الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصفية المليشيات .. أم تصفية قانون إجتثاث البعث ؟

داود البصري

2004 / 6 / 8
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


مع بداية عمل الحكومة العراقية الجديدة ومحاولة إثبات جدارتها العملية أمام تصاعد التحديات والمراهنات ، فإن عمليات الإرهاب قد شهدت هي الأخرى تصاعدا ملفتا للنظر عبر عن نفسه من خلال الإختطافات وتصعيد الهجمات ضد القوات الحليفة ، وإعلان ( عصابات الفلوجة ) رسميا أنها قد نقلت نشاطها للعاصمة بغداد!! أي أن السيارات المفخخة ستجهز هذه المرة في العاصمة وليس في الفلوجة وضواحيها بعد إن إستفادت الخلايا الإستخبارية النائمة وبقية العصابات الأصولية من أجواء الهدنة وفك الحصار لتسرب عناصرها المدربة وأجهزة الموت والدمار لبغداد وتستعد لتنفيذ إستراتيجية المرحلة القادمة والتي تقضي أساسا بإفشال كل كل جهود وتطلعات الحكومة العراقية الجديدة ووضع البلد بشكل صريح على سكة الحرب الأهلية والتي تبدو اليوم في ظل التقديرات الميدانية الواقعية مشروعا مستقبليا غير مستبعد! ، ففشل الحكومة العراقية المؤقتة سوف لن يؤدي إلا لتلك النتيجة!! ، وهذه هي الحقيقة العارية بعيدا عن أية شعارات وطنية أو عاطفية ، فكل الأطراف الإقليمية والداخلية تعمل على سحب الغطاء العراقي لصالحها لتتمدد من خلاله ، والألغام المنتشرة في الساحة الشعبية العراقية أكبر من أن يمكن إخفاؤها ، وإستراتيجية تصعيد التوتر الحالية التي تقوم بها الجماعات المتضررة من العملية الديمقراطية تتلخص حاليا في نقل المعركة لبغداد وهي مسألة واضحة ، فعصابات مقتدى الصدر المهدوية الطائفية مثلا خففت الموقف في النجف وكربلاء ولكنها نقلت كل عوامل الأزمة وإمكانياتها التصاعدية نحو مدينة الثورة في بغداد وفي نفس التوقيت الذي نقلت فيه عصابات الفلوجة الفاشية والطائفية أيضا نشاطاتها نحو بغداد! وذلك ليس مصادفة؟ بل أنه جزء من مخطط مركزي وتنسيقي متورطة فيه بعض الأطراف الإقليمية يقتضي التشويش على الإنتقال السلمي للسلطة وعلى العملية السياسية برمتها ، وهي العملية التي بات المجتمع الدولي يعمل ويراهن ويحث الخطى بإتجاهها من أجل إخراج العراق من وهدته وخيبته الثقيلة ! ، وطبيعي القول أن الهيمنة على الموقف الأمني هو المحك الأساس لأي إنفراج في الوضع العراقي ، ولكن التبديل المستمر في ملاكات وزارة الداخلية ، والإعتماد على عناصر ضعيفة في تلك الوزارة سيؤدي إلى سوء المنقلب لامحالة ! ، وتحقيق وعود الحكومة العراقية بفرض هيبة القانون وسلطة الدولة عبر القضاء على دكاكين المليشيات الحزبية وخصوصا الدينية منها والطائفية ليس بالأمر اليسير ولا الهين ، فالقضية حسب تقديري وتقدير كل مطلع على الأمور ميدانيا تتطلب الدخول في معركة مباشرة مع تلكم الجماعات ، وفي صدامات لابد منها من أجل طردها وإسترداد أملاك الدولة والمنشآت العامة التي تهيمن عليها وتفرض بواسطتها سطوتها وإرهابها ، ففي مدينة البصرة مثلا فإن غالبية المنشآت العامة تحت هيمنة المليشيات الغريبة الوجه واليد واللسان ، فمبنى المحافظة القديم يتقاسمه ( حزب الدعوة) بفرعيه!! ( وهو في السلطة حاليا)؟ وبهو الإدارة المحلية تحت هيمنة المجلس الأعلى! وهو في السلطة أيضا!! وبيت المحافظ السابق على الكورنيش تحتله جماعة غريبة وبدائية متخلفة إسمها جماعة ( سيد الشهداء)!! ونادي الضباط يحتله جماعة ( السيد الشيرازي)!! وأماكن أخرى تحتلها جماعة للقتل إسمها ( ثأر الله )!! وبناية الكمارك العراقية على حدود دولة الكويت يحتله ( حزب الله... فرع العراق)!!! وهكذا دواليك الحال وفي محافظة واحدة فقط وطيلة عام كامل ونيف من الشهور لم تستطع لاقوات الحلفاء ولا الدولة عبر مجلس الحكم أو الحكومة الحالية إستعادة تلك الأماكن؟ فكيف بعد ذلك تتم إستعادة المعسكرات والمصانع والمؤسسات والقواعد العسكرية المهمة مثل قاعدة القوى البحرية العراقية في المعقل التي إحتلتها العوائل المشردة التي لاتملك سكنا؟؟؟ وباتت تلك القاعدة مزرعة لتربية الخراف والنعاج والدجاج وكافة أنواع الدواجن والمجترات؟ .. فهل هذا وضع مقبول؟ ، وحتمية إصطدام الحكومة الجديدة عسكريا بتلكم الأحزاب مسألة حتمية لاتقبل الجدل ولا المناقشة ، وكان الله في عون الحكومة العراقية فعلا وهي تواجه كل تلك الملفات الساخنة بسلاح الوعود والأماني وفي ظل إشتداد الهجمة الإرهابية القاتلة التي تتحين الفرص للنيل من قيادات الدولة الجديدة ؟ فهل تملك الدولة من القوات والعناصر والوسائل العسكرية مايمكنها من فرض سلطتها الفعلية وإعادة الهيبة للقانون والنظام ؟ ... نتمنى من كل جوارحنا ، ولكننا نعلم للأسف بأن التمني رأس مال المفلسين!.

من جانب آخر وفي تكتيك واضح لتحييد بعض الأعداء تتناقل الأنباء عن خطة حكومية لإلغاء قانون ( إجتثاث البعث )!! وهي خطة تراعي وتهدف لإدماج العناصر البعثية السابقة في جهاز الدولة الجديد وخصوصا تلك العناصر التي لها خبرات أمنية وإستخبارية!! وهي مسألة خطيرة فعلا أن تتم الإستعانة بخدمات جلادين سابقين في بناء الأسس العامة لدولة ديمقراطية!! بل أنه تراجع خطير عن أبسط مستلزمات الديمقراطية الحقيقية ؟ فما نفهمه من قانون إجتثاث البعث هو ضرورة غسل دماغ الناس من شعارات وأساليب وممارسات دولة البعث الفشية الإرهابية المجرمة التي تكرس العداوات الطائفية ، وترسخ روح العداء ضد دول الجوار والتي على أساسها دخل العراق في حروب كارثية ليس لها معنى ؟ فالفكر البعثي الفاشي يقول مثلا إن إيران دولة شعوبية وإن الفرس أعداء تاريخيين للأمة العربية مثل الصهاينة!!! وذلك الفكر البعثي المارق يقول أيضا بإن الكويت دولة مصطنعة وهي جزء لايتجزأ من العراق وإن إستعادتها هي ضرورة وطنية وقومية!!! وهي أفكار عدوانية خطيرة ومسمومة ثبتت للأسف في أذهان الأجيال الشابة العراقية وعدم محاربتها وإستئصالها سيخلق مضاعفات مستقبلية خطيرة للغاية ، والتراجع عن إستئصال الفكر العدواني والعنصري البعثي وعدم محاربة الرموز البعثية ومحاكمتها قانونيا سيخلق من المصائب الإستراتيجية مايتفوق على المصالح الآنية والتكتيكية التي قد تتحقق... وفي ذلك كارثة مابعدها ولاقبلها؟ وأرجو أن أكون مخطئا في تقويمي للأمور ولكنني لاأعتقد ذلك؟ ، فما لم تتوفر الدولة العراقية على إمكانيات المواجهة العسكرية الحاسمة مع قوى التطرف والظلام والأصولية والإرهاب ... فقولوا على العراق السلام ! ، ففي الجو غيوم سوداء تتجمع ، وفي الأفق مشاهد سوريالية قد تقلب أحوال المنطقة رأسا على عقب ... فلاحرية ولاسلام ولاديمقراطية بدون إستئصال عصابات الإرهاب وفكر البعث ... ساعتها قد تفتح بوابات التاريخ أبوابها للعراق الحر الجديد ، إذ ماتزال كل الخيارات مفتوحة؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو يقدمان التعازي -للشعب الإيراني-


.. كيف ستنعكسُ جهودُ الجنائية الدولية على الحرب في غزة؟ وما تأث




.. حماس: قرار مدعي -الجنائية- مساواة بين الضحية والجلاد


.. 50 يوما طوارئ تنتظر إيران.. هل تتأثر علاقات إيران الخارجية ب




.. مقتل طبيب أمريكي في معتقلات الأسد