الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام في العراق سلطة مع وقف التنفيذ !

باسم محمد حبيب

2009 / 11 / 10
الصحافة والاعلام


في مدينتي الصغيرة التي اقطن فيها ، عادة ما يأتيني بعض الناس ليطرحوا علي مشاكلهم ومعاناتهم ، اعتقادا منهم بأنني ربما استطيع أن أوفر حلا ما يتم من خلال تدويني لما يعرضونه علي ونقله إلى الإعلام ، وللأسف فهم يتناسون أن الإعلام ما هو إلا مجرد وسيط بينهم وبين المسؤول ، فهو لا يستطيع أن يفعل أكثر من نقل مشاكلهم عبر الإعلام حتى يطلع عليها المسؤول فيعمل على حلها بما لديه من سلطة ومسؤولية ، فان لم يكن المسؤول مهتما بحلها فلن يجدوا بالتأكيد النتيجة التي يتمنون .
فالمسؤول هو وحده الذي يستطيع أن يعطي للإعلام قيمة ويجعل النشر ذا جدوى ، لذلك عادة ما يجد بعض الناس - وأتكلم هنا عن العراق - في نشر المشاكل عبر الإعلام مضيعة للوقت ، لكنني في الغالب أقوم بتلبية طلب من يأتيني لاجئا من معاناته ليس لأني موقن من الإجابة ، بل بالدرجة الأولى لأجعله يشعر بالرضا من أنه طرق كل الأبواب الممكنة وعلى رأسها باب الإعلام ، السلطة الرابعة كما يقولون ! ولأدفع عن نفسي الإحراج أيضا ، لان هؤلاء البسطاء سوف يرون في اعتذاري تجاهلا لمعاناتهم وتملصا من تحمل مسؤولية البحث عن حلول تخلصهم مما هم فيه .
فهؤلاء الذين يضعون مشاكلهم أمام الإعلام هم حتما قد ملوا الدوران على أبواب المسؤولين والمؤسسات المعنية بحيث لم يجدوا مناصا من طرق باب الإعلام ، وإلا لو وجدوا من يسمعهم أو يناقش قضاياهم لاكتفوا بذلك ولما غدى الإعلام ضالتهم كما يحصل الآن .
فالإعلام في البلدان الديمقراطية يمثل وسيلة أخيرة لا أولى لطرح مشاكل المواطنين لوجود قنوات أخرى تقوم بذلك عوضا عنه ، وعادة ما يخشى المسؤولون - لا سيما في البلدان المتطورة - وصول مشاكل الناس إلى الإعلام لما يسببه ذلك من أضرار و إحراج لهم ، فهم يبذلون كل ما في وسعهم لتجنب تدخل الإعلام الذي يشكل بنظرهم أهم السلطات وأكثرها تأثيرا على مستقبلهم ، لذا لا غرابة أن نجد الأداء عاليا والعمل مؤديا بشكل كامل .
أما في العراق فتبدوا الحالة معكوسة فيه ، إذ أنه رغم الخطوات الجارية فيه للتحول نحو الديمقراطية فان الإعلام بقي على حاله السابق ، وكأنه لم يستفد من واقع البلد أو من التطورات التي طرأت عليه لاسيما تطورات التحول نحو الديمقراطية ، إذ بقي المسؤول مستهينا بالإعلام متعاليا عليه وكأنه خلق لخدمته لا خدمة الشعب ، ما يضع الإعلام أمام مسؤولية جديدة قوامها العمل على تغيير الوضع الذي هو عليه ليكون سلطة فاعلة يخشاها المسؤول ويحسب لها إلف حساب ، لا أن يبقى سلطة فاشلة وضعيفة كما هو الآن .
لذا على الإعلام العراقي أن يطرح نفسه لا كمجرد مؤسسة فاعلة وحسب بل و كسلطة أيضا ، بدل أن يبقى في وضع العاجز الذي لا يمكنه فعل شيء ، فهذا ما يجعله بلا دور أو قيمة ، فيما أن الضرورة تتطلب أن يكون له وضع خاص وأساسي في الواقع الجديد ، ليمارس الدور المناط به بشكل يتناغم مع المنطق السليم ومتطلبات الواقع الجديد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت