الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول ملاحظات قوجمان الدِّياليكتيكية

أنور نجم الدين

2009 / 11 / 12
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


أقدر جداً جهود السَّيد (حسقيل قوجمان) لتكريسه وقتاً لنقد أبحاثي عن (التَّناقض بين المادية والدِّياليكتيكية)، ولكن لابدَّ من طرح الملاحظات الآتية:

يقول السَّيد قوجمان: "يعرِّف الأخ أنور الدِّيالكتيك بأنَّه نظرية المعرفة، ولا أدري من أين أتى بهذا التَّعريف، إذ لم أسمع أو اقرأ تعريفاً كهذا من أي باحث آخر". ويواصل السَّيد قوجمان ويقول: "إنَّ اعتبار الدِّيالكتيك (نظرية المعرفة) واعتبار نظرية المعرفة ظاهرة فكرية فلسفية لا علاقة لها بالواقع هو أساس كلِّ هذه الاستنتاجات الخالية من كلِّ أساس علمي في مقال الأخ أنور".

يقول لينين: "إنَّ الدِّيالكتيك هو حقاً نظرية المعرفة (عند هيغل) وعند الماركسية: إنَّ هذا الجانب من الأمر (وهو ليس جانباً، إنَّما هو جوهر الأمر) قد أهمله بليخانوف، فضلاً عن الماركسيين الآخرين – لينين، حول الدِّياليكتيك".

أمَّا ما إذا كان الدِّياليكتيك فكرة فلسفية أم لا، فيقول أنجلس: "إنَّ ما بقي على قيد الحياة، بصورة مستقلة، من كلِّ الفلسفة السَّابقة هو علم الفكر وقوانينه – أي المنطق الصُّوري والجدلية – أنجلس، أنتي دوهرنغ". إذاً: فالجدلية هي قوانين علم الفكر، أمَّا علم الفكر فهو المنطق.

والسُّؤال الموجه لأنجلس، ولينين هنا، هو: هل للفكر، أو نظرية المعرفة، قوانينه الخاصة به؟ ومن أين أتى أنجلس، أو لينين، بهذا التَّعريف؟ وهل يقع أنجلس، أو لينين، في التَّناقض مع مادية ماركس التَّاريخية من خلال هذا التعريف أم لا؟ وماذا يعني في الواقع علم الفكر؟

لندع هيغل يجيب عن هذا السُّؤال: "المنطق هو علم الفكرة الخالصة، علم الفكرة في عنصر الفكر المجرد، ويمكن القول إنَّ المنطق هو علم الفكر، تعيناته وقوانينه"، "فالمنطق ينطبق في الهوية مع الميتاقيزيقا"، "موضوع علم المنطق هو الفاعلية المفكرة ومجموع تعيناتها"، "علم المنطق هو علم الفكر وحقيقته"، "المنطق يعتبر ميدان الفكر وعموميته، الفاعلية المفكرة هي دائرته الخاصة – هيغل، مختارات".

وهكذا، فمن وجهه التَّاريخي، جاء المنطق الصُّوري ليدرس طبيعة الفكر الخالص، أو العقل الباطن، فعلم الفكر وقوانينه، أي المنطق الصوري والجدلية، فكرة فلسفية، تبحث عالم ما وراء الطَّبيعة، تبحث الحقيقة، وجود الله، فليعدْ الماركسيون هذا العلم لأصحابه الواقعيين، ونعني بهم المسيحيين والمسلمين، فالدِّياليكتيك مشتق في الأصل من اللاهوت (سوف نعود إلى هذا الموضوع بالتفصيل في حينه). وللمعلومات عن تناقض ماركس مع المنطق الصُّوري، انظر الأيديولوجية الألمانية، ترجمة الدُّكتور فؤاد أيوب، الصَّفحات (200 – 400) بالتَّحديد. وللمزيد من المعلومات حول تناقض مادية ماركس التَّاريخية مع منهج كلٍّ من هيغل، وأنجلس، ولينين، وبالأحرى منهج المادية الدِّياليكتيكية، فانظر: (تعارض ماركس مع المادية الدياليكتيكية) و(تعارض المنهج المادي للتَّاريخ مع المنهج الدياليكتيكي) و(تعارض ماركس مع المنهج الدِّياليكتيكي) و(التَّاريخ ما بين ماركس وهيغل) في الحوار المتمدن.

أمَّا السُّؤال الموجه للسَّيد قوجمان هو: ما هي المادية الدِّياليكتيكية التي تتحدث عنها في ملاحظاتك؟ هل هي فلسفة أم لا؟ وهل يعتبرها لينين، وستالين، وتروتسكي، وماوتسي تونغ، والماركسيون الآخرون فلسفة أم لا؟ ولماذا إذاً كلُّ هذا الاستغراب لاعتبار الدِّياليكتيك فكرة فلسفية؟ وهل نسبة هذه الفلسفة إلى ماركس، يحول ماركس من عالم اقتصادي - تاريخي، إلى فيلسوف أم لا؟ أمَّا فيما يخص التَّناقض بين (المادية) و(الدِّياليكتيكية) فنحن نتحدث عن مفاهيم متناقضة، لا عن السالب والموجب، نتحدث عن الوحدة السَّالبة للواقعية والمثالية، أي: التَّناقض بين المادية والدِّياليكتيكية بالتَّحديد، أو التَّناقض بين العمل التَّجريبي (العلم) والتَّأمل التَّاريخي (الفلسفة). وهكذا، فليس من الضَّروري كشف القوانين المادية - الفيزيائية أو الاقتصادية - من خلال العلوم التَّجريبية، التي اكتشفها هيغل سلفاً، وببساطة، أو دون أي جهد من خلال الفكر المجرد، المنفصل عن واقعه التَّجريبي، وعلى عكس القوانين المادية، فلا تحتاج القوانين الدِّياليكتيكية أي جهد لكشفها، أي لا نحتاج دخول الأشياء لكشف القوانين الدِّياليكتيكية، حيث الدِّياليكتيك نفسه، لا يرى سوى غلاف الأشياء، فالدِّياليكتيك يحِلُّ أفكاراً جاهزة، محلَّ البحث عن الشُّروط التَّجريبية لتطور الأشياء والعلاقات المادية في العالم - انظر: (التَّناقض بين المادية والدياليكتيكية) و(التَّناقض بين المادية التَّاريخية والفلسفة الماركسية)، فالمنطق أو الدِّياليكتيك، يبحث أمور غيبية لا واقعية، أمَّا المعرفة الواقعية، أو المعرفة النَّاتجة عن القوانين المادية، غير موجودة، إلاَّ بعد دراسة الواقع، وإجراء التَّجارب عليها من خلال الوسائط التّقنية.

إنَّ مصدر المادية الدِّياليكتيكية، هو التَّأمل الألماني وطريقته الدِّياليكتيكية في البحث، أمَّا منشأ المادية التَّاريخية، فهو العلوم الاقتصادية والتَّاريخية وطريقتها الواقعية في البحث، وعلى الأخص طريقة علم الاقتصاد السِّياسي الإنجليزي (انظر: تعارض ماركس مع الفلسفة الألمانية، والاقتصاد السِّياسي) في الحوار المتمدن، فتوفر المواد اللازمة للبحث عن التَّاريخ، وسبل فهم علاقات البشر بهذا التَّاريخ، يعود في الأساس إلى التَّطور الصِّناعي الذي يحِلُّ وسائط عملية محلَّ الدِّياليكتيك، فمن خلال هذه الوسائط التي تعطينا فرصة العمل التَّجريبي، اكتسبنا معارف مادية، واقعية، عن التَّاريخ وفهم علاقتنا بالطَّبيعة بالذَّات.

مرة أخرى أقدر جهودكم، واقبلوا تحياتي الخالصة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اعتذار
انور نجم الدين ( 2009 / 11 / 13 - 08:01 )
بسبب انقطاع الكهرباء، لم يكن بامكاني تعديل الموضوع، الذي يحتوي السطور الآتية:


أمَّا السُّؤال الموجه للسَّيد قوجمان هو: ما هي المادية الدِّياليكتيكية التي تتحدث عنها في ملاحظاتك؟ هل هي فلسفة أم لا؟ وهل يعتبرها لينين والماركسيون الآخرون فلسفة أم لا؟ولماذا إذاً كلُّ هذا الاستغراب لاعتبار الدِّياليكتيك فكرة فلسفية؟ وهل نسبة هذه الفلسفة إلى ماركس، يحول ماركس من عالم اقتصادي / تاريخي، إلى فيلسوف أم لا؟ أمَّا فيما يخص التَّناقض بين (المادية) و(الدِّياليكتيكية) فنحن نتحدث عن مفاهيم متناقضة، لا عن السَّالب والموجب، نتحدث عن الوحدة السَّالبة للواقعية (المادية) والمثالية (الدِّياليكتيك) أي: التَّناقض بين العمل التَّجريبي (العلم) والتَّأمل التَّاريخي (الفلسفة) فالعمل التَّجريبي لا يستهدف إثبات قانون مثبت سلفاً، كما أشار إليه الزَّميل محمد المثلوثي في تعليقه على (ملاحظة حول مقال التَّناقض بين المادية والدِّياليكتيكية) وهو يقول: -فهل نقوم بأبحاث في الطَّبيعة لإثبات قانون الجاذبية، أم أنَّ هذا القانون هو نتيجة بحثنا التَّجريبي؟ وما فائدة البحث هنا إذا كان القانون قد تمت صياغته سلفاً؟ أفليست تلك حلقة مفرغة: نبحث لنثبت قانوناً مثبتا سلفاً؟ محمد المثلوثي- وهكذا، فلا يحاول العلماء كشف القوان


2 - لتقرأ جيداً
مصطفى ( 2009 / 11 / 13 - 16:41 )
قبل أن أسأل أنور عن عمره أقول له إقرأ جيداً قبل أن تثقل على الناس بخليط مغلف بعبارات فلسفية
المادية الديالكتيكية ليست فلسفة بل هي علم له قوانينه الخاصة وتخضع لها سائر الكائنات في الوجود. وعندما يصفه أحدهم بالفلسفة فيعني من وراء ذلك أنه (أي الديالكتيك) العلم الذي قبر الفلسفات وحل محلها دون أن يترك للفلاسفة ولأدعياء الفلسفة أرضاً يقفون عليها ـ إنه علم يا ناس، يا ....! هل لأحدهم أن يزعم بأن للفلسفة قوانين فيزيائية ؟؟؟؟؟؟


3 - الى الزميل مصطفى
محمد ( 2009 / 11 / 13 - 22:13 )
كلامك عن أن العلم قد (قبر الفلسفات وحل محلها دون أن يترك للفلاسفة ولأدعياء الفلسفة أرضا يقفون عليها) صحيح تمام الصحة وهذا بالضبط ما ورد بموضوعات الزميل أنور نجم الدين. لكن قولك أن الديالكتيك علم فهذا أمر لا أوافقك عليه للاعتبارات التالية: أولا فالعلم له موضوع محدد، مثلا علم الفيزياء له مجال هو القوانين الفيزيائية التي تتحرك وفقها المادة الفيزيائية. فما هو موضوع علم الديالكتيك؟ ثانيا فالقوانين المستخلصة من البحث العلمي لها هي أيضا مجال فعلها المحدد، فقانون التطور الدارويني مثلا له مجال هو عالم الأحياء، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الجزم بأن هذا القانون ينطبق مثلا على المادة الفيزيائة، فما هو مجال فعل قوانين الديالكتيك؟ يقول الفلاسفة بأن قوانين الديالكتيك تنطبق على المادة كما على المجتمع البشري، وهذا يعني أن هذه القوانين الديالكتيكية تنطبق على كل شيء كان قد وجد في الماضي وموجود في الحاضر وسيوجد في المستقبل، فهل يمكن أن يوجد بالفعل قانون ينطبق على كل شيء بدون تحديد لمجال فعله المادي الخاص؟ وهل ينسجم هذا القول مع المفهوم الحصري للعلم من حيث تحديد المجال الخاص بفعل قانون معين؟ ثم اذا كان هناك قانون يمكنه أن يفسر لنا كل ظواهر العالم الطبيعي والاجتماعي ما مضى منها وما سيأتي فلماذا نقوم بالأب


4 - المشكلة لدى صديقنا أنور
رشيد ( 2009 / 11 / 14 - 12:21 )
ما ذا يمكننا أن ننتظر من جندي في صفوف الفكر الميثالي هل يمكن الاعتقاد أن هذا الجندي الذي أوكلت له مهمة تدمير الفكر المادي والفكر الماركسي اللينيني على الخصوص أن يكون مترددا في استعمال مختلف الأسلحة التي يمكلكها لانجاز مهمته. لقد تتبعت كتابات صديقنا أنور وحاولت أن استخلص بعض المنطق في تحليلاته السطحية المتعددة فلم أجد شيئا بل أنه يبدوا بشكل صارخ بعيدا كل البعد عن المنطق ويرتكب أخطاء عدة في التحليل ويدخل ويخرج وهو يجتر العديد من التناقضات، فالهدف الذي يعمل عليه صديقنا أنور هو ايجاد الثغرات في الفكر والفلسفة الماركسية وذلك قبل الشروع في البحث مما يجعله يحاول استخراج مفاهيم لا علاقة لها بالفكر الماركسي

اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط


.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟




.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح


.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا




.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ