الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مقطع من شعرها الطويل الطويل ، الطويل ..
عبد العظيم فنجان
2009 / 11 / 9الادب والفن
![](https://ahewar.net/Upload/user/images/5d078164-d63f-45d7-89a3-13f8106bffdc.jpg)
بقيتْ مخلصة لخطوط جَمالها الذي كان أنيسنا ، في وحشة الصحراء ، إذ يهبط الليلُ بكامل مطارقه على الثكنة ، فيستيقظ ذئبُ الحاجة ، في مقاطعات أجسادنا القاحلة ، باحثا عن أنيابه في سلة الماضي ، لكنها الآن حبلى ، لم تضع مولودها البكر بعد ، ربما لكثرة ما ضاجعها من جنودٍ في وقت واحد ، كنشيدٍ في الحرب يسمعه الجميعُ ، من مذياعٍ أدمنَ نشر ثياب القتلى والأحياء على حبال الأثير ، ولم توقفه إلا المعجزة ُ: عندما تتجلى عارية وتمشي ، وحدها ، في المعسكر ، فيرتدي القتلى ثيابَ الأحياء ، في نشرات الأخبار ، وتمتد رؤوسنا ، تلقائيا ، من ملاجيء نعيشُ فيها كالجرذان : نقرضُ حبالَ حياتنا من أجل أن يكفَّ الانتظارُ عن تسلـّق سياج عزلتنا ، فيما هي تردّدُ ، مثل طيف ، اغنية نسيناها لكثافة البرق ، الذي يخرُّ في صحوننا ، ساعة يعلن البوقُ نفيره العام ، وهو يأمرنا بالهرولة حتى الصباح ، أو بحفر الخنادق .
كانوا يبعثون بنا ،
أحيانا ،
لجرّ القتلى من نظراتهم ،
حيث بين الدموع الاخيرة نقرأ عتابا حزينا الى الله ، وهناك رسالة إليها :
هي المعشوقة الكلية الحضور ، بعد غيابهم .
يحدثُ أيضا أن نجدها مرسومة على الشراشف ، مع مقطع من شعرها الطويل ، ينحدرُ طوال الأسرّة : لكل واحد حصته . لكل واحد اقليمُ من ضواحي بطنها ، وضبابٌ من تلول سرّتها ، فيما ساقاها المشعّان ، كسماء صافية النجوم ، يغطيان أجسادنا بدفء نادر ، فنضاجعها بحنان تحت شمس المخيلة .
ذلك مما يجعلها أكثرَ الأساطير حقيقية ، فمن عينيها يزحفُ كلُ القتلى في حروب التاريخ ، عائدين كجيش ٍ ساخط ٍ من عفونة الشجاعة ، ملقين عنهم سلاحهم وجروحهم ، غير عابئين بالجهة التي منها سيأتي الموتُ ، بغتة ، ويجرفنا معهم بتياره الى العالم الآخر ، ممسكين بقبضة من حرارة الحياة المخبؤة بين طيّات جسدها.
كانت امرأة متوَهَمَة ، مع ذلك فقد كانت تلوّح بنيراها ، وهي مرسومة على سرير الخطوط ، بعد أن شكـّلتْ تقاسيمَ عريها مخيلاتُ جنود معزولين عن العالم : لابثين كانوا تحت خوذ تمنعُ أحلامهم من التحليق حول فوّهتين غامضتين ، مرسومتين على جبهتي قتال صدرها ، أيام كان الرملُ يقررُ نهاية الهارب منا بأقل لسعة عقرب ، بعضة أفعى ، أو بيد أقل رقة من أياد اولئك المجهولين الذين كوّنوها ، لهفة بعد لهفة ، عطشا بعد آخر ، مثل واحة يشربُ منها الجميعُ ، وتشربهم في آن واحد .
كنا قد حلمنا بها كل على انفراد ، فخلقناها خطا خطا : رسمناها بأظافرنا وحرابنا على حائط ، في صحراء ، في ثكنة ، هدمها من بعدنا جنودٌ قادمون من بلاد اخرى ، في حرب غامضة ، ففرتْ الى الشوارع باحثة عنا : نحن عشاقها الهائمين في أماكن شتى من العالم . نحن الذين لم نمتْ بعد ، رغم أننا لم نعد أحياء أيضا ، ففي مخيلة كل واحد منا نسخة أصلية من غنائها الخرافي ، من هذيانها المضيء في عتمة الشعارات ، ومن جسدها المقمر النبيل ، الذي لا يمكن محوه من على صفحة الشراشف ، التي نحتفظ ُبها كأوسمة هزيمة أو انتصار : نبسطها يوميا على أسرّة موتنا المحتمل ، في أية لحظة ، وفي أجسادنا شبقٌ غامض ، هو الزلزالُ الذي يضرب قيعاننا ، كلما نقصَ قليلا مقدارُ الفجر في كؤوس الخيال التي نكرعها ، ونحن نحفرُ مسام الظلام الكثيف في أحشائنا ، بحثا عن ذلك المقطع الذهبي من شعرها الطويل الطويل الطويل ، الطويل .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الفنان أحمد عصام أشهر لاعب فايرووركس: اتحسدت بسبب فرحي ومادف
![](https://i4.ytimg.com/vi/gQBifwelH8M/default.jpg)
.. وفاة الممثل الكندي الشهير دونالد ساذرلاند عن عمر يناهز 88 عا
![](https://i4.ytimg.com/vi/IKr7B6aQa5I/default.jpg)
.. الفنانة اللبنانية العالمية ميريام فارس تشعل أجواء كازينو لبن
![](https://i4.ytimg.com/vi/b81lgtRGRlY/default.jpg)
.. سألنا الناس في مصر: ما رأيك في تصريحات الفنان بسام كوسا حول
![](https://i4.ytimg.com/vi/dFV4BTC9WBE/default.jpg)
.. -خانه التعبير-.. الناقد الفني أسامة ألفا يدافع عن تصريحات ال
![](https://i4.ytimg.com/vi/KpD1iLEmgaU/default.jpg)