الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات - فأر البرلمان تحت خيمة الأميركان !

رضا الظاهر

2009 / 11 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


كأن البرلمان كان بحاجة الى تتويج فضائحه بفضيحة عظمى يختتم بها موسمه الأخير، عندما صادق هذا الكائن العجيب، خلال جلسة الثامن من الشهر الحالي التي سادتها الفوضى المألوفة، على تعديل قانون الانتخابات.
وفي إطار سلوك المناورات والصفقات أقر "ممثلو الشعب" القائمة المفتوحة، ولكن بعد أن وضعوا العصي في العجلة، فانتهى "صخب كركوك" المفتعل، بخفة نادرة تلفت الأنظار، الى تحويل المقاعد الشاغرة الى "كبار" الفائزين، ناهيكم عن الغاء معظم المقاعد التعويضية.
إذن فقد تمخض جمل المحاصصات فولد البرلمان فأراً، وكانت القابلة ـ أطال الله عمرها ـ أميركية !
أما عارفو حقيقة الصراع السياسي واتجاهاته ونوايا وغايات "كبار" ممارسيه "المقررين" فلم يروا في إقرار القانون بصيغته المخزية تلك المفاجأة التي دوّخت السذّج ممن يعجزون عن الغور في الأعماق. وهؤلاء هم من يتوهمون أن مجلس النواب خيّب الآمال في وقت لا يمكن لعاقل أن يعقد آمالاً على مثل هذا المجلس المحاصصاتي المسيّس. وهم، أنفسهم، من يتحدثون عن "اكتشاف" لواقع "المقررين"، وهو اكتشاف عاطفي ومتأخر !
ولكن ما هي دلالات هذا "الانقلاب" على الديمقراطية الفتية القلقة ؟
بوسعنا القول بايجاز واضح إن تعديلات القانون كانت مجحفة ومتعارضة مع الدستور، وإنها كشفت عن تراجع جوهري عن الديمقراطية وتهديد حقيقي لمستقبلها، يؤدي، من بين عواقب خطيرة أخرى، الى عزوف لمزيد من الناخبين اليائسين.
هكذا، إذن، وفي أجواء تفاقم المعاناة المريرة للملايين، يمضي التسييس في مداه، وتسقط، مرة أخرى، في اختبار جديد، منهجية المحاصصات المقيتة، وهي مصدر البلايا.
وهكذا، إذن، تذيب النخب المتنفذة خصوماتها وتناقضاتها في محلول الامتيازات، مستعدة لفعل كل شيء من أجل أن لا تغرق سفينة هذه الامتيازات يوم يهيج بحر وتتلاطم أمواج.
أما العم سام، الذي يسعى الى إمساك كل خيوط اللعبة بيديه، فقد برع في الترويج لصفقة البرلمان ورعايتها. وارتباطاً بذلك النشاط المحموم كانت رسالة أوباما التي تمنى فيها "إقرار القانون بسرعة"، مما عجّل بتحقيق رغبة سيد البيت الأبيض من ناحية، وأبعد، من ناحية أخرى، الاحتمال، الضعيف أصلاً، في أن تقوم الرئاسة بنقض القانون.
وأما البرلمانيون "الكبار" فقد أضافوا يوماً آخر "مشهوداً" الى أيام نهج الاستئثار. ويحق للمرء، بعد هذه الاضافة "النوعية" خصوصاً، أن يعلن بصوت عالٍ، عن غضبه على سابقة البرلمان الخطيرة، وتحذيره من العواقب الوخيمة لنزعة تواطؤ "المقررين" المسيّس.
وأما نحن الشيوعيين فأمامنا أكثر من مهمة، وعلينا العمل على أكثر من صعيد في الآن ذاته. وعندما نواصل رفضنا للقانون، وخصوصاً مادتيه الأولى والثالثة، ونصعّد ونطور احتجاجاتنا، يتعين علينا أن لا نتوقف عند حدود المطالبة بتعديله، بل أن نتجاوز ذلك الى غايات كفاحنا الأخرى، أن نحرض الملايين من الجياع والمعوزين والمحرومين ومغيّبي الارادة من نساء ورجال هذه البلاد على أن يأخذوا قضيتهم بأيديهم.
واذا كان علينا أن نجسد الآصرة بين السعي الى الفوز البرلماني والعمل وسط الناس، فان علينا التخلص مما يمكن وصفه بـ "عقدة المقاعد" واعتبارها المعيار الوحيد للنجاح، دون أن يعني هذا، على الاطلاق، أننا زاهدون بهذه المقاعد، ذلك أنها إحدى أهم وسائلنا لتحقيق برامجنا وأهدافنا.
ولئن كان عملنا وسط الناس يمثل المقام الأول دونما ريب، فان هذا يستدعي منا، قبل كل شيء، تجسيد ما يمكن تسميته جدل السياسي ـ المطلبي، أي أن نسعى مع الناس وفي طليعتهم، من أجل مطالبهم اليومية الملحة والمشروعة، على أن تتجلى في هذا النضال المطلبي السمة الملموسة والرسالة السياسية، مثلما يتعين أن لا نجعل نضالنا السياسي والفكري متجهاً نحو التجريد.
وفي هذا السياق الملموس لابد أن يتجسد في عملنا التكامل، لا التعارض، بين الخاص والعام، في ظل تناغم تتآلف فيه كل النغمات لتعزف لحننا الواحد، الجميل، والغني بتنوعه وإلهامه.
* * *
الصراع يتبلور، وباتت ملامحه، اليوم، أكثر وضوحاً، ونحن في سباق مع الزمن، فالفترة في غاية القصر، والوقت من ذهب، والمصاعب، الموضوعية والذاتية، غير قليلة. غير أن كل هذا، وربما سواه، لا يصلح أن يكون مبرراً للشعور بالاحباط أو التوقف عن المسير، وانما لابد أن يكون، على العكس من ذلك تماماً، محفزاً حقيقياً على المضي الى آخر الشوط في استنهاض طاقاتنا واستثمار مصداقيتنا ودروس خبراتنا الغنية وقدراتنا على تحويل السخط الى تحدٍ مثمر، في سعينا الى انتزاع الحقوق وليس انتظار الهبات أو المكرمات.
نحن المؤهلين لنكون وسط الناس حيث نيران الصراع تشتعل، وأوار المعارك يستعر، ونحن في قلبها، وفي أيادينا تخفق رايات "اتحاد الشعب".
سترتعد فرائص "نهّابي" أصوات الملايين من ذلك الشبح الذي يجول في شوارع العراق .. شبح حزب الشيوعيين المفعم تاريخه بالمآثر والأمثلة الملهمة.
واذا كنا نحن الشيوعيين، اليوم، قلّة، فان أفواجاً من بنات وأبناء المعاناة الحقيقيين ستنضم إلينا، وتغذّ السير معنا، ونحن نمضي بأشواقنا صوب ذلك العراق المنشود، المضيء في آمالنا وآفاق كفاحنا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من هالمال حمل الجمال
زعرور ( 2009 / 11 / 17 - 10:33 )
ما يسترعي بعض ما جاء في بعض المقالات هو التناقض والتخبط. ومثال ذلك تخبط السيد رضا الظاهر في تأملاته وهو يدعي أنه الناطق بإسم الحزب الشيوعي العراقي. إن الفقرات التالية الواردة في مقالتهوهي:- ذن فقد تمخض جمل المحاصصات فولد البرلمان فأراً، وكانت القابلة ـ أطال الله عمرها ـ أميركية ....ويستطر الكاتب قائلاً:-أما العم سام، الذي يسعى الى إمساك كل خيوط اللعبة بيديه، فقد برع في الترويج لصفقة البرلمان ورعايتها. وارتباطاً بذلك النشاط المحموم كانت رسالة أوباما التي تمنى فيها -إقرار القانون بسرعة-، مما عجّل بتحقيق رغبة سيد البيت الأبيض من ناحية، وأبعد، من ناحية أخرى، الاحتمال، الضعيف أصلاً، في أن تقوم الرئاسة بنقض القانون-.
هذه الفقرات تتناقض مع موقف الحزب الشيوعي العراقي الذي شارك في مجلس الحكم بعد موافقة -القابلة الأمريكية- على مشاركته. كما أن كل هذه الصفات الذميمة التي يردها السيد الظاهر لابد وأن تستدعي مقاطعة الانتخابات لأن قانونها قد سن على يد نفس -القابلة الأمريكية-. فكيف يفسر لنا السيد الظاهر مشاركة الحزب بقائمة اتحاد الشعب في ظل قانون خرج على يد القابلة الأمريكية؟ ما هذا التخبط الذي يشوه وعي القراء ويبعدهم عن الحزب الشيوعي...

اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا