الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقابلة مصر الجزائر في الميزان .

الطيب آيت حمودة

2009 / 11 / 16
عالم الرياضة


كثيرا ما قرأنا بأن وحدة الدين والتاريخ المشترك ، ووحدة اللغة عوامل وحدة لا فرقة ، غير أن ما أثبتته الكرة ومقابلة مصر الجزائر المؤهلة لمونديال 2010 بجنوب افريقيا مسح تلك العوامل جميعها ، وأصبحت الوطنية الكروية بشعاراتها هي ألأمثل في استقطاب المجتمع بجميع أطيافه وتوجهاته وهو ما لم تقدر عليه الأحزاب السياسية في التجنيد وأصبحت لا هثة وراء ها تستجدي عونا وتأييدا لسياساتها .
للصراع جذور قديمة :
لا غرو أن التنافس الكروي الشريف مشروع ، وكثيرا ما يزيد عن حده ، وتتحول إلى صراعات سياسية وحتى عسكرية كما يحدث أحيانا في بعض دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا السوداء ، إلا أن مظاهر المسالمة والروح الرياضية قائمة رغم العداء مثلما تتبعنا مقابلة أنجلترا والأرجنتين بعد أزمة جزر الفوكلند ، أو مقابلة ايران مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد الشحناء بينهما ، أو مقابلة تركيا مع أرمنيا في المدة الأخيرة .
فكرة القدم في أساسها فرجة وإبراز للمواهب وتعرف على الآخر ، وتسامح ، وتربية تعلم الشباب على أن الحياة والانتصار صراع ، وأن النجاح يأتي بالعمل والتعب ، وأن طعم الانتصار لا يقدر بثمن ، وان الانتصارات قد تعقبها انهزامات ، وان العيب ليس في السقوط وإنما العيب البقاء حيث سقطنا . وتقديري أن الكرة تلعب داخل البساط الأخضر بين متنافسين يجيدان الركل والتمرير والمرواغة ، والتهديف ، لا بين
شعبين منفعلين بما يجري فيها ، وماذاك الإنفعال الزائد إلا تعبيرا عن كبت غائر في وجدانهما يبحث عن متنفس لحاجات مضطهدة تبحث لنفسها عن شرعية التعبير باسم سحر الكرة المستديرة .
وسائل الإعلام سلاح بحدين :
عشنا أحداثا مروعة على لسان وسائل الإعلام السمعية والبصرية من كلا البلدين ، خاصة منها الخاصة رغم محاولات التهدئة ، فتغلب منطق البراجماتية النفعية على حساب القيم الثابتة للأمة ، فتحولت وسائل الإعلام في البلدين من وسائل بناء إلى وسائل هدم جارفة لكل قيم الإخاء والمحبة والتآزر بين الشعبين ، فغدا التنابز سمة الصراع ظاهره الكرة وخفيه يحتاج إلى علماء اجتماع ونفسانيين لإدراك كنهه وخباياه . وانساق الجميع في البلدين صغيرهم وكبيرهم ، عالمهم وجاهلهم ، عامتهم وخاصتهم ،في جحيم دق طبول الحرب الكلامية التي وجدت عنفوانها في ظل تطور وسائل الاتصال بما فيها المنتديات الكروية واليوتيب ، والاختراق والهاكرز ، وهي أمور جديدة مستحدثة ، لم تقوى الدول بعد في الحد منها . وبالرغم من تفاوت الإمكانات بين مصر صاحبة النايل سات والقنوات الرياضية المشفرة الخاصة ، إلى أن الجزائر بأمكاناتها المتواضعة ردت بما يلزم الرد عليه .
بين السياسة والكرة المستديرة :
إن الهوس الذي أصاب المجتمع الكروي في شمالنا الإفريقي ، هو تعبير عن حاجة لإثبات الذات المغيبة ، وظهورها الآفل اقتصاديا وسياسيا وثقافيا أمام عمالقة الحاضر ، فغدت الكرة المتنفس الأوحد والوحيد للشباب الذي ابتلعه حوت المتوسط ، وسجون الغرب الطارد ، وترقب التكفيريين السلفيين الجابذ ، وغمزات شياطين القنب والحشيش المتلاعب ، هروبا من ذلك كانت ملا عب الكرة المتنفس الأمثل لهؤلاء ، وأدرك الساسة بأن الملاعب والكرة المستديرة هي التمثيلية الأنسب لأبعاد العامة على السياسة أو التنبيش فيها ، وهو ما يلاحظ من دعم الساسة والدولة للفرق المحلية والفريق الوطني ، وهو ما يترآى بعمق ووضوح في مواقف الرجال في أعلى سلم الدولة ، على لسان بوتفليقة ومبارك و جمال ، لأن عثرة الفريق هو عثرة لسياستهم وتهديد لمناصبهم العلية ، فكان التدعيم المادي لسفريات مفبركة ممولة من خرينة الدولة ، والتي بإ مكانها أن تتحول إلى مستشفيات ومدارس وسبل تعود بالنفع على المجتمع . وبذلك تحول الساسة من قيادة إلى منقادين يتمسكون بجلباب الكرة حفاظا على ريوعهم ومكتسباتهم القابلة للذوبان والإضمحلال عند كل طاريء منذر بالإنفجار .
كرة القدم بين النعمة والنقمة :
انبهرت من التضامن الوطني الملاحظ على الوجوه ، والالتحام الذي ظهر به المجتمع في ابراز فرحته وابتهاجه عن طريق رفع الأعلام والتزين بالشعارات الوطنية و التغني بالأهازيج المتداولة عبر ربوع الوطن مشرقه ومغربه ، في الجزائر ومصر ، وكل يتغنى بفريقه الوطني ، ويأمل بلوغ النهائيات المرتقبة ، وكثيرا ما تخيلت نفسي في احتفالات الاستقلال أثناء استرجاع السيادة الوطنية يوم 05 جولية 1962 ، وإن بدت للبعض تفاهة الأمر أو سذاجته ، فأنا أقدر لهؤلاء حماسهم الذي يعد نوعا من أنواع التعبير عن الوطنية التي فقدناها طيلة العشرية المعروفة بعشرية الدم والبكاء ، وما أكثر ما شهدتُ الإقدام على التضحية حتى حد التهور ، وهو أمر يوحي بأن الكرة المستديرة تحولت من لعبة بريئة إلى وسيلة استقطاب وطني ، نتمنى أن توجه الوجهة التي تليق بها لتكون أداة بناء لا وسيلة هدم . غير أن اللعبة كثيرا ما توجه لغير غايتها من طرف عناصر همها الأوحد الصيد في الأوحال والمياه العكرة .
الخاتمة / ونحن على أبواب معركة فاصلة بين أقدام الفريقين في ملعب المريخ السوداني يوم 18 نوفمبر 2009 حيث تبرز نزاهة أهل السودان ومنظميها بمنحهم الفرص المتكافئة للفريقين في إبراز جوانب المتعة والقدرة على ترويض الكرة ترويضا يحولها إلى أهداف جميلة تبهر المتتبع القاصي والداني ، وتجعل من اللقاء عنوانا للتآخي والتسامح والتحابب بين الإشقاء ، والأقدر كرة هو المؤهل لتمثينا في جنوب أفريقيا أمام عمالقة الكرة العالمية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إفلاس
عبد القادر أنيس ( 2009 / 11 / 16 - 09:10 )
هذه المأساة الملهاة تعبر فعلا عن إفلاس حقيقي لبلداننا شعوبا وحكومات على مختلف الجبهات الثقافية والتربوية والسياسية والإعلامية.
هنا يظهر للعيان مدى النفاق الذي يتشدق به القوميون حول العروبة والإسلام وحول أواصر الأخوة بين الشعوب العربية، وهي شعارات رأيناها بهذه المناسبة تتهافت أمام أول موجة مثل بناء من رمل .
تقديري أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق النخب التي سارت مع الموجة وعلى الشعوب التي تنجر وراء كل مخدر يلهيها عن الاهتمام بأحوالها المتخلفة وطبعا في هذه الحالة لا ننتظر من السياسيين إلا تملق هذه العامة من أجل تمرير برامجها الفاشلة وفضائحها المالية والأخلاقية.
هذه الايام عبرت عن هزيمة حقيقية للعقل والفكر والثقافة.
الأصوات المتزنة العاقلة لا تكاد تطفو على السطح رغم وجودها مثل هذا المقال.
تحياتي على مقالك الممتاز


2 - الحفاظ على الأخوة
chouikhi sofyane ( 2009 / 11 / 16 - 11:36 )
بداية فإن الجزائريين معروفين و الحمد لله بشيمهم و رجوليتهم كونهم يردون السيئة بالحسنة و هذ ما نص عليه ديننا الحنيف نغير أنه في حال ما خلف المصؤيون ذلك أو غيرهم فإنهم وحدهم مسؤولون عن ذنوبهم و كفى بالله شهيدا


3 - مباراة مصر و الجزائر
boucha constantine zouaghi ( 2009 / 11 / 16 - 12:49 )
ان شاء الله الجزائر تربح و الشعب المصرى فى صناديق الموتى نتوعد بالمجزرة فى السودان


4 - Nous gagnerons la guerre de deux mille ans.
ITRI ( 2009 / 11 / 16 - 15:47 )

merci ahewar.


5 - انا مصرى واتمني الجزائر تكسب
محمد حسين يونس ( 2009 / 11 / 16 - 16:13 )
لاوفر مئات الملايين التي يدفعها شعب يشرب المجارىسوف تصرف على هؤلاء ..ولا بلاش قله ادب


6 - دعوة الى التعقل
بشير ( 2009 / 11 / 16 - 16:26 )
ادعوا كل المواطنين والجزائريين والمصريين الى التعقل وعدم وعدم سماع كلام بعض القنوات التلفزيونية وبعض الصحافة التي تدعو الى الفتنة بين شعبين شقيقين
وانا اتهم بعض الصحفيين انهم هم الذين شعلوا نار الفتنة


7 - كثير من الوطنية ،وقليل من العنصرية
الطيب آيت حمودة . الجزائر. ( 2009 / 11 / 16 - 18:39 )
تشكراتي للمتدخلين على ما أبدوه من رباطة الجأش ، والدعوة إلى التعقل لأن الكرة فرجة وليست سبيلا للتهجم وإسالة الدماء.والأحسن
لعبا هو الأجدر بتمثيل القارة السمراء.
تحيالتي لأنيس .


8 - الجزائر الطيبة
عبير ( 2009 / 11 / 16 - 20:46 )
مند االكثير من السنوات و الجزائريين يحبون المصريين بدليل تكريمهم في كل مهرجاناتهم إتقانكل الشباب اللهجة المصرية ’ولكن من الدي بدأ ؟؟ هل الجزائر التي لا تبث قنواتها المحدودة إلا القليل عن المباراة أم القنوات المتعددة المصرية التي لا حديث لها مند المباراة الأولى بين مصر و الجزائر في البليدة إلا على اتهامات ليس لها أساس من الصحة ولكن لو كان المشاهد المصري أكثر وعيا لما انصاغ وراء كل هده التفاهات ولو تمعن قليلا لرأى أن معظم المقدمين في تناقض هاتفين باشعب الجزائري الشقيق وطعنه من الخلف بكثير من الاتهامات الكادبة ..حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من ظلم الشعب الجزائري و لو بحرف


9 - الجزائر الطيبة
عبير ( 2009 / 11 / 16 - 20:48 )
مند االكثير من السنوات و الجزائريين يحبون المصريين بدليل تكريمهم في كل مهرجاناتهم إتقانكل الشباب اللهجة المصرية ’ولكن من الدي بدأ ؟؟ هل الجزائر التي لا تبث قنواتها المحدودة إلا القليل عن المباراة أم القنوات المتعددة المصرية التي لا حديث لها مند المباراة الأولى بين مصر و الجزائر في البليدة إلا على اتهامات ليس لها أساس من الصحة ولكن لو كان المشاهد المصري أكثر وعيا لما انصاغ وراء كل هده التفاهات ولو تمعن قليلا لرأى أن معظم المقدمين في تناقض هاتفين باشعب الجزائري الشقيق وطعنه من الخلف بكثير من الاتهامات الكادبة ..حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من ظلم الشعب الجزائري و لو بحرف


10 - الجزائر حياتي
kaddour.khaled55 ( 2009 / 11 / 17 - 06:38 )
بعد الاحداث التي عاشها كل جزائري في الملعب اوخارجه
اقول وباخلا ص ان الجزائر في قلوب ابنائها رغم المحن
. النصــــــــر للجزائر النصر يارب اللهم انصرنا


11 - هول المصريين
عائشة ( 2009 / 11 / 17 - 08:23 )
. جئناكم يا إخواننا السودانيين هاربين من هول المصريين


12 - نحن مع المنتخب الجزائرى
براهيم ( 2009 / 11 / 17 - 09:22 )
نحن مع المنتخب الجزائر لاننا اهنا وضربنا وقتلنا على ارض مصر لم يحترموا الاصول و الاعراف فهل هذه مصر التي يقال انها ام الدنيا والله انه شعب همجى يدع الادب وحسن الكلام انهم لايعترفون بالجميل وحرب اكتوبر شاهدة على ذالك ماذا تنتظرون من جزائر اهين على ارضكم الامور واضحة وضوح الشمس في الاخير نتمنا لهم ان يعترفوا ويعتذروا عن ما بادر منهم وخاصة الصحافة وهم يعرفون من اقصد نريد اعتذارا واعترافا من حكمتهم نتمني الفوز للجزائر والتشجيع حتى اخر لحظة الخبر يجبوه التوالا vive lalgerie


13 - معك يا الخضر
فتحي /الجزائر ( 2009 / 11 / 17 - 09:27 )
vive lalgerie


14 - لن يتفرقوا العرب
اءبن العرب ( 2012 / 8 / 2 - 13:03 )
تحياتي للاخ الكاتب والاخوه المعلقين للموضوع واعتذر ان سحتم لي للخروج بتعليقي بعض الشىء لصلب الموضوع اخي العزيز اءرجوكم عندما تكتبو موضوع يخص الشعوب اتركو الحاكم واكتبو بحريه مطلقه لوحدته العرب كما كا ن اصلنا واجدادنا امه واحده لافرق بيينا الا الانساب العشائريه التي وحدت العرب اءساءل لماذا اليوم العربي لايدخل لبلد عربي اءلا بجواز اءلم يكونو العرب لهم التنقل بحريه مطلقه ببلدهم العربي من فرقنا من جعل الحدود بييننا ونحنو ابنا بلد واحد دعنا عن الفكر الماسوني الذي يحاول التفرقه بين الام وابنها ولكن انشالله لن ولن يستطع ان يفرق العرب اقول هذا نعم من يقراء يقول هذا مجنون لا ياخوتي العرب مافرق نسبا ودينا اءلا الحكام والشعوب العربيه صامته يخشون ماذا لا اءعلق عن ذلك بحث انزلو لهم ثفافه تفرق المسلمين للاسف الشديد وجعلوها ثقافه قتل للمسلم للاسف الشديد لعنهم الله دنيا واءخره لماذا الشعوب العربيه لم تطالب حكامها بسفر العربي بدون فيزه مجرد هويته الشخصيه

اخر الافلام

.. مباريات نارية بربع نهائي يورو 2024 صدام العمالقة بين الإسب


.. مجلس الوزراء الجديد.. وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي




.. التحقيق مع لاعب تركي رفع علامة -الذئاب الرمادية- في بطولة أم


.. بطولة أمم أوروبا.. كريستيانو رونالدو يبحث عن لقب في مشاركته




.. تفاعلكم : جولة في كأس العالم للرياضات الإلكترونية في الرياض