الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كرة القدم ...وبعث الفتنة .

الطيب آيت حمودة

2009 / 11 / 20
عالم الرياضة


بمجرد ما صفر الحكم السيشيلي نهاية المقابلة ، أقيمت الأفراح الشعبية والرسمية في الجزائر ابتهاجا بالنصر في ربوع البلاد ، فكانت حمى الكرة وهستيريتها هي الغالبة في كل شيء .. ولا تسمع إلا ألأهازيج ، ولا تشهد إلا الرايات ،والبنود اللامعات الخافقات ، في هذا الوقت بالذات حاولت مصر تغليب الحكمة وقبول النتيجة التي آلت إليها المنارة، إحتكاما للعب أو الحظ وما شابه ، غير أن وسائل الإعلام المصرية جرٌت النكسة الكروية إلى محاولة النيل من الجزائر ، إعلاميا وتشهيريا وسياسيا ، بما لا يتوافق ومنطق الرياضة التي تحولت إلى سياسة وتنابز وصراع تاريخي ، و محاولة تعويض الخسارة الكروية بنصر دبلوماسي أو إعلامي بتفوقه وتنوعه .
خلل في ترتيب الأولويات :
في الوقت الذي تنعم في أمم العالم في التمييز في أولوياتها ، تعيش أمتنا الإسلامية نكسة حقيقية في ترتيبها، فغدت الكرة مقدمة على الاقتصاد ، و محاربة الفقر ، والنهوض بالتعليم ، فأصبح التغني بالمجد الوهمي مرتكزا لأنظمة في تغليب وتمرير اديولوجيتها ، وعلى على أشلاء المناصرين البسطاء . فاختفت قضايا جوهرية مثل قضايا تحرير فلسطين ، وفك الحصار على غزة ، ومناصرة أهالي دارفور ، والدعوة إلى التعقل في دك إقليم صعدة وجبل دخان ، من باب الشحن والتشاحن بين السنة والشيعة .
أمة لا تفهم خصوصياتها ؟
خلقنا الله متمايزين مختلفين ، والفكر الشمولي باسم الدين، والمذهبية ، والقومية ، والوطنية ، فيها رأي واختلاف وتباين ، والتمايز رحمة أكثر منه نقمة ، غير أن البعض ماقت للتنوع عن غل وحب في الهيمنة ،والشعب الجزائري يستمد طبائعه من إرثه الثقافي والحضاري ، ومعاناته المتكررة ، وسقوطه في أحضان المستعمرين ، وهو ما أكسبه كراهة للعبودية و الخضوع والإستكانة ، فلا يخاف لومة لائم في الرد على الإحتقار ،أو الإهانة بالمثل أو أشد ، خاصة عندما يشعر بالإهانة لدواعي مفتعلة كاذبة ، كالتي وقعت ضد الفريق الوطني مع محاولة تمويه الحقيقة ..؟ والإصرار على الحنث العظيم.
أما الشعب المصري فهو في طيبته وبساطته ينقاد لدواعي وطنية إلى أراجيف وأكاذيب وسائل الإعلام المرئية خاصة، والتي أرادت أن تحول الهزيمة الكروية إلى نصر في التفوق النكوصي والثقافي و، و،و . وسياسة النعامة المنتهجة ولدت احتقانات سابقة مع جيرانها الليبيين والسودانيين والغزاويين والجزائريين .. والبقية ستأتي . والسبب الأساسي في تقديري يعود لرغبة مصر التذرع ببعبع القومية العربية (التي أصبحت رمادا بلا دخان)في الأفضلية على غيرها من الشعوب المجاورة لها ، فهي الأجدر ، والأقدر ، والأفقه لتمثيل المسلمين والعرب في كل شيء ، وهو ما يعرف في قاموس النفسانيين بظاهرة التمركز حول الذات . أ و محورية القومية العربية ، فالمصرويون مركز ، والباقي من الشعوب ترنوا للتقرب من نواة المركز (مصر) والتماهي معه ، وكل محاولة تظهرنا بالندية والتساوي تعد خرقا للعرف ، وانتقاصا من مكانة مصر ، وهي فكرة موروثة من طقوس العروبية ، على شاكلة حب العرب إيمان وبغضهم كفر ونفاق . هذا التعالي الزائف الواهم هو الذي خلق الاحتقان بين الشعوب ، وليته كان تميزا فعليا وصادقا لسجدنا له واعترفنا بفضائله ومنجزاته ....
إشكالية وسائل الإعلام :
أثبت التطور المذهل لوسائل الإعلام حقيقتان بارزتان أولها خطورتها باعتبارها أسلحة متعددة الحدود ، وثانيها صعوبة التحكم فيها ، فغدت وكالات الأنباء العالمية عديمة الجدوى بفعل انتقال الخبر بسهولة ويسر بين البشر ، وهو ما ساعد على انتقال السلطة وانفلاتها من الساسة الذين طالما مارسوا سياسة الكشف والحجب لتمرير مبتغاهم ، وهو ما وظف فعليا في اتخاذ الكرة عراكا ظاهريا ، لتحقيق طموحات سياسية تطبيقا لمبدأ الغاية تبرر الوسيلة .
ليس كل ماقيل ، قد قيلا ، مارست الناس الأباطيلا :
المتتبع للطموسات والأكاذيب والإفتراءات التي تقال جهارا نهارا على منابر وسائل الإعلام عندنا وعندهم ، يتضح بأن ليس كل ما يقال صحيحا ، وأن البعض يمارس سياسة النعامة مع الحد ث ، إما تبريرا ، أو غلبة وتغليبا ، فقد وصل الحد إلى اجتماع لمجلس الأمن القومي المصري ، وقطع العلاقات الديبلوماسية ، واعتبار الجزائريين برابرة(1)همج ...الخ ، هذا يثبت هشاشة ألأنظمة ، وضحالة في فكرها وإستراتيجيتها أو انعدامها كاملا ، وهذا التمييع يدعوني إلى إعادة النظر في حقيقة كل ما قيل في التاريخ الإسلامي وتاريخ شمال افريقيا الذي تعرض لطموسات منكرة ،استبعدت فيها جميع عناصر هويتها الحقيقية لصالح هويات دخيلة ، لم يقتنع بها حتى أصحابها المصريين ، الذين يفكرون في الانسحاب النهائي من جامعة العرب ، وما يقال عنا هو عين الصواب ، فنحن الأمازيغ لسنا عربا ، بقدر ما لوننا بالتسمية ونحن لها ناكرون ، لأن الله خلقنا كذلك وحرم علينا التبني ، فكان بلال حيشيا ، وصهيب رومانيا ، و سلمان فارسيا ، وأمتنا الأمازيغية الإ سلامية بكاملها ، حولوها بجرت قلم طامس وكاذب ، إلى جزء من ألأمة العربية !!!.
التغني بالعروبة والإسلام نفاق ودجل :
كثيرا ما نصطدم بأقاويل محببة للتآخي باسم الإسلام أو العروبة ، ورغبة البعض دمج العروبة في الإسلام دمجا مفبركا لا أساس له من الصحة ، لأن الواقع أثبت ما لا شك فيه أن منطق العروبة زائف لبروز عوامل تصدع كبيرة بين العرب أنفسهم ، بين القيسية واليمنية قديما ، بين فتح وحماس حاليا ، بين العراق والكويت سابقا ، صراعات سياسية ونفعية لا تقيم وزنا للعروبة تماما ، لاحمية ،ولا مناصرة للمظلوم فينا ، فقضية دارفور طافحة ، ومشاكل الصحراء الغربية نائمة ، وجياع الصومال صارخة ، وصراعاتنا مع إسرائيل قائمة ، فما حاجتي بقومية لا مكان لها إلا الإسم ؟ ونفس الشيء يقال عن الإسلام الذي أصبح سياسيا ، يوظف كأداة للغليب والمغالبة ، فأصبح ينظر إليه كوسيلة لا غاية ؟ و تمزقت الأمة باسم المذهبيات ، سنة ضد الشيعة ، وزيدية ضد الإمامية ، وما يقع في المغرب الإسلامي من اختراقات للرافضة والشيعة هو بدايات لنقل الصراع السني الشيعي إلينا ،واتضح أن القوم يوضفون الدين لغرس قيمهم واديولوجياتهم لإخضاع الشعوب وقهرها والتحكم في رقابها .
الخاتمة /
إن ما آلت اليه العلاقات بين مصر والجزائر ، دليل على هشاشة ما كنا نتغنى به من منعة وعز ومجد ، في ظل ما يعرف بالقومية العربية ، فلا عز إلا ما يصنعه شعبنا بدمائه و جهده ونضاله وفكره ، ونشدان العز ة و الكرامة في غير أهلنا مدعاة للسخرية ، لأن التماهي في الغير والذوبان فيه مازوخية مفرطة في حقنا ، وحق ذوينا وأجيالنا المستقبلية ، وخير الانتماءات هي الوطنية ،والإسلامية الصحيحة ، والإنسانية ،وأحسنها جميعا هي التي تقيم وزنا للإنسان ، وتمنحه فرص البروز والظهور في ظل الانتماء للوطن والإسلام والإنسانية جمعاء دون دق لطبول الشمولية والتمزق المذهبي الذي أفرز ندوبا وأوشاما يصعب برؤها والتئامها .


















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مباريات نارية بربع نهائي يورو 2024 صدام العمالقة بين الإسب


.. مجلس الوزراء الجديد.. وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي




.. التحقيق مع لاعب تركي رفع علامة -الذئاب الرمادية- في بطولة أم


.. بطولة أمم أوروبا.. كريستيانو رونالدو يبحث عن لقب في مشاركته




.. تفاعلكم : جولة في كأس العالم للرياضات الإلكترونية في الرياض