الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللعبة الإيرانية فى الجزائر

شريف حافظ

2009 / 11 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


عندما اندلعت أحداث الإجرام "المؤسس" فى السودان من قبل مشجعين من بعض الغوغاء الجزائريين تجاه أهلنا من المصريين، وتابعت الأخبار التى صدقتها سريعاً للغاية، لتنبؤى المسبق لما سيحدث عقب مباراة كرة القدم بين منتخبى مصر والجزائر، نتيجة لما وقع فى الأسابيع السابقة، لم أجد الإجابة فى ذهنى إلا فى خبر قرأته فى أواسط هذا العام، وتعجبت له، لشدة غرابته. ففى أبريل من هذا العام، "اتفقت كل من إيران وإريتريا والجزائر، لتوسيع تعاونهم معاً ودعم استثمارتهم المتبادلة"، وبالطبع يصبح السؤال الأول، ما هى علاقة تلك الدول الثلاث معاً؟ فايران تقع على ضفاف الخليج العربي، وإريتريا تقع على ضفاف مدخل البحر الأحمر، والجزائر تقع على ضفاف البحر المتوسط! وهنا لا أتهم دولة إريتريا بأى اتهام، ولكن أرى أن إيران تريد العبث بدول المنطقة وخلق الفوضى بكل الطرق الممكنة، حتى وإن كانت بفتح قنوات شرعية ومن خلالها وفيما بعد تقوم بأعمال غير شرعية، مستهدفة مصر بالأساس!

ولكنى توقفت بشدة عندما أحسست بالعلاقة، مع بدء معركة الحوثيين فى اليمن والدعم الذى تمنحه إيران لهم والدعم الذى تمنحه لحزب الله فى الجنوب اللبنانى والدعم الذى ترسله لحماس فى غزة، فإذا ما رسمنا خطاً موصلا بين كل تلك الدول، بدءًا من جنوب لبنان ثم غزة ثم اليمن ثم إريتريا ثم الجزائر، وباضافة قطر فى الطريق، سنجد نصف دائرة متعرجة ومحيطة بمصر! أى أن الاستهداف الرئيس، هو لمصر والدول المعتدلة بالمنطقة!

وللأسف فإن الكثير من المواطنين المصريين مازالوا يظنون أن حزب الله أو حماس يحاربان إسرائيل، وهو أمر غير صحيح، فلو أن حزب الله يحارب إسرائيل لكان قد حرر مزارع شبعا، على أقل تقدير، لأنه كان مدعماً بالسلاح الإيرانى بشدة وقت حرب يوليو 2006. ولو أن حماس تريد التحرير الحق للأراضى الفلسطينية المحتلة فى حرب 1967، كما أكدت فى وثيقة الأسرى، لكانت إرتضت بمد الهدنة فى 19 ديسمبر الماضى، حتى تسمح بفرصة للمفاوضات وبحل مشاكلها مع السلطة الفلسطينية بدلاً من الانقسام، ولكنها تعاونت مع إسرائيل فى درء أى فرصة للسلام، وكانت تستهدف أن تؤجج الصراع حول معبر رفح، بدلاً من الحديث عن العدوان الإسرائيلى!! وقد ظهر فى أزمة غزة بما لا يدع مجالاً للشك، أن حرب حماس وتصريحاتها بمعية دول أخرى، أهم ما يُميزها، هو علاقتها بإيران، أقول أثبتوا أن الحرب والتصريحات الحمساوية، كانت موجهة ضد مصر وليس إسرائيل! ويكفى النظر إلى السجل الأرشيفى لقناة الجزيرة لمتابعة اتجاهات تلك القناة، التى سأفضح الدولة المشرفة على إدارتها فى مقالى القادم ومدى علاقاتها الدافئة مع إسرائيل!

فلمن لا يعرف، يوجد اتفاقية تعاون عسكرى موقعة بين الجزائر وإيران، سنة 2002، عند زيارة رئيس الأركان الجزائرى اللواء محمد العمرى لطهران فى نوفمبر 2002. وقد وقعت البلدين اتفاقية اقتصادية مهمة لإقامة مصنع أسمنت إيرانى ضخم فى الجزائر فى يوليو 2008. وقد أعلن وزير الخارجية الإيرانى مانوشهر متقى، فى أكتوبر 2008، أن إيران "تعطى أولوية كبيرة لزيادة صادراتها للجزائر فى السنوات القادمة". وكان ذلك بعد أن قام الرئيس بوتفليقة بزيارتين لإيران: الأولى سنة 2003 ثم فى أغسطس 2008. وقد بدأت إيران حركة استثمارات هائلة فى الجزائر وعلى ما يبدو أنها أقنعت الجزائر بأن تكون هى الدولة الأولى من حيث كم الاستثمار فى الجزائر، ولكن هنا، توجد إشكالية كبيرة للغاية بالنسبة لإيران، اسمها مصر!

ولا يخفى على أحد، أن القيادة السياسة فى مصر قد حاولت فى أكثر من مناسبة التقارب مع إيران بشرط التخلص من ثقافة الكراهية لمصر فى تلك الدولة. إلا أن إيران قطعت كل الجسور فى عهد الرئيس الحالى لإيران، محمود أحمدى نجاد، وقبلت ما دون ذلك من علاقات مع الدول العربية الأخرى، غير تلك المعتدلة فى المنطقة، لأن الأخيرة يتوافق موقفها من مواقف مصر من الناحية الاستراتيجية!

وكانت مشكلة إيران، تتمثل فى أن مصر هى الدولة رقم واحد من حيث الإستثمار فى الجزائر وأن إيران تحارب الوجود المصرى فى كل مكان. ولكن ولأن هناك دولاً لا عهد لها، فان هناك من أشاروا على القيادة الجزائرية بإخراج مصر من الجزائر، وهذا تقدير منى للموقف وليس إلا كذلك، لأن ما حدث بعد ذلك، إنما يدل على ما أقوله. فلا يمكن بأى حال من الأحوال أن تحدث تلك الهجمة الشرسة على مصر والمصريين بسبب مباراة كرة قدم، مهما كانت عواقبها! فلقد قبلنا الهزيمة بشرف، بعد أن لعبنا نحن وأقررنا بأن تلك هى كرة القدم: أى غالب ومغلوب!!

وتكملة لقصة رغبة إيران فى دخول الجزائر اقتصاديا وطرد الاستثمار المصرى من هناك، أن الجزائر بدأت فى اختلاق المشاكل مع مصر، سواء فيما يتعلق بالكرة أو ما يتعلق باستثمارات الشركات المصرية فى الجزائر والقول بالضرائب المتأخرة على شركة أوراسكوم، التى تم اكتشافها فجأة اليوم، رغم أنها يُفترض استحقاقها منذ 2005. وكان لزاما أن تطلب مصر بنفسها، الخروج من الجزائر بدلاً من ذلك، لأن طلب الجزائر خروج مصر لن يكون واقعى، حيث يجب أن تدفع الجزائر الكثير من التعويضات مقابل هذا الخروج فى تلك الحالة.

لقد قام الجزائريون بكل ما من شأنه القضاء على صلتنا بهم، حتى ما بعد المباراة بيننا وبينهم، حينما بدأ الاعتداء الغاشم على المصريين المدنيين العُزل، بحيث تقطع مصر علاقتها بالجزائر وتلبى القيادة السياسة مطالب الناس بالخروج من تلك الدولة بكل ما تملك، وبالتالى نكون قد لبينا لإيران مطلبها. ولكن هذا لن يحدث بهذا اليُسر، لأن المصالح الاقتصادية لا تعالج بتلك السهولة!

فهناك أولاً "محكمة تسوية منازعات الإستثمار"، التابعة لجامعة الدول العربية والوقائع واضحة للجميع، ولا تتطلب الكثير من اللت والعجن، فإن أثبتت تلك المحكمة أنها ليست على قدر المسئولية للحصول على حقوق مصر، كما أثبتت جامعة الدول العربية على مر تاريخها الطويل، وهو غير الادعاء الذى تقول به الجزائر بأننا لدينا سيطرة على الجامعة، فإن مصر يجب أن تلجأ إلى المركز الدولى لتسوية منازعات الاستثمار The International Centre for Settlement of Investment Disputes (ICSID) والتابع للبنك الدولى، للحصول على مجمل التعويضات المستحقة على الجزائر من جراء الخسائر التى تعرضت لها الشركات المصرية هناك والعاملين بها!

لقد اجتهدت لكى أكتب هذا المقال، وهو تحليلى الخاص من جراء متابعة الأحداث المختلفة التى يمكن ربطها بسهولة، ولم أكتب الكثير مما يمكن أن أتركه للسياسيين، ليقرءوه ما بين السطور، وأرجو إن كنت قد قلت الحقيقة بالفعل، أن تُتخذ الإجراءات المفترض أن نتخذها من أجل صون حقوق مصر كاملة، وهذا على مدى المنطقة كلها وليس حيال الجزائر فقط. فمصر أكبر من كل ما حدث، ولكن يجب وأن نعتبر وأن نتعلم من الدروس. فلقد تعلمت ليلة المباراة الفاصلة، أنه عندما تترفع عن الصغائر مع الصغير، تتحول إلى كبائر منه، فيظن أنه أسدُ عليك، والصحيح أن تضرب بيدٍ من حديد عند وقوع الصغائر، لكى لا يجرؤ هذا الصغير على مجرد التفكير فى الكبائر معك ويبقى نعامة وطوع يديك، لأنك تستحق بالفعل لقب الكبير ولم تشتريه بالمال! ولا يمكن الخروج من الجزائر إلا بمكانة مصر عالية فوق أى شعار أو هتاف أجوف، لأن مصلحة مصر فوق كل اعتبار، وكرامة أبناء وبنات مصر فوق أى كرامة وفوق شعارات ماتت ويسمونها مجازاً بالعروبة التى لا ننتمى إليها أصلاً!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لقد قلنا منذ فجر الثورة أن الفرس قادمون
س. السندي ( 2009 / 11 / 23 - 20:18 )
لقد قلنا منذ فجر الثورة الخمينية أن الفرس قادمون من خلال حصان طروادة ألا وهو عباءة الدين ، وبعد تراكم الشواهد العراق وسورية ولبنان وفلسطين والمغرب ومصر والبحرين واليمن والان الجزائر وإرتيريا والحبل على الجرار كما يقول المثل ، أن ألاوان للدخول ومن البوابة العريضة للسعودية ، ولعدم الاطالة ما الحل ...!؟ الحل المنطقي وكما يقول المثل إذا كان بيتك من زجاج فلاتضرب الاخرين بالاقليات ، أليس الشرع يقول العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم ، إذن إفتحو على إيران أبواب جهنم ... ( تحريك الاقليات فيها من العرب والاكراد والاذربيجانيين والبلوش ...ألخ ) المخدوعين بهؤلاء الملالي .... حتي يصدق القول وعلي نفسها تكون قد جنت براقش .....!؟ 


2 - قراءه باهته ومتحيزه للاحداث
فؤاد احمد علي حسن ( 2009 / 11 / 24 - 05:39 )
وهل الاعتداء الجبان والخبيث على حافلة المنتخب الجزائري في العاصمه المصريه وحال خروجها من المطار من تدبير ايران ام من اخواننا النجباء الحبابين المصريين وهي حادثه اكيده وموثقه مما جعل الفيفا ينظر جديا لفرض عقوبات على اتحاد كرة القدم المصري اما ماحدث في السودان فهو سيناريو فلم مصري لانه بلا دليل ولا صور ولا افلام موثقه يعني فلم مصري لمداراة فشلهم وسوء طباعهم في القاهره تجاه المنتخب الجزائري اما اوهامك ونظريات المؤامره من ارتريا الى جزر القمر فهو عجز ونفاق ولي عنق الحقائق وتعليقي هنا ليس حبا بايران العمائم المتخلفه ولاكرها بدكتاتورية مبارك الازليه او حبا بدكتاتورية بوتفليقه ولكن قراءه صادقه للوقائع واستغلال الحكومتين المصريه والجزائريه للاحداث للتغطيه على الانتكاسات الداخليه وتمرير المشاريع الوراثيه للحكم والقصه طويله ويالبؤس الحكام العرب وبؤس المطبلين والمهرجين للحكام والحكومات


3 - دعوه للتفكير
مواطن مصري ( 2009 / 11 / 24 - 12:09 )
مقال ممتاز وتحليلو ليس نتائج ولكنه دعوه للتفكير ولذلك سوف تلقى نقد لاذع من العرب لانك بتطلب منهم اصعب حاجه عليهم وهي التفكير-وهيبتدو يغيرو مسار النقد بانتقاد مصر كدوله واتهامات لرئيس مبارك بالدكتاتوريه -مع ان مفيش دوله واحده يقدر شعبها ينتقد رئيسو زي مصر-انحصرت السياسه في عقول بعض الرؤساء العرب في كيفيه قتل او طرد والده للاستيلاء على الحكم وشعبه يردد عاش الملك مات الملك وفي شعوب بتبوس ايد ملكهم ولا ينتقدهم احد-لذلك بقول للي بينتقد مصر كحكومه ينظر لحاله اولا


4 - تحليل سليم ومنطقى
asaad shaker ( 2009 / 11 / 24 - 12:25 )
كراهية ايران لمصر لاتخفى على احد ولاتحتاج الى تفكير منذ ايام السادات واستقبال الشاه بمصر كذلك حزب الله الذى يعتبر تابع لايران او هو مقدمة للدوله الايرانيه بالمنطقه كما يقول العسكر مقدمة الفرقه الفلانيه بمكان كذا وارتماء حماس لايران واضح ومعهم الاخوان بمصر لاجدال فيه والدور الذى تحاول لعبه الدوله المزعومه قطر لاشك فيه وعلاقاتهم الخفيه الحميمه مع اسرائيل لاجدال عليها واظن وجود اكبر قاعده امريكيه بها غير قابل للجدال ودعم ايران للحوثيين مثبت فلااعرف ماهو منطق من يشكك فى المقال الا انه اخوانجى واود ان اقول لهم ان ايران وحزب الله محترفى نكاح متعه فمبروك عليكم هذا النكاح وشكرا


5 - الطيور على أشكالها تقع
د / وجيه رؤوف ( 2009 / 11 / 24 - 13:02 )
مقال جميل ودقيق دكتور شريف يكشف بالمستندات التحالف بين ايران الفارسيه ودوله الجزائر البربريه
هكذا دائما الطيور على اشكالها تقع
وتبقى مصر دائما مناره العالم شاؤوو ام ابوو
شكرا دكتور شريف على هذا المقال الرائع


6 - أذا اختلف اللصان بان المسروق
على حسنى ( 2009 / 11 / 24 - 13:11 )
أذا اختلف اللصان بان المسروق: الخبر- الجزائرية: آل مبارك يملكون أكثر من 40 مليار دولار في البنوك الخارجية


7 - تحليل منطقى
حنان الشريف ( 2009 / 11 / 24 - 14:04 )
تحليل منطقى ورائع جدا دكتور شريف


8 - لا يوجد بين الجزائريين من يهتم بمستقبل بلده
ملاحظ ( 2009 / 11 / 24 - 15:41 )
لا أظن إن بين أفراد الشعب الآلجيري من يهتم بمستقبل بلده . يبدو لي أن التعصب الذي يصل إلي درجة ذبح العديد من العائلات الجزائرية في بيوتها ، و التعصب ضد مصر هو أهم مايشغلهم و يسعدهم الآن . و في ظني أن الجزائريين سيخسرون بلدهم الأب و هو فرنسا بتحالفهم مع إيران


9 - الله يفتح عليك
محمد ممدوح ( 2009 / 11 / 24 - 17:15 )
لقد اصببت قلب الحقيقة


10 - gyptian and proud
mona ( 2009 / 11 / 25 - 03:34 )
you are totally right
لقد اصبت كبد الحقيقة


11 - ايران والجزائر
vanbasten ( 2012 / 3 / 15 - 22:00 )
نحن العرب قسما بالله لولا ايران لما وقفنا في الارض ليس من طرف امريكا لا بل من طرف اسرائيل واذا اخطئ فعل المسلم او قوله فانه من المستحيل ان يخطئ قلبه فانطرح سؤالا صريحا على انفسنا هل ايران معنا نعم انها معنامعظم الشباب لو فتحت ابواب الجهاد لجاهدو لكن لماذا اصحاب النفوذ ضد هذه العقيدة لماذا لا نرى سوى ايران في الواجهة بصورة اسلامية عظيمة وسياسة تثقيفية بسيطة اعتمادا كليا على مبادئ اسلامية لم نستطع نحن العرب المحافظة عليها لربما للجهل الذي يسري في اصحاب السمو هذا الجهل الذي اساسه الاول الجوع نعم الجوع المتواصل كما للحب درجات فللكره درجات ولكن للجوع درجة واحدة يتوقف عندها القلب عن الخفقان والظمير عن التانيب لماذا لا ندري نحن بلد مسلم مصر الجزائر وليبيا الا ندري بان لم شمل شعب معين في كلمة واحدة يكون في اسهل الطرق في اي دولة يكون بوضع عدو موحد لها مثل ما جرى بين الجزائر ومصر من اجل ماذا الكرة سبحان الله مسلمون يتقاتلون من اجل الكرة الم يحاول المسؤولون ان يجمعو شعوبهم مثلا من اجل الجهاد نعم اهكذا تجمعون شعوبكم على كلمة واحدة وفي الاخير ادعو بالعزة للمسلمين يا رب يا عزيز اعزنا

اخر الافلام

.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟


.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة




.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه