الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية الوطنية

عصام البغدادي

2004 / 6 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


أذا كانت الديمقراطية هي العلاج الذى لجأ اليه الغرب لتركيز دعائم استقراره السياسى سيما في القرن الماضى ، بالرغم من ان الديمقراطية نشأت في القرن الثاني عشر على الارض البريطانية وليس كما يعتقد البعض انها مجرد صناعة اميركية .
ربما يرى البعض الاخر فيها انها ليست الا ادعاءا أو وسيلة كاذبة استخدمها الغرب فكريا وسياسيا لتمرير سياسيته الاستعمارية-الراسمالية في الهيمنة على الكون، واستطاع بهذا الاستخدام ان يحقق نتائج متقدمة في التسلل الى مصائر الشعوب تحت شعار محاربة الديكتاتوريات ونشر الديمقراطية (الديمقراطية التى تحقق المصالح الغربية – وليست الديمقراطية الوطنية التى تخدم شعوبها )، فان سحر هذه الديمقراطية يبدو في الجانب الاخر مذهلا للغاية ، ففى اسبانيا اقصت الديمقراطية بلطف وكياسة رئيس الحكومة أزنار الذى سار مؤيدا لسياسة بوش النزقة التى كادت ان تحول اسبانيا الى ساحة للنشاطات الارهابية تزعزع استقرارها لأمد غير معلوم.
انهزم أزنار سياسيا باصوات شعبه وتجنب مؤخرا في اخر زيارة له للولايات المتحدة مواجهة الاعلاميين واضطر للدخول الى اليبت الابيض من الابواب الجانبية ، وتكمن روعة هذا المثال ان الديقراطية الوطنية في اسبانيا كانت سلاحا سلميا استخدمه الشعب الاسباني لتغير حكومة فقد اداءها السياسى امكانية التصويت لها مرة اخرى وجاء ذلك باختيارالناخبين الاسبان لحكومة اخرى على غير ماتشتهيه السياسة الاميركية .

وفي الهند عاد حزب المؤتمر " الكلاسيكي" الى سدة الحكم بفضل الديمقراطية التى صوتت لصالح سيدة من اصل اجنبي وهي تخطط بصمت طيلة السنوات الماضية لكي يستعيد الحزب قيادة الدولة، ويتحمل مسؤولية النهوض بشعب تجاوز المليار نسمة يعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية وصحية لاحصر لها ، كانت احد ثمرات سياسة الاندفاع في الميزانية العسكرية وفي الحروب التى تاجج اوراها مرات عديدة في شبه القارة الهندية.

وبسحر الديمقراطية ايضا تعتذر سونيا غاندي عن تولي اي منصب سياسي وتترك المجال لرجل هندي اقتصادي مولع ببرامج التطوير الاقتصادية الطموحة لجعل الهند اسطورة القرن الحالي.

متى تشق الديمقراطية الوطنية المخلصة طريقها بثبات في الواقع العربي وتغيره كما في المثالين اعلاه؟ بحيث ان الشعب في اي قطر عربي قادر على اسقاط حكومته ديمقراطيا وعلى الخاسرين تقبل نتائج التصويت او الاستفتاء والانسحاب بهدوء ؟

يتحدث هنري كيسنجر في مقالة له في تريبيون ميديا عن عملية "الدمقرطة" في العراق فيقول :

" وقد أصبح الملف العراقي موضوعا لاختبار هذه الفكرة. فتغيير النظام قد فرِض نتيجة ضرورات جيو ـ استراتيجية، جنبا إلى جنب مع وجود قناعات أخلاقية تدفع بهذا الاتجاه. لكن إعادة إعمار العراق لا يمكن مقارنتها بأي شكل من الأشكال باحتلال ألمانيا واليابان. في ذينك البلدين كان السكان مؤيدين لعملية إعادة الإعمار; ولم يكن هناك أي بديل عن الإصلاح الديمقراطي ـ في الحقيقة الإصلاح والتعاون مع الاحتلال هما الوسيلتان الوحيدتان لاسترجاع السيادة والسيطرة على مقدرات الوطن. في العراق هذان الشرطان مقلوبان تقريبا. فالانقسامات الاثنية والدينية أعمق بكثير مما كانت عليه في المراحل المبكرة، وهناك تهديد لعملية «الدمقرطة» بأن تؤول إلى صياغة المجتمع سياسيا على أساس طائفي. ويأتي تسليم السلطة للعراقيين يوم 1 يوليو كأول خطوة قصيرة في طريق طويل باتجاه الاستقرار الذي منه يمكن أن تظهر طبقة متوسطة علمانية وقوية إلى الدرجة التي تجعلها تصر على التمثيل الحكومي الكامل. وهذا يتطلب فترة طويلة من المشاركة الاميركية وفي الأخير تحقق مشاركة دولية إلى درجة ما. لكن بغضّ النظر عن ماهية عملية «الدمقرطة» فإن شرطها الأساسي هو مدى استعداد الولايات المتحدة لدعم هذا التحول الديمقراطي. والنجاح هو استراتيجية الخروج الوحيدة."
لكن الواقع العراقي يحتاج الى " أم الديمقراطيات " لكي يرضع منها مبادىء الديمقراطية الاصيلة وهذا ماراه بعيدا عن الزمن الحالي وربما سوف يستغرق سنوات عديدة قادمة لحين نضوج السلوك السياسى والاجتماعي وهذا يعتمد اساسا على مدى امكانيات الحكومات القادمة في التوعية والتربية الديمقراطية لاعداد الجيل القادم بحيث يصبح هذا الوعي السليم بالديمقراطية جزءاً لا ينفصم من السلوك الفردي والشخصى لكل عراقي مهما كان موقعه ودوره.

اما محاولة تفصيل ديمقراطية وفق المواصفات الخارجية ، فستكون عملية مزيفة لن يصعب على العراقي مهما كان وعيه من اكتشاف اسرارها وخيوط لعبتها ، وميزة الفرد العراقي انه يملك القابلية العالية على التمييز والفرز كما هو قادر للوصول الى الاسرار التى تكتم وراء جدران من الحديد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سجال إيراني تركي.. من عثر على حطام طائرة رئيسي؟? | #سوشال_سك


.. السعودية وإسرائيل.. تطبيع يصطدم برفض نتنياهو لحل الدولتين وو




.. هل تفتح إيران صفحة جديدة في علاقاتها الخارجية؟ | #غرفة_الأخب


.. غزيون للجنائية الدولية: إن ذهب السنوار وهنية فلن تتوقف الأجي




.. 8 شهداء خلال اقتحام قوات الاحتلال مدينة ومخيم جنين والجيش يش