الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من سور برلين الى جدار فلسطين

عزام يونس الحملاوى

2009 / 11 / 10
حقوق الانسان


احتفل الشعب الألماني بانهيار أشهر جدار في العالم قبل عشرين عاما, والذي أنشئ نتيجة لحرب باردة بين القطبين الكبيرين في ذلك الوقت الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية, لقد كان طول هذا السور حوالي 160 كم ,وكان مزودا بحوالي 200 مركز مراقبة وأسلاك شائكة,وفي 9 نوفمبر 1989 هب الشهب الألماني بإرادة صلبة وقوية وبدأ بهدم السور وتدميره أمام وسائل الإعلام, ولم يكن أمام الألمان الا قبول الوضع والتأقلم عليه . أما في فلسطين, فقد قام العدو الصهيوني ببناء جدار الفصل العنصري, ولكن هناك فرق كبير بين سور برلين وسور فلسطين, فسور برلين جاء نتيجة اتفاقية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية, والتي بموجبها قسمت ألمانيا الى شرقية تحت وصاية الاتحاد السوفيتي, وغربية تحت وصاية الولايات المتحدة الأمريكية, ومنذ ذلك الوقت تم بناء السور لمنع الهروب والهجرة وتأمين الحدود بين ألمانيا الشرقية والغربية, والتي أصبحت فيما بعد حدود بين القطبين الكبيرين المختلفين ايدولوجيا وسياسيا . وفي فلسطين, فقد تم بناء السور كجدار فصل عنصري, وبقرار جائر من الاحتلال الصهيوني بهدف تكريس الاحتلال ومصادرة الأراضي وعدم قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس, وترك باقي المناطق الفلسطينية مبعثرة ككنتونات في مشروع استعماري عنصري يضم المستوطنات, ويصادر اكبر مساحة من الأراضي الزراعية والسكنية, تحتوي على اكبر كمية من المياه في الضفة الغربية, ويعزل حوالي 340 ألف مواطن, ويضم لإسرائيل حوالي 45% من الأراضي الفلسطينية ويترك باقي الأراضي متناثرة, بالإضافة الى أنه يعزل مدينة القدس عن باقي المدن والقرى المحيطة بها, ولقد زود هذا الجدار بأحدث أجهزة المراقبة, كما انه يقف سدا منيعا أمام مسيرة الشعب الفلسطيني الطبيعية من حيث الوصول الى أماكن العمل والمدارس والمستشفيات, ويعتبر انتهاك وتعدي ظالم على حقوق الشعب الفلسطيني وحقه في حياة آمنة وكريمة . وقد كان للعدو الصهيوني رؤية واضحة وأبعاد مدروسة لبناء هذا الجدار, مثل البعد الأمني,ومصادرة الأراضي,والبعد الاستيطاني, والبعد السياسي الايدولوجيى والنفسي والديموغرافي . لقد كانت إرادة الشعب الألماني عظيمة وجبارة في هدم السور وإعادة توحيد الأرض, وأن يعيش الشعب في دولة واحدة وتحت علم واحد, ولقد ساندهم في ذلك نشطاء الحقوق المدنية في ألمانيا الشرقية سابقا وبشكل جوهري من خلال ظهورهم الجريء من أجل الحرية والديمقراطية, وكذلك الدور الذي لعبته الكنائس في تقديم الحماية لهم لكي يصبح هدم السور أمرا ممكنا حتى تعيش حرية الرأي والديمقراطية وتتوحد البلاد. ان إرادة الجماهير إذا تحركت فإنها تحقق المستحيل, وهذا ما حدث مع الشعب الفلسطيني عندما تحركت جماهيره في مواجهة جدار العزل العنصري من خلال آليات عمل الحملات الشعبية ولجان مقاومة الجدار وأنشطتهما ومواجهتها الميدانية ,التي استطاعت أحيانا أن تعيق البناء في هذا الجدار في بعض المناطق, وأن توصل رسالة الى العالم كله حول ضرر وعنصرية هذا الجدار, ولكن إسرائيل كدولة عنصرية لم تكترث بذلك واستمرت في بناء الجدار وتحصينه, ولم تلتفت الى قرار المحكمة الدولية الصادر في 4 يوليو 2004 والذي ينص على عدم شرعية هذا الجدار وطالبت إسرائيل بهدمه . ومع ذلك لم تيأس الجماهير الفلسطينية ففي ذكرى انهيار جدار برلين, عملت جماهير شعبنا الفلسطيني على هدم جدار الفصل العنصري, فخرج عشرات المتظاهرين يوم الاثنين في 9/11/2009 في مسيرة شعبية نظمتها اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار, وعملت بطرق بدائية على تدمير إحدى واجهات الجدار العنصري من الجهة الغربية لقلنديا وأحدثت ثغرة كبيرة, وتمكنوا من الخروج منها الى الجهة الأخرى من مطار قلنديا, وأشعلوا الإطارات المطاطية حتى وصلت قوات الاحتلال وأطلقت عليهم النار الى ان تفرقوا, كما قام معتصمون آخرين بإحداث ثغرة كبيرة في السور اللعين قرب نعلين غرب رام الله ضمن اعتصامهم الأسبوعي ضد الجدار . لقد فرض الشعب الألماني إرادته وجاء بالوحدة لبلاده, وسيأتي اليوم الذي ستأتي به إرادة الشعب الفلسطيني بالوحدة للأراضي الفلسطينية وشعبها, وسيهدم هذا الجدار العنصري بعزيمة ومعاول هذا الشعب المقاوم العنيد .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب يفتح بحثاً قضائياً للتحقيق في تعرض مواطنين للاحتجاز و


.. بريطانيا تحطم الرقم القياسي في عدد المهاجرين غير النظاميين م




.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف


.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال




.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي