الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة ممارسة البغاء وتجارة الجنس

عبدالله مشختى

2009 / 11 / 12
ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس


ان ظاهرة ممارسة البغاء من الاعمال التى تعتبر جريمة فى المجتمعات لما تترتب عليه من اثار اجتماعية خطيرة على مستقبل تلك المجتمعات .والاجيال اللاحقة من الجنس البشرى ، هذه الظاهرة موجودة منذ وجود المجتمعات ولكن فى كل زمن كان هناك ضوابط واعراف وقيود دينية او اعراف اجتماعية او قوانين وضعية كانت تتحكم بالسماح او الرفض لهذه الظاهرة وخاصة البغاء اى ممارسة الجنس بشكله الواسع فى بيوت خاصة او امكنة مخصصة لهذا الغرض .ففى المجتمعات الغربية امست هذه الظاهرة عادية بعد عصر الثورة الصناعية وتقدم المدنية والمجتمعات الديمقراطية الغربية التى كفلت دساتيرها الحريات الفردية وخرجت من تحت طائلة الالتزام بالتعليمات الدينية الكنسية .اما فى مجتمعاتنا الشرقية فكات ظاهرة مدانة من قبل المجتمعات وما لبثت بعد التطور الهائل فى وسائل الاتصلات العالمية بين الشعوب والاختلاط الناجم بفعل تقدم هذه الوسائل زحفت هذه الظاهرة شيئا فشيئا الى المجتمعات الشرقية ايضا وخاصة فى الدول المعروفة باعتمادها فى دخلها على السياحة ،وخاصة العربية المطلة على البحر الابيض المتوسط وبعض الدول الاسلامية وذلك لكونها مناطق سياحية تؤمها الملايين من البشر من مختلف بقاع العالم فكان لابد لهذه الدول ان توفر لهم خدمات ترفيهية لاستقبال اكبر عدد من السياح والتى كانت تدر السياحة مبالغ ضخمة لهذه الدول مثل لبنان والمغرب ومصر وتونس وتركيا وغيرها .ودول اخرى كانت سياساتها المرتبطة بالغرب كانت تصدر لوائح وقوانين تسمح لهذه الظاهرة بالانتشار لاشغال الشعب وخاصة الشباب بالجنس ونسيان الامور السياسية التى كانت تخشى منها الانظمة الحاكمة كايران فى عهد الشاه محمد رضا بهلوى المقبور وكذا دولة سوريا .
فى العراق ومنذ العهد الملكى كانت هذه الظاهرةو موجودة ولكن بحدود ضيقة جدا وفى محلات خاصة ومجازة من قبل السلطات وهذا ايضا كان من نتاج الاستعمار البريطانى الطويل للعراق الذى امتد من سنوات الحرب العالمية الاولى والى بداية ثلاثينيات القرن الماضى فعليا والى نهاية الخمسيات بصورة غير مباشرة .
ولكن الامر اختلف فى العراق بعد حرب العراق مع ايران وما اعقبها من احداث احتلال الكويت وحرب الخبيج الثانية وفرض حصار طويل على العراق ارضا وشعبا ومن ثم الحرب الاخيرة وتحرير العراق من قبل امريكا واسقاط النظام الدكتاتورى وما جرى فى العراق من ويلات وحروب طائفية واضطرار الملايين من العراقيين للخروج والهرب الى دول الجوار العراقى وبلدان اخرى وتعرضهم هناك لشتى انواع التعسف والبؤس والجوع فقد انتشرت هذه الظاهرة بشكل فضيع بين العراقيين فى الخارج وخاصة فى الاردن وسوريا فمن زار دمشق وتجول فى مساكن البرزة والبلودان وستى زينب وريف دمشق والمرجة وقاسيون لابد وان لاحظ كثرة انتشار هذه الظاهرة بين النساء والفتيات العراقيات هناك ناهيك عن السوريات والسعوديات وغيرهن وكأن السلطات السورية كانت المستفيدة من وراء انتشار هذه الظاهرة لما تجنيه من رسوم وضرائب من هذه العملية حتى وصل الامر ان النساء السوريات اللاتى تمارسن هذا العمل قدمن شكاوى الى السلطات السورية من مزاحمة العراقيات لهن وافقادهن لفرص عملهن الام الماضى لان العراقيات اكتسحن الساحة الجنسية فى سوريا .
اما فى داخل العراق فقد سنحت فرصة اكبر لهذه الظاهرة بالانتشار والتى كانت ظاهرة غريبة للمجتمع العراقى الى بداية تسعينيات القرن الماضى بسبب انعدام الامن والفقر التى حل بالعراقيين واستشهاد مئات الالوف من الرجال وهروب العديد منهم خارج العراق عدا المليون الذين راحوا ضحية حروب صدام حسين .فالارهاب قد حصد العراقيين بكثرة طيلة ست سنوات التى مضت على سقوط الدكتاتورية ، وكذلك اطلاق الحريات العامة والشخصية فى ظل النظام الجديد المسمى بالعهد الديمقراطى والتى كانت ولازالت ديمقراطية مريضة وغير سالمة لافتقار العراقيين الالمام بهذه العملية اولا ولرغبة القوى السياسية العراقية والتى فى اغلبها هى اما دينية او قومية فى فصلها على مقاساتهم ومزاجياتهم بعيدا عن الاطر الحقيقية للنظام الديمقراطى او الدستورى الحقيقى المعمول به عالميا وفى الدول العريقة فى الديمقراطية ولضعف القوى والاحزاب الليبرالية والقوى البسارية وتشتتها وعدم تمكنها من تكوين جبهة متراصة للوقوف بوجه القوى الاخرى .فكانت فرصة لشبكات استغلت هذه الظروف لصيد اكبر عدد ممكن من النساء العراقيات وصباياها واخذهن فى شبكاتهم وتحويلهن من عالم العفة والنزاهة الى عالم الرذيلة والسقوط تحت طائلة توفير العيش او الشهرة .ولاننسى حتى المجموعات الارهابية ايضا كانت لها دور فى دفع قسم من هذه النسوة والبنات الى ممارسة هذه المهنة لجعلهن كمصدر من مصادر تمويلهم كما كشفت البعض من هؤلاء النساء .
الان هذه الظاهرة شاعت وانتشرت بشكل فظيع فى العالم باسره والعراق جزء من هذا العالم وبالاخص فى اوربا والشرق الاوسط ، وارتقت هذه الظاهرة من كونها ظاهرة محلية تسئ الى المجتمعات العالمية الى صورة اوسع واعمق الا وهو ظاهرة الاتجار بالجنس واصبحت تجارة مربحة تقوم بها شبكات وعصابات دولية كبيرة وظهرت اول الامر فى اوربا بتهريب الفتياة الروسيات والاوكرانيات الى اوربا وبيعهن هناك لشركات تعمل فى هذا المجال ولكن شرارات هذه التجارة وصلت الى مجتمعاتنا الشرق الاوسطية فكم من حالات حصلت فى دول المنطقة وتحت انظار الانظمة التى لم تتحرك الا تحت ضغط شعبى واعلامى لسد الطريق امامها والحد من انتشارها فى منطقتنا، حدثت حالات ومحاولات كثيرة فى الاردن وسوريا كبيع الفتياة العراقيات العام الماضى والتى احدثت ضجة كبيرة فى وسائل الاعلام والتى اضطرت الوكالة الدولية للاجئين الى التدخل لاسعاف ومعالجة اوضاع العراقيين الذين كانوا فى سوريا .
ان مجتمعاتنا اليوم انقسمت الى طرفين بين الرضى بوجود هذه الظاهرة اى البغاء وبين الرافضين لها وحتى الرافضين لها قد قاموا بخلق وسائل وعملوا على اصدار فتاوى تفتح الباب لهذه الظاهرة مثل زواج المتعة والمسيار والبينة وغيرها من انواع الزواج التى لو دققت فيها لتحول الى نوع من ظاهرة البغاء وممارسة الجنس الغير المشروع .وانه هناك انظمة ودول وجهات رسمية ودينية تقف وراء الترويج لهذه الانواع من الزواج وفتحت لهذا الغرض مكاتب خاصة للقيام بالمطلوب لهذه العمليات الجنسية التى يسمونها المشروعة فى مجتمعنا الشرقى الاسلامى خاصة .
هناك العديد من الباحثين والمهتمين بالدراسات الاجتماعية يصيغون حلولا ومقترحات لمعالجة هذه الظاهرة ولكن اعتقد بان محاولة السيطرة على هذه الظاهرة وفى هذا العصر الذى اصبح العالم كقرية واحدة من الصعب جدا بل ومن غير الممكن معالجة هذه الظاهرة واصبحت ظاهرة ملازمة ومتلاصقة بهذا العصر ولايمكن افنائه بهذه البساطة التى يتكلم بها العديد من المثقفين والمتنورين بالاجراءات والتى هى مسكنات وليست معالجة جذرية .
نعم يمكن الحد من ظاهرة الاتجار بالجنس فى مناطقنا لو كانت الحكومات جادة فى هذا الجانب ويمكن وضع اليات محكمة وقوانين واجراءات صارمة لمن يمارسون هذه التجارة ،اما ظاهرة البغاء وممارسة الجنس فلايمكن ردعها والقضاء عليها فى الامد القريب لوجود مبررات الدخول الى ذلك العالم بعد .حيث ان الانظمة فى منطقة الشرق الاوسط او العالم العربى لنقول لم تصل بعد الى تلك الالية التى تريد ان تخلق مجتمعا صالحا ونظيفا لانهم مهممون بالسياسة والسلطة لاغير وا انتشار هذه المهنة هو فائدة لاكثر الانظمة التى تبعد عن نفسها شعور مواطنيها التفكير بالسياسة والتى ستقض مضاجع الحكام .كما هو الحال فى العديد من الدول العربية والتى بلغت الدرجات العليا فى انتشار هذه الظاهرة مثل سوريا والمغرب ومصروغيرها عدا البعض من الدول الاسلامية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحرير العراق
وهدان ( 2009 / 11 / 12 - 20:23 )
اي تحرير هذا الذي تقوله هل نسمي الاحتلاال الصهيوني الامبريالي لارض العراق تحريرا
هل نسمي نهب ثروة العراق من قبل الشركات الغربيه الاسرائيله تحريرا
هل وجود عشرون الف من رجال الس اي ايه والموساد وغيرهم في العراق تحريرا
هل تحويل الشعب العراقي الابي الى شيعا واحزابا يقتلون بعضهم يسمى تحريرا
هل تشريد قسم من نساء العراق في الداخل والخارج وتحويلهن الى بغايا هذا هو التحرير
اخي ان العراق كان وما زال مستهدفا من الصهاينه منذ عهد نبوخذ نصر وسنحارب وللان وغدا
مقالك جيد من ناحيه تحليل الاسباب والنتائج

اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد