الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمة كركوك.. السياسة الاثنية في النزاع والحلول التوافقية

نجاح العلي

2009 / 11 / 12
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


طغت على السطح السياسي العراقي ازمة كركوك من جديد، هذه المحافظة ذات التركيبات الاثنية المتنوعة والغنية بالنفط، اصبحت محور الخطاب السياسي وخاصة للاحزاب والقوى السياسية الكردية، وتبدو قضية كركوك بمثابة برميل بارود قد تؤدي الى تعطيل الحياة السياسية وتقوض التوافق السياسي الهش، لكن القضية نفسها تنطوي على امكانية حلول توافقية لايخسر فيها اي طرف كل شيء ولا يفوز فيها طرف بكل شيء.
وقد تناول هذا الامر بالبحث والدراسة كل من ليام اندرسن وغاريث ستانسفيلد والاخير هو باحث متميز بات من ابرز المختصين الاوربيين في الشان العراقي يتميز بالتحليل المنطقي القائم على الحياد العلمي واستقصاء الاحتمالات المنطقية والحلول الممكنة، هذا ما حاولا تسطيره في كتابهما الذي صدر في بيروت عام 2009 والمعنون (ازمة كركوك.. السياسة الاثنية في النزاع والحلول التوافقية) وقام بترجمته عبدالاله النعيمي.
الكتاب الذي جاء بـ416 صفحة من الحجم المتوسط والصادر عن معهد الدراسات الستراتيجية في بيروت تمت تجزئته الى اربعة اقسام وليس الى فصول، وتناول القسم الاول منه تاريخ كركوك قبل عام 2003 وتم تحديد فترتين متميزتين في تطور كركوك التاريخي، الفترة الاولى تبدأ بتاسيس كركوك ونشوئها كمدينة تقع في المناطق الحدودية لامبراطوريات قائمة، وتنتهي بهزيمة الامبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الاولى.. وكانت كركوك لاسيما في القرن السابع عشر وما تلاه مدينة مسالمة متعددة الاثنيات لاتواجه متاعب في سياستها او علاقاتها الاجتماعية اكثر مما تواجهه سواها من مدن المنطقة.
وتزامن مع اكتشاف احتياطيات نفطية كبيرة فيها مطلع القرن العشرين تبلور الهويات الاثنية التي اكتسبت معالم سياسية واجتماعية من خلال تضافر سياسات رسمية مقصودة واوضاع اجتماعيةـ اقتصادية راكدة.
القسم الثاني من الكتاب يغوص في دراسة تاريخ كركوك من وجهة نظر المكونات الثلاثة الرئيسية: الكرد والعرب والتركمان والاخيرين يذكرون مجزرة 1959 كمحور للسرد التاريخي بوصفه السبب الرئيس في ان غالبية تركمان كركوك يعارضون وبقوة السيطرة الكردية على المدينة.
وبالنسبة للكرد فان سياسة التعريب التي مارسها النظام البعثي البائد هي السمة الواضحة في تاريخ كركوك الحديث ويبغي الكرد تصحيح المسار وعودة الاوضاع الى سابق عهدها باعادة الاكراد وارجاع الوافدين من العرب وغيرهم الى مناطقهم الاصلية، فضلا عما تمثله كركوك للكرد من قيمة رمزية وعاطفية تتجاوز الاهتمامات المادية بشان السيطرة على احتياطات كركوك النفطية. وتم تسليط الضوء على ان المكونات الثلاثة انفة الذكر لاقت صعوبة في التوصل الى ارضية مشتركة حتى على ابسط الاسس المرجعية مثل اعداد السكان.
القسم الثالث من الكتاب يقدم تحليلا مستفيضا للتطورات السياسية التي شهدتها كركوك بعد عام 2003، وهذا التحليل يتناول مجريات الصراع الدائر من اجل السيطرة السياسية على المدينة، فضلا عن متابعة مسار الحملة الكردية على المستوى الوطني لحل قضية كركوك بالطرق الدستورية، مستنتجا ان ما تشيعه وسائل الاعلام عن ان كركوك برميل بارود وقنبلة موقوتة، هو صورة غير دقيقة لما هو موجود على ارض الواقع.
اما القسم الرابع والاخير فيقدم تقييما نقديا لفشل المادة 58/140 في ايجاد حل لقضية كركوك وغيرها من المناطق المتنازع عليها، اذ ان الحل التوافقي الوسطي هو الطريق الوحيد للتقدم الى امام.
ان مستقبل كركوك يهم اطرافا مختلفة على مستويات التحليل المحلي والاقليمي والدولي، ومن المقترحات للوصول الى حل وسط ما قاله ديفيد رومانو : بالسماح باجراء الاستفتاء كما هو مقرر واعطاء كركوك وضعا خاصا ضمن اقليم كردستان وتسليم ادارتها الى الحكومة المركزية وتاجيل الحل النهائي عشر سنوات.
اما برندان اوليري فيرى ان ان الحل هو ايجاد صيغة لتقاسم السلطة المحلية في محافظة كركوك والمدينة تحت حكومة اقليم كردستان.
اما مجموعة الازمات الدولية فقد اقترحت في تقريرها في تموز 2006 باعطاء كركوك وضعا خاصا لفترة انتقالية تمدها عشر سنوات برعاية الامم المتحدة تتقاسم سلطة الحكم خلالها مكونات كركوك الرئيسية الاربعة.
وان اي حل وسطي لقضية كركوك لابد ان يعالج ثلاث قضايا اولا البعد الاقليمي المتمثل بما اذا كانت كركوك ستصبح جزءا من اقليم كردستان او تبقى خارج الحدود الكردية، ثانيا: الالية الادارية المتمثلة في ما اذا كانت كركوك ستمنح وضعا خاصا ام لا وما اذا كان هذا الوضع الخاص سيري على المدينة فقط ام على المحافظة ككل.. وثالثا: قضية الحكم المتمثلة بما اذا كانت كركوك ستدار بصيغة من صيغ تقاسم السلطة وما هو شكل هذه الصيغة؟
وقد قام المؤلفان ليام اندرسن وغاريث ستانسفيلد باجراء مقابلات مع العديد من الناشطين والشخصيات البارزة في كركوك وممثلي بعض الاحزاب الكردية والعربية والتركمانية وحتى المسيحية بغية جمع المعلومات والوصول الى مقاربات اجتماعية وسايكولوجية تعطي انطباعات وتصورات عن الواقع الديموغرافي للمدينة.
والجدير ذكره ان الدكتور غاريث ستانسفيلد، هو خبير المختص بشؤون العراق والقضية الكردية في المعهد الملكي للشؤون الدولية في بريطانيا واستاذا في معهد الدراسات العربية والاسلامية في جامعة اكستر، اما ليام أندرسن، فهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة رايت ﻓﻲ ﻭﻻﻴﺔ ﺃﻭﻫﺎﻴﻭ واختصاصي بدراسة شؤون العراق.
*اعلامي واكاديمي












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العودة الى التفاعل الايزيدي الزرادشتي المسيحي
المحاصر اسلامويا ( 2009 / 11 / 13 - 10:15 )
لو كنت كرديا او بالاصح قائدا او مسؤولا كرديا لبذلت المستحيل لالغاء مفاعيل التغيير الذي فرضه مسلمو الجزيرة العربية وقريش الاوائل عندما فرضو على الكورد تغير دياناتهم الايزيدية والزرادشتية والمسيحية الانسانية النورانية الى ديانة شبه جزيرة العرب اي دين الأسلمة ولاعادة الامور الى ماكانت عليه اي اعادة الديانتين الايزيدية والزرادشتية الى مكانتهما الطبيعية في كردستان وفسح المجال امام التفاعل الانساني الحضاري الخلاق الممكن بل الطبيعي فيما بين الديانات الايزيدية والزرادشتية والمسيحية.
تصورو حجم التطور والتقارب والألفة والتوحد المذهل الذي سيتحقق في كردستان لو تحقق ذلك الأمل. وهذا هو الرد الآقل من طبيعي على معظم الأخطار والسلبيات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والفكرية التي تواجهها كردستان حاليا.
قد لايكون هذا هو الحل الآوحد لكنه بالتاكيد الحل الأفضل والأسرع والأكثر ثباتا ومصداقية وهو بالتاكيد الحل القوي والمنطقي والعملي لمواجهة اضاليل تقارير هذه المنظمة ولجميع الألاعيب والتحايلات التي تنفذها الاطراف العديدة ضد شعب كوردستان.

اخر الافلام

.. روسيا تعلن أسقاط 4 صواريخ -أتاكمس- فوق أراضي القرم


.. تجاذبات سياسية في إسرائيل حول الموقف من صفقة التهدئة واجتياح




.. مصادر دبلوماسية تكشف التوصيات الختامية لقمة دول منظمة التعاو


.. قائد سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: النصر في إعادة ا




.. مصطفى البرغوثي: أمريكا تعلم أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدف حر