الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة قانونية في قرار النقض الرئاسي الوارد في الدستور العراقي....!

ناصر عمران الموسوي

2009 / 11 / 24
دراسات وابحاث قانونية


قراءة قانونية في قرار النقض الرئاسي الوارد في الدستور العراقي .....!

تظل القوانين الوضعية عصية على الاكتمال والاحاطه بالموضوعات التي تنبثق لتنظيمها أو أن تجد لها حلولا ناجعة ، تمسك بزمام فوضويتها لتشرئب مكتملة تتبختر بثرائها التشريعي ، وهو أمرٌ أقره المنطق الفلسفي لهضم آليات التراتبية الحياتية المنظمة التي وجدت في القانون الوضعي صورة ذاتيتها ، والمحكومة بالرأي الفردي في شطر منه والجماعي في شطر آخر ، وفي كلتيهما رؤية للخروج من تبعات مرتهنة لماضوية تحاول الإرادة الجديدة الخروج منها ، وهذه هي سطور حكاية الولادة الواضحة للعقد الاجتماعي الذي تمطى ليكون هرما متساميا متعاليا تترتب على هدى كينونته وبفعل شرعنته بقية القوانين وصار هو القانون الأعلى ، واصطلح عليه( بالدستور) ، والدستور العراقي المصادق عليه بالاستفتاء الشعبي في 15 - 10 - 2005 ، واحد من هذه الدساتير التي صيغت وبظروف معينه أملتها مجموعه من العوامل لعل أهمها التركة المرعبة والثقيلة لمرحلة النظام السابق بماضويتها ومستجداتها ، وأهمها وجود القوى الكبرى التي أسقطت النظام لتمارس إدارتها لدولته التي ما كانت سوى مؤسسات تتنفس برئة الحاكم المتسلط لذلك انهارت مع أول خطوات سقوطه ، وكان لابد من وجود مؤسسات وآليات تنظيم تستند عليها الدولة ، فكانت مرحلة الحاكم المدني بريمر ومرحلة مجلس الحكم والحكومات الأخرى حتى حكومة السيد المالكي ، وفي ظل كل هذا، كُتب الدستور العراقي الذي شكل منعطفا هاما في حياة العراق ، كونه أول دستور يصوت عليه باستفتاء شعبي ويحدد شكل الدولة العراقية وينظم التداول السلمي للسلطة وهو أمر في غاية الأهمية فقد انتهت أزمنة الثورات والانقلابات التي دائما ضحاياها طبقات الشعب ،
وكانت مرحلة كتابة الدستور مرحلة صعبة جدا فقد كانت هناك جملة من المعوقات التي برزت والتي أينعت بالتوافق ورأى الدستور النور بهدي شعبي ، ومن ضمن الموضوعات التي ظهرت والتي من الممكن رؤيتها بوضوح في تعديل مواد الدستور هو منصب رئيس الجمهورية الذي يشكل الرأس الآخر للسلطة التنفيذية ، والذي تحدد بعد ذلك بتسمية رئاسة الجمهورية ، حيث أضيفت المادة (138) بفقراتها الستة لتعديل مضامين نصوص الدستور التي جاءت بالفرع الأول من الفصل الثاني تحت عنوان رئيس الجمهورية بالمواد (66_75) والمادة (138) كانت ضمن الأحكام الانتقالية وتنظيماً ضمن الفصل الثاني الذي جاء ضمن الإحكام الانتقالية وقد تحدثت فقرتها (أولا ) عن حلول تعبير رئاسة الجمهورية محل رئيس الجمهورية أينما وردت في الدستور، وفقرته (ثانيا ) تحدثت عن انتخاب أعضاء الرئاسة الثلاث وبنصاب الثلثين من عدد الأعضاء مشيرة إلى سريان أحكام إقالة الرئيس على أعضاء الرئاسه و منحت مجلس النواب اقا لة أي عضو بأغلبية ثلاثة أرباع عدد أعضائه وعن خلو أي منصب وآلية شغل هذا المنصب ، وأعطت الفقرة (ثالثا ) ضوابط او الشروط الخاصة بتولي عضوية هيئة الرئاسه ، أما الفقرة الرابعة فقد تناولت موضوعا غاية في الأهمية اذ اعتبرت قرارات مجلس الرئاسة بالإجماع ، ويجوز لأي عضو انا بة احد العضوين الآخرين مكانه ،وهو أمر يؤكد على الرؤية التوافقية في قرار الهيئة وغياب النسب والتناسب في اتخاذ القرارات ، وكانت الفقرة (خامسا ) من الأهمية بحيث كانت توضح صلاحيات مجلس الرئاسة وموقفه في القرارات المرسلة إليه من مجلس النواب وقد نصت الفقرة (أ_ترسل القوانين والقرارات التي يسنها مجلس النواب إلى مجلس الرئاسة ، لغرض الموافقة عليها بالإجماع ، وإصدارها خلال عشرة أيام من تاريخ وصولها إليه ، باستثناء ما ورد في المادتين (119،118) من هذا الدستور ، والمتعلقتين بتكوين الأقاليم .
ب_ في حالة عدم موافقة مجلس الرئاسة ، تعاد القوانين والقرارات إلى مجلس النواب لإعادة النظر في النواحي المعترض عليها ، والتصويت عليها بالأغلبية ، وترسل ثانية إلى مجلس الرئاسة للموافقة عليها .
ج _في حالة عدم موافقة مجلس الرئاسة على القوانين والقرارات ثانية ، خلال عشرة أيام من تاريخ وصولها إليه ، تعاد إلى مجلس النواب ،الذي له أن يقرها بأغلبية ثلاثة أخماس عدد أعضائه ، غير قابل للاعتراض ، ويعد مصادقا عليه.)
والحقيقة إن ما ورد في الفقرة خامسا من المادة (138) الدستورية تضمن صلاحية مجلس الرئاسة بالتصديق على القوانين والقرارات التي ترده من مجلس النواب وتوسيع وتفصيل لصلاحيات رئيس الجمهورية _الذي تحول إلى مجلس الرئاسة _والتي وردت في المادة (73) في الفصل الثاني الفرع الأول وتحت مسمى (رئيس الجمهورية ) وقد اعتبر الدستور القوانين والقرارات مصادق عليها بإجماع مجلس الرئاسة وهو تأكيد للفقرة ( رابعا ) التي نصت على ان قرارات مجلس الرئاسة بالإجماع وإصدارها خلال عشرة أيام من تاريخ وصولها، أما النقطة (ب)
فتناولت حالة عدم الموافقة والتي تضمنت إعادة القوانين والقرارات إلى مجلس النواب في النواحي المعترض عليها ، والتصويت عليها بالأغلبية ، وترسل ثانية إلى مجلس الرئاسة للموافقة عليها، وتضمنت النقطة (ج) في حالة عدم موافقة مجلس الرئاسة على القوانين والقرارات ثانية ، خلال عشرة أيام من تاريخ وصولها إليه ، تعاد إلى مجلس النواب ،الذي له ان يقرها باغلبية ثلاثة اخماس عدد اعضائه، غير قابل للاعتراض ، ويعد مصادقا عليها .
ومن قراءة النص الدستوري وبخاصة الفقرة الواردة بصلاحيات مجلس الرئاسة نجد ان الدستور في تعديله أصلا لصلاحيات رئيس الجمهورية وجعله مجلساً للرئاسة وللدورة الحالية فقط كان يؤكد على إجماع توافقي لمجلس الرئاسة الذي جاء بالواقع التشكيلي معبراً عن مكونات الأكثرية النيابية والاجتماعية، واعتبر قرارات هذا المجلس بالإجماع وقرار النقض او كما اسماه الدستور عدم الموافقة هو قرار لابد أيضا أن يصدر بالإجماع حيث نقرأ في الفقرة (أ)(.... بالاجماع) ونقرأ بالفقرة ( ب) (...عدم موافقة مجلس الرئاسة بالإجماع) ونرى ضمن معطيات التشكيل والنص ان قرار النقض يكون بالإجماع والحقيقة ان هذا الموضوع والتشكيل استثناء حيث المعروف في كل هيئة تُمنح النقض او الخبرة ان يكون عددها وتراً وتتخذ القرارات فيها بالإجماع او الاتفاق او الأكثرية باستثناء هذا التشكيل وبما انه استثناء فلا يتوسع فيه بجعل قرار النقض يصدر من احد الأعضاء وقرار المصادق بالإجماع كما انه أمر مخالف للفقرة (رابعاً) من ذات المادة.
ان تشكيل المجلس يؤكد على قرار توافقي واحد لكل الأعضاء وهو الأمر الذي يشير له النص الدستوري وصدور قرار نقض منفرداً يشكل خرقا لشكلية النقض المشار لها دستوريا ، وهو ما نراها في التطبيق العملي في العمل بين رئاسة النواب ومجلس الرئاسة ،هذا من جانب ومن جانب آخر بعد إعادة القوانين او القرارات الى مجلس النواب يتوقع صدور قرارين الاول بالنظر بالنواحي المعترض عليها والتصويت بالأغلبية وترسل لمجلس الرئاسة واذا كانت الأمور المعترض عليها تم تصحيحها والإعادة فلا مشكلة تظهر، ولكن ما ذا لو ان الجوانب المعترض عليها تم مناقشتها والموافقة على بعضها وإعادة البعض الآخر وكان مجلس الرئاسة أعلن عدم موافقته على البعض او أن المجلس النواب رفض النقض وتمسك بالقانون والقرار ومجلس الرئاسة في القراءة الثانية لم يصدق على القرار والقانون ، فانه سيعود إلى مجلس النواب لإقراره بأغلبية ثلاثة أخماس عدد أعضائه غير قابل للاعتراض ويعد مصادقا .
والسؤال ماذا لوان النسبة المطلوبة لم تحصل وهي ثلاثة أخماس داخل مجلس النواب.....؟ إذا فالأمر يشير إلى فراغ قانوني كما أن النقض يجعل قرارات مجلس النواب وهو السلطة التشريعية خاضعة إلى رؤية السلطة التنفيذية المكونة من ثلاث أعضاء وهو أمر لا يستقيم مع علوية السلطة التشريعية ويهد ركنا ً مهما من الدستور تضمنته المادة (47) وهو( الفصل بين السلطات) عن طريق خضوع السلطة التشريعية في قرارها لرقابة ونقض السلطة التنفيذية وهي مجلس الرئاسة وهو أمر لايستقيم مطلقاً، والمطلوب إعادة النظر بشكل جدي في الصلاحيات الممنوحة للسلطة التنفيذية وأهمها قرارات النقض الرئاسية التي اتسعت على صلاحيات مجلس النواب لتكون في مرتبة أعلى ، إن المران الديمقراطي في العراق هو حالة تنفس ايجابي لرؤية وحيوية للنص القانوني والدستوري حين يتم الاصطدام به من خلال التجربة وما يشهده العراق من تجاذبات سياسية وقانونية إنما ينصب في مرحلة تصحيح وتعديل ورؤية جديدة للمتغير والراهن والتعامل معه على أساس الفهم والخبرة والاستفادة لتقويم وتعديل المسار الديمقراطي العراقي .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 


.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال




.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني


.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط




.. خالد أبو بكر يرد على مقال بـ -فورين بوليسي-يتهم مصر بالتضييق