الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار غبي في برنامج مزعج عن مشاكل الأقباط

سامي المصري

2009 / 11 / 16
مقابلات و حوارات


الأستاذ نجيب جبرائيل المحامي والصحفي جمال أسعد التقيا في حوار ساخن في البرنامج المزعج نأسف للإزعاج. مُقدِمة البرنامج السيدة منى الحسيني تتميز بالتعصب الديني والعنصرية السلفية الإسلاموية المتخفية وراء شعارات واهية تقوم بتلميعها من أجل تحقيق مكاسب كلامية، لا تحل المشاكل ولا تفيد. كل ما تفعله هو التعتيم على قضايا متأججة لحساب عصر بلغ فساده الذرى. بينما المتحاوران المنفعلان في ذروة حماسهما لم يفطنا للأهداف الخبيثة للمحاورة، فحققا لها كل ما تريد على حساب حقوق الأقباط.

المُحاوِرة تضع إستراتيجية لحواراتها ذات الأهداف التي تصل إليها بأية وسيلة، سواء بالإزعاج كما تقول هي، أو الاستفزاز الحواري أو الإحراج أو التهويش الذي تخصصت فيه أو بالوقيعة بين المتحاورين والسخرية. ويا حبذا لو كان المتحاوران على خلاف في الرأي فتحضرهما بهدف تمييع القضايا المجتمعية المحورية الساخنة في مصر، وتحولها إلى شكل من خلاف في الرأي. في نفس الوقت تفرض رأيها، الذي هو تعتيم علي الفساد الحكومي المتعفن الغير مخفي عن أحد. فهي متخصصة في أن تظهر اللون الأسود بالبياض، لتجد بقعا وسوادا في كل ما هو حق. هذا المنهج الحواري ليس صعب ولا يحتاج لمهارة وكفاءة، لكنه يحتاج لأن يتحرر المحاور من أي مبدأ كما يتحرر من المنطق، ذلك الأمر الشائع جدا في ثقافتنا العربية المتدهورة والمدرغمة في الطين، مما حقق انهيارا حضاريا غير مسبوق في كل المنطقة الشرق أوسطية في الخمسين سنة الأخيرة. فقد تأخرت تلك المجتمعات وتراجعت لعصور سحيقة في التخلف والرجعية تنافس عصر المماليك وظلمة العصور الوسطى.

قضايا الأقباط على الساحة المصرية قد بلغت من الأسى إلى حد انهيار الأمن والأمان في الشارع المصري وتعرض الأقباط إلى خطر يومي من أحداث دامية ترتكب فيها أبشع الجرائم من قتل وهتك الأعراض ونهب المتاجر والمنازل والمزارع، تشارك فيها بل قد تخطتها أجهزة الأمن الحكومي، ويساندها قضاء فاسد يشجع المجرم على ارتكاب جريمته مما يهدد بانهيار مجتمعي وشيك. إن المعاناة اليومية المستمرة لكل قبطي على كافة المستويات واِلأعمار وفي كل المجالات من ثقافية وتعليمية وإعلامية في المدارس والصحف والفضائيات ومواقع الإنترنيت. لولا أنه مازال هناك آثار لطبيعة الإنسان المصري الوديعة التي تتواصل مع الآخر، ولولا أنه مازال هناك آثار ثقافية قديمة للعصر التنويري المتحضر الذي بدأ بعصر محمد علي، لانهار المجتمع المدني المصري من زمان، تحت وطأة فساد حكومي مخرب لكل خير في مصر يسانده إعلام فاسد. لكن الخطورة في مستقبل مصر والأجيال القادمة التي تتعرض لغسيل مخ مدمر لكل ما تعارف عليه المصريون من تعاطف ومحبة وتواصل مجتمعي محترم بين أقباط ومسلمين. لكن السيدة الإعلامية تحاول أن تغمض عيوننا عن الجرم الحكومي الواضح بأسئلتها المستفزة عن صحة اتهام الصحفي القبطي للأنبا شنودة.

الحوار الذي عرض أمامنا في ذلك البرنامج أظهر أن كلا المتحاورين الأقباط يتفقان في معظم القضايا، لكن حوارهما غير المتحضر الذي تميز بمقاطعة الآخر والصوت المرتفع والتشويح، كل ذلك أساء لقضيتنا كأقباط، كما أعطى الفرصة للمذيعة المتربصة لكي تنقض عليهما معا وتفرض رأيها الحكومي البعيد تماما عن الحق لإخفاء الواقع القبطي المرير في أسوء عصور التاريخ الحديث لمصر. فبالرغم مما أثاره المتحاوران من قضايا هامة وآراء لها أهميتها وقيمتها فالنتيجة الأخيرة للحوار محبطة للغاية.

من الأمور الإيجابية جدا في حديث المتحاورين هو أهمية العمل القبطي الإيجابي داخل مصر لإنقاذ الموقف، فأي عمل من الخارج يمكن أن يستغل ضد الأقباط بالتشويه الإعلامي والتهويش الحكومي، طالما ليس هناك موقف قبطي واضح المعالم داخل مصر. الأقباط في مصر بأعدادهم وبتاريخهم الحضاري العملاق قوة لا يستهان بها لكن مشكلتنا الكبرى التمزق الذي يعيش فيه المجتمع القبطي مما يُمَكِّن حكومة متربصة من ذبحهم وهي تزكي وتشجع كل انقسام بينهم. الحكومة المطمئنة تماما لضعف الأقباط توقفت عن مناقشة الموضوع. وأزاحت كل المشاكل القبطية على الرف في تجاهل كامل وتركت الأمر لصحافة مأجورة لبث روح الكراهية ونشر الإشاعات اليومية ضد الأقباط دون أن يكون هناك تحرك واضح من المجتمع القبطي في داخل مصر.
المجتمع النوبي تحرك عندما شعر بالإهانة من كلمة صغيرة في أغنية للأطفال بينما المجتمع القبطي لا يتحرك وكل يوم توجه إليه آلاف الإهانات والافتراءات من الصحافة. يكفي مقالات ذلك الوهابي البشع المدعو يوسف زيدان، ومقالاته التي يراد بها إقصاء كل ما هو قبطي في المجتمع المصري. إن ذلك الزيدان لم يكن ليتجاسر للتمادي إلى هذا الحد لو لم يكن مدعوما من حكومة تعمل على نشر الفكر الوهابي الاستعماري للقيام بعمل عنصري تدميري داخل المجتمع المصري لإقصاء كل ما هو قبطي. إن قيام جريدة المصري اليوم بنشر تلك المقالات العنصرية لجريمة كان المفروض أن يقف أمامها الأقباط بحزم، بل كان على المجتمع المصري كله التحرك السريع لإيقافها، لكن المجتمع القبطي شبه ميت بلا حراك، فمن ذا ترى يعمل له أي حساب أو قيمة؟
ذبح الخنازير وما صاحبه من تصريحات الأنبا شنودة لتدجين أي عمل قبطي واحتواءه، مع عدم القيام بأي مجهود للاحتجاج من جانب الأقباط لقضيتهم العادلة يعطي الانطباع بأن الأقباط بكل قيمتهم الحضارية وقوتهم العددية، عبارة عن كمية مهملة لا يعمل لها حساب في مصر. إن جريمة ذبح الخنازير ليست فقط قضية قبطية بل جريمة قومية شلت المجتمع المصري كله وأفسدت هواء مصر بالقمامة المتعفنة. فقيام الأقباط لمنع تلك الجريمة المفروض أنه عمل وطني قومي. ورغم ذلك لم يتحرك أحد وترك الأمر للفاسدين من الإعلاميين لبث كل ما هو عفن أكثر من القمامة ضد الأقباط !!!!

أهم جوانب سلبية الحوار المستفز بالبرنامج، إلى جانب المقاطعة والمستوى الحواري الغير متحضر والصوت المرتفع بلا مناسبة مع إظهار الانقسام القبطي المريع كل ذلك في جانب ومحاولة الدفاع عن الأنبا شنوده ودوره الرئيسي في تدمير المجتمع القبطي جانب آخر، الأمر الذي استغلته الإعلامية لتمييع القضية القبطية. إن موقف الأنبا شنودة المتواطئ هو السبب الرئيسي في ضياع الكيان القبطي في مصر. لو أراد الأقباط الحياة فعليهم أولا أن يتحرروا من سطوة الأنبا شنودة ويتحركوا بكل قوة بعيدا عن توجيهاته التي هي بالاتفاق الكامل مع الحكومة.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هو محمد مخبر الذي سيتولى رئاسة إيران موقتا بعد وفاة رئيسي


.. فرق الإنقاذ تنقل جثامين الرئيس الإيراني ورفاقه من موقع تحطم




.. هل ستكون لدى النائب الأول للرئيس صلاحيات الرئيس رئيسي؟


.. مجلس صيانة الدستور: الرئيس المقبل سيتولى مهام الرئاسة لأربع




.. ماذا سيختل بغياب الرئيس رئيسي عن السلطة؟