الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناقب كرة القدم

محمد أبوعبيد

2009 / 11 / 23
عالم الرياضة


إثنتان وعشرون عدد الدول العربية ، واثنان وعشرون عدد لاعبي فريقي كرة القدم، والكرة هي العقل العربي، يسومونها سوء العذاب بركلاتهم ، وتنجب لهم أهدافاً ونصر فريق على فريق ، وكذا العقل العربي ، كلما سِيم سوء التنكيل أظهر العقلاني المنتصر على غيره . لقد انقسمت الدول العربية إلى لاعبين ، إحدى عشرة ضد إحدى عشرة ، ولو من باب التقريب ،على ملعب عربي ، والحَكَم غير عربي .
اليوم لا أحد مستثنى ، فقد أثبتت كرة القدم ، وهي اللعبة، مناقبها بمثالبها ، وأظهرت حسناتها من خلال سيئاتها، فمن مناقبها إزالة مساحيق التجميل عن الوجه العربي الحقيقي والتي علمونا وضعها في مدارس غير متخصصة بفن"المكياج" فقط من أجل أن نقول ما أجمل الوجه العربي، وما أعظم الجسد العربي المتماسك المتين الذي لا يسمح لفيروسات التشرذم بالنفاذ إليه ، وإذ بنا نرى أن سرطان التشرذم لم يكن في حاجة إلى منافذ للتفشي داخل الجسد العربي ،لأنه ببساطة تكوّن من داخل الجسد وتفشى في سائره .
اليوم ،كأننا نرى انهياراً "أبوكاليبتياً"(apocalyptic) للصرح العربي ، انهيار شاهدنا بدايات تصدعه من ذي قبل ، لكن الأمر الآن ينذر بسوء العاقبة ، بعقبى طامة لن تُحمَد ولن ينجو أي عربي من تداعياتها إذا وقع هذا الانهيار "الأبوكاليبتي"، لأن شظايا الصرح المنهار ستصيب كلاً منا ، وستدمى قلب كل عربي بجروح أشد إيلاماً حيث ظلم ذوي القربى أشد مضاضة من السيف المهند.
إنه الانهيار الحاصل بمعاول كُرْه العربي للعربي . كان الأمر في الماضي، بعيده وقريبه، مقتصراً على معاول الحكومات ، وكان الفرد العربي يظن حينها أنه خير حصن للجسد العربي ولن ينجرف مع تيار المناوشات الحكومية ، لكن العدوى انتقلت إلى الشعوب ، وفتكت بها ،فصار كره الشعوب للشعوب أقسى مما هو حاصل بين الحكومات ، كُرْه منبعه كرَة.
لقد تقطعت العرى ، وانفصمت الوشائج بفعل تشقق الجسد العربي فتناءى حبل الوريد عن القلب ، وكنا نظن أن العربي أقرب إلى قلب العربي من حبل الوريد ولن تزحزحه كرة وشباك، فلا أحد اليوم مستثنى من إثم التشرذم العربي، ولا من خطيئة شهر السكين بيد العربي في وجه العربي ،لا الإعلام براء من ضخ الوقود في نار الفتنة ، لا الفنانون أبرياء من ذلك براءة الذئب من دم يوسف ،إلا من رحم ربي ، لا المسؤولون السياسيون ،لا الأكاديميون ، والأهم ،لا النُخب العربية التي كان يظن المرء أنها المؤثرة حقا ً في العقل العربي، وإذ بها مخدَرة إنْ لم تكن نائمة ، فكان من الأجدر لهذه النُخب أن تنهض وتنتفض، إذا عز نهوض الآخرين، كي تنقذ الفرد العربي من الانجراف في إدمان الكُرْه لذاته قبل كرهه أخاه .
كنت أتمنى لو أن منبّه الساعة أيقظني من غفلة غلبتني ،لأجد أن كل ما اعتقدتُه مجرد أضغاث أحلام أتتني ، وأن العربي يؤْثر أخاه على نفسه ، وأننا كلنا مصريون وجزائريون وخليجيون وشاميون ، مثلما يصبح كل العرب فلسطينيين حين مجزرة ، ولبنانيين حين قصف ، وعراقيين حين حرب. واقع مؤسف .. توحِدُنا مجزرة وتفرقنا جزرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مانشستر يونايتد يحرم زوجات اللاعبين من الحصول على تذاكر المب


.. مانشستر يونايتد يحرم زوجات اللاعبين من الحصول على تذاكر المب




.. العربية ويكند | مجلة فوربس: رونالدو لاعب كرة القدم الأعلى أج


.. عفاف من الجزائر تستخدم رياضة العقل مع الأطفال لتطوير قدراتهم




.. سابقة في السعودية: عرض لملابس السباحة • فرانس 24 / FRANCE 24