الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض ملامح المشهد الانتخابي القادم

جاسم العايف

2009 / 11 / 18
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


ما يجري من تحشد سياسي وعشائري ومناطقي ونيابي وإعلامي، استعدادا للانتخابات النيابية العراقية القادمة بكل ما يملكه و تحت تصرفه من وسائل أي طرف قرر خوضها ، بالرغم من بعض معرقلات قانون الانتخابات النيابية القادمة، والتهديد بنقضه في ما إذ لم يتم إجراء بعض التغييرات عليه. لا بد من التأكيد على إن مجرد إقرار القانون مع نواقصه ومثالبه هو تقدم للعملية الديمقراطية الجارية في العراق خاصة الإذعان لإرادة الشارع العراقي باعتماد القائمة المفتوحة ، والانتخابات مؤشر على أن انتقال السلطة من هذا الطرف أو ذاك، سيجري على وفق الأطر السلمية- الانتخابية وليس الأطر الانقلابية و بيانها رقم (1 ) المتكرر منذ أكثر من نصف قرن في العراق . ولعل أجحف ما جاء في مشروع القانون الحالي هو مسألة احتساب أصوات الناخبين إذ سترحل أصوات الذين لم يصلوا إلى العتبة الانتخابية إلى أكبر الفائزين وسيحصل هؤلاء على ملايين الأصوات العراقية التي لم تثق بهم ولم تمنحهم أصواتها لا بل تتقاطع معهم ومع توجهاتهم ولم تنتخبهم أصلا ولنا في كيفية احتساب أصوات الناخبين في انتخابات مجالس المحافظات درسا لا زال نديا في الذاكرة العراقية، إذ ذهب في محافظة البصرة فقط عشرات الآلاف من الأصوات لمن لم يتم التصويت لهم وانتخابهم من قبلها ، وحولت اختيارات الناخبين الحرة بلا وجه حق إلى الفائزين وأكبرهم بالذات دون أن يتمتع بها أقرب الخاسرين خاصة الذين ممن هم اقرب للعتبة الانتخابية المطلوبة للفوز بمقعد واحد لا غير، ويمكن إيراد أمثلة مدعمة بالإحصاءات الدقيقة لما جرى في محافظات غير البصرة ومنها واسط والقادسية وذي قار و ميسان والمثنى وكربلاء. وكررت ذلك (الحيتان الكبيرة) في مجلس النواب في "مشروع قانون الانتخابات النيابية"الراهن، بتأجيل التصويت من خلال التعمد على عدم إكمال النصاب القانوني و الأزمات المفتعلة المتكررة التي لا تخفى على المراقب البسيط ثم (سلق) مشروع القانون والتعديلات المجحفة التي طرأت عليه باتفاقات سرية بين بعض الكتل البرلمانية ذات التوجه المعروف ، في جلسة واحدة لوحظ خلالها أن رئيس مجلس النواب لم يكن قد ترأسها ، وتركها لنائبه الأول وعلى ذمة السيد (محمد جاسم اللبان عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي) فأن:"الدور الأمريكي ، تجاوز اعطاء النصيحة أو المشورة إلى التدخل في الشأن العراقي وما يخص العراقيين بما في ذلك التصويت على قانون الانتخابات " - راجع بهذا الشأن - ملحق ديمقراطية و مجتمع مدني صحيفة الصباح العدد 1825 ص( 8-9 ) في 17 تشرين الثاني 2009- . لذ فأنه لا يمكن لنا أن نشهد تغييراً جوهرياً سيحدث في الخارطة السياسية العراقية ، خاصة بين القوى التي هيمنت على قرارات مجلس النواب ، وعطلت الكثير من القوانين التي تمس حياة ومستقبل العراقيين . عطلتها لأغراض نفعية جهوية ، لم تعد خافية على أي كان. وحولت مجلس النواب وجلساتهِ الى ساحات للـ"ثأر" وتسجيل النقاط ضد مخالفيها في أبسط الأمور. يذكر أحد مندوبي الأمم المتحدة المعنيين بالشأن العراقي ما يلي:" أغلب الساسة العراقيين الحاليين، في البرلمان وخارجه ، لا يدلي برأي حول أي مقترح يُقدم له ما لم يَعرف الجهة التي تقف خلفه أو تستفيد منه أو تسنده، فإذا كانت من طائفته أو قوميته أو متحالفة معه، فهو يؤيده على الفور وحتى دون الاطلاع على تفاصيله بدقة، و إذا كان العكس فأنه يرفضه جملةً وتفصيلاً دون الإطلاع عليه أيضاً". ربما ستحدث بعض القوائم والتحالفات الجديدة، قبل الانتخابات،(خلخلة) بسيطة في الخارطة السياسية، ليس على مستوى النوع، فالقوى المؤثرة في المشهد السياسي العراقي لازالت هي اللاعب الأساس في تقرير مصير البلد ومستقبله لسنوات أربع مصيرية قادمة. صحيح أن بعضها قد تفكك إلى كتل وتيارات، ربما متنافرة مؤقتاً، إلا أنها لا تختلف في الرؤى والأطروحات المعلنة إلا قليلا. السمة الغالبة على برامج بعض الكتل الكبيرة بالذات ، هي عدم الالتفات لضرورة تفعيل التحولات الاجتماعية الى حدودها العملية ، والتي تقتضي انتشال الدين والنأي بالمراجع الموقرة في الضمير الشعبي العراقي، من أوحال ومغانم السياسة ودنائاتها ، وهي تفضل وتعمل على أن تستغل، الدين، والطائفة، للحفاظ على ما تحقق لها من انتصارات. كما تعلن أيضا أنها قد تدخل في تحالفات، مع مَنْ انشطر عنها، في ضوء ما ستفرزه نتائج الانتخابات النيابية القادمة، أي أن (الولد الضال) سيعود بهذا الشكل أو ذاك إلى حاضنته ، لكي يضمن خلال عودته (أغلبية) تمكنه من التحكم بالقرار التشريعي والتنفيذي ، وبما ينسجم مع طموحاته الخفية، التي يتنكر لها إعلامياً فقط ، لأنه راقب مزاج الشارع العراقي الرافض لأي صيغة أو تخندق طائفي و تحاصصي ومناطقي. ومن هنا فبعض القوى السياسية ترفض هذا في العلن، لكنها سراً تعمل على تفعيله بهذا الشكل أو ذاك، لقد عملت بعض القوى الكبيرة عملية تجميل لصورتها أمام العراقي غير أنها في الصميم ما زالت هي ذاتها وعلى ثوابتها التاريخية، بدليل أنها لم تقدم نقداً علنياً وواضحاً أمام العراقيين لمنهجها وتوجهاتها السابقة ، كما إنها لم تدن مَنْ هو على ملاكها وقادته محاصصتها إلى مركز المسؤولية و تتخلى عمن ثبت اختلاسه للمال العام وهدره وانتفاعه منه أو في الأقل تأنيبه علناً على ذلك ناهيك عن التبرؤ منه. لقد اخفت جلبابها القديم وارتدت جلباباً فوقه مؤقتا، انسجاماً مع مزاج الشارع العراقي الراهن والرافض للأطروحات التي ميزت السنوات الأربع المنسلخة بكل مراراتها . والملاحظ يرى تشابهاً، بهذا الشكل أو ذاك، في كل البرامج السياسية المطروحة في الشطر العربي العراقي . أما في إقليم كردستان فثمة قوى تمكنت في الانتخابات المحلية من (زحزحة) هيمنة القوى التقليدية المتمثلة بالحزبين ، الكردستاني والاتحاد الوطني، وهي ستستثمر تلك الـ"زحزحة" لصالحها، في أي تحالف قادم مع القوى الكردية التقليدية التي تعمل على الدخول إلى البرلمان بشكل موحد لغرض تشكيل كتلة برلمانية كردية واحدة. في الجوانب الإعلامية، سنشهد دوراً مؤثراً للفضائيات المحلية والعربية، وكذلك العراقية العاملة خارج العراق بتمويل عربي وإقليمي ودولي، للتأثير على قناعات الناخب العراقي وبما ينسجم مع مخططاتها ورؤاها ومصالحها في العراق . كما سيتدفق المال من خارج العراق إلى الأحزاب والجهات والشخصيات المرتبطة مع قوى إقليمية- دولية مؤثرة في الساحة العراقية الراهنة ، خاصة ونحن سندخل الانتخابات دون قانون للأحزاب يقع في مقدمته كشف مصادرها المالية والكيفية التي تمول بها حملاتها الإعلانية الباهظة. كما ستعمل القوى الإرهابية الوافدة والمقيمة بكل تسمياتها وتوجهاتها للتأثير على الوضع الأمني وإرباكه كثيراً، لدفع الناخب العراقي لحافة اليأس تماما، خاصة بعد معاناته من احباطات جمة في مقدمتها ما أصابه في الصميم من أداء القوى السياسية التي أوصلها للبرلمان دمه وعذاباته التي توقع أن يشهد لها نهاية عبر الحبر البنفسجي الذي زين به إبهامه. أكثر ما يخشاه العراقي عدم حدوث تغييرات جوهرية في الخارطة السياسية القادمة ، و العودة للتوافق السياسي والمحاصصة والـ"فيتو" ثانية. عندها سنشهد سنوات أربع أخر ستكون عجافا كسابقتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قراءتك صحيحة
البراق ( 2009 / 11 / 18 - 12:17 )
قراءتك لحال الكتل الكبيرة في البرلمان صحيحة جدا كون ان المالكي اعلنها اكثر من مرة واحداها كانت من واشنطن حيث ذكر انه في نقاش مستمر مع الائتلاف واذا لم يحصل الاندماج قبل الانتخابات فسيكون حتما بعدها لتشكيل الحكومة وهو مايمثل الخطة التكتيكية الايرانية لخوض الانتخابات بقائمتين تتوحدان بعد الانتخابات . والدليل الذي قدمه الكاتب صحيح ايضا حيث لم يحاول المالكي نقد ما ارتكبه الائتلاف من اخطاء بل حدث العكس فقد دافع بشكل مستميت على السراق وتمكن من انقاذ وزير التجارة السوداني من الاقالة فقبل استقالته ليتحمل الشعب العراقي راتبه التقاعدي المليوني كما انه منع كشف حقيقة سرقة مصرف الزوية وكيفية تهريب القتلة الى خارج العراق. ولغرض تثبيت بقاءهم في السلطة عملوا على اصدار تعديل قانون الانتخابات بالشكل الذي يضمن لهم تحقيق الاغلبية على حساب العراقيين وذلك بسرقة اصواتهم. ولهذا كله فقد بانت حقيقة المالكي وما على العراقيين الا التصويت الى القوائم اللبرالية والعلمانية والديمقراطية ليتخلصوا من الوضع المأساوي الذي وضعهم فيه قادة احزاب الاسلام السياسي

اخر الافلام

.. كأس أمم أوروبا: إسبانيا تكتسح جورجيا وإنكلترا تفوز بصعوبة عل


.. الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية: نتائج ودعوات




.. أولمرت: إذا اندلعت حرب شاملة مع حزب الله قد يختفي لبنان.. وا


.. إسرائيل تتحدث عن جاهزية خطط اليوم التالي للحرب وتختبر نموذجا




.. ميليشيا عراقية تهدد باستهداف أنبوب النفط المتجه إلى الأردن|