الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لتكف غرابين البعث عن النعيق 4

حميد غني جعفر

2009 / 11 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



أتخذ البعثيون ودعاة القومية الزائفة من شعارات الوحدة الفورية مع الجمهورية العربية المتحدة آنذاك ذريعة للوقوف بوجه ثورة تموز التحررية ، وعرقلة مسيرتها التقدمية ، وقد تحالفوا مع الإقطاعيين وكبار الملاكين الذين تضررت مصالحهم بفعل القوانين والإجراءات التقدمية التي أقدمت الثورة على اتخاذها ، مع أن الوحدة الفورية لم تكن نقطة خلاف أساسية أو جوهرية مع أطراف جبهة الإتحاد الوطني أو مع لجنة الضباط الأحرار ، وكان من الممكن حسمها عن طريق الحوار في حال صدق النوايا ، وخاصة وإن هناك إجماع وطني بين أطراف الثورة بجناحيها العسكري والمدني على بناء أفضل العلاقات مع تلك الدول الشقيقة ، وقد تجسد فعلاً من خلال عقد العديد من الاتفاقيات وعلى كل الصعد ، إضافة إلى إن الدستور العراقي المؤقت الذ ي الذي شرعته حكومة الثورة منذ أيامها الأولى ، كان يسترشد بالدستور المصري ويستند عليه ، فضلاً عن إن القوى التقدمية الديمقراطية ومنها الشيوعيين قد طرحوا شعار ( الإتحاد الفيدرالي ) لتعزيز المسيرة التقدمية للثورة وليمهد لوحدة سليمة ورصينة تستند على إرادة الشعبين الشقيقين ، وهذا الإتحاد الفيدرالي ليس ضد الوحدة أو نقيض لها ، بيد إن أعداء الثورة حاولوا تفسير هذا الشعار بعكس أهدافه لتضليل وخداع الجماهير البسيطة وصرف أنظارها عن النوايا الحقيقية المبيتة .
والحقيقة إن الذي أرعبهم وأذهلهم وجعلهم يتآمرون على الثورة هو النهوض الثوري العاصف للشعب العراقي وإلتفافه حول الثورة وقيادتها ، والتعاطف الكبير والمنقطع النظير مع الحزب الشيوعي العراقي ، والإنجازات الكبرى التي حققتها الثورة المباركة ، من خلال إنزال أقسى الضربات بالمصالح الاستعمارية في منطقة الشرق الأوسط ، ومن ثم ما تحقق من حريات ديمقراطية ، وتشريع قانون الأحوال الشخصية ، وقانون الإصلاح الزراعي الذي قصم ظهر الإقطاع ، الركيزة الأساسية للنظام الملكي المقبور ، وأنتهاءاً بالانسحاب من حلف بغداد الاستعماري ومن منطقة الجنيه الإسترليني ، كل ذلك قد أرعب الدوائر الاستعمارية الغربية ومنها أميركا وبريطانيا ، وكل القوى الرجعية سواء كانت محلية أو عربية ، وهذا ما عبرت عنه الصحافة الأمريكية في حينها وأبدت خشيتها من التغلغل الشيوعي الذي أسمته ( الفيضان الأحمر ) ، وتأثيره على الزعيم عبدالكريم قاسم ، حتى سارعت على أثرها أمريكا الى إرسال وكيل خارجيتها حينذاك ( رونتري ) في 8 / آذار / 1958 الى القاهرة للتباحث مع عبدالناصر بشأن التغلغل الشيوعي المزعوم ، وقال ( رونتري ) في حينها إن بوسع الولايات المتحدة الأمريكية أن تطمئن الى أن عبدالناصر قادر على مواجهة التغلغل الشيوعي ... وكتب الى إيزنهاور قائلاً : ( إن عبدالناصر قرر العمل في العراق على رفض النفوذ الشيوعي ) وأكد رونتري ( إن جهد المجموعات القومية هو الذي يستطيع أن يقاوم التغلغل الشيوعي ) ، وما يدعو للأسف إن عبدالناصر كان يدفعه شعور الزعامة ، ليجعل من نفسه إمبراطور على العرب ، وأنتابه الشعور بأن الزعيم الوطني عبدالكريم قاسم ينازعه على هذه الزعامة .
من هنا كان حقده على الزعيم قاسم وخشيته من التغلغل الشيوعي وتأثيره على قائد الثورة ، ومن هنا أيضاً أحتضن عبدالناصر كل أعداء الثورة الوطنية التحررية ، من بعثيين وقوميين وإقطاع وكبار الملاكين وذلك من أجل إجهاض الثورة ، بالتعاون مع أعتى دولة إمبريالية وأشد أعداء الشعوب ( الولايات المتحدة الأميركية ) فأين الوطنية أذاً يا دعاة الوطنية والعروبة ؟
وهكذا وبعد إن وافق شن طبقه ( رونتري / عبدالناصر ) نفذت الحلقة الأولى من مسلسل التآمر الاستعماري الرجعي على الثورة الفتية ، أي بعد ثلاثة أشهر فقط من هذا اللقاء حيث مؤامرة الشواف في الموصل 8 / آذار / 1958 والثورة لم تزل في الأشهر السبعة الأولى من عمرها مدعومة من مصر عبدالناصر بالسلاح والعتاد وإذاعة لبث بيانات التمرد ، وقد رافقت مؤمرة الشواف أحداث دامية ومأساوية مروعة ، أستغلت من المتآمرين البعثيين والقوميين ومن يقف وراءهم ، فضلاً عن وسائل الإعلام العربي الرجعي وخصوصاً الجمهورية العربية المتحدة ، حيث أستغلت للتباكي وذرف دموع التماسيح على القومية العربية ، والدماء التي أريقت في الموصل ، وقد ألقيت مسؤولية كل تلك المآسي على عاتق الشيوعيين ، وأصبحت قضية الموصل ( قميص عثمان ) بيد البعثيين والقوميين وكل القوى الرجعية المحلية والعربية للطعن بالشيوعية . إن البعثيين وكما هو معروف عنهم يقومون بأفظع الجرائم النكراء ، وعند الرد عليهم يقومون بالتباكي لكسب عواطف الناس واستعدائهم على الشيوعيين ، وظلت هذه الحقيقة طيلة العقود المنصرمة غائبة عن الجماهير العراقية والرأي العام ، الذين لم يعوا تلك المجازر الدموية ، سوى إنهم سمعوا إنها مؤمرة سحقت بهذه القساوة ، أما كيف ؟ ولماذا ؟ ومن المسئول عن ذلك ، فلم يكن لديهم أي علم بسبب الإعلام الرجعي المحلي والعربي الذي سوقها وأخفى جوانب منها لأغراض في نفس يعقوب .
من المعروف إن الديمقراطيين التقدميين والشيوعيين العراقيين لم يكن يمتلكون وسائل إعلام مرئية أو مقروءة أو مسموعة ، وكانوا محاربون ومضطهدون وهذا حالهم في كل العهود التي مر بها العراق ، حيث القمع والبطش والسجون والمعتقلات والإعدامات .... الخ الأمر الذي جعل هذه الاتهامات الباطلة والافتراءات راسخة في ذهن الكثيرين من الناس البسطاء ... وإذ ما تزال بعض الفضائيات المسمومة إلى يومنا هذا تعرض أفلاماً مشوهة وبعيدة عن حقيقة وواقع ما جرى في أحداث الموصل .
ولغرض الرد على بعض الشبهات والاتهامات سنعرض جملة من الحقائق ونضعها أما الأجيال الجديدة لتعي الحقيقة كما هي لا كما يصورها المغرضون ونقول من يريد الاستزادة في المعلومات حول هذا الحدث عليه
1. مراجعة كتاب تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري الجزء الثاني ص 87 ، ومذكرات عبداللطيف البغدادي الجزء الثاني ص 77 ، وكتاب عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي الجزء الثاني ص 359 لعزيز سباهي .
2. إن تحركات المتآمرون وعلاقاتهم واتصالاتهم بالجمهورية العربية المتحدة وسوريا ، والأسلحة التي ترسل إليهم عبر الأراضي السورية ، واللقاءات بين رؤساء المخابرات المصرية والسورية وبين المتآمرين في الموصل كانت مكشوفة للقوى التقدمية الديمقراطية ومنه الشيوعيون ، وكذلك الزعيم عبدالكريم قاسم .
3. كان مجلس السلم والتضامن العراقي قد قرر إقامة مهرجان السلم في الموصل ، بعد أن أقيم في عدة محافظات عراقية ، وقد أيد وتعاطف الزعيم قاسم مع هذه الفكرة معتبراً إياها رسالة تحذيرية للمتآمرين ، وقد أو عز الزعيم لرئيس أركان الجيش آنذاك بإبلاغ العقيد الشواف بعدم نزول الجيش للشوارع خلال يومي انعقاد المؤتمر ، وقد بدأت الجماهير تتوافد إلى مدينة الموصل الحدباء من كل مدن البلاد للمشاركة في مهرجان السلم والتضامن .
4. عندما أبلغ العقيد الشواف بأمر رئيس أركان الجيش بعدم النزول إلى الشوارع والبقاء في الثكنات شعر الشواف بالريبة والخشية من افتضاح أمره ومن معه من الضباط المتآمرين ، فقد سارع بإرسال مجموعة من البعثيين والقوميين المسلحين برشاشات لخلق بلبلة وفوضى والقيام بأعمال تخريبية والاعتداء على المواطنين ، ومع نزول هؤلاء الأوباش إلى الشوارع صباح يوم 7 / آذار / 1959 .. وقاموا بحرق المكتبات اليسارية والاعتداء على المواطنين الوافدين لحضور المهرجان ، وعمت الفوضى وفقد الأمن ، وقد أراد الشواف بهذا العمل ذريعة لإنزال الجيش للشوارع على إنه ( أي الشواف ) يهدف إلى حفظ الأمن والنظام ، وهكذا بدأت المنازلة بين المتآمرين الخونة المدججين بالسلاح وبين الجماهير العزل من السلاح ما خلى العصي والقضبان الحديدية ، وهنا نسأل لمن تكون الغلبة ومن القاتل في هذه المنازلة ، هل هي لحملة الرشاشات أم لحملة العصي ؟ الجواب متروك للقارئ اللبيب ، فالبعثيون والقوميون القتلة قاموا بحرق المكتبات ، والمواطن صاحب المكتبة ينظر بعينيه إلى حرق مكتبته بما فيها من أموال ، فهل سيبقى مكتوف الأيدي متفرجاً على ماله وهو يحترق ؟ فلا بد أن يدافع عن ماله وهذا أمر طبيعي ومشروع ، وما ذا كان ينتظروا من القوى التقدمية والوطنية صانعة الثورة هل تقف مكتوفة الأيدي وهي تشاهد تنفيذ فصول المؤامرة الخسيسة ؟

هذه هي المؤامرة الأولى للبعثيين ودعاة القومية الزائفة وسنتناول في الحلقة القادمة المؤامرة من الناحية الميدانية ، لنكشف عن تلك الوجوه الكالحة ..... يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصلت مروحيتان وتحطمت مروحية الرئيس الإيراني.. لماذا اتخذت مس


.. برقيات تعزية وحزن وحداد.. ردود الفعل الدولية على مصرع الرئيس




.. الرئيس الإيراني : نظام ينعيه كشهيد الخدمة الوطنية و معارضون


.. المدعي العام للمحكمة الجنائية: نعتقد أن محمد ضيف والسنوار وإ




.. إيران.. التعرف على هوية ضحايا المروحية الرئاسية المنكوبة