الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هي بداية انتصار الفياضية و الدحلانية !؟

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2009 / 11 / 8
القضية الفلسطينية


تمر القضية الفلسطينية خلال الفترات الأخيرة بمرحلة حرجة للغاية؛ تنذر بعواقب وخيمة على الشعب الفلسطيني. فعلى المستوى الداخلي هناك انقسام غير مسبوق؛ من جهة بين فتح و حماس؛ و من جهة أخرى بين صناع القرار في منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية كذلك. و على المستوى الخارجي؛ هناك حكومة صهيونية يمينية؛ يقودها حزب يميني متطرف؛ لا يسعى حتى إلى تدشين المفاوضات؛ بله الوصول إلى حل نهائي.
في ظل هذه الأزمة ؛ فاجأ الرئيس محمود عباس الجميع؛ و أعلن عدم ترشحه للرئاسيات المقبلة؛ ليعود بالوضع الفلسطيني إلى نقطة الصفر. و نحن نعذر الرئيس على قراره هذا؛ خصوصا و أنه جاء في مرحلة؛ مورست خلالها ضغوطات رهيبة على السيد محمود عباس .
فداخليا هناك الانقسام الذي فشل الحوار بين فتح و حماس في إنهائه؛ كما إن هناك أسماء جديدة من داخل منظمة التحرير و السلطة؛ تحمل أجندة مغايرة لما يطرحه الرئيس؛ باعتباره يمثل الهياكل المنتخبة؛ والأفدح من كل هذا أن هذه الأجندة بدأت تتلقى دعما مباشرا؛ سواء من إسرائيل أو من الولايات المتحدة؛ باعتبارها تمثل انعطافا حاسما في القضية الفلسطينية .
و نحن نتحدث هنا بصيغة مباشرة عن مقاربتين جديدتين؛ بدأ الحديث عنهما واضحا في الساحة الفلسطينية :
ترتبط المقاربة الأولى بما طرحه رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) ؛ بخصوص ما يسمى إسرائيليا بالسلام الاقتصادي؛ و هي فكرة إنجليزية؛ يحمل براءة اختراعها رئيس الوزراء البريطاني (طوني بلير)؛ و قد عمل على تسويقها عند رئاسته للرباعية؛ و تجد هذه المقاربة ترحيبا من جميع الأطراف الدولية؛ و على رأسها الولايات المتحدة و أوربا؛ باعتبارها (المقاربة)أدت إلى نتائج سياسية مهمة في ايرلندا الشمالية؛ مع إنه لا مقارنة مع وجود فارق كبير بين القضيتين .
و في الداخل الفلسطيني يعتبر رئيس الوزراء (فياض) من أكبر المتحمسين لهذه المقاربة؛ بل أصبح اسمه يتردد خلال الآونة الأخيرة بقوة كرئيس قادم للسلطة الفلسطينية؛ عبر دعم ضخم؛ أمريكي/أوربي/إسرائيلي؛ خصوصا و أن الأخبار المتسربة من مقر السلطة؛ تؤكد أن فياض أصبح المخاطب الجديد لأمريكا و أوربا و إسرائيل؛ و أن أموال المساعدات تمر عبره؛ كما إنه من المحتمل جدا أن تمر عبره الخرائط القادمة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي . لأن الرئيس عباس في المنظور الأمريكي/الإسرائيلي انتهت مدة صلاحيته؛ فبرغم اختلافه الكبير عن ياسر عرفات ؛ فهو من خلال هذا المنظور امتداد لهذا الأخير و يشكل خطرا على المستقبل الإسرائيلي في المنطقة .
أما المقاربة الثانية؛ فترتبط برئيس الأجهزة الأمنية السابق (محمد دحلان) ؛ و الذي تردد اسمه بقوة خلال الانتخابات الأخيرة لحركة فتح؛ و خرج على الإعلام يتبجح بما اقترفه من جرائم؛ عبر مقاربته الأمنية المدعومة إسرائيليا؛ و التي أدت إلى نتائج عكسية؛ لعل أبرزها الانقسام بين فتح و حماس؛ و انفراد حماس بقطاع غزة .
و يتردد اسم دحلان بقوة في الانتخابات الرئاسية القادمة؛ باعتباره يمثل اليد الحديدية؛ التي من شأنها إنهاء حكم حماس في قطاع غزة؛ و التي من شأنها كذلك إعادة هيكلة الشأن الفلسطيني داخليا ؛ من منظور المقاربة الأمريكية/الإسرائيلية ؛ و من المحتمل جدا أن يعتلي دحلان كرسي القيادة في السلطة الفلسطينية؛ و ذلك لتطبيق الأجندة الأمريكية/الإسرائيلية على أرض الواقع؛ بعدما فشل الرئيس محمود عباس (أمريكيا و إسرائيليا) في تطبيقها؛ لأن في داخله شيء من روح ياسر عرفات .
أعود مرة أخرى لأقول؛ يجب علينا أن نعذر الرئيس محمود عباس؛ و هو يقدم على إعلان عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة؛ لأن الرجل محاصر من كل جانب؛ و الجميع يريد رأسه. فهو في نظر حماس و شركائها يمثل سلطة دايتون وأوسلو؛ ولذلك فهو خائن للقضية؛ و يجب أن يتنحى؛ و هو في نظر الأمريكيين و الإسرائيليين و شركائهم في الداخل الفلسطيني؛ امتداد لظل ياسر عرفات؛ و مقاربته للقضية الفلسطينية لا تصلح لهذه المرحلة؛ التي يجب أن تكون مرحلة براكماتية ؛ يتخلى خلالها الفلسطينيون على الحديث عن المبادئ الكبرى؛ مثل تأسيس الدولة و عودة اللاجئين و ترسيم الحدود؛ و يجب عليهم أن يهتموا في المقابل بالخبز اليومي للفلسطينيين؛ و نسبة النمو في الضفة الغربية؛ و كذلك –و هذا المؤكد- عن الرضا الأمريكي/الإسرائيلي الذي يقابله دعم سخي؛ يجعل الفلسطينيين يعيشون في بحبوحة العيش ! فما جدوى الحديث عن المبادئ يصرخ هؤلاء ؟!
إن إعلان السيد محمود عباس رسميا تخليه عن الترشح للرئاسيات القادمة؛ يضمر أكثر ممات يعلن؛ و لعل أبرزما يضمره؛ هو التحول الخطير الذي تعرفه القضية الفلسطينية؛ في اتجاه المجهول؛ هذا التحول الذي سينقلها من قضية تحرر وطني؛ كما عمل الشهداء على صياغتها؛ إلى قضية خبز يومي في المقاربة الفياضية ؛ و قضية أمنية بوليسية في المقاربة الدحلانية .
و يجب أن نتوجس جميعا من هذا التحول الخطير؛ الذي لن تقف نتائجه الكارثية عند القضية الفلسطينية لوحدها؛ بل ستتعداها؛ لتكون لها تأثيرات سلبية جدا على منطقة الشرق الأوسط بكاملها .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جميعنا على مفارق طرق
shadia ( 2009 / 11 / 8 - 23:24 )
نحن كفلسطينين في مرحلة صعبة جدا اعتقد اذا ما صمم الرئيس على هدم ترشيحه للانتخابات والتنحي سنكون في مهب الريح
فهناك الكثير من الامور سوف تتعقد اكثر وهناك الكثير من الامور ايضا غير واضحة ففي هذه الفترة عصفت بنا الكثير من القضايا وزادتها تعقيد الانقسام الذي سيطر على الارض الفلسطينية والمشكلة بان الاطراف الفلسطينية ( الاحزاب ) لا تعي كما يبدو حجم النتائج او ان هناك وعي ولا مبالاه ام ان هناك فئة يعجبها ما يدور ؟؟؟؟
تكثر علامات الاستفهام هنا
ولكن دعونا ننتظر العاصفة التي ستهب رياحها وما سينتج عنها !!!!!!!!

اخر الافلام

.. نتنياهو يترأس اجتماعا بمشاركة غالانت ومسؤولين آخرين


.. متحدث باسم حماس لـ-سكاي نيوز عربية-: إسرائيل ما زالت ترفض ال




.. بعد فشل الوساطات.. استمرار التصعيد بين حزب الله وإسرائيل| #غ


.. المراكب تصبح وسيلة تنقل السكان في مناطق واسعة بالهند جراء ال




.. الشرطة الهولندية تعتدي على نساء ورجال أثناء دعمهم غزة في لاه