الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عباس نموذج لعقم النظام العربي

محمد جمول

2009 / 11 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


ما أعلنه محمود عباس قبل أيام عن " عدم رغبته" في الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة ليس بالجديد على إذن أي مستمع عربي. ولا أعتقد أن له أية قيمة على أرض الواقع. فقد بات معلوما أن "الزهد" في الرئاسة من المستلزمات الأساسية التي تبرر لكل الحكام العرب، ملوكا ورؤساء وأمراء، قتل كل من ينافسهم عليها. ومن طرف آخر تجعلهم يظهرون في صف الذين ينطبق عليهم قول " طالب الولاية لا يولى".
لم يتأخر محمود عباس ومن رتب لهم المناصب في قيادات حركة فتح في رفع الستارة عن المشهد الأول من المسرحية التي باتت معروفة ومملة، وهي نزول الجماهير إلى الشوارع باكية متوسلة تطالبه بإعلان التراجع عن عدم رغبته في الترشح وأن لا يتركها تواجه ما تواجهه من ويلات ومآس كان سببا في وجودها . وقد كان آخر من قدموا هذه المسرحية المحفوظة عن ظهر قلب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الذي لم يتأخر شعبه عن النزول إلى الخنادق في الشمال والجنوب تعبيرا عن تعلقه بهذا الرئيس الذي يبدو أن حبه لبلاده، التي تقترب من التمزق إلى أشلاء، لم يبق له خيارا سوى تجهيز ابنه أحمد ليكون الخليفة المؤتمن من بعده.
شيء يصعب فهمه في هذه المنطقة التي كتب عليها التوريث منذ بداية الحكم الأموي ولم تخرج منه إلا في لحظات مثل الغفلة. فدائما كنا أمام خيار" خليفتكم هذا. ومن يأبى فهذا"، أي السيف. ودائما كنا نسارع إلى "البيعة" خوفا من هذا ال " هذا ". ولذلك بقينا محكومين ب"هذا" في وقت نجح عدونا الإسرائيلي في إيصال أربع من جامعاته إلى مصاف أفضل أربعمائة جامعة في العالم. أما نحن فبفضل" هذا" لم نستطع إيصال جامعة واحدة، على الرغم من أموالنا التي تكفي لشراء قارات بكاملها.
حكامنا، ومنهم عباس، لا ينقصهم الذكاء في تدبر أمورهم مع شعوبهم. فهم دائما يحرصون على قتل كل من يمكن أن ينافسهم عن طريق إلغاء كل ما له علاقة بالسياسة اعتمادا على الكبت والقمع والسجون والتصفيات الجسدية. وحين يقترب أجلهم، نكون أمام خيار واحد يقدمونه لنا. إنه الخيار الأغلى على قلوبهم، وهو أحد أبنائهم. ويبقى الشعب الفلسطيني نموذجا إذ تتداول الأنباء احتمال خيارين بدلا عن عباس، وهما سلام فياض الذي ليس له أي دور في فتح ومؤسساتها. وبالتالي لن يكون مقبولا. والثاني محمد دحلان الذي تلوث إلى درجة لا يمكن غفرانها في مجزرة غزة بقيادة جنرال الاستخبارات الأميركي دايتون. ولذلك قد يقتضي وضع الأمانة بين يديه بعض الوقت.
ومن هنا لا بد من بقاء عباس إلى أن يكون لديه بديل يناسبه وقد يكون ابنه. وفوق ذلك لا يمكن للولايات المتحدة وإسرائيل أن تتخليا عنه. لأنه شريك السلام الذي لا يريد شيئا ولا يكلفهم شيئا. وخصوصا إذا ما استأنف المفاوضات بعد تراجع أوباما عن التزامه بضرورة وقف الاستيطان. فإذا ما استمر في المفاوضات بالشكل الذي كانت تسير عليه سابقا، ومن دون أن يتمسك بشيء من الثوابت الفلسطينية، التي يكرر تأكيدها، تكون إسرائيل قد استولت على آخر شبر من الأراضي الفلسطينية وهجّرت كل أبناء القدس من العرب. وعندها ستعلن الولايات المتحدة وإسرائيل عدم الحاجة إليه، وعدم وجود ما يمكن التفاوض عليه، لأن القضية تكون قد وجدت حلا عن طريق فرض الأمر الواقع. وبعدها لن يكون أمام عباس ومن يرثه في الحكم سوى التفرغ لتصنيف قرارات الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الفلسطينيين سابقا، ومعها كل الاتفاقات والمبادرات الأميركية من ورقة تينيت إلى خارطة الطريق.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 5.4 مليار دولار تكلفة السيطرة العسكرية الإسرائيلية على غزة


.. تصاعد الانقسامات السياسية.. حرب غزة لم تنجح في توحيد الصف ال




.. طفلان يختبئان داخل تنورة والدتهما من البرد في غزة


.. كتائب القسام تعلن أن مقاتليها قطعوا إمداد قوات الاحتلال شرق




.. الترجي التونسي يستضيف الأهلي المصري في ذهاب الدور النهائي|#ه