانة شعرها من تشويهات طالت القصيدة باسم الحداثة حينا أو التجريب أحيانا أخرى ، أو ما يعبر عنه الشاعر المغربي المهدي أخريف ب( مايوهات ما بعد الحداثة). مصدر شعرها ، قصائدها المنفلتة من زمانها. من يقرأ لعزة رشاد ، سيقرأ كلاما جميلا وكلاما نبيلا وكلاما.... ، لكن ليس أي كلام ، كلام تتسيد فيه مساحات شعرية رفيعة ، وأسس معرفية وجمالية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت يتحدث عن كلمات أغنية ع


.. عوام في بحر الكلام - الشاعرة كوثر مصطفى تتحدث عن أعمالها مع




.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 8 يوليو 2024


.. الفنانة نادين الراسي توبخ أما تعنف طفلها وتضربه




.. عوام في بحر الكلام - الشاعرة كوثر مصطفى تتحدث عن نشأتها وبدا