الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألدانوب ألأزرق وحلم الحكومة العراقية الجديدة

محمد جهاد

2004 / 6 / 9
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


حزمت حقيبتي الصغيرة من الحدباء حيث أدرس إلى بغدادَ عاصمة الدنيا حيث الاهل والأحبة وجرعات الحنان المنشطة التي تديم استمراري بالحياة بعيدا عنهم. دقائق حتى كنا مجموعة صغيرة لم نكن نأبه كثيراً بما يجري من حولنا من احداث دامية حيث يقتتل ابناء الوطن الواحد بعد تداعيات اتفاقية اذار المعروفة. حملتنا صفائح القطار الفولاذية وعجلاتها التي دارت كثيرا مقربة الأحباب تارةً ومبعدتهم تارةً اخرى. تأملت مقاعده التي ما زالت توحي بانها بخير رغم اثار اقدام من فارقهم النوم عليها وتقلباتهم الهستيرية بكل الاتجاهات المشروعة وغير المشروعة. شكرت الله لوجود وسيلة النقل هذه متذكراً الكثير من الشعراء الذين اشبعوا هذا القطار المسكين وعجلاته البريئة شتماً وكانه هو السبب في كل الفراقات. وكالمعتاد كانت في حقيبتي وسادة صغيرة اضعها على الارض وامتد بجسدي القصير في الفسحة بين كرسيين متعاقبين تاركا المقاعد الوفيرة في الاعلى لصاحبي كي يزيل الحاجز بين الكرسيين ويتكور بجسده الثقيل عليهما ثم لينام بعد ان يضغط على زر نومه الفعال. ابكرت بالنوم في هذه الرحلة على غير عادتي و كأن ايقاعات رقصات عربات قطارنا ساعدتني للنيل من الأرق الجديد القديم الذي صاحبني و تطور وكبر معي. ثم حلمت، وما اجمل احلامك ايها القطر المسرع المبكي. كنت وكأن الشمس في تلك اللحظات قررت ان تصبغ الكون بكل الوانها الزاهية مبعثرةً بعضا من الرماديات على اوصال السحب المتحركة ببطء تنير ثم تعتم قليلاً وكأنها همسات حبيبة القلب التي جاورتني على ضفاف الدانوب الازرق العليل الذي يكاد ان يتوقف عن تدفقه كلما همست لي بشيء.
احسست بقدمي الحافية تدفع شيئا من من طمى جريان الدانوب الشهير و انا اخطي خطوتي الاولى في هذا النهر الخالد و كأنني ابحث عن مرفأ لقدمي كي احمل عروسة البحر، هوى كل الاحلام لنغرق معا فيه مع انغام موسيقى العاشق المخذول شتراوس واشرب من عبيرها السرمدي وهي على يدي. احسست بألم في قدمي كلما حاولت الخوض في طمى الدانوب فأخذت ادفع بقوة في طينه الرخو حتى احسست وكأن احداً يسقط مطرقة عليه. ويا ليتني ما ولجت في طمى الدانوب!!! فها هي قدمي تدوس على رقبة الجندي المسكين الذي قرر ان ينام في ممشى القطار الطويل معتقداً بأنه سيصل سالما غانماً لأهله بعد ان سلمَ من ضراوة القتال الذي خاضه في الحرب الغير مقدسة شمال الوطن. وكأن قدمي كانت تنتظره لتدوس على عنقه بشدة في كل خطوة خطوتها في طمى الدانوب مع عروس البحر. اخبرني بذلك احد الزملاء فيما بعد و بعد ان قررت تجاهل جريمتي واتصنع النوم كي اسلم من شره رغم انه كان يرفع رجلي عن رقبته بكلتا يديه ويضربها بشدة على الارض كلما حاولت دفع طمى النهر الازرق بقدمي حاملاً حبيبة القلب.
وها هو اليوم قطار العراق وحكومته المختارة تحلم بالخوض في الدانوب مع حبيبة القلب التي نصبتهم في دفة الحكم ويدوسون بأقدامهم على رقاب ابناء الشعب. لن يطيل الانتظار وسيصحون من حلمهم الوردي بمطارق الصامتين الذين يطيلون الكلام بإسمهم ويستسخفون الحوار معهم. وغداً لناظره لقريب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا جاء في تصريحات ماكرون وجينبينغ بعد لقاءهما في باريس؟


.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش




.. مفاجأة.. الحرب العالمية الثالثة بدأت من دون أن ندري | #خط_وا


.. بعد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.. كيف سيكون الرد ا




.. مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري| #عاج