الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاختراق المطلوب فلسطينياً

فاطمه قاسم

2009 / 11 / 21
القضية الفلسطينية


من المهم أن نعرف أن دولة إسرائيل حتى في قمة التحالف اليميني الداخلي، كما يحدث الآن في حكومة نتنياهو، لا تستطيع أن تحتمل الصمود كثيرا أمام المقاطعة السياسية الفلسطينية، برغم أن الوجود السياسي الفلسطيني مازال تحت الاحتلال الإسرائيلي، إن كان في القدس والضفة الغربية عبر الاحتلال المباشر أو كان في قطاع غزة تحت الحصار والتهديد الأمني الكامل.

تبدو المعادلة غريبة، أليس كذلك؟
موازين القوى مختلة بالكامل لصالح إسرائيل، ولكن إسرائيل لا تستطيع احتمال المقاطعة الفلسطينية، لماذا؟
لأن الوجود السياسي الفلسطيني هو الهم الأول عند الإسرائيليين، من أقصى اليمين الديني والعلماني إلى أقصى اليسار، لأن هذا الوجود السياسي الفلسطيني غير قابل للزوال والموت، وغير قابل للجمود رغم ما يتعرض له من صعوبات كبيرة أثناء تحقيق مشروع الإجماع الوطني وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة المتصلة والقابلة للحياة بكافة شروطها حيث أن البديل عن ذلك هو انبثاق مخاطر جديدة غير متوقعة ضد إسرائيل، وإعادتها من جديد بلا غطاء من أية شرعية، بؤرة عدوان، قوة احتلال، حالة عداء ضد منطقة بأسرها بكل تاريخها وتطلعاتها في آن واحد، بل إن مشكلة حوالي عشرة ملايين فلسطيني موجودين في الشتات القريب والبعيد تعود لتعيد نفسها بأشكال جديدة لا يقبلها الآخرون، وبالتالي فإن إسرائيل سوف تدفع غالباً ثمن المقاطعة الفلسطينية لها، وربما يكون الثمن فادحاً أكثر مما يتخيل كل المتشددين الإسرائيليين أنفسهم.

لقد حاولت إسرائيل أن تقوم هي بمقاطعة الوجود السياسي الفلسطيني، وكانت تضع كل حيثيات هذا الوجود الفلسطيني تحت بند الإرهاب والحظر والمقاطعة، هكذا فعلت مع كل الفصائل الفلسطينية، وهكذا فعلت مع منظمة التحرير الفلسطينية، وقد فعلت ذلك في وقت كان العالم بقواه الكبرى يصدق ما تقول ، بأنها المستهدفة وسط محيط من الأعداء، وبأنها الديمقراطية الوحيدة وسط منطقة معادية، وبأنها نموذج الحضارة وسط التخلف، ولكن هذه الصورة انكشفت بشكل واضح، فرواية إسرائيل عن نفسها لا يصدقها أحد، وأصدقاء إسرائيل حين يعطونها – كما تفعل الإدارة الأمريكية الآن – فليس لأن روايتها مصدقة، بل لأن أصدقاء إسرائيل لهم مصالح يريدون تحقيقها، وإسرائيل أداتهم الكفوءة في ذلك، مثل احتمال توجيه ضربة عسكرية لإيران، فحين يكون هذا الاحتمال قائماً ولو بنسبة قليلة جداً، فإن إسرائيل تحظى بدعم أصدقائها، ليس لأنها مقنعة، وليس لأنها اتجهت إلى الخيار الصحيح، بل لأنها الأداة اللازمة في مرحلة متوقعة.

ولكن حتى أصدقاء إسرائيل الذين يتواطئون معها لمصالحهم، لا يستطيعون تعويضها عن مقاطعة الفلسطينيين السياسية لها، لأن قدر إسرائيل مرتبط إلى حد مطلق بهذا الوجود السياسي الفلسطيني، ولا فكاك لها منه، ولا حماية لها بدون أن تكون على قدر معقول من العلاقة مع الشرعية الفلسطينية، لأنه في مساحة فلسطين التاريخية، فإن التأثير الفلسطيني يكون مؤثراً جداً، وفي المنطقة المحيطة بفلسطين، فإن تأثير القضية الفلسطينية يبدو حاسماً في كثير من الأحيان.

إسرائيل الآن:

وفي موقفها العدائي من مشروع الدولة الفلسطينية، سواء كان هذا العداء عبر المنطلقات السياسية، أو كان هذا العداء عبر تصعيد موجات الاستيطان والتطرف إلى حد فقدان السيطرة، هي دولة مكشوفة، عرت نفسها من أية مصداقية، لا تملك الحد الأدنى من الإقناع، لأنها انساقت إلى حالة شاذة من حالات عربدة القوة، مثل عربة محملة بالمتفجرات تتدحرج إلى الهاوية، ولا يوجد في قيادتها من يسيطر عليها، وبدون أن تتوقف عن مزيد من الانحدار، فإنه لا يوجد أمامها بدائل أخرى آمنة.

وأمام هذه الحالة:

فإن إسرائيل تهرب إلى إثارة الضجيج في كل القضايا المطروحة، فتستخدم أسلوب التهديد والوعيد، والتهويل، والتخويف، وإلى نقل هذه الحالة نفسها إلى أصدقائها، ولكن هذا كله لا يفيد، وسرعان ما ينتهي، ويبرز السؤال الذي يلاحق الإسرائيليين، ماذا بعد؟ هل ستكون هناك مجزرة أخرى؟ هل ستستمر في تعمد تحطيم أكثر للسلطة الوطنية؟ ومن يكون الشريك بعد ذلك سوى عنف شامل من نوع جديد ينشأ من الفراغ الدستوري ومن انعدام الفرص، ومن إغلاق الأفق والأمل الذي تصنعه العربدة الإسرائيلية؟ بل إنه حتى أزمات الفلسطينيين الداخلية التي خططت لها إسرائيل منذ زمن طويل، لا طريق لها إلا أن تنفجر في وجه إسرائيل نفسها، بل إن كل الذين يخافون من التوطين الفلسطيني سيكونون مجبرين على دفع اتجاه الانفجار الفلسطيني نحو إسرائيل نفسها.

حتى هذه اللحظة:

فإن اللغة الحازمة والهادئة التي تتحدث بها القيادة الفلسطينية هي الانجح، فإسرائيل خلقت المأزق، وعليها أن تتحمل قدراً من الهم في إيجاد مخارج، تدور كلها في نطاق الدولة الفلسطينية المستقلة، وليس في أي نطاق آخر.

جدية الاختراق الفلسطيني المطلوب، تتطلب هدوءاً، وبرودة أعصاب، وثقة بالنفس، وحشد للمقدرات الممكنة، فكل ما يمكن أن تفعله إسرائيل كانت قد فعلته أضعافاً مضاعفة من قبل، ولكن كل ما تفعله قادتها في طريق إجباري للاعتراف بالفلسطينيين والتفاوض معهم، وأخذ وجهة نظرهم بالجدية المطلوبة.

المرحلة في الوضع الراهن صعبة جداً، والمرحلة القادمة صعبة جدا أيضا ، ولكن الصعوبة تواجه الأطراف جميعاً بلا استثناء .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس