الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون الانتخابات البرلمانية الجديد خرق فاضحا للدستور وتكريس لمبدأ الغنيمة السياسية !!!

ماجد لفته العبيدي

2009 / 11 / 15
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


لم تتوقع القوى الديمقراطية الحقيقيةوفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي ، ان يخرج البرلمان العراقي بقانون منصف وعادل ، بعد العراقيل التي واجهة القانون خلال الاسابيع الماضية ، وقد عقد النائبان الشيوعيان الاستاذ حميد مجيد موسى ، و الاستاذ مفيد الجزائري مؤتمرا صحفيا داخل قبة البرلمان العراقي ، أشاروا فيه الى ستة نقاط اساسية للتوصل الى قانون منصف وعادل للانتخابات ، مع تحذيرهم الى مخاطر خلط الاوراق عبر قضية كركوك والتي سعى الجميع للاستخدامها كورقة ضغط لتكريس الامر الواقع ، وجاء القانون الجديد ليؤكد صحة تلك التحذيرات التي اشار لها الشيوعيون والديمقراطيون المعارضون لسياسة المحاصصة الطائفية والقومية العقيمة .

فقد أقرالبرلمان العراقي القانون الجديد لتنظيم الانتخابات البرلمانية القادمة في 16 كانون الثاني 2010 ، في جلسته يوم الاحد الثامن من تشرين الثاني 2009 ، بعد تجاذبات ومناوشات وصراعات بين الكتل الكبيرة على تقسيم الغنيمة السياسية وأقصاء الاقلية بمختلف اتجاهاتها عن التمثيل البرلماني لضمان أغلبية مريحة للفوز في الانتخابات. والذي يطلع على نص القانون الجديد الذي جاء بعد تعديل قانون رقم 16 لسنة 2005 ، يرى فيه خرقا فاضحا لروح ونص الدستور العراقي الذي تم اقراره في الاستفتاء العام 15تشرين الأول 2005 .
فهذا القانون الجديد يتناقض مع روح الدستور الذي يؤكد على المواطنة الاتحادية ، من خلال تكريسه المحاصصة الطائفية والقومية ، وتكريس روح الاستحواذ القسري على اصوات الناخبين ،والذي شرعنته المادة الاولى فيما يتعلق في المقاعد التعويضة بتقليصها من 45 الى 15 مقعد ، والمادة الثالثة المتعلقة في توزيع المقاعد الشاغرة على القوائم الفائزة ، بدلا من توزيعها على اكبر الاصوات للقوائم الخاسرة الذي تم العمل فيه القانون السابق 2005 رقم 16 .
ويتناقض القانون الجديد أيضا مع نصوص الدستور في المادة الثانية في الفقرة (ب) والتي تنص على (لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع مبادئ الديمقراطية) وكذلك مع الفقرة (ج) من نص المادة المذكورة والتي تنص على عدم جواز سن قانونٍ يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور، وقد اوغل القانون في تعارضه مع روح الدستور العراقي حيث نرى ذلك التعارض مع المادة السادسة التي تنص( يتم تداول السلطة سلميا عبر الوسائل الديمقراطية المنصوص عليها في هذاالدستور) ، فالقانون الجديد يقطع الطريق على هذا التداول ويشرعن المحاصصة الطائفية والجهوية السياسية وهو في هذا المنحى يخنق اي صوت معارض للاغلية التي تعتمد المحاصصة في توزيع المغانم السياسية .
ونكتشف ايضا من خلال قرائتنا المتئنية للدستور العراقي مدى تناقض القانون الجديد معه في الباب الثاني منه المعنون ( الحقوق والحريات الاساسية ، اولا المتعلق في الحقوق السياسية والمدنية من المادة :(14 ) والتي تنص على أن (العراقيون متساوون امام القانون دون تمييزٍ بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي والاجتماعي) ، ونراه ايضا يتناقض مع المادة (20) والتي تنص على (للمواطنين رجالاً ونساءً، حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح.) وكذلك في المادة (35) الفقرة ثانياً والتي جاء فيها ( تكفل الدولة حماية الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني)، لان القانون الجديد يكره المواطن على منح صوته للقوى التي يختلف معها سياسيا وفكريا ودنيا وهولم يصوت لها اصلا ، ووفق رؤى المشرعين لهذ القانون ، سوف يمنحهم الاغلبية المريحة للفوز في الغنيمة، بحيث الاستيلاء على جميع اصوات الناخبين بالرغم من أرادتهم عبر توزيع اصوات الكتل التي لم تصل الى مئة الف صوت ، و حتى وان حصلت على تسعة وتسعين الف صوت على القوائم الفائزة ، فأي اجحاف في حق الاقليات السياسية والقومية والدينية المشاركة في الانتخابات!!!!
ويتعارض القانون ايضا مع روح المادة39 من الدستور العراقي والتي تنص على( العراقيون احرارٌ في الالتزام باحوالهم الشخصية، حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم، وينظم ذلك بقانون .)
وقانون الانتخابات البرلمانية الجديد يحد خرقا واضحا لا يقبل الجدل لمواد الدستور 40،44،47
وخصوصا المادة (44) والتي تنص على (لا يكون تقييد ممارسة أيٍ من الحقوق والحريات الواردة هذا الدستور او تحديدها الا بقانون أو بناءً عليه، على ان لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية).
اليوم بعد اقرار البرلمان للقانون الجديد تعول بعض القوى الديمقراطية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي حسب ماورد في بيان مكتبه السياسي، على تعديله من خلال رفض الرئاسة العراقية لبعض بنوده المجحفة ، ورده الى البرلمان العراقي لمناقشته من جديد، أن هذا التعويل صعب المنال، لان الرئاسة ليس جهة مستقلة، وهي تعبير مكثف للمحاصصة الطائفية والقومية السياسية ، التي تجد تعبيرها الاوسع في داخل قبة البرلمان .
ولابد ان نقول أن هذا التعويل ليس في محله، لان القوى المتنفذة في المحاصصة السياسية الطائفية تعي دور القانون الذي يمثل أنشوطة رقبة لخنق الديمقراطية وتكبيل قواها الحقيقة ، التي تعاني أصلا من التشرذم بفعل تريكة الدكتاتورية واثار الاحتلال. وعلى الرغم من الجهود التي بذلها الحزب الشيوعي العراقي والقوى القريبة منه لتشكيل جبهة ديمقراطية لخوض الانتخابات ، لكن هذه الجهود لم تصل للغاية مرجوة منها ولم تجن ثمارها، فقد أختتم مؤتمر القوى الديمقراطية المنعقد في بغداد 16 أكتوبر 2009 ، من دون التوصل الى نتائج تذكر ، بل زاد من تشرم القوى الديمقراطية في أجواء المزادات الانتخابية !!
فقد توجه شخصيات ديمقراطية وقوى واحزاب للانضواء تحت خيمة الائتلافات الطائفية التي تمت أعادة هيكلة قواها وأضفت عليها طابعا شكليا للتمثيل الوطني العام ، فهذه الشخصيات والقوى قد أغنتنمت هذه الفرصة سعيا منها لدخول قبة البرلمان بأي شكل من الاشكال ، مغادرة موقع التيار الديمقراطي لتلتحق بقوى الائتلافات الكبيرة ، وبعض منها غادر حتى من دون أستشارة حلفاء الامس من القوى الديمقراطية التي ترتبط معه بوشائج اقوى من حلفائه الانتخابين الجدد !!
من هنا في ظل هذه الاجواء التي خلقها القانون الانتخابي الجديد ، يواجه الحزب الشيوعي العراقي والقوى والشخصيات الديمقراطية القريبة منه والحليفة له ، خيارين لاثلاثة لهما :
الخيار الاول :- الدعوة لعقد مؤتمر لكل القوى الرافضة لقانون الانتخابات والمتضررة منه والتي تقدر باكثر من مليونين ناخب وفق أحصائيات المفوضية العليا للانتخابات على ضوء انتخابات مجالس المحافظات ، والاتفاق معها للتصويت للاحزاب الرافضة والمتضررة من القانون والتي نالت نسبة اصوات كبيرة في المدن العراقية المختلفة للحصول في الدائرة الانتخابية الواحدة على نسبة 100الف صوت، وترك الخيار لهذه القوى في تشكيل كتلة بعد الانتخابات او بقاءة منفردة في التمثيل البرلمان .
الخيار الثاني :- وهو مقاطعة الانتخابات لكي لاتذهب اصوات القوى الديمقراطية والشيوعيين الى احزاب لا تمثل خياراتهم وتواجهاتهم السياسية والفكرية ، ويشكل ذلك في نفس الوقت الانتقال الى المعارضة السلمية خارج قبة البرلمان ، والتي لا تعني بكل حال من الاحوال معاداة العملية السياسية، ان مثل هكذا موقف ليس من السهل الاقدام عليه من دون تهيئة الراي العام الحزبي وتاهيل المنظمات الحزبية لتكون اللولب المحرك الاعمال الجماهرية اليومية في الشارع العراقي .
ان الانتقال الى المعارضة السلمية خارج البرلمان العراقي سوف يترك بعض الاثار السلبية على النشاط الحزبي ولكنها في نفس الوقت سوف تكسبه قوة اكثر وتخلصه من الكثير من الالتزامات الغير مجدية التي كانت تحد من حركته، وتجعله أكثر نفوذا كقوة ديمقراطية راديكالية مدافعة عن مصالح الجماهيرالشعبية ومعبرة عن طموحاته وامالها العريضة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار


.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: اجتياح رفح سيتم قريبا سواء تم التوصل لاتفاق أم لا


.. بلينكن يعلن موعد جاهزية -الرصيف العائم- في غزة




.. بن غفير: نتنياهو وعدني بأن إسرائيل ستدخل رفح وأن الحرب لن تن