الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
سقوط تاج العروبة ..أو نتائج مقابلة مصر والجزائر .
الطيب آيت حمودة
2009 / 11 / 21السياسة والعلاقات الدولية
![](https://www.ahewar.org//debat/images/fpage/art/7.jpg)
لا يهمني الفائز والخاسر في هذه المقابلة ، ولا يسعدني ماآل إليه المنهزم من هوس التهجم على كل القيم مهما كانت نفيسة ، ومهما كانت مقدسة ، كل ما يهمني هو وضع الحادثة في حجمها وإطارها الحقيقي ، ولإقتناع بأن ماحدث له افرازات ، و عرى عن حقيقة العرب أولا ،والمسلمين ثانيا ، فأصبح فضلاء الأمة يستقبلون لكمات الطيش الكروي عن رحابة صدر باسم وطنية الكرة ، لا وطنية الدولة . وأصبحنا فرجة سائغة لأعدائنا في الداخل والخارج ، حتى بلغ التشفي الصهيوني مبلغة بالدعوة إلى تقديم النصح لتصالح الأخوة الأعداء .
**فا لمعركة وإن لم تكن غير متكافئة إعلاميا فقد أفرزت حقائق جوهرية للمتتبعين للحدث ، وعثرات بائنة بامكانها أن تكون منطلقا للحداثة والتغيير في مختلف الوجوه ، بالرغم من انغراس قناعة في وجداننا أن أمتنا لا تتعظ ، ولا تتعلم من هزائمها، فهي دائمة النكسات ، بل تتغذى من نكساتها التي لا تنتهي ، وتعيد اجترارها بأكثر حدة من سوابقها .
**ولو طبقنا معيار التجارة ، ووزننا مبلغ الربح والخسارة ، لاتضح أن الكرة المستديرة التي جرت وقائعها في ستاد القاهرة ، وملعب المريخ السوداني ، بين الفريقين المصري والجزائري لاتضح أن الخسائر بلغت مداها ، فقد تفوق في حجمها المعنوي خسائر الحرب الباردة ، بين المعسكرين الشرقي والغربي ، أو أنها في حجم الصراع الصهيوني العربي، أو السني الشيعي ، ويختصر جانبها الايجابي في بلوغ فرحة عارمة عندنا ، بدت على وجوه الجميع كبيرهم وصغيرهم ، مثقفيهم وجاهليهم تحسب جزافا ، وتعلق في مسجب الوطنية ، و تلك وطنية زائفة في تقديري ، لأن مجالات إبراز الوطنية الحقيقية أغلقت في وجوه المواطنين المخلصين في كل بلداننا . فالجزائر وإن تمتعت بنوع من الإرتياح النسبي بفضل الانتصار ، وتحقيق النظام ربحا معنويا في استحقاقات سياسية قادمة ، قد تجعل من المعارضة سلاحا غير مجدي لا عتماد بوتفليقة على السند الرياضي ، الذي يعد حاليا بعبعا وسبيلا أفيد لبلوغ المناصب العليا في البلاد أو البقاء فيها .
**ولو عدنا إلى وزن وتقدير نواتج الواقعة أوالمقابلة في وجهها الكلامي ، والانفعالي ، والشحن باسم الوطنية لوجدناها متعددة لا حصر لها .
*أولا / على مستوى المجتمع ، أحدثت شروخات واضحة بين الشعبين ، فأصبح سلاح تبادل الشتائم والاتهامات بارزا واضحا ، وان كان بروزه جليا على الجبهة المصرية لدواعي تفوقها الإعلامي ، وجسارة إعلامييها ، وتعدد قنواتها العمومية والخاصة ، غير أن هذا التفوق عاد بالوبال عليها ، لأن كل ما قيل فيها ، هو ضرب من التجني والافتراء بسبب الصدمة التي أحدثتها الهزيمة غير المرتقبة بمنظور الرياضيين العنصريين الذين لا يقبلون إلا الإنتصار دون الانكسار ؟ وذاك لا يتطابق ومنطوق حكم الكرة الذي يجب أن يكون فيه الرابح والمنهزم . وهو ما أفقد وسائل الإعلام المصرية مصداقيتها وتبيان ضحالة مصادرها ، ورغبتها في التجني على الجزائر ولو بأبشع الافتراءات ؟ وذاك ما جعلها مصدر سخرية ، وكلفها جلدا بغير عصية .
*ثانيا / خلق عداوات جديدة للمصريين مع الجيران ، حتى البلد المحتضن للمقابلة الفاصلة لم يسلم من التهجم ، رغم الجهد التنظيمي المتقن ، والإمكانات المسخرة ، وهو قد وفق في ضمان إجراء مقابلة غير عادية ، في ظروف عادية ، بفضل حكمة الشعب السوداني ، في احتضانه الجميع على قدم المساواة والعدل ، وهي شهادات تحسب للسودان وتدون في الطروس حتى لا ينتابها النسيان ،
*ثالثا / تفاقم الصراع الكروي ، وتحوله إلى تهجم الأنصار على الممتلكات، حرق وإتلا ف مقرات أوراسكوم في الجزائر ، وحصار مقر السفارة الجزائرية بالقاهرة ، واستدعاء مصر سفيرها للجزائر للتشاور ، وعقد مبارك لمجلس الأمن القومي المصري ، وتوجيه إنذار شفوي مصري للسودان باتهامها بعدم القدرة السيطرة على الموقف . زيادة على ما وقع من احتكاكات بين أنصار الفريقين ، في القاهرة وأم درمان وتكسير لنوافذ الباص الناقل لأعضاء الفريق الجزائري ومثله وقع ضد باص أنصار مصريين .
*رابعا/ تدهور العلاقات الإعلامية بين إعلامي مصر وإعلامي بعض الدول العربية ، اتهامات بتحيز بعض القنوات الفضائية المغاربية ، والجزيرة ، والعربية ، وأبو ظبي ، للجزائر ، وسعي نقابة الفنانين مقاطعة الفانين الجزائريين في جميع المحافل العربية والعالمية. وتهديد بعض المثقفين بالخروج من جامعة الدول العربية ، بعد خيبة الأمل والنكسة ، وتألب بعض العرب ضدهم حسب اعتقادهم .
*خامسا / انتكاسة فعلية للقومية العربية التي أثبت بأنها بدون مفعول ، وهي حبر على ورق ، وأنها سراب يجب انجلاؤه ، بفعل التهجمات التي قيلت في حق الجزائريين ووصفهم بالبرابرة الهمج ، وهو ما نمى قناعات بأن سكان افريقيا الشمالية أمازيغ ، ولا علاقة لهم بالقومية العربية ، التي فرضت عليهم فرضا من طرف المتشبعين بالفكر القومي العربي أيام ازدهاره في عهد جمال عبد الناصر . وبذلك تهاوت الأغاني الممجدة للعروبة في قاموس جل من يصنفون تحت لواء الجامعة العربية .
*سادسا / انتقال بوادر التنابز والصراع بين الجاليات الجزائرية والمصرية في كثير من الدول العربية والعالمية ، في السعودية، والإمارات ، و غزة ، وإيطاليا ، وفرنسا ...الخ . وهو ما ينذر بانتكاسات أعمق في حق العرب مستقبلا . واتضح جليا للغرب ، مدى عمق و خطورة التمزقات الموجودة بين ما يعرف بالأمة العربية ..؟
*سابعا / اتضاح سذاجة العرب ، في عيون الغرب ، في فكرهم ، والمراهقة في تصرفاتهم لأسباب تبدو تافهة لهم ، وهم ما عمق إدراكهم أننا أمة تتقاتل على حبة تمر، ، وتتحارب على ناقة عرجاء ، وهم الذين عايشوا نفس الوقائع لكن بعقلانية وحزم ، وما وقع في مقابلة فرنسا وايرلندا من تسامح بين الفريقين رغم تسجيل فرنسا لهدف غير شرعي بشهادة اللاعب تيري هنري ، الذي اعترف بلمسه الكرة بيده قبل تمريرها لزميله جالاس لتوقيع هدف التعادل .، فتأسف هنري لذلك ، وصرح الرئس ساركوزي بأن الأمر لا يعنيه تماما ، فهو من شغل واختصاص رابطة الكرة وأهل الكرة بين البلدين ؟
*ثامنا / اتضاح هشاشة الرابطة الإسلامية، التي كثيرا ما ينظر إليها بأنها عامل وحدة لا فرقة ، واتضح أن الدين لا قيمة له أمام النزوع الوطني ، وعصبية الكرة . وهو ما اتضح على مسار التاريخ الذي تميز بالحرابة ، وسالت دماء المسلمين في صراعاتهم أكثر من سيلانها على قضايا الفتح ونشر الإسلام أوالتمكين له . وحرب السعودية واليمن معا ضد الحوثيين أفصح دليل عن ذلك .
*تاسعا / اضمحلال فرص التعاون الاقتصادي والثقافي والفني بين الدولتين المصرية والجزائرية ، واحتمال ضياع حتى الاستثمارات القائمة على مستوى أوراسكوم والمقاولين العرب . وأصبح منطق التنافر والحرابة منطقا سلبيا في تعاملات العرب فيما بينهم .
*عاشرا / تشفي اليهود في العرب ، وتأكدهم الراسخ بأن العرب لن تقوم لهم قائمة ، ولن يحد ث لهم أي اتحاد ،وهم الذين استنكروا الخلاف ،وحرصوا على ضرورة تخطي الأمر بالدعوة إلى التوفيق بين الطرفين المصري والجزائري .
نافلة القول ، أن مقابلة كرة قدم حولت ما يسمى العالم العربي إلى انفجار مدوي ترددت أصداؤه في لندن ، وباريس ، ومرسيليا ، وروما ، و هددت مصالح مواطنين أبرياء ، و انغرس أسفين الحقد والكراهية الذي قد لا يختفي أثره أبدا ، والخاسر الأكبر في الفعل هي مصر بفشل استراتيجيتها السياسة المبنية على كرة طائشة، وفقدان إعلامها مصداقيته عند العرب ، لأساليبه التهجمية غير المؤسسة ، وانتكاس الشارع المصري جميعه لوعود قدمت، وأحلام رسخت ، لسراب كروي غير مضمون العواقب والنتائج ، وقد تكون عقوبة الفيفا قاسية على كرة مصر ، وصدق أحد الجزائريين الذي قال أخرتمونا في التأهل لكاس العالم أربعة أيام ، وأخرناكم عنها أربع سنوات .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - هذا حال العرب
المغربي
(
2009 / 11 / 22 - 11:40
)
أنا لست نحازا لأي طرف لكن الاعلام المصر عبر عن مستواه في معالجة الموضوع طبعا كان دون المستوى
2 - الي المغربي - تعليق 1
صلاح محسن
(
2009 / 11 / 23 - 01:18
)
الاعلام المصري . يمثل مستوي النظام العسكري القائم في مصر منذ يوم 23يوليو 1952 . والاتجاه العروبي القومجي لعبد الناصر وتظام ضباطه القائم حتي اليوم . آخر مصر مائة سنة للوراء في كافة المجالات . وحال الجزائر ليس افضل لا هي وكل الدول التي تتحلي بقيم وأخلاق العرب المفروضة علي دولنا وشعوبنا بالسيف منذ 14 قرن من الزمان
- مصري آسف وحزين بسبب انعدام الاخلاق الرياضية لدي الفريقين والشعبين
.. المناظرة بين بايدن وترامب.. ما أبرز الادعاءات المضللة بعد أد
![](https://i4.ytimg.com/vi/3nLYPehCWd8/default.jpg)
.. العمال يحسمون الانتخابات قبل أن تبدأ، ونايجل فاراج يعود من ج
![](https://i4.ytimg.com/vi/RPf_l7_8Ot4/default.jpg)
.. لماذا صوت الفرنسيون لحزب مارين لوبان -التجمع الوطني-؟
![](https://i4.ytimg.com/vi/pSTTwdzUCXo/default.jpg)
.. ما نسبة المشاركة المتوقعة في عموم أسكتلندا بالانتخابات المبك
![](https://i4.ytimg.com/vi/lBtc8vGb6Io/default.jpg)
.. لجنة أممية تتهم سلطات باكستان باحتجاز عمران خان -تعسفا-
![](https://i4.ytimg.com/vi/qRTSVLuyXQU/default.jpg)