الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق في الاغتراب

فاضل فضة

2004 / 6 / 8
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


هل يمكن أن نتحدث عن جالية عربية في اغترابنا، أم أن الأمر انتهى ولم يعد هناك ما يسمى بالعروبة أو القومية العربية ويتوجب الحديث هنا عن الناطقين بالعربية من منطقة الشرق الأوسط بدلا من جالية عربية من وطن عربي؟
حزين هذا العالم عندما يجبر الإنسان على النظر في المرآة واكتشاف الحقائق كما هي بلا زيف ولا تجميل. حزين عندما نغلف هذه الحقائق، وحزين عندما نرفع الغطاء عنها.
نحن شعوب تحب الشعر والخيال. تحب التفاعل مع الكلمة والنغم، وليس بالضرورة الموسيقى، إذ قد يكون النغم خطابا أو مقالا أو جملة شعرية أو نثرية، أو حتى شعارا سياسيا تترنح على ترداده الجموع في بيوتها أو في الشوارع.
نحن يصدمنا الخيال في واقع مر، وواقع يجبرنا على المعاناة، والمعاناة كالسعادة في الترنم والترنح والصبابة. نحب أن تحل القضايا بالعاطفة والأمل والرجاء. نصدق أنفسنا أن المثالية في خطابنا السياسي والاجتماعي والثقافي قد تنفع في خلق الله، قد تنفع بنا نحن البشر، المنتشرون في الأرض وطنا وغربة، أملا ورغبة وقلقاً ورهبة.
وفي النهاية لا نحل شيئاً. إذ أن اللغة كانت وما زالت ذاتها ونفسها بروحها ودمها. والطريقة في التعامل مع الأشياء، أيضاً واحدة، لم ولن تتغير، ليس الآن ولا أمل لذلك في مستقبل قريب.
كنا وما زلنا أبطال ساحة الوغى في الماضي البعيد وأبطال التمنيات والرغبة في الحاضر الفريد. ونخاف أن نكتشف أننا لن نكون شيئا من الأشياء الحضارية والإنسانية في أي مستقبل.
نحن الحب الذي يقتل الحبيب والمحب دون عودة. ونحن الكراهية والحقد دون حدود. ونحن موجة من تلك الأمواج المتعاقبة في بحر تتقاذف حركته جاذبية الحياة والضوء والظلام والعمر الغائب المعانق أبداً. نحن أبناء هذا الترف الإنساني الضائع في واحة العصر الجديد، وواحة التجربة الحضارية وخلاصتها في الوجه الجميل لأمريكا الشمالية، كندا، وطننا الثاني، الوطن الذي قد يصبح أولاً وأخيراً بعد عناء إنساني لا يثلج الصدر أبداً.
نحن أبناء الحوار الضائع الباحث عن تربة خصبة في وطن ما زال يصر حكامه على ذبحه من خواصرنا ومن مشاعرنا، على قتله إلى الأبد في عيون أطفالنا في هذا الاغتراب المتسائل.
نحن الصورة الجديدة التي اتحدت، على الأقل، اجتماعياً عبر الزواج بين أبنائنا وأولادنا متجاوزين الحدود البعيدة وتأشيرات السفر وحتى السفر ذاته.
في عمرنا الجديد القديم، وفي كل عام، نعود إلى التساؤل عن صيغة السعادة والشقاء، عن ماهية الوجود كإنسان دون جذور. والتساؤل عن تلك الجذور وأهمية الإرتباط.
قال لي ذاك الصغير لماذا لا أغير اسمي إلى اسم أجنبي بالكامل؟
قلت له مجيباً: قتلتنا المسافة وعليكم يا أبناء الأجيال التي أكلنا حصرمها أن تدفنوا ما تبقى دون معرفة الجذور، دفن على الطريقة الهندية، وبعثرة ذكرياتنا في الهواء مع الرياح الشمالية.
في مثل تلك الحالة والقضية في حكمها المؤبد، لا يهم إن كنا جالية أو جاليات من وطن واحد أو من أوطان متعددة. لا يهم إن كنا عرباً أو من بلاد الشام أو من المغرب أو مصر أو الخليج، فالموت واحد وتبعثر الأشلاء المادية والمعنوية ذوباناً مثل الجليد الشتوي على أبواب فصل الصيف. أجيالنا القادمة لا تعرف القراءة والكتابة بلغة أجدادها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أثار مخاوف في إسرائيل.. حماس تعيد لملمة صفوفها العسكرية في م


.. ساعة الصفر اقتربت.. حرب لبنان الثالثة بين عقيدة الضاحية و سي




.. هل انتهى نتنياهو؟ | #التاسعة


.. مدرب منتخب البرتغال ينتقد اقتحام الجماهير لأرض الملعب لالتقا




.. قصف روسي يخلف قتلى ودمارا كبيرا بالبنية التحتية شمال شرقي أو