الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رفقا ً بِهنْد

محمد أبوعبيد

2009 / 11 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


كل القصة أن هنداً أنجزت ما تَعِد ، وشفَت أنفُسَ الفلسطينيين مما تجد ،فلا مبرر للهجوم المستبد .لعل في زيارة الفنانة التونسية هند صبري إلى فلسطين منطلقاً من خصخصة الحديث إلى تعميمه ، بالاستدلال بحيثيات زيارتها التي تشابهت صورها سابقا ً ، وستُستنْسخ لاحقا. في السابق لم يلحظ المرء هجوما ً على فنانين عرب زاروا فلسطين ،مثلما هو الهجوم على هند صبري ، وكأن النزعات الوطنية العربية ،خصوصاً الشوفينية، تكيل بمكياليْن ولا تعرف القسطاس المستقيم، وهي التي من المفترض أن تحارب هذه الآفة .

الفلسطينيون في فلسطين تواقون لرؤية العرب بينهم بعد عقود من الحرمان فرضته الظروف السياسية الناشئة عن الاحتلال الإسرائيلي، والتي تغيرت بعض الشيء كنتيجة لاتفاقات أوسلو ، وصار الفلسطينيون يلمسون حراكاً سياسياً ،اقتصادياً ،ثقافياً ، وفنياً على أراضيهم وإنْ لم يتمتعوا بعدُ بالسيادة المطلقة عليها ، وهو حراك يستهدف الفلسطينيين ولمصلحتهم ،لذلك من الغبن أن يؤطر هذا الحراك في خانة "التطبيع" مع إسرائيل ،فدعاة "التطبيع" أنفسهم يرون الوقت لم يحن لتطبيق "التطبيع" بسبب مواصلة إسرائيل احتلالها .

ذريعة "التطبيع" ،وليس في هذا الكلام أية دعوة إليه، صيّرت بعض الفلسطينيين ضحية للرفض العربي لهم ،وخصوصا ً فلسطينيو "إسرائيل"،أو(1948)- وما أكثرالمُسمّيات - حيث العربي الذاهب إليهم هو في المحصلة ذاهب إلى إسرائيل بحكم الأمر الواقع .هنا، قد يفهم المرء المبررات العربية في ما يتعلق بجزئية فلسطينيّي "إسرائيل" ، لكن قد لا يستوعب المبررات لمنعهم من المشاركة في المهرجانات الفنية في بعض الأصقاع العربية ، ومنها الموقّعِة على اتفاقات سلام مع إسرائيل ، بذريعة حملهم الجنسية الإسرائيلية، كُرْها لا حُبا ً،فكانت النتيجة حرمانهم من المشاركة في عمل سينمائي عربي ،أو في مسابقة فنية .

في ما يتعلق بجزئية فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة (فلسطينيي1967)، فإن العربي الذي يقصدهم ،هو ذاهب إلى أراض فلسطينية تحتلها إسرائيل ،ولن يجد نفسه بين يهود إسرائيل ، وإنّ مرور العربي عبر"إسرائيلي" في سبيل الأخ الفلسطينيّ ، من الجائر أن يُسمّى "تطبيعا ً" مع إسرائيل ،لأن الأمر ببساطة تطبيع أخوي مع الفلسطينيّ الذي وجد نفسه خلف بوابة أقفالها في يد الإسرائيليّ . هذا ما فعلته الفنانة هند، وفعله قَبلها نجوم من مصر والخليج وشمال أفريقيا، فهي حضرت فيلمها "صمت القصور" المشارك في مهرجان القصبة السينمائي الدولي، وتمشت في شوارع رام الله المهترئة ،لا تل أبيب الراقية . وصافحت أكُفا ً عربية سُمْرأً ، لا أوروبية بيضا ً، والتقت بلاجئين فلسطينيين ،لا بمهاجرين إلى نتانيا ورمات غان ، ومن استقبلها هو الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا الإسرائيلي شمعون بيريز،فأين التطبيع في ذلك،! إلا إذا صار الفلسطينيّ في عينيْ شقيقه العربي إسرائيليا ً. ،فعلامَ هذه الضجة الكبرى علاما..!!

لم تكن هند الفنانة الأولى التي تخطو صوب فلسطين كما سلف. لقد غنت هناك من قبلُ الفنانة الإماراتية أحلام ، وعلي عبد الستار ، وغنى صابر الرباعي وأحمد الشريف ، ولطفي بشناق ، وهاني شاكر، ومساحة المقال تضيق بتعداد النجوم والمثقفين العرب الذين زاروا أشقاءهم الفلسطينيين ،فهل كل هؤلاء "خائنون تطبيعيون" في قاموس "الشوفينيين" العرب. ! ماذا ،إذنْ، عن منظمات إنسانية وخيرية عربية حيث يتوجه بعض مسؤوليها والعاملين فيها بأنفسهم إلى فلسطين، وخصوصاً المخيّمات، لتوزيع المساعدات والوقوف على احتياجات الفلسطينيين هناك ،فهل يحجمون عن هذه الخطوة الإنسانية بذريعة "بعبع التطبيع" ، وهل ذهبوا إلى هناك "بطاقية الأخفاء" . يبدو أن بعض العرب بحاجة إلى التطبيع مع "مصطلح التطبيع" حتى لا يظل بعبعا ً يُنيب تجافيهم عن تدانيهم من الفلسطينيين . ما هكذا تورد يا ناسُ الأبل.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج