الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصحيح السرد .. خلل السردية الكبرى

عبد الجبار خضير عباس

2009 / 11 / 13
الادب والفن




اثار الباحث والقاص محمد خضير سلطان ، بمحاضرة له، جرت مؤخرا في اتحاد الادباء، والموسومة (لقاء القاص بمجتمعه.. تصحيح السرد القصصي العراقي). موضوعة عزل (الاقليات، المكونات، الكويكبات) في القص العراقي.
في البدء اوضح الباحث ان فكرة تصحيح السرد( تعود )الى احدى المداخلات واللمحات الذكية للقاص الكبير(البصري) محمد خضيرالذي اكد على ضرورة تصحيح السرد منطلقا مما اسماه بانعدام مشاركة الكويكبات، ويقصد بها المكونات الاقلية في المجتمع العراقي، يقول سلطان : بدأت القصة القصيرة العراقية بالتعبير عن الهوية السردية داخل الفضاء الاجتماعي للمجتمع العراقي وتشكيلاته الاساسية من تنوع وتعدد.. ولكن هامش الحرية ، انحسر وضاق وتصاعد على اثره دور رقابة السلطة والايديولوجيا الحزبية، واختل الاتجاه الواقعي الصحيح الذي بدأته الكتابة القصصية، اذ اختزل الكاتب العراقي مجتمعه في رمزية تعبيرية، صعبة ومركبة، تعالت على الواقع، وابتعد القاص عن مجتمعه قسرا او تم حجبه بواسطة الايديولوجيا.. بعد ادلجة الفضاء الاجتماعي، حتى تخلت الانساق السردية ، عن القاعدة الاجتماعية، وحل الرقيب الذي يقرب الكاتب من السلطة، ليحجبه عن المجتمع، الحاجب العنصري ، ذو العرق الارقى واللغة الاسمى والفكرة الاعلى والمواطن الاول.
بعد هذه المقاربة المضغوطة جدا، نؤكد اتفاقنا مع ما جاء في البحث من رؤى نقدية وافكار ورصد، لكننا نعتقد ان الاضطراب والخلل في السرد القصصي العراقي، يعودان الى خلل واضطراب تشكل سرديتنا الكبرى الموحدة (المفترض التماهي معها)، اذ لا توجد ذات عراقية موحدة(مستقرة) غير مهتزة ، تعبر عن انصهار كامل المكونات العراقية.
وعلى الرغم مما جرى من قمع قسري عبر الزمن، لاخفاء السرديات المختلفة وبطرق شتى، كخلق ذاكرة بديلة او تغيير الرموز واسماء المدن حيث جرى تحويرها او تؤيل اسمها الرافديني، لفصلها عن عمقها التاريخي..الا ان هذه المحاولات لم يكتب لها النجاح، (كما حدث للعديد من الامم الافريقية التي ظهرت بعد نهاية المرحلة الاستعمارية) اذ انها قبل الاستعمار لم تكن امة واحدة اوشعبا واحدا كما يقول(ستيوارت هول) حيث تشكلت لها، هوية وسردية وذات، فنحن في العراق ازاء حضارة عريقة وتضاريس معرفية، لايمكن محقها او انكارها، ويوم بعد يوم تسهم الدراسات الاركيولوجية في خلخلت المتخيل السردي للامة العراقية ( الافتراضية ) فكل محاولة لصناعة سردية بديلة نقية، كان مآلها الفشل.
فما زالت هناك عدة مدونات سردية، تصارع من اجل البقاء.. منها سردية سريانية، ترتبط بالعمق التاريخي الرافديني، سومري، اكدي، بابلي.. ومندائية تمتد في تضاريس بيئة نهرية وامتداد ديني لملوك ما قبل الميلاد.. وسردية كردية، تعتقد انها تشكل بداية النشوء السومري، تتصل دينياً بمدونة اسلامية سقفها الاعلى بداية تاريخه، في حين السردية العربية العراقية، تمتد الى ابعد من ذلك، اذ ترث كامل الخزين القصصي والشعري وجميع الموروث الانثربولوجي لعرب ما قبل الاسلام عبر قراءتين، الاولى: تتفق وما قبل الاسلام، والثانية: تختلف في قراءة تاريخه، الى جانب سرديات أُخر وبقراءات مختلفة.
لذا لايتم التماهي مع الامة العراقية "الافتراضية" التي تشكلها اشتراطات طبيعية عبر صيرورات اجتماعية متكافئة، فبدلا منها جرى زحزحة الذات عن المركز، و"الطرف"، تحول الى منطقة اشعاع على وفق خطاب ايديولوجي منتصر(فارض الارادة)! فالقص، والاعراف، والتقاليد، والصور التي تنتقل من خارج الذات، هي تصورات وتفسيرات سوسيولوجية لبيئة اخرى "مفارقة"، لذلك جرى طمر خزين من الذكريات عبر مئات السنين، فالرموز والتمثلات، تشكل الجزء الاكبر منها في مختبرالاطراف.. فهي ليست وليدة العمق أو المركز، اذن المعادلة معكوسة، مما يولد فقدان الحس بالتماهي مع سردية كبرى (لأمة عراقية افتراضية)، تنعكس على المدونات السردية الجزئية، على وفق خطاب يقدم الاختلاف كوحدة هوية.

عبد الجبار خضر عباس

.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس


.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-




.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو