الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صباح العزاوي الصعلوك الاخير

عباس جبر

2009 / 11 / 23
الادب والفن


صباح العزاوي ......الصعلوك الاخير

ملئ الدنيا ضجيجا ومات بصمت
عباس جبر

قد كان علي ان اصمت مع الصامتين واتخذ لي مكانا قصيا وانائ بنفسي عن اكتب شيئا لصباح العزاوي ، وقد آلمني ان هناك من عرفوا العزاوي آلمهم ان يموت بلا مراسيم تابين من المؤسسات الادبية والمنظمات حاضنة الثقافة ، لم يك هناك الا لوحة سوداء علقت على احد الاعمدة في شارع المتنبي تنعى وفاة الشاعر الفيلسوف المتمرد صباح العزاوي ، والمفارقة ليس هناك من رواد المتنبي من اكترث لوجود االلافتة ، بل ان اغلب الرواد مارسوا حياتهم كما اعتادوا كل جمعة ، التجوال بين بساتين الكتب المتنوعة التي تزخر بها المكتبات والبسطات على حد سواء ، ذهابا وايابا وسط صرخات نعيم الشطري الذي تقمص دور المتنبي ليقول:-

الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم

ولاادري لما استشهد الشطري بهذه الابيات ولكن من عرف هذا البيت وصلته بوفاة المتنبي يشفق على الشطري ويستزيد من وجهه الضاحك رمقة ، البعض من الرواد يواصل سيره الى ضفاف دجلة حيث ينتصب تمثال المتنبي ، ويشم رائحة الجواهري وهو يشدو يادجلة الخير ، ويتامل في مياهه التي كشفت ضحالتها تراب لايمسه الماء ولاندري كيف يذود الجواهري بعد الان كالحمائم بين الطين والطين انها مفارقة لم تدركها مخيلته الرائعة ، دجلة الذي شهد ماساة العراق وسنوات الجمر والغزاة والطغاة والمحتلين ، وقد مات على ضفافه عصفور الحمال وعدنان السماك(عوعو)،وشهد صرخات صباح المسيحي وابو رافت ، الذين غادروه بلا عوده ، لعل الزائر يستنشق هواء دجلة ويستمتع بشمسها بلا ممنوعات وفي نفسه انه ينظر الى دجلة في رمقها الاخير بين ضحالة الماء اوالقصور القادمة التي بيعت بالمجان الى الحكام الجدد
عادات جديدة الفها الزوار ، البعض ينتهي به المطاف الى مقهى حافظ السفري في البناية البغدادية ليجد نفسه بمنائ عن صخب مقهى الشابندر ، اذ يروق له ارتشاف الشاي على الهواء الطلق مع مجالسة خلان الوفا.
كان خبر وفاة العزواي ينتقل بخجل مع اطلاق كلمات اسف هنال وهناك ، منها ماقاله الاعلامي قاسم حسين صديق وجار العزاوي المقرب قوله"ان لوفاة العزاوي الما في قلبي "
ومانعرفه عن علاقة الاخير بالعزواي انها علاقة طويلة المدى حكمتها ايام الصبا والمنطقة الواحدة ، في شارع فلسطين ، اذ كانت علاقة روحية وعائلية ، كما يقول قاسم في ذلك.
العزاوي يكاد يكون الصعلوك الاخير من عمالقه الشعر العراقي الحديث من مدرسة جان دمو وعقيل علي وعبداللطيف ، كان الزميل ماجد موجد قد حالفه الحظ باجراء لقاء مطول مع العزاوي ،وكم كانت الصعوبة واضحة في هذا اللقاء هذا مايظهر في الاراء المتنائرة والافكار المشوشة التي استحصلها موجد ، لانه كان يتحاور مع شخصا قد اخذ الخمر من ادراكه الكثير ، خمرة شعراء الصعاليك التي ادت بحياة عبدالامير الحصري وعقيل علي ، لقد حذره الاطباء من معاقرتها ولكنه كان يجد فيه ملاذا امنا لنفسه الهائجة وروحه المتمردة ، ان اماكن العراق ومحافلهها لم تتسع لمخيلته هذا الشاعر والمفكر ، ان مالديه من اراء وافكارفلسفية حصيلة لقراءاته الطويلة والمزمنة جعلته هائما على وجهه وانسحب من مجالسة رواد مقهى المستقبل في باب المعظم ، اذ كان ينعت جلاسها بالمتخلفين .
يمتلك العزاوي ، ذاكرة عجيبة، وثقافة عالية ، فهو متابع جيد لكل النشاطات الثقافية ، بل هو مشارك فذا في حوارات يفتحها البعض ، ، كم اثار اعجابنا ونحن نتناول مناقشة القصة التفاعلية في احد امسيات كازينو المستقبل مع القاص صالح جبار ، وكان رايه الذي ادلى به ان التفاعلية فكرة ظهرت في بداية الثمانينات على يد شعراء شباب في مجال الشعر تحديدا اذ كانت تعتمد على المساجلات ، يقول الشاعر ابياتا ويترك الاخر يسير على النسق ذاته ،ولم يستنقص من قيمة القصة التفاعلية بل اثنى عليها واعتبرها تجربة ادبية تحتاج الى زمن يمكن بعد ذلك تقيمها.
يقول الاديب فاضل السوداني ، " ان العزاوي شخصية خطرة في الثقافة العراقية المعاصرة ويشير الى تجربته الشخصية معه ، حينما كان السوداني ينشر مقالاته الفلسفية في الصحف اليومية ، اذ بادره العزاوي قائلا لاجل ان تخوض مجال الفلسفة عليك بالقراءة الواسعة لمختلف الفلسفات الغربية والشرقية واما عن رايه بما يكتبه السوداني فيقول:-
" ان كانت هذه الكتابات لك فهذا مستحيل ، اما اذا كانت مسروقه فهذا امر وارد ، وبكلا الحالتين عليك بالقراءة المتعمقة وتحسين املاءك.
.
وقد فاجاني ذات مرة انه لم يعد يقرا لي من زمن بعيد مستفسرا عن الاسباب ، وهذا مااثار استغرابي ، انا للعزاوي الوقت للقراءة والاطلاع على ماتنشره الصحف من مقالات لكتاب حتى لو كانوا من الدرجة الثانية .
احد الايام واجه العزواي صديقه اللدود قاسم موبخا عن اهمال الاخير لكتاب تركه سهوا العزاوي في المقهى وهو في حالة خمرية وعد ذلك تجاوزا للوفاء والصداقة مما جعل قاسم يتالم ويتاسف ويعتذر .، في الايام الاخيرة من حياته غلب على العزاوي الصمت والشرود الذهني وفي احد تجلياته وبعد ان استانس الحديث معي روى لي مستذكرا صديقه الرسام والاديب هادي السيد ، اذ كان يجالسه في المقهى ، وكان العزاوي قد اثقلت مثانته السوائل قائلا لرفيقه (انه في حاجة الى التبول ) قال له رفيقه ممكن ان تتبول على نفسك ، استجاب العزاوي لهذا الاقتراح فخامرته ذكرى طفولية بعيدة كان شغوفا باقتناصها واتم حديثه ضاحكا اننا بحاجة احيانا ان نكون صغارا لنذكر امهاتنا الطيبات .
عرفنا العزاوي شخصية استثنائية فيها الكثير مما يستحق ان يقال ، واجمل مافيها عفويتها وبساطتها ، تعرض لقمع واذى النظام السابق ، وكم استضيف في دهاليز المخابرات لتجراه على راس النظام والحزب الحاكم متعرضا للاذى النفسي والجسدي , مازات الشوارع تحفظ له ذكريات احتجاجه على النظام .

الاس والحراس وابواب المدينة

تلك اللازمة التي لم تفارقه حتى لحظاته الاخيرة .اذا كان اذى النظام السابق قد اثر عليه نفسيا فان اهمال الحكومة البرلمانية الحالية قد اصابته في مقتل شانه شان عقيل وهادي وعبدالطيف ،











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عن الصعلوك وعباس
وفاء تركي ( 2009 / 11 / 23 - 17:57 )
شدني موضوع صباح العزاوي ووددت ان اعرف الكثير عن هذه الشخصية وما جاء به الاستاذ عباس يحتاج المزيد من المعلومات عن العزاوي وعن اعماله الادبية ولكن ذلك لايقلل من قيمة المقال لدينا فقد كتب باسلوب روائي شيق وودننا ان نتواصل معه لمحاولة اخرى ندعو الاخرين ان يسهموا بما يمكن ان يكتب عن العزاوي شاعرا وان يجمعوا اعماله المتناثرة في مجموعة شعرية .وهذه الدعوة عامة ومخلصة وهذا لايحققه الا الاصدقاء المقربين

اخر الافلام

.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان


.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي




.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء