الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نُثار ( 1 )

يحيى علوان

2009 / 11 / 19
الادب والفن


صَـداقُ النــار


عـامَ 1499 أمَرَ سيزنيرو أُسقُفُ غرناطـة ، أنْ تُطعَـمَ النارُ بكُتُبِ ثمانيـةِ قرونٍ مـن الثقافـة
الإسلامية فـي أسبانيا ....
عـام 1592 قضـى الشمّاس دييغـو دي لاندا بحـرقِ تراث ثقافـة المـايـا ، التـي تغـورُ جذورهـا
عميقـاً فـي التأريـخ ....
النازيونَ في ألمانيـا كانوا أمينينَ لهذا الجانب الهمجي من تأريخ البشرية ، فأقاموا في ساحة
بيبلْ ببرلين قبلَ سبعينَ عاماً "مهرجاناً!" لحرق الكتب ...
حدثتْ قبـلَ ذلك وبعـده عـدةُ حـرائق ، أُطعِمَـتْ فيهـا النيران بذاكـرةِ مختلفِ الشعوب ...
فـي ربيـعِ 2003 ، عندمـا إستكملت القوات الأمريكية غزو العـراق ووصلت إلـى بغـداد ، طوّقتْ بالدباباتِ
والجنـود مبنـى وزارة النفط لتأمين حمايته ، فيمـا أمَرَتْ جنودهـا ألاّ يكترثـوا لنهب المتاحف ... إذ فُقِـدَتْ رُقُـمٌ طينيـةٍ ، تضمُّ أولـى الأساطير والقصص المـدونـة ، وأولـى الشرائـع المكتوبـة ..

بعدهـا جـاءَ دورُ حـرائق الكتُبِ ، حينَ أُشعِلَتْ النيـران فـي المكتبـة الوطنيـة ، فألتهمت
أكثَـرَ من نصف مليون كتاب .. عددٌ كبيـرٌ منهـا مخطوطـاتٌ وأول الكُتُبِ ، التي طُبِعَتْ بالعربية والفارسية ...
لم تكـن العملية عفويـة أو محظَ صـدفة ! كانت عملاً مقصـوداً لمحـو ذاكـرةٍ جمعية موَثَّقَـة لصالـح
إعـادةِ إنتـاجِ الخـرافـة من جديـد فـي المنطقـةِ كلِّهـا ..!!
مـا زادَ حَنَقـي ، أنَّ واحـداً يَتنطَّـعُ بأنـه " أهـم مثقفٍ عـراقـي"! علَّقَ علـى ذلكَ قائـلاً :" يمعَوَّدْ
هـذا حجـر وورق ! شنو قيمته ، بابا ، إزاء الناس ؟! " لكنـه لـم ينبُسْ ، حتى الآن ، ببنتِ شَفَه ، أو
يكتب حـرفـاً واحـداً ينتصـرُ فيـه لـ"ناس" العـراق ، الذيـنَ يمـوتون ، كلَّ يـومٍ ، زُرافاتٍ ووحدانا
، ناهيكَ عـن أربعـة ملايين مُشرّد !


تقليـدٌ وطنـيٌ عـريـق !


لصاحبي، الذي لم يُصدِّق حتى
الآن ، أن العراق غدا ثالثَ بلد
في العالم بقائمة البلدان المبتلاة
بالفساد والرشوة .

من دون بقية إخوانه ، كان أسوأ تلميذٍ في المدرسة . بذلتْ العائلـةُ جهوداً مضنيةً معه ، فمـا
تغيَّر ! ولمّـا يئسَ ربُّ العائلـة من إصلاحه ، أقامَ وليمـةً كبيرةً على شرفِ معلم المدرسة ، دعا
لهـا الأعيـانَ وكبـار التجـار . لم يبخل الأب بطعـامٍ او شراب ... شَنَّفَ أسماعَ الحاضرينَ بألحانَ شجيّةٍ ، وكحَّلَ نواظيرهم براقصاتٍ من أحلى ما يكونُ الخلق ... وعندما إنتهت الوليمةُ ، حمَّلَ
المضيِّفُ المعلمَ بعطايا وهدايـا كثيرة ...
فـي اليـوم التالـي زحَفَ التلميذُ إيـاه من آخر القائمة ، ليستقرَّ بينَ الأوائلِ من أقرانه ..
عُثِرَ علـى هذه القصـة في رُقَمٍ طينيةٍ ، كتبها السومريونَ بالخط المسماري ، يرجعُ تأريخها
إلـى أكثرِ من أربعـةِ آلافِ سنةٍ . إنهـا تشيرُ إلـى أن الرشوةَ واحدة من أقدمِ التقاليد عند
شعوبِ وادي الرافدين ! وقـد تم إحياؤهـا الآن بفضل " التحرير الأمريكاني " وزبالته !!


سِنِمّـار الصين

يُحكى أنه كان ثمـةَ قيصر صيني ، لا أحدَ يعرفُ إسمه أو سلالته ، إستدعى ذات ليلة مستشاريه وخُلَصائه ، وأسَرَّهم بمـا يكدِّرُ عليه منامه : " مـا عادَ أحـدٌ يخشاني ويهابني."
ولأن رعيته لم تعُـدْ تخشاه ، ما عادت تحترمه ، ولأنها لا تحترمه ، ما عادت تطيعه ...
" عليكَ بالعقوبات " ، قال أحدُ مستشاريه .
أجاب القيصر بأنه أمرَ بجلدِ من لا يدفع الضرائب ، وبتعذيبِ من لا ينحنـي أثنـاءَ مرور
موكبـه ، وبأعدامِ من يجرؤ على الإنتقاص من أفعاله .
فقال المستشار :" لكن كل ، الذين ذكرتهم هم من المذنبين فقط " ،
وأضافَ موضحـاً :" سلطةٌ بلا خوف ، مثل رئةٍ بلا هـواء ، فإذا إكتفيتَ بمعاقبةِ المذنبينَ ،
فأنهـم وحـدهم مَـنْ سيخافك !"
أطـرَقَ القيصـر بـرهةً ، متأملاً ، ثم قال :" الآنَ فهمتُ !"
فـي اليوم التالـي أمرَ بقطـعِ رأس المستشار ، وأمـر الشعبَ أنْ يحظـرَ مراسيمَ قطـافِ
رأسِ المستشار فـي " ميدان السلطة السماوية"!!


الفردوس الموعـود


يعدونـا لو أننـا بقينـا مهذبين ، دون مشاكساتٍ و"زعبراتٍ" ، أنهـم سيعرضونَ علينا ذاتَ الصور والأفـلام ، ويُسمعونا ذاتَ الأنغـام ،
ويُلبسونا ذاتَ الملابس ، ونعيشُ ذاتَ الوحشة ، ونسكنُ ذاتَ البيوت ،
ونتنفّسُ ذاتَ القمامـة ، ونأكُلُ ذاتَ الهامبرغر ،
ونأتمـرُ بذاتِ الأوامرِ فـي عالـمٍ موحَّـدٍ " مُعـولـمٍ!" ، سيكونُ رائعـاً لكلِّ مـا ليس لـه أرجل
وأقـدام أو أجنحـةٍ أو جـذور ...!
عالـمٌ يسقي فيه الجنائني أعشاباً وحشائشَ من البلاستيك ،
عالـمٌ مليءٌ بمرائب السيارات ، خالٍ من المتنزهات ،
عالـمٌ فيـه مستهلكونَ ، بدَلَ مواطنينَ ذوي إرادة ،
عالـمٌ بلا بشرٍ ، بل "جمهور !"،
عالـمٌ بلا حلـمٍ ، مليءٌ بالتلفزيوناتِ والقنوات الفضائية ،
عالـمٌ عندما يمتدحُ جمالَ زهـرةٍ ، يقول عنهـا :" جميلـةٌ ، تشبه وردةً بلاستيكية !!"










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطفل اللى مواليد التسعينات عمرهم ما ينسوه كواليس تمثيل شخ


.. صابر الرباعي يكشف كواليس ألبومه الجديد ورؤيته لسوق الغناء ال




.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس


.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-




.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت