الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فساد السياسة والكيان في إسرائيل

ماجد الشيخ

2009 / 11 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي



* رحم الاحتلال الولود في مستنقع الاستيطان
والسقوط من ذروة الأمكنة إلى أسفل سافلين!
يشير آخر تقرير دولي صدر مؤخرا، إلى أن إسرائيل باتت تقترب من قمة جدول دول الفساد في العالم، ولا شك أن فضائح الأسابيع الأخيرة التي أعلن عنها، ستدفع إسرائيل أكثر نحو التربع على تلك القمة. وقد أشار تقرير للبنك الدولي إلى أن نسبة الفساد في المؤسسات الرسمية، فاقت النسبة المقبولة في الدول المتقدمة، حيث وصلت إلى 8,8 بالمائة، بينما في الدول الغربية لا تزيد عن 4,91 بالمائة، ما يضع إسرائيل في أسفل سلم الدول الغربية، وعلى رأس قائمة الدول الأكثر فسادا في مجموعة الدول المتقدمة، وفي ذات الوقت الأكثر خطورة لجهة عدم تطبيق القانون، والفلتان الاقتصادي وترسب ظاهرة الفساد في المؤسسات الأهلية والحكومية والخاصة على حد سواء.

كما أشارت معطيات ما يسمى "مقياس الديمقراطية" التي أصدرها "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" خلال شهر آب (أغسطس) الماضي أن 89 بالمائة من الإسرائيليين يعتقدون بوجود فساد في إسرائيل، وأن 50 بالمائة منهم يعتقدون أن السياسيين يعملون في السياسة من أجل الربح الشخصي، مقابل 34 بالمائة فقط من العرب يعتقدون بذلك، وأن 22 بالمائة من العرب يوافقون على الادعاء بأن الوصول إلى القيادة السياسية يقتضي أن يكون السياسي فاسدا، مقابل 47 بالمائة وسط جمهور المهاجرين الجدد من الاتحاد السوفييتي السابق.

وكلما قيل أن قضية الفساد في إسرائيل قد بلغت الذروة، كلما اتضح أن ذرى جديدة ما زالت تتكشف مع الوقت، فقضايا الفساد أضحت هي الجزء المكمل لعادية مشاهد وسرديات المؤسسة الحاكمة، إلى حد أن ما بتنا نشهده في هذه المرحلة من حيث الكم ونوعية الفساد ومستوياته، سجل ذروة جديدة غير مسبوقة في تاريخ إسرائيل.

مشاهد وسرديات الفساد الإسرائيلي، شكلت مسلسلا طويلا لا ينتهي، ومن أبرز الجرائم الأخلاقية والفضائح المالية، تلك الفضيحة التي اتهم فيها رئيس الدولة السابق موشيه كاتساف بمحاولة اغتصاب عدة موظفات عاملات في مكتبه، استقال من مهام منصبه في حزيران (يونيو) 2007 بسبب ذلك. بينما كان الرئيس السابق عازار وايزمان قد استقال من مهامه في العام 2000 بسبب شبهات حول تلقيه رشاوى من عدد من رجال الأعمال. كما الوصمة التي أثبتت بحق وزير العدل حاييم رامون، المتهم بمحاولة تقبيل سكرتيرته الشخصية رغما عنها، بالإضافة إلى اعتقال رئيس سلطة الضرائب جاكي ماتسا، والاشتباه برئيس الوزراء الحالي بنيامين نتانياهو، بأنه أراد تسديد تكلفة أعمال ترميم أجراها في منزله الخاص من أموال دافعي الضرائب، وأنه حاول حيازة هدايا تلقاها بصفته رئيسا للوزراء. وفي عام 1976 أدى اكتشاف حساب صغير بالدولار تملكه ليا زوجة رئيس الوزراء الذي قضى اغتيالا إسحاق رابين إلى استقالته.

وزير الخارجية بدوره أفيغدور ليبرمان، ليس بعيدا عن هذه الدائرة، فقد أوضحت الوحدة اللوائية للتحقيق في قضايا الفساد، إحالته للقضاء وتوجيه لائحة اتهام ضده، تتضمن مخالفات خطيرة من بينها تلقي رشوة وتبييض أموال والحصول على مكاسب عن طريق الخداع، وعرقلة التحقيق ومضايقة شاهد. كما وكان قد جرى في وقت سابق الحكم بالسجن على وزيري العدل شلومو بنزري، والمالية إبراهام هيرشيزون. فيما تشهد الآن آخر مشاهد الفساد تقديم لائحة اتهام ضد رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، وضد مديرة مكتبه شولا زاكين، بالحصول على مكاسب عن طريق الاحتيال وخيانة الأمانة وتسجيلات كاذبة في وثائق قانونية، والتهرب من دفع الضرائب، فيما اتهمت زاكين أيضا بالقيام بعمليات تنصت سرية، وهذا كله لا يعني أن مثول أولمرت أمام القضاء هو الأخير من نوعه في إسرائيل. إذ قبله كانت الشرطة قد فتحت تحقيقات لم تؤد إلى اتهامات ضد ثلاثة من رؤساء الحكومات السابقين هم بنيامين نتانياهو (1996 – 1999)، وإيهود باراك (1999 – 2001) وآرييل شارون (2001 – 2006) وسط شبهات بتلقيهم تمويلا غير مشروع لحملاتهم الانتخابية.

وفي التاسع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي كشفت صحيفة هآرتس عن فضيحة جديدة، طالت هذه المرة وزير الدفاع إيهود باراك، إثر معلومات عن دخول سبعة ملايين شيكل (حوالي 1,9 مليون دولار) إلى شركتين تديرهما بناته الثلاث، ما يشير إلى أنه يواصل أعماله التجارية في موازاة توليه منصبه الرسمي، وهو ما يتعارض مع القانون الإسرائيلي. وبحسب تقرير الصحيفة، فإن مبلغ 5،5 مليون شيكل دخلت إلى "شركة إيهود باراك محدودة الضمان" من مصادر في إسرائيل وخارجها، فيما دخل مبلغ 1،5 مليون شيكل إلى "شركة كرادو للتطوير التجاري محدودة الضمان" والتي يشاركه فيها نسيبه السابق المحامي دورون كوهين.

وتسمح الأنظمة التي وضعتها "لجنة آشر" لمنع تناقض المصالح، لدى تولي رجال أعمال مناصب سياسية، بنقل شركة المسؤول إلى أفراد عائلته فقط، في حال عملوا في الشركة لمدة عام قبل تولي المنصب الوزاري، لكن تحقيق هآرتس أظهر أن بنات باراك لم يعملن أبدا في الشركة، وأنهن لا يعملن فيها اليوم أيضا، وقد ردّ باراك قائلا إنه منح الشركة لبناته كـ "هدية"!.

ولم يخل مشهد الفساد وسردياته من سقوط بعض الحاخامات في براثنه، وأشهر من حكم عليهم خلال العام الماضي (2008) من هؤلاء كان زعيم حزب شاس الديني آرييه درعي، الذي سجن بعدد من تهم الفساد والرشوة. وليست آخر القضايا تلك التي أعلن عنها مؤخرا، وكشف النقاب من خلالها عن تورط عدد من الحاخامات، ورجال الأعمال، ورؤساء بعض البلديات، في قضية الشبكة اليهودية الكبيرة التي تعمل على مستوى عالمي، في مجال تبييض الأموال وسرقة الأعضاء البشرية وبيعها، واستخدام عائدات ذلك كله لرشوة كبار المسؤولين داخل الحكم في إسرائيل وخارجها، وهي القضية التي تزامنت مع كشف الصحفي السويدي دونالد بوستروم، وإلقائه المزيد من الأضواء، حول جريمة سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين والمتاجرة بها.

وحسب هآرتس (2/9) فإن "تراكم فساد القيادة السياسية في إسرائيل، وصل إلى قعر سميك على نحو خاص من القذارة، فالشخصيات التي وصلت إلى ذروة المكانة، ها هم يهبطون إلى أسفل سافلين؛ منهم إلى كرسي الاتهام ومنهم إلى ما وراء القضبان". وإذا ما أسفر تزاوج المال والسلطة في إسرائيل – وهذا أمر طبيعي في كل دول العالم – فإن السلطة ستفقد هيبتها في نظر جمهورها، وربما قادت سياسات السلطة وتواطؤ الرأسمال وأربابه، ممن لا يتصفون بالنزاهة في مطلق الأحوال، إلى إيجاد تهديدات إستراتيجية تؤثر في قرارات السلطة السياسية التي تآكلت بفضلها "منظومة القيم الصهيونية"، حتى وصلت الأمور إلى أنه لم يعد "قادة الدولة" في نظر الجمهور الإسرائيلي يمثلون لهم أي نموذج يمكن تمثّله فضلا عن احترامه.

وهكذا.. و"بينما تقوم قيادات اليمين (في إسرائيل لا يقتصر الأمر على اليمين بل الوسط ويساره) بانتهاك القانون جملة وتفصيلا، لخدمة مصالح أيديولوجية عامة، فإنها لن تصمد أمام إغراءات دوس القوانين لخدمة مصالح شخصية، ومن رحم الاحتلال ولد الفساد ونما في مستنقع الاستيطان" حسب البروفيسور يارون إزراحي المحاضر بالعلوم السياسية بالجامعة العبرية بالقدس، حيث يؤكد أن استشراء الفساد في إسرائيل يشكل تهديدا إستراتيجيا لها. وعلى غرار مراقبين آخرين اعتبر دورون نفوت المحاضر في العلوم السياسية بجامعة حيفا والخبير في قضايا الفساد، أن هذه الآفة ترقى إلى مستوى خطر إستراتيجي على الدولة ما دام لا يواجه ولا يعالج، وقال إن السرقة والرشوة تعني استغلال المناصب لخدمة مصالح خاصة، وعندها سيفقد نظام الحكم معناه، ويصبح دولة لصوص كما في بعض أشباه الدول الإفريقية.

وتماما كما وصفت امرأة إسرائيلية، فإن "الأشخاص يتغيرون، أشخاص يذهبون وآخرون يأتون، لكن الأسلوب يبقى، وهذا ما يقلقني، فعند وصولهم للحكم ما يقلقهم هو ما سيختلسون لجيوبهم". وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن الفساد السياسي في إسرائيل يتضمن ثلاثة أنواع هي الامتيازات الحكومية والرشوة والتعيينات السياسية، وهو منتشر بدءا من رئيس الحكومة، مرورا بالوزراء وأعضاء الكنيست والموظفين الكبار، ما يعني وسوف يعني أن هذا لا يؤثر فقط على الصورة أو الانطباع العام، حول النظام والنخب السياسية والبيروقرطية، بل كذلك على العملية السياسية واتخاذ القرارات في شأنها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ