الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى جهاد نصرة : بلغ تحياتي إلى تركي حامد علم الدين !!

نزار نيوف

2004 / 6 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


عزيزي جهاد ،
أعرفك فقط منذ عدة أشهر وحسب ، للأسف . وكي لا تكون شهادتي هذه وثيقة إدانة إضافية لك ، من حيث لا أريد ، عندما تمثل بين أيدي ورثة عبد الوهاب الخطيب ووجيه إنطكلي ، أسارع إلى القول بأني لا أعرفك ولا تعرفني ... إلا عبر هذا الموقع الإلكتروني ، طالما أن معرفة أي شخص بنا ، نحن جماعة " المجلس " ، وبشكل خاص أنا ، تؤدي بصاحبها إلى التهلكة ، وأنا أريد لك " الكلكة " لا التهلكة ، على الأقل لكي تواجه القائمين على هذه العصفورية وأنت سكران . فمن الجنون أن ا تحاورهم وأنت في كامل قواك العقلية !

علمت اليوم أنك في الطريق إلى الفرع 251 المعروف باسم " الفرع الداخلي " في المخابرات العامة / أمن الدولة . وعملا بوصية مظفر النواب " .. وتزود قبل الربع الخالي بقطرة ماء " ، أحب أن أضع بين يديك خارطة مبسطة لهذا الوكر ونبذة تاريخية عن الضباع التي استوطنته والفرائس التي اقتيدت إليه والدور الثقافي الذي يقوم به في عهد الانفتاح . وهذا من أبسط مستلزمات السائح وضروريات تمتعه برحلة آمنة في عهدالإصلاح !

من المؤكد أنك ستترجل من باص السرفيس ، أو النقل الداخلي العام ، عند موقف السادات المحاذي لمشفى الهلال الأحمر ، لأنني أعرف أنك لا تتوفر على أجرة تكسي من كراجات الانطلاق في القابون أو حرستا إلى هذا المكان . فلو كان لديك أجرة تكسي ، لكنت أصبحت عضوا في لجان إحياء المجتمع المدني ، ولكنت تكتب في " قضايا النهار " ، وليس في " الحوار المتمدن " ، داعيا إلى التعايش السلمي والمصالحة الوطنية بين الدجاج والثعالب .. مثل بقية خلق الله من المثقفين الطليعيين رواد صالون الدكتور بهجت سليمان ، الذين يمارسون عربدة التحديث والإصلاح هناك حتى الصباح ، ليلقوا نفاياتهم على رؤوسنا مع بزوغ خيوط الفجر الأولى !

بعد أن تمشي حوالي خمسين مترا في الشارع الصغير المؤدي إلى الحي الغربي من منطقة التجارة ، عليك أن تنعطف قليلا نحو اليمين ، حيث تكون في الحال وجها لوجه أمام حاجز حديدي كبير متحرك على عجلات معدنية يقف بقربه شخص يرتدي زيا مدنيا ، مع أنه مدجج بالسلاح كما لو كان يحرس جسر بنات يعقوب من الأعداء الصهاينة !
لكن قبل أن تصل إليه سترى طابورا من البشر الذين افترشوا الأرصفة أو استندوا إلى سور الحديقة المعدني وقد هدهم التعب . وستعرف في الحال أنهم ليسوا أعضاء في لجان إحياء المجتمع المدني ، ولم يأتوا ليستمعوا إلى محاضرة في الإصلاح بدأت منذ أربع سنوات ولم تنته فصولها بعد لأنها لم تتوصل إلى إجابة مقنعة حول : أيهما أولا ، بيضة المجتمع المدني أم دجاجة الدولة ؟! ولا يزالون ينتظرون نتائج أبحاث عماد فوزي الشعبي في علم الأبستيمولوجيا البعثي !
هؤلاء يا عزيزي جاؤوا ليوقعوا وكالات عامة قادمة من أقربائهم في الخارج أو مرسلة إليهم من أحبتهم في الدياسبورا السورية . وغني عن البيان أنك لن تسألني عن علاقة الفرع الداخلي بوكالات الزواج والطلاق والإرث وبيع الدكاكين وتأجيرها ، فهذا كله مرتبط بالأمن القومي كما تعلم . والشباب معهم كل الحق ، فربما يكون آرييل شارون أو جورج بوش نظم وكالة لأحد المواطنين تخوله شراء دكان أو بسطة لصالح البنتاغون أو الموساد ، كجزء مع عملية الشرق الأوسط الكبير ومخطط الاجتياح الإمبريالي للمنطقة . أو أن شركة هاتف نقال أجنبية نظمت وكالة لأحد الموطنين تفوضه بشراء أسهم في شركة Syriatel . وأنت تعرف أن هذا ممنوع منذ أن عقد لواء احتكار شركة الهاتف النقال لرامي مخلوف وشريكه الدكتور.. ورموا رياض سيف في الجب !

بعد أن يسألك هذا المدجج بجعبة الصدر والكلاشينكوف ، ومقالات ميشيل كيلو وأشعار ممدوح عدوان ( عافاه الله ) وصقر عليشي . ..، عن مرامك وسبب تشريفك إياهم في هذا الوقت المبكر ، رغم أن السهرة الثقافية لا تبدأ إلا بعد منتصف الليل ، وما إذا كان أحد برفقتك مثل ابراهيم حميدي أو زياد حيدر أو رزوق الغاوي ، سيقودك إلى حيث " الكولبا " أو المحرس الذي يرتبون فيه دخول المراجعين . وهنا أمامك احتمالان : إذا كان الشخص المستدعي بهجت سليمان ، ستدخل إلى البناء الأول ، حيث ستستمع منه إلى محاضرة عن أطروحته التي تقدم بها لنيل الدكتوراه من جامعة بودابست في الإقتصاد السياسي ، والتي كرسها لما يسمى برواد اليسار الجديد في هذا العلم الماركسي ، لا سيما بول باران وبول سويزي ورواد ما يعرف باسم " مدرسة التبعية " كسمير أمين وأندريه غوندر فرانك . وربما يلقي على مسمعك محاضرة قيمة عن وسائل التعذيب التي كان يستخدمها ، مع زملائه السابقين ، في معسكرات سرايا الدفاع في " المزة جبل " و مطار المزة العسكري عند سليمان جديد ، قبل أن ينشق عن رفعت ويلتحق بأخيه حافظ ( هل رأيت بلدا في العالم ينشق فيه المرء عن أخ لصالح أخيه الآخر .. إلا بلدنا ؟! ) .
أما إذا كان المستدعي العميد تركي حامد علم الدين ( وأظن أنه لم يزل هناك ) ، سيقودك عنصر إلى داخل البوابة الحديدية ، لتمشي بعدها بضعة أمتار ثم تنعطف قليلا إلى اليسار حيث مدخل البناء الثاني . وما إن تلجه حتى يكون أمامك خياران آخران أيضا ( وأنا لا أذكرك هنا بأغنية فواد غازي : قلبي مغارة بعشر بواب ، كل باب مسكر عا باب ) ، أحدهما يقود إلى الطابق الأول ، والآخر يقود إلى درج وبوابة حديدية ثم القبو ( والعياذ بالله ) .
في هذا الطابق ( بافتراض أنهم لم يأخذوك إلى القبو فورا ) ستمشي قليلا في الصالون لترى عمك المساعد " أبو ميشيل " المكلف بمراجعة جميع الصحف الداخلة إلى البلاد ( وتلك الممنوعة ، لكن التي تجلب لهم فقط ) ، لا ليطلع على آخر الأخبار في مجال العلم والتكنولوجيا ، وكيفية إجراء الانتخابات الديمقراطية ، ولكن ليؤرشف مقالات الكتاب السوريين الذين ينشرون في صحف تافهة مثل الشرق الأوسط والحياة وملحق النهار ، ولا تعجبهم البعث أو تشرين أو الثورة ! وبعد غرفة " أبو ميشيل " تنعطف إلى اليمين حيث ممر صغير على يساره غرفتان ، أولاهما غرفة نوم تركي باشا حيث كانت " أم محمد " تأتي خلال مناوباته الأسبوعية لتفرفش عن نفسها قليلا ، والثانية مكتبه . وفي هذا المكتب سيكشف لك عن واحدة من أغرب عمليات المافيا والتزوير التي كان يقوم بها صيف العام 1988 ، يوم كان برتبة عقيد ، وقبل أن يرقوه إلى رتبة عميد مكافأة له .
سيقول لك : كنت أستدعي مواطنين وأوجه لهم اتهامات تقصم الظهر ، ثم أرسلهم إلى عند المساعد سمير جروة ( سأعرفك عليه بعد قليل ) في القبو ، حيث دواليب أفاميا الحموية ، وحيث يمكنك ـ بعد أن تسترخي في الدولاب طبعا ـ أن ترى بأم العين كيف يمكن للعنزة أن تطير ، وكيف يمكن للأرنب أن يصبح حمارا . وبعدها يرجعون وهم يرقصون الديسكو ليبدؤوا توقيع الأوراق وهم معصوبو الأعين بطماشات كاوتشوك شبيهة بتلك التي يضعونها على عيني البغل .
وسيتابع تركي باشا القصة لك ، قائلا : " كنت أكلف أحد المساعدين بأن يمسك أصابع المواطن والقلم بينها ، ثم يثبتها له على أوراق في مكان محدد ويأمره بالتوقيع . وأنت تعلم ـ عزيزي جهاد ـ أن الإنسان يمكن أن يوقع على أوراق بشكل غريزي حتى ولو كان أعمى . وسيفترض المواطن المعتر أنه كان يوقع أوراق إفادته المزورة ، لكنه سيكتشف لاحقا ( مثلما اكتشف هادي الأحمد = نزار نيوف صيف العام 1988 ) أنه وقع إيصالات مالية فارغة تفيد بأنه مخبر ويتقاضى أجرا شهريا . وبعدها أملؤها بالمبلغ الذي أريده وأقدمها إلى القسم المالي في إدارة المخابرات العامة بكفر سوسة " !! وسيكتشف مكتب تفتيش الجيش الذي كان يشغله الجنرال أبو وفيق ـ وهو أحد أكبر اللصوص في العالم الثالث ( يعني حاميها حراميها ) ـ أن هناك أكثر من عشرة آلاف مخبر في سورية لا وجود لهم ولم تلدهم أمهاتهم بعد ، وجميعهم يتقاضون ـ على الورق ـ رواتب مخبرين " !
بعد أن ينهي تركي باشا الحكاية ، سينزلك إلى القبو . وهناك سيقص عليك سمير جروة ( الأسير السابق في إسرائيل ، وشقيق الملازم الشهيد في سلاح الدفاع الجوي ممدوح جروة ) ، أو خليفته ، قصة أحد الأفلام التي أخرجها جمال عبد الناصر هيتشكوك ، ومساعده عبد الحميد السراج ومخرجه المنفذ عبد الوهاب الخطيب :

" هنا ـ يا عزيزي جهاد ـ وفي بانيو هذا الحمام ، وضع زبانية عبد الناصر وعبد الحميد السراج والنقيب عبد الوهاب الخطيب ( ابن دورة مصطفى طلاس ) جثة فرج الله الحلو، بعد أن نهنهوه في التعذيب وافترضوا أنه مات ، كي يذوبوه بالأسيد ويخفوا الجثة . وبينما كان يهم المجرم وجيه إنطكلي بصب الأسيد ، استفاق فرج من غيبوبته . وبسبب هول الصدمة والرعب ، تناول وجيه إنطكلي منشار حديد وبدأ يخبط في على رأس فرج حتى شقّفها . وبعد ذلك راح يقص ساقيه بالمنشار لكي يستطيع تمديده جيدا في البانيو ، كي يغمره الأسيد جيدا " !

بعد ذلك سيأخذك في جولة سياحية داخل المنفردات التي لم تر النور منذ العام 1958 ، حيث القملة والفسفسة أصبحت بحجم الكر . وسيقول لك : من هنا يا جهاد نصرة مر نزار نيوف ( هادي الأحمد ) صيف العام 1988 في حبسته الثالثة ، وقبله بعدة سنوات أصلان عبد الكريم وأبو رباب وأبو فيونس وأسعد ياغي ( أبو سامر ) والكثيرون من أبناء حزب العمل الشيوعي والإخوان المسلمين وغيرهم .
لكن قبل أن يضعوك في الدولاب ( وربما الآن ـ بسبب الانفتاح والإصلاح ـ أصبحوا يستخدمون دواليب بريدجيسترون بدلا من آفاميا ) أرجو أن تبلغ تركي حامد علم الدين تحياتي وتسأله : كيف استطعت إقناع اللواء علي الحوري أن نزار نيوف ( أوهادي الأحمد .. على الإيصالات ) يتقاضى منك مرتب مخبر قيمته ستمئة ليرة سورية في الوقت الذي كان يتقاضى فيه من إعلام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ومجلتها " الأردن الجديد " حوالي أربعة آلاف ليرة ، أي مرتب وزير سوري غير حرامي في ذلك الوقت ؟!
كما وأرجو أن تسأل اللواء الدكتور بهجت سليمان السؤال التالي :
كيف يمكن لإنسان أعد أطروحة عن مفكري مدرسة التبعية ، ووضع عليها، بعد طباعتها ، إهداء لحسين مروة ومهدي عامل ، أن يستدعي جهاد نصرة أو غيره ليحقق معه عن مقالة تتعلق بـ " حزب الكلكلة " كان نشرها في موقع " الحوار المتمدن " .. أو حتى " الحوار المتوحش " ؟!
والأهم من هذا وذاك أن تسأله : كيف يمكن لقادة لجان المجتمع المدني أن يصدقوا أن جلادا قادما من عالم رفعت الأسد السفلي في " المزة جبل " والقابون وزواريب سليمان جديد ، يمكن أن يكون رمزا من رموز الإصلاح .. المخابراتي ؟!
إذا لم يستطع الإجابة ، وهو لن يستطيع ، تأكد يا جهاد نصرة أنك إنسان عاقل في عصفورية كبرى اسمها سورية ، وهي واحدة من عجائب الدنيا التي تستحق التأمل !
بانتظار عودتك سالما غانما ، لك تحياتي
نزار نيوف
( جار الأستاذ الحاج أبو فواز، جميل الأسد )
باريس 9 حزيران / يونيو 2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال