الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دونجوانية الجسد

سهيلة بورزق

2009 / 11 / 14
الادب والفن



ربّما أكون بحاجة اٍلى وقت أطول من عمري لكي أجيب على مثل هذا السؤال الذكي، وقت يتسع للتحليق في معيار القيمة الأدبية والفلسفية التي يتجمّل بهما الجسد في النّص.هل هو السؤال الأوّل القادر على تحقيق صيغة الترابط بين الاٍنسان وذاته؟جوابي نعم،فالجسد هو الرأس الذي يحرّك باقي القيم مجتمعة وهو السلطة التي تتحقق فيها الانسانية.نحتفي بالجسد في النّص بالصورة التي نرى فيها أنفسنا ، سيعاتبني البعض ممن يعتبرون أجسادهم محرّك أتوماتيكي أو جماد يشعر ويمارس طبيعته ويحب ويكره بزر في حين هو في غاية الألوهية هو كيان مطلق يرفعنا اٍلى مصاف الاٍنسان الذي يجيد العقل والتّحكم في مشاعر قيمه وحركته وشهوته بقوة القلب والعقل معا ، قلت سيعاتبني من لا يفهمون أن أجسادهم تمتلك قوة روحية وجنسية نحن بحاجة لهما لتمكين الذات من الرّقي باٍحساسها وقدرتها على صنعنا وتحفيزنا على المضي في الحياة.الجسد روح الفن العاري الذي يرى الجمال في صمته وصوته وجوعه وعشقه .لن أكرّر أن الرّجل الكاتب من حقه أن يكتب عن جسده كما يرى ويستمتع ويتلذذ ومن حقه أن تدخل نصوصه الجنسية الجامعات حتى تدرّس للطلاب على أنها قيمة أدبية كبيرة و على العالم كلّه الاحتفاء بها كنبراس علمي نحن بحاجة اٍلى مثله في وقت صعب علينا فيه الحديث عن أجسادنا بلغة أدبية راقية في حين عندما تكتب المرأة الكاتبة نصا جسديا تنهال عليها التّهم و توصف بالداعرة والفاسقة والخارجة عن قانون الدين والأخلاق ويسجّل اٍسمها على أنه أخطر من سلاح الدمار الشامل ويقاطعها البعض من أئمة الأدب والكتابة والأخلاق وتعدو المسكينة مثلها مثل الهاربة من الموت اٍلى الموت وما بينهما يعلمه أصحاب النفوس المريضة والمتخلفة الذين ينامون على الجنس ولا يستيقظون منه أبدا ورغم ذلك يدّعون الأخلاق وأجسادهم متسخة بجرم النفاق .ثم اٍن الجسد ليس بحاجة اٍلى كتابة رجالية فقط لتمكينه من التّحرر من مفاهيمنا العتيقة عنه ،بيد أن الكاتبات العربيات اللواتي كتبن عنه وصفنه بوجع أكثر لأن الجسد في الأنثى موجوع ومتصدع وهارب من نفسه اٍلى نفسه لكن الكتابة الجسدية عند الكاتب الرّجل لا تعدو أن تكون فضفضة ذكورية لأنّها بلا ألم ولا خوف ولا تهمة ولا جريمة.لقد كتبت عن الجسد كعقدة تشتتنا لكي تترك فينا أثرا مدويا يحدث بدواخلنا خللا ما ينتقل عن طرق الوراثة ربما من جيل اٍلى آخر ذلك لأنّ ثقافتنا العربية لا تسمح بالوصول اٍلى منتهى السؤال الذي نجيد طرحه بخوف وخجل لكن لا نكتبه في نص يقولب فينا مداه.كان دائما يلازمني سؤال الفطرة عن ماهية جسدي ومنذ الطفولة اكتشفت أن على جسدي أن يحاصرني وأحاصره وأعيش في ظله مرعوبة من جنونه وشهوته .أعتقد أنّ الجسد ليس بحاجة اٍلى اعترافنا بجماله لأنّنا نحن من نسكنه ونحن من نتعذب فيه.ومن المؤكد أن الكتابة عن أجسادنا لا تنتهي في قصة قصيرة أو حتى في رواية متسلسلة الأجزاء لأنّ العنصر فيها متجدد باٍختلاف مفهومها لدى الأجيال اللاحقة وعليه لا يمكن الجزم بنهاية الكتابة الجسدية اليوم أوغدا وشخصيا لست ممن يتمنون ذلك من باب تحرير النفس البشرية من عقدة الأنا في النّص.وأحب أن أضيف أن هناك فرق كبير بين الدعارة النّصية التي يكتبها البعض من باب المتعة والتي تكون عادة بلا اٍطار لغوي جمالي يحميها من السقوط في المباشرتية العقيمة التي لا تكبح شر النفس في النص وبالتالي تتحوّل اٍلى قطعة فنية رديئة لا تغني ثقافتنا المهتزة والفقيرة جدا وبين النّص الآخر الذي يقول الجسد بلغة راقية تحتمل النقاش والتحليل والدراسة.أجسادنا اليوم منهكة بالفجور الذي لا يليق بجمالها ، نحن بحاجة اٍلى نصوص تقولنا على ضوء أنثى لا تحترق دائما كشمعة.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جميل
فادي ناصر ( 2009 / 11 / 14 - 07:52 )
نافذ وانيق
دمتِ


2 - الكاتبة القديرة أين تكمن المشكلة؟
عبد الوهاب المطلبي ( 2009 / 11 / 14 - 12:22 )
ارق التحايا الى الكاتبة القديرة الموقرة.... قرأت موضوعا في غاية الأهمية..اعتقد أن الحديث عن الجسد من كلا الجنسين يحتاج الى مراجهة موضزعية دقيقة... بستطيع الرجل ان يتحدث لكن بلغة السمو كما تتحدث المرأة ايضا عن الجسد..المشكلة تقع ليس في شكل النص انما في المضمون وهو يعتمد بالتأكيد على الصدق في الحديث عن خارطة الجسد في عفة وسمو... اننا سيدتي نواجه في هخذا الصدد الصدق مع انفسنا والصدق مع الأخرين... والفيصل الحاكم في هذه الناحية تتجلى فلسفتنا العقائدية وتظرتنا الى الامور لقد كتبت بعض الاديبات فأجادت في اختيار المضمون بصدق دون أن تقع في اشكالية حادة... وكتب الادباء ايضا وما بين قمة الهرم وقاعدته توجد السلايم وتوجد المنزلقات....أعتقد لا يمكن للتعليق ايفاء ما اردت أيصاله
تقديري واحترامي


3 - أنطباع متلقي
Karem ( 2009 / 11 / 14 - 15:33 )
نص يقوم بواجب مناقشة النصوص الأخرى للأخر ومن هنا يكتسب صفة الأبداع ناهيك عن جديده وهو القاء حجرا في ماء البئر الراكد


4 - أمة الاشباح
عبد الرحمن البحراني ( 2009 / 11 / 15 - 02:09 )
سيدتي
بهذا النص الادبي الحصيف وبهذه اللغة الرصينة الموقرة قد وضعت يدك على الجرح الضارب عميقا في كيان هذه الامة التي تعشق الطلاسم والاشباح ولاتحيد عنها ولاترضى لها بديلا وما الجسد في مفهوم هذه الامة الا اسطورة من الاساطير الغابرة فحواها ان الجسد ومنذ بدء الخليقة قد عقد حلفا مقدسا مع الحجارة واتفقا على ان ينتحرا معا على اعتاب جهنم انتحارا ابديا لا رجعة فيه قربانا وفداء لالهة الطلاسم والاشباح


5 - أقفال الجسد العربي
الحكيم البابلي ( 2009 / 11 / 15 - 05:46 )
السيدة سهيلة ... تحية طيبة
جذر المشكلة يبدأ منذ الطفولة ، العائلة ، المدرسة ، الدين ، المجتمع ، الى أن يتحول مفهوم الجسد الى عورة وربما بعبع
لا أعرف من هو أول غبي في التأريخ صور الجسد كعورة ونجاسة وخطيئة وحرام وعيب وشرف ؟ . الجسد هو الحياة
وبه ومن خلاله تستمر ديمومتنا
والرغبة هي المحرض على ديمومة وإستمرارية الجنس البشري الذي سبب بقائه الوحيد هو الجسد والرغبة
وإن كنا مؤمنين أو مُلحدين يبقى لزاماً علينا تقديس الجسد وحبه والتمتع به لأنه المدخل الى تجديد دورة الحياة
الوم الأديان قبل غيرها في تعقيد وتشويه التعامل مع الجسد كبديهية حياتية وواقع جميل ومتعة لازمة وحق مشروع
من ناحية أخرى تقولين سيدتي : لكن الكتابة الجسدية عند الكاتب الرجل لا تعدو أن تكون فضفضة ذكورية لأنها بلا ألم ولا خوف ولا تُهمة ولا جريمة . إنتهى
لا أشاركك رأيك هذا سيدتي ، أنه نوعٌ من التعميم الخالي من الدقة المطلوبة في موضوع حساس كهذا ، لا أعرف من أي مجتمعٍ عربي أنتِ ، لكنني مطلع وبصورة دقيقة على المجتمع العراقي .... سابقه وحاضره ، رغم كوني مهاجراً منذ زمنٍ بعيد ، وأعرف أن أغلب الكتاب الرجال في ذلك المجتمع لا فضفضة في سطورهم لأنهم يعانون ما تعاني نساء مجتمعهم وربما أقل بقليل ، وإن لم يعكسوا


6 - مقال جيد
عصام ( 2009 / 11 / 15 - 09:22 )
شكرا للكاتبه القديرة
عندما تكتب المرأة الكاتبة نصا جسديا تنهال عليها التّهم و توصف بالداعرة والفاسقة والخارجة عن قانون الدين والأخلاق ويسجّل اٍسمها على أنه أخطر من سلاح الدمار الشامل ويقاطعها البعض من أئمة الأدب والكتابة والأخلاق وتعدو المسكينة مثلها مثل الهاربة من الموت اٍلى الموت وما بينهما يعلمه أصحاب النفوس المريضة والمتخلفة الذين ينامون على الجنس ولا يستيقظون منه أبدا ورغم ذلك يدّعون الأخلاق وأجسادهم متسخة بجرم النفاق


7 - هذا واقع عربي
أمل ( 2009 / 11 / 15 - 13:02 )
السيدة سهيلة
تحياتي وتحيات كل النساء اللواتي يتعذبن باجسادهن ، ما وصفته صحيح ودقيق واعتقد أن جزءا كبيرا من المشكلة تكمن فينا نحن النساء ، في ثقافتنا التي ربما نحاول التخلص منها ولكنها تبقى ممسكة بتلابيب عقولنا حتى موتنا وربما ننقلها بالوراثة الى بناتنا ... لا تستطيع المراة في مجتمعاتنا ان تحدد هويتها الجسدية وتخشى التعبير عن ازمتها تقريبا في كل المحافل الوطنية التي تتهمها بكل التهم السيئة فقط لانها تعتبر التعبير عن هويتها الجسدية والجنسية عارا وانعداما للأخلاق في الوقت ذاته تعتبر هذا السلوك من الرجل رجولة ، رغم ان الذكورة وفجور الرجل لا يسمى رجولة بل هو انتقاصا للرجولة ... الموضوع شائك جدا لكن من المثير حقا ان ننكأ الجرح


8 - إمرأة شجاعة من مجتمعنا المبرقع
الحكيم البابلي ( 2009 / 11 / 15 - 22:31 )
السيدة سهيلة ... تحية
أرجو المعذرة لأنني عندما كتبتُ لك تعليقي الأول لم أكن قد قرأتُ بقية مواضيعك في الأرشيف ، والأن وبعد الأطلاع على بعضها وخاصةً الثلاثة الأخيرة فقد إزداد إعجابي بفكرك واسلوبك وجرأتك وشجاعتك في طرح مشاكلنا الأجتماعية بهذا الشكل الذي يصفع عقم مجتمعاتنا وقباحة وجودها وعدم فهمها لماهية الحياة ككل
هنا في أميركا وجدتُ نفسي من جديد ، وأعدتُ صياغة وتكوين وجودي بالشكل الذي يرضي مفاهيمي وقناعاتي ، وكم أود أن أساعد ناس أوطاننا في توضيح الرؤية التي يكتنفها الضباب من كل جانب ، وذلك من خلال كتاباتي ، وهذا ما وجدتك تحاولين جاهدة في سبيله
تحية إكبار وتقدير ، الطريق وعر ، لكن ثقتي بأرادتك كبيرة
وإلى لقاء آخر

اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا