الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطاب المسيرة الخضراء و لعب أصحاب نظرية جزاء سنمار

أحمد سالم أعمر حداد
(Ameur Hadad Ahmed Salem)

2009 / 11 / 17
السياسة والعلاقات الدولية


تعرض خطاب الملك محمد السادس الأخير بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين لحدث المسيرة الخضراء، لجملة من التأويلات السالبة والآراء النمطية والمتناغمة التي تناولت مضامين الخطاب والتوجهات الملكية التي ووصفتها عمدا بالجدة بدل الاستمرارية بخصوص تدبير ملف الصحراء، والتعاطي مع كل الفواعل السياسية من الأشخاص والمؤسسات ذات الصلة بالملف ، حيث خلصت كل هذه الآراء إلى أن الخطاب غضبة ملكية على قطاع واسع من الصحراويين وعلى عمل المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، وبالتحديد من رئيسه الكادر الصحراوي السياسي خليهن ولد الرشيد، لكن هل كانت خلاصات كل هذا السيل من المقالات والآراء الصادرة من بوق واحد موضوعية ؟

رغم أن الخطاب الملكي كان واضحا في مقاصده الايجابية المستمرة، إذ أن الخطاب الملكي قال " قررنا إضفاء روح متجددة على المسيرة الخضراء"، وليس على سبل تدبير ملف الصحراء ، من حيث إعلانه أن الأقاليم الصحراوية سوف تكون منطلق" إعمال الجهوية المتقدمة المنشودة " للمغرب ككل ، وللأقاليم الصحراوية بشكل خاص في إطار المقترح المغربي لحل نزاع الصحراء الغربية بشكل نهائي " تحت الإشراف القانوني الحازم لولاة وعمال جلالتنا"، في إشارة ملكية خارجية إلى أن حل نزاع الصحراء لن يكون سوى في إطار السيادة القانونية للمملكة المغربية، وهو ما تشير إليه كلمات" الإشراف القانوني الحازم لولاة وعمال جلالتنا".

إلا أن الخطاب الملكي تعرض للأسف لقراءة متحيزة وغير علمية، خرجت للعلن بشكل متناغم ومتهافت ،على صفحات بعض الصحف الموجهة، وهي تحاول أن تقنع الآراء العامة من خلال إهمال هذه المعطيات أو تناولها بدرجة اقل، بالتركيز على النقطة المتعلقة بالمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، وترجمة خطاب الملك محمد السادس بكونه غضبة ملكية على شخصية رئيس المجلس الاستشاري الصحراوي الكادر الصحراوي السياسي خليهن ولد الرشيد .

وفي اعتقادي أن هذا التوجه انتقائي ومخرجاته نمطية بالكامل، إذ لا يمكن شخصنة خطاب سياسي صادر من أعلى سلطة سياسية وهي الملك، وإقحامه في مساجلات سياسية ثنائية ، وهو بكامله موجه إلى الشعب المغربي وتم تصديره بعبارة شعبي العزيز، ومنه إلى العالم برمته.

ويعمق من ضعف هذه التأويلات النمطية، كون رغبة الملك في إطلاق مرحلة ثانية من عمل المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية ، تحملها لكل عيوب كل تحليل يحاول اختزال مؤسسات الدولة في شخصية رؤساءها ، وهو ما يمس مفهوم السيادة وسير عمل أجهزة الدولة، ذلك أن المجلس الملكي جاء بتعيين ملكي وهو مؤسسة استشارية ملكية ، وكل أعضاءها جاءوا بتعيين ملكي باقتراح مختلف أجهزة الدولة ذات الاختصاص ، ولاشك أن هذه المؤسسة كانت تعمل وتعرض عملها وكل خطواتها بانتظام على المؤسسة الملكية.

كما أن المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، بعد الخطاب الملكي الاخير لم يتعرض لجرد وتحليل معلوماتي موضوعي لعمله منذ تعيينه إلى الآن للوقوف على حقيقة دبلوماسيته المؤسساتية وتسويقه لمشروع الحكم الذاتي، وكونه كمؤسسة استشارية صحراوية، أكسبت هذا المشروع ألدولتي مصداقية أكثر من العمل الحكومي. من جهة ثانية تم التركيز بشكل مكشوف على المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، دون التعرض لعمل وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية، أو لرئيسها رغم أن الخطاب الملكي تحدث عن المؤسستين بنفس النبرة، ضمن توجه ايجابي عام.

ومن مخاطر التأويلات السالبة للخطاب الملكي الأخير، كونها استمرار للمزايدات السياسية على الصحراويين فالكل انبرى ليضخم عمل مجموعة قليلة من الأشخاص تحوم كل الشكوك حول أنشطتها السياسية والجهات التي تحركها، والكل أصبح محللا للشؤون الصحراوية، في محاولة يائسة لإقناع الدولة بإعادة بعث المعالجات الأمنية، والعودة إلى أجواء الاعتقالات، وقتل جرعة الثقة الايجابية التي رحب بها الصحراويين منذ إطلاق مبادرة الحكم الذاتي، وتعيين المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، وبسبب نتائج عمل هيئة الإنصاف والمصالحة، ذلك انه لا يخفي على أي أحد كان أن المعالجات الأمنية تخدم المصالح السياسية والاقتصادية للوبيات سياسية متعددة، ولا تخدم بأي شكل من الأشكال حل نزاع الصحراء بشكل نهائي، بل هي مجال خصب لتنمية مشاعر النفور والنقمة على المؤسسات، وباعث لسلبيات التخوين والتشكيك المتبادل التي لا تخدم سوى الفواعل الخارجية المؤثرة في نزاع الصحراء.

إن السفسطة السياسية السالبة التي تعرض لها الخطاب الملكي الأخير بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين لحدث المسيرة الخضراء، لعب سياسي خطير من طرف لوبيات نظرية جزاء سنمار الشهير مهندس قصر النعمان ملك الحيرة، في محاولة بائسة للإجهاز على مهندسي السياسة الأوفياء للملكية، وقطع الطريق دون استكمال النوايا والمشاريع الحسنة، وسحب معطيات سالبة على واقع سياسي بدأت اطرافه المختلفة تشتشعر بعض الدفء والثقة المتبادلة. وهي نفس التوجهات التي حاولت أن تدفع قبل الخطاب الملكي في اتجاه حل المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، ونزع الصحراويين مجلسهم الاستشاري يتصارعون ويتداولون مشاكلهم داخله كما يشاءون، وإذا كان خطاب المسيرة الخضراء قد أحبط توجهاتهم في الجولة الأولى، فلا شك أن تقوية المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية ضمن ولاية ثانية سوف تفشل نفس التوجهات في هذه الجولة الثانية.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ