الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأكثرية البرلمانية تمهد للانقلاب

جاسم الحلفي

2009 / 11 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حقا كان يوم الثامن من شهر تشرين الثاني الجاري "يوما تاريخيا"، لكن ليس كما ادعى البعض بأنهم سجلوا يوما مشهودا لتعزيز المسيرة الديمقراطية، وإنما لإعاقة الديمقراطية وهي في خطوتها الأولى، تمهيدا للانقلاب عليها. ويمكن تلمس ذلك بسهولة من خلال النظر في التعديل على القانون الذي شرع الاستحواذ على أصوات القوائم التي حصلت على الكسر الأكبر دون ان تتخطى العتبة، وإعادة توزيعها على القوائم الكبيرة، ومنحها، وفقا لذلك، مقاعد إضافية من المقاعد الشاغرة. الكتل التي مررت التعديل، بهذا أعادت ما سبق ان حصل في انتخابات مجالس المحافظات حين تم إضفاء الشرعية القانونية على سرقة مفضوحة لأصوات لم تصوت لها بل لقوائم أخرى؛ ليس هذا فحسب، بل انه جرى تقليص نسبة المقاعد التعويضية الى 5% كي تـُحكم القوائم الكبيرة الطوق حول الذي لم يرم بنفسه في مركب المشاريع الطائفية.

كل القضايا خضعت للمساومة وفقا لأولويات مصالح القوائم الكبيرة، وبما يعزز الهيمنة والسلطة والنفوذ، لذا لم نلحظ جهدا استثنائيا تم بذله لتمرير التعديلات في جلسة البرلمان، فمرّ التصويت سريعا، وتبددت حالة الاستعصاء التي كانت تحول دون إقرار التعديلات على القانون خلال الفترة الماضية. تم ذلك بلمح البصر على حساب التنوع الفكري والثقافي، والحرص على الديمقراطية وتنميتها، فمقابل القائمة المفتوحة تمّ تقليص المقاعد التعويضية، ومقابل إجراء الانتخابات في موعدها المحدد تم تخصيص مقعدين للبعض في كركوك.

تلاشت تصريحاتهم المفزعة حول احتمال تفجير حقل الألغام في كركوك، واختفت تلميحاتهم المرعبة بانفلات الأوضاع مقابل مقعدين! من كان يتصور ان صفقة مساومة كالتي رأيناها قادرة على نزع فتيل الفتنة التي كثيرا ما هددوا بها، وأقلقوا الشعب باحتمال اندلاعها؟

لقد نجحت خطتهم التي بنيت على تهديدات مفزعة من احتمال انفجار الأوضاع، واستغلوا خوف الناس وخشيتها من حدوث ما لم تحمد عقباه، ووجدوا في ذلك فرصتهم الذهبية لعقد الصفقات التي اختبأت خلف مشكلة كركوك، وجعلت قيم أصوات العراقيين مختلفة، فصوت العراقي في الخارج ارخص بكثير من صوت العراقي في الداخل. فليس هناك من ميزان يساوي بين أصوات العراقيين، التي لا يمكن ان تتساوى في كل الأحوال، فكل محافظة دائرة انتخابية واحدة، وقيمة الأصوات فيها لا يمكن حسابها الا بعد الاقتراع.

ان تشريع قانون لتكريس الوجهة الراهنة والوجوه التي جرى اختبارها، سوف لا ينتج عنه غير اتساع التذمر، وتشديد السخط، وتعاظم الرفض للوضع المرير الذي يعيشه المواطن من جراء الاختراقات في الوضع الأمني، وتدهور الوضع المعيشي، ونقص الخدمات، ورداءة الأحوال.

تحسب القوائم المتنفذة حساباتها، احياناً، بدقة، لكن حساب سخط وتذمر الناس ومواقفهم الرافضة لكل محاولة للاستخفاف بعقولهم، لم يجر حسابه هذه المرة على ما يبدو، فقياس ذلك لا يعرفه الا من عمل وسط الناس، الذين لابد ان يقولوا كلمتهم قوية رافضة بوجه من لم يصنعوا حلولا انما يخلقون الأزمات تلو الأزمات.
فأمام إرادة الناس الراغبة في تغيير الأوضاع تتلاشى المتاريس التي يختبئ خلفها من يعمل على إعادة إنتاج المحاصصة والطائفية السياسية، سواء عبر تشريع قانون يسهل له ذلك، او عبر ائتلافات لا تختلف في شيء عن تلك التي عرفناها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين في البحر الأحمر والمحيط الهن


.. لجنة مكافحة الإرهاب الروسية: انتهاء العملية التي شنت في جمهو




.. مشاهد توثق تبادل إطلاق النار بين الشرطة الروسية ومسلحين بكني


.. مراسل الجزيرة: طائرات الاحتلال تحلق على مسافة قريبة من سواحل




.. الحكومة اللبنانية تنظم جولة لوسائل الإعلام في مطار بيروت