الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليمن :عجز النظام عن تأمين وحدة وسيادة البلاد

رداد السلامي

2009 / 11 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تفكك اليمن وزعزعة استقراره يطرحان علينا كيمنيين مسألة النظام السياسي وعجزه عن تأمين الوحدة ، وذلك يقودنا إلى مسألة بروز عناصر جديدة وإنتاج آخر للسيطرة البرجوازية التي تتمفصل في ثناياها القوى التقليدية بتصالحها وتنابذها ، وتوزعاتها الطائفية التي لا تخلو كلا منها من فئات وطبقات متناقضة ، وهذه الطائفية تتعايش على قاعدة تغييب الصراع الطبقي، التي من خلالها تعمل على حجب حقيقة الصراع لتحول دون تحوله إلى قوة قادرة على تعطيل تلك اللعبة ، كما أن هذه الطائفية تسعى بدأب على استقطاب من يمكن أن يعمل على تدعيم وجودها أو يزجي إليها خدمة الصمت عن حقيقة لعبتها ، التي هي مكشوفة بالنسبة لمعظم النخب الوطنية والسياسية والفكرية المدركة ، أما تلك الغبية فإنها تغور في دوامة التبرير والصراع مع إحداها ،كتمترس عقائدي ما من بد الدفاع من أجله ، فيما الأطراف الانتهازية تقتات من كليهما مع إدراكها لها.

كما أن السكوت الحاصل اليوم عما يحدث يمثل جزء من هذا التغييب ، فقد يكون له مبررا مفاده: أن ثمة مرحلة جديدة مفاعليها لم تتضح أو تنضج بعد لكن المستقبل كفيل ببروزها ، مع ذلك فإنه إذا ما تمت دراسة تاريخ القرون السابقة على المستوى العالمي سنلاحظ ان الثورات هي نتاج التناقضات الاجتماعية والسياسية الحادة ، وليست المؤامرات التي يدبرها قادة " الاوركسترا " القابعون في الظل ، فالفهم المادي للتاريخ يتعارض مع الفهم البوليسي له ، ومع ذلك حتى وأن بدت الواقع مصاب بالسكون والتكيف السلبي مع ما يحدث فإننا على يقين أن ثمة اندفاعه ثورية ستحدث ، بل اندفاعات .

فالطائفية الخشنة افتعلت جبهة خارجية تعويضا للنقص الذي اجتاحها إثر عجزها عن خلق تأييد داخلي ، والطائفية الناعمة تتمأسس وتظن ذاتها غير مدركة أو تنخر دون ان يشعر بها أحد ، والسلطة التي عجزت عن ضرب الخشن وإخضاعه، تاهت في غيبوبة الفرح بوجود اصطفاف خارجي معها بعد أن عجزت عن إيجاد اصطفاف داخلي ، وتبدو هذه الثلاث القوى: "السلطة ، الطائفية الخشنة، الطائفية الناعمة " غير شرعية ولا تمثل طموح الشعب في إيجاد الدولة المدنية المحلوم بها ، دولة المؤسسات والنظام والقانون ، فالأولى عجزت ، والأخريين ليستا بديلا مناسبا ، ويبدو أن العاجز يريد أن يضع القوى المؤهلة ، أمام أمرين ، إما اعتباره الخيار الأقل سوء بين الخيارات التي تريد فرض ذاتها ، أو أن تتم إزاحته عبر هذه الخيارات التي قلت ذات مقال أنها تعمل على انقراضه بطريقة خشنة وأخرى ناعمة ، وبالتالي تعود لأكل ذاتها أو تتصارع بطريقة تعطل تحول القوى الشعبية التي ستعمل على تعطيل لعبة التعايش فيما بينها ، ويبدو أننا مستقبلا في ظل هكذا وضع قادمون على صراع طائفي لن يرحم ، فهذا "المالوش " قد فعل باليمنيين ما لم يفعله "ذو نواس" في تاريخه حين حفر الأخدود ، كما تخبرنا أسفار التاريخ.

وما يحدث في صعده من تدخلات هو في حقيقته صراع هيمنة بين قوى إقليمية ودولية ساحته وطن وجد ذاته مستوطن بكل عفونة الداخل والجيران ، من " وهابية ، وشيعية ، وقاعدة ، وطائفية "، وبالتالي فهذا لا يمكن فصله عما يجري في الجنوب من احتقان يتراكم ويوشك أن يجد له تعبير غير محمودا ، بل محموما بما هو أنكى ربما..!!، فالقوى العالمية الرأسمالية ليست بعيدة عن ما يحدث ، بل لقد صمتت حتى عن الحديث عن الديمقراطية فمصالحها الحيوية هي الاهم .

والزعم كما يؤكد أحد المحللين السياسيين الكبار أن "الرأسمالية قد تتأقلم مع تحولات تحررية –بمعنى أنها يمكن أن تنتج دون رغبة منها تغييرات ديمقراطية قد تصل إلى الاشتراكية –هو زعم من صميم الأيدلوجية الليبرالية الأمريكية ومهمتها التخدير، والعمل على تغييب التقدير الصحيح للتحديات الحقيقية ، والحيلولة دون النضال اللازم لمواجهتها " فرأس المال يعمل على الحد من تدخل السلطات عبر إلغاء "التقنين " لمصلحته الخاصة ، ليعمل بذلك على حصر الدولة في مهامها البوليسية ، دون أن يلغيها بالكامل ، ليكتفي بتصفية الممارسات السياسية التي تمنحها وظائف أخرى ، ولتفادي ذلك لابد من أن تسعى مختلف القوى المتقدمة لتقوية الممارسة الديمقراطية ، ومنحها مجالها الكامل ، وتعزيز الديمقراطية الاجتماعية والمواطنة المتساوية.

لا يعني ذلك أن المبادرة التي تقدم بها المشترك"كتسوية " غير مجدية ، هي بالتأكيد حل تقتضيه مرحلة ، لكن الإشكالية أنها غير ممكنة في ظل عدم قبول بها من قبل لسلطة وبالتالي فإن تجسيدها يتطلب من القوى التي أنتجتها نضالا مستداما ، هذا إذا كانت فعلا تلك التسوية قد جاءت كخلاصة لحوار القوى الوطنية المعارضة مع مختلف فئات الشعب ، فأي تسوية لا تجد معناها في ذاتها بل في علاقتها بالأوضاع التي تحيط بها ، وفي المقاصد التي تخدمها وفي إمكانات الوضع التي يمكن تسخيرها لها .

نحن نتجه نحو الدولة البوليسية ، وما ذكر أعلاه هو أحد أسباب ذلك ، فإلى جانب ذلك الاتجاه هناك انهيار يوشك أن يقع ، ووقوعه بحد ذاته كارثة إذ لم توجد هناك كتلة تاريخية متماسكة ، تستطيع أن تشكل طوقا يتلافى نتائج انهيار ستنهار ربما معه وحدة الوطن ، وبالتالي فإن الجزء الآخر من الوطن لديه ممكنات الوحدة أكثر من جزءه الآخر الذي ستنشأ فيه "كينتونات "طائفية وقبيلة متصارعة.

تسهيل الطريق أمام الحلول الأساسية يمهد لممكنات واقية تقود البلاد نحو صعيد أعلى من مختلف النواحي، كثرت المبادرات، والنخب السياسية والفكرية وبعض الاجتماعية متخمة بها ، فيما الشعب لا يعلم عنها شيئا إلا القلة ، وكلما تمخضت السلطة عن أزمات جديدة ، كلما تطلب الوضع فعلا ومبادرة أخرى ، وغدت الخيارات الممكنة غير ممكنة ، غير أن تآكل النظام وانفلاش قدرته على البقاء ما زال بالنسبة لنا أمل ، هذا إذ لم يخضع لعملية "شدشدة" خارجية تسعى لإبقائه كضرورة تقتضيها مصالحها ، لتهيئ بديلا يتناسب مع تحقيق تلك المصالح.
----------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو